التعليق على تفسير القرطبي - سورة يوسف (03)

طالب: الضوال التي في الشوارع تأخذها البلدية..........

هم لو يتصرفون هذا التصرف بنية الضمان، أقول: بنية الضمان، نعم بيت المال.

طالب: البلدية ما تضمن، يقولون: بنية التعزير والغرامة، لماذا تتركونها في الشوارع وتأكل، بنية العقوبة.

العقوبة بالمال عند جمع من أهل العلم لا بأس بها.

طالب: هذه الجمعيات كثير بالمناسبة يا شيخ .... ويخبرون البلدية أنهم يصادرونها سواء كانت ضوال أو حتى خضارًا.

هو الأموال المصادرة إذا عُرف أصحابها لا يجوز استعمالها، إذا عرف أصحابها، ما دام صاحبها ما يعرف فالأمر أخف.

طالب: يقول البلدية: نحن نأخذها ...... ونحطها بالزبالة.

لأنهم يخشون من النفقة عليها، البلدية ماذا يفعلون؟ يحافظونها، ويستأجرون لها محلات، وينفقون عليها، يخسرون.

على كل حال هذه الأمور تقدر بقدرها، تقدر بقدرها.

"وقال الشافعي: إذا أنفق على الضوال من أخذها فهو متطوع، حكاه عنه الربيع. وقال المزني عنه: إذا أمره الحاكم بالنفقة كانت دينًا، وما ادعى قُبل منه إذا كان مثله قصدًا. وقال أبو حنيفة: إذا أنفق على اللقطة والإبل بغير أمر القاضي فهو متطوع، وإن أنفق بأمر القاضي فذلك دين على صاحبها إذا جاء، وله أن يحبسها إذا حضر صاحبها، والنفقة عليها ثلاثة أيام ونحوها، حتى يأمر القاضي ببيع الشاة وما أشبهها ويقضي بالنفقة.

الثالثة عشرة: ليس في قوله -صلى الله عليه وسلم- في اللقطة بعد التعريف: «فاستمتع بها»، أو «فشأنك بها»، أو «فهي لك»، أو «فاستنفقها»، أو «ثم كلها»، أو «فهو مال الله يؤتيه من يشاء» على ما في صحيح مسلم وغيره، ما يدل على التمليك، وسقوط الضمان عن الملتقط إذا جاء ربها، فإن في حديث زيد بن خالد الجهني عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فإن لم تُعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك فإن جاء صاحبها يومًا من الدهر فأدها إليه»، وفي رواية: «ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه» خرجه البخاري ومسلم. وأجمع العلماء على أن صاحبها متى جاء فهو أحق بها، إلا ما ذهب إليه داود من أن الملتقط يملك اللقطة بعد التعريف، لتلك الظواهر، ولا التفات لقوله، لمخالفة الناس، ولقوله -عليه السلام-: «فأدها إليه»".

العبرة بمخالفة الحديث، العبرة بمخالفة الحديث: «فإن جاء صاحبها يومًا من الدهر فأدها إليه».

"قوله تعالى: {قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ} [يوسف: 11] قيل للحسن: أيحسد المؤمن؟ قال: ما أنساك ببني يعقوب! ولهذا قيل: الأب جلاب والأخ سلاب، فعند ذلك أجمعوا على التفريق بينه وبين ولده بضرب من الاحتيال. وقالوا ليعقوب: {يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ} [يوسف: 11]، وقيل: لما تفاوضوا وافترقوا على رأي المتكلم الثاني عادوا إلى يعقوب- عليه السلام- وقالوا هذا القول. وفية دليل على أنهم سألوه قبل ذلك أن يخرج معهم يوسف فأبي على ما يأتي. قرأ يزيد بن القعقاع وعمرو بن عبيد والزهري ".

يعني قولهم: {ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ} [يوسف: 11] دل على أنهم حاولوا قبل هذه المحاولة.

"{لا تَأْمَنَّا} [يوسف: 11] بالإدغام، وبغير إشمام وهو القياس؛ لأن سبيل ما يدغم أن يكون ساكنًا. وقرأ طلحة بن مصرف (لا تأمننا) [يوسف: 11] بنونين ظاهرتين على الأصل. وقرأ يحيى بن وثاب وأبو رزين- وروي عن الأعمش- (ولا تِيمنا) [يوسف: 11] بكسر التاء، وهي لغة تميم، يقولون: أنت تِضْرِب، وقد تقدم. وقرأ سائر الناس بالإدغام والإشمام ليدل على حال الحرف قبل إدغامه".

يعني كسر حرف المضارعة تِضرب، نِضرب، موجود، وقرأ الأعمش: (نِستعين) [الفاتحة: 5]، وهو موجود كثيرًا في البادية الآن، موجود في البادية حتى يقرأوا بها الفاتحة هكذا كقراءة الأعمش.

"{وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ} [يوسف: 11] أي في حفظه وحيطته حتى نرده إليك. قال مقاتل: في الكلام تقديم وتأخير، وذلك أن إخوة يوسف قالوا لأبيهم: {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَدًا} [يوسف: 12] الآية، فحينئذ قال أبوهم: {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [يوسف: 13]، فقالوا حينئذ جوابًا لقول: {ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ} [يوسف: 11] الآية. {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَدًا} [يوسف: 12] إلى الصحراء. {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12]، {غَدًا} [يوسف: 12] ظرف، والأصل عند سيبويه غدو، وقد نطق به على الأصل، قال النضر بن شميل: ما بين الفجر وصلاة الصبح يقال له غدوة، وكذا بكرة. (نرتع ونلعب) [يوسف: 12] بالنون وإسكان العين قراءة أهل البصرة. والمعروف من قراءة أهل مكة. (نرتع) [يوسف: 12] بالنون وكسر العين. وقراءة أهل الكوفة. {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12] بالياء وإسكان العين. وقرأ أهل المدينة بالياء وكسر العين".

جواب الطلب أرسله يرتع، أرسله يلعب.

"وقرأ أهل المدينة بالياء وكسر العين، والقراءة الأولى من قول العرب: رتع الإنسان والبعير إذا أكلا كيف شاءا، والمعنى: نتسع في الخصب، وكل مخصب راتع، قال:

فارعي فزارة لا هناك المرتع

 

......................................

وقال آخر:

ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت

 

فإنما هي إقبال وإدبار

وقال آخر:

أكفرا بعد رد الموت عني

 

وبعد عطائك المائة الرتاعا

أي: الراتعة لكثرة المرعى".

وما الشاهد؟

طالب: ..........

أكفرًا بعد رد الموت عني، هذا من الشواهد، وبعد عطائك المائة الرتاعا.

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

ما كأنك تكلمت، أكفرًا بعد رد الموت عني، وبعد عطائك المائة، عمل اسم مصدر، المصدر إعطاء، أعطى يعطي إعطاءً، والعطاء اسم المصدر، واسم المصدر كالمصدر، يعمل عمل فعله.

"وروى معمر عن قتادة {ترتع} [يوسف: 12] تسعى، قال النحاس: أخذه من قوله: {إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17]؛ لأن المعنى: نستبق في العدو إلى غاية بعينها، وكذا {يَرْتَعْ} [يوسف: 12] بإسكان العين، إلا أنه ليوسف وحده -صلى الله عليه وسلم-. و(يرتع) [يوسف: 12] بكسر العين من رعي الغنم، أي ليتدرب بذلك ويترجل، فمرة يرتع، ومرة يلعب لصغره.

وقال القُتَبي (نرتع) [يوسف: 12] نتحارس ونتحافظ، ويرعى بعضنا بعضًا، من قولك: رعاك الله، أي حفظك. (ونلعب) [يوسف: 12] من اللعب، وقيل لأبي عمرو بن العلاء: كيف قالوا (ونلعب) [يوسف: 12] وهم أنبياء؟ فقال: لم يكونوا يومئذ أنبياء.

وقيل: المراد باللعب المباح من الانبساط، لا اللعب المحظور الذي هو ضد الحق، ولذلك لم ينكر يعقوب قولهم: (ونلعب) [يوسف: 12]. ومنه قوله -عليه السلام-: «فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك».

وقرأ مجاهد وقتادة: (يُرْتِعْ) [يوسف: 12] على معنى يُرتِع مطيتَه، فحذف المفعول، (ويلعب) [يوسف: 12] بالرفع على الاستئناف، والمعنى: هو ممن يلعب. {وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [يوسف: 12] من كل ما تخاف عليه. ثم يحتمل أنهم كانوا يخرجون ركبانًا، ويحتمل أنهم كانوا رجالة. وقد نُقل أنهم حملوا يوسف على أكتافهم ما دام يعقوب يراهم، ثم لما غابوا عن عينه طرحوه ليعدو معهم إضرارًا به".

وجاء في الأخبار فيما دلهم، ما دل على أنهم أساؤوا إليه قبل إلقائه في الجب، أهانوه، والله المستعان.

كم بقي يا أبا عبد الله؟

طالب: ..........

نصف؟

يكفي يكفي يا شيخ، الله يجزيك خيرًا.