كتاب الحيض (03)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا يقول: يُوجد مخطوط بإدارة الأوقاف بالكويت بعنوان (إعلام الأعلام) مجهول المؤلف، ويذكر رئيس قسم الحديث بالأزهر أنه لابن الملقن، شيخ الحافظ ابن حجر، وفي هذا المخطوط ذكرٌ لكتاب (مختصر الإلمام) للحافظ الذهبي، فهل هذا الكتاب (مختصر الإلمام) مطبوع وما موضوعه؟
أما موضوعه فهو أحاديث الأحكام تبعًا لأصله؛ لأن كتاب (الإلمام) لابن دقيق العيد في أحاديث الأحكام، أما الكتاب الذي بعنوان (إعلام الأعلام) فالذي أعرفه لابن الملقن (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام) وهذا مطبوع مُحقق في أحد عشر مجلدًا، وموضوعه أحاديث الأحكام، ولا يُمكن الحكم إلا بعد النظر، بعد النظر إذا نُظِر في الكتاب المخطوط سهل الاطلاع على المؤلف من خلال الأسلوب، وأما كونه مختصرًا للإلمام لا يُجزم به.
ما صحة حديث «اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ»؟ وهل يُستجب ذكره؟
الحديث ضعيف، ولكن ضعفه ليس بشديد، فعلى مذهب جمهور أهل العلم الذين يتسامحون في أحاديث الفضائل لا مانع من ذكره، وأما من يُشدد في الفضائل كالأحكام فإنه لا يذكره، وعلى كل حال الأمر سهل، يعني لو ذُكِر على رأي جماهير أهل العلم، وأن الضعيف يُحتج به ويُستدل به في فضائل الأعمال، هو من هذا النوع، والله أعلم.
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب: ترك الحائض الصوم: حدَّثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفرٍ، قال: أخبرني زيدٌ هو ابن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيدٍ الخدري-رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطرٍ إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فقلن: وبمَ يا رسول الله؟ قال: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ» قُلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قلن: بلى، قال: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قلن: بلى، قال: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا»".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...
فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب ترك الحائض الصوم" باب، ترك مضاف إليه، وباب خبر لمبتدأ محذوف مُقدَّر هذا "باب ترك الحائض" مضاف إليه أيضًا من إضافة المصدر إلى فاعله، ومفعوله الصوم.
قال: "حدَّثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفرٍ، قال: أخبرني زيدٌ هو ابن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيدٍ الخدري" يقول البخاري: "هو ابن أسلم" ولا يقول: زيد بن أسلم، وهو في الحقيقة زيد بن أسلم، ولكنهم يأتون به هو، أو يعني إذا لم يكن الشيخ ذكر اسم والد الراوي.
"عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطرٍ" يعني في يوم عيد، ثم شك الراوي هل هو عيد الأضحى أو عيد الفطر.
"إلى المصلى" كانت العيد تُصلى في الصحراء، وكذلك الاستسقاء، والجنائز تُصلى في الجبانة خارج البلد، ثم بعد ذلك صارت البلدان تتوسع، والخروج عن البلد يشق على الناس، فصلى الناس في المساجد.
"فمر على النساء" يعني في المصلى، فالنساء يُصلين في المصلى، لكن في مكانٍ مُنعزل عن الرجال؛ خشية الفتنة، تقول أم عطية: أُمرنا أن نُخرِج العواتق، والحُيَّض، وذوات الخدور إلى صلاة العيد؛ ليحضرن الخير ودعوة المسلمين أو يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحُيَّض المصلى.
"فمر على النساء فقال: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ» طلب النساء يومًا من النبي –عليه الصلاة والسلام- ليعظهم، وهذا قد تقدم في كتاب (العلم) فوعدهن يومًا، ولعله هذا اليوم أو غيره.
المقصود أنه مر على النساء ووعظهن.
«يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» وهذه الرؤية في ليلة الإسراء أو في صلاة الكسوف؛ لأنه حصل في صلاة الكسوف أن كُشِف له فرأى النار -عليه الصلاة والسلام-.
"«يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فقلن: وبِمَ يا رسول الله؟" أكثر أهل النار النساء، نعوذ بالله.
"فقلن: وبِم يا رسول الله؟ قال: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ» واللعن هو: الدعاء بالطرد والإبعاد من رحمة الله، وفي السابق وإلى الآن في كثيرٍ من البلدان والأقطار يكثر اللعن على ألسنة النساء أكثر من الرجال، وفي بعض الأقطار اللعن عند الرجال، بل قد لا يُوجد عند النساء في بعض المجتمعات، لكن الحديث يشهد على أنه في عهده –عليه الصلاة والسلام- وعلى مر العصور أن النساء يكثرن اللعن، كونه يقل في بعض الأوقات، وفي بعض الأمصار هذا لا يعني أنه يُقلل النسبة برغم المجموع.
"«تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ»" العشير: الزوج أو عموم المعاشر والمخالط من زوجٍ وغيره، ولكن أكثر المخالطة بالنسبة للمرأة تكون مع زوجها.
"«مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»" هذا الحازم، فكيف بالمفرِّط؟!
إذا كان الحازم يذهب عقله ولُبه الذي هي خلاصة العقل من تصرفات النساء، مما في أقوالهن أو أفعالهن أو حتى التذكر، بعض الرجال إذا جلس وتفكر وتذكر طاش عقله؛ لشدة شهوته وتعلقه بالنساء، وهؤلاء نسبتهم كبيرة في الرجال؛ ولذلك قال: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ» يعني إذا كان هذا الحازم، فما شأن المفرِّط الهازل؟!
"قُلن: وما نقصان ديننا وعقلنا، يا رسول الله؟ قال: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قلن: بلى، قال: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا»" يعني لو كان عقلها تامًّا مثل الرجل لكانت شهادة الواحدة كافية، لكن العقل وهو يشمل ويحوي الضبط والإتقان هو في الرجل أكمل، والمرأة ناقصة في هذا الباب؛ ولذلك جاءت شهادتها على النصف من شهادة الرجل.
وذهب بعضهم- وإن كان السياق يأباه- والتفسير في أصل النص إلى أن المراد بالعقل: الدية، والمرأة على النصف من دية الرجل، ولكن السياق يأباه ويرده؛ لأنهن "قُلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قلن: بلى، قال: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا»".
يعني القول الذي يقول: إن المراد بالعقل الدية، وإن كان الواقع كذلك، لكن الحديث يرده، المرأة على النصف من دية الرجل، وعلى النصف من شهادة الرجل، وعلى النصف من إرث الرجل، إذا تساووا في المرتبة، على النصف من الإرث، والدية، والشهادة، والعقيقة، والعتق، إذا أعتق رجل امرأةً أعتق الله نصفه من النار، فإذا أعتق الثانية أعتق الله بقيته.
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
لا ما هي المسألة تبعيضية، لكن هذا مثال واضح وظاهر، والأمثلة على نقصان عقلها أكثر كثيرة جدًّا، لكن هذا منه.
طالب:.......
لا، لا يمنع، لكن العقل في هذا الحديث المراد به ما يتعلق بالشهادة والضبط.
طالب:.......
كمُل من النساء، كمُل من الرجال كثير، وكمُل من النساء عدد يسير جدًّا، لكن ليس معنى هذا أن من كمُلت من النساء شهادتها كشهادة الرجل، أو ديتها مثل دية الرجل، لا، أو أنها تصوم وتصلي إذا حاضت ولا ينقص...لا لا، الكمال أمرٌ نسبي، ومن ونواحٍ أخرى، يقول: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» الصلاة الصيام لا يصحان من الحائض، بل يحرمان عليها.
"«لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قلن: بلى، قال: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا»" ومن المعلوم أن الحائض تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة، النص على ترك الحائض الصوم، وعدم التنصيص على ترك الحائض للصلاة؛ لأن ترك الحائض للصلاة أمرٌ لا يخفى، وأمرٌ ظاهر، ولا يحتاج إلى ترجمة؛ لأن الحيض مُبطل للطهارة، والصلاة لا تصح إلا بطهارة، لكن الصيام يصح من غير طهارة، فيحتاج إلى تذكير، لماذا تترك الحائض الصوم، وتصوم وهي جُنب؟ أليس الجُنب يصوم؟ يصوم الجُنب، فهذا يحتاج إلى تذكير، فنص عليه الإمام البخاري، وأتى بدليله، ولم يذكر أن الحائض تترك الصلاة؛ لوضوحه.
وسُئلت عائشة: لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقض الصلاة؟ قالت عائشة –رضي الله عنها-: أحروريةٌ أنتِ؟
لماذا؟ لأن الخوارج يقولون: بقضاء الحائض للصلاة كالصيام.
نعم.
قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب ترك الحائض الصوم" قال ابن رُشيدٍ وغيره: جرى البخاري على عادته في إيضاح المشكل دون الجلي، وذلك أن تركها الصلاة واضحٌ؛ من أجل أن الطهارة مشترطةٌ في صحة الصلاة وهي غير طاهرة، وأما الصوم فلا يشترط له الطهارة، فكان تركها له تعبّدًا محضًا، فاحتاج إلى التنصيص عليه بخلاف الصلاة.
قوله: "حدثنا سعيد بن أبي مريم" هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم المصري الجُمحي، لقيه البخاري، وروى مسلمٌ وأصحاب السُّنن عنه بواسطة، ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثيرٍ أخو إسماعيل، والإسناد منه فصاعدًا مدنيون، وفيه تابعيٌّ عن تابعي، زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله، وهو ابن أبي سرحٍ العامري، لأبيه صُحبة.
قوله: "في أضحى أو فطرٍ" شكٌّ من الراوي.
قوله: "إلى المصلى فمر على النساء" اختصره المؤلف هنا، وقد ساقه في كتاب الزكاة تامًّا ولفظه: "إلى المصلى فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة، فقال: «أيها الناس تصدقوا» فمر على النساء".
وفيه حث النساء على الصدقة «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» فحصلت الصدقة من النساء من الحُلي، وأخذ منه بعض أهل العلم أن للمرأة أن تتصدق وتتصرَّف من غير إذن زوجها، وحمله بعضهم على القليل اليسير، وفي سُنن أبي داود ما يدل على المنع من أن تتصرف المرأة بغير إذن زوجها، وهذا محمولٌ على الكثير الذي له وقع في مال المرأة.
طالب:.......
هذا ما هو بالإشكال، الإشكال أنه هنا في كتاب الحيض الذي هو أصل لماذا ذكر ترك الصيام ولم يذكر ترك الصلاة؟ وإلا معروف ما أحد يُماري أنها تترك الصلاة، وسيأتي التنبيه عليه في مكانه.
"وقد تقدم في كتاب (العلم) من وجهٍ آخر عن أبي سعيدٍ أنه كان وعد النساء بأن يفردهن بالموعظة فأنجزه ذلك اليوم، وفيه أنه وعظهن وبشرهن.
قوله: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ» المعشر كل جماعةٍ أمرهم واحد".
يعني يشملهم وصفٌ واحد.
"ونُقل عن ثعلب أنه مخصوصٌ بالرجال، وهذا الحديث يرد عليه، إلا إن كان مراده بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده كما في الحديث".
تقييده هنا مُقيد بالنساء «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ» أما إذا قيل: معشر من غير إضافة، فهو على كلام ثعلب، وهو من أئمة اللغة، وعلى مذهب السلف وعلى السُّنَّة، يقول: إنه خاص بالرجال، ولا يعني أنه مُصيبٌ في كل ما يقول، لكن له شأن عند أهل العلم.
طالب:........
يا معشر ماذا؟
طالب: الجن والإنس.
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} [الرحمن:33] تشمل الجميع، وهنا «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ» يرد على ثعلب.
"قوله: «أُرِيتُكُنَّ» بضم الهمزة وكسر الراء على البناء للمفعول، والمراد أن الله تعالى أراهن له ليلة الإسراء، وقد تقدم في (العلم) من حديث ابن عباس، بلفظ «أُرِيتُ النَّارَ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» ويُستفاد من حديث ابن عباس أن الرؤية المذكورة وقعت في حال صلاة الكسوف كما سيأتي واضحًا في باب صلاة الكسوف جماعة.
قوله: "وبم؟" الواو استئنافية والباء تعليلية والميم أصلها ما الاستفهامية فحُذِفت منها الألف تخفيفًا".
ما هذه الاستفهامية تُحذف ألفها إذا تقدمتها الباء واللام أو حرف من حروف الجر علامَ ولمَ، نعم.
"قوله: «وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ» أي: تجحدن حق الخليط -وهو الزوج- أو أعم من ذلك.
قوله: «مِنْ نَاقِصَاتِ» صفة موصوفٍ محذوف، قال الطيبي في قوله: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ...» إلى آخره، زيادةٌ على الجواب تسمى الاستتباع، كذا قال وفيه نظر".
"وفيه نظر" لأن الزيادة على الجواب جاء في نصوصٍ كثيرة، لما سُئل عن ماء البحر قال: «هُوَ اَلطُّهُورُ مَاؤُهُ، اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ» هو سُئِل عن الوضوء بماء البحر، فالزيادة على السؤال مقبولة بخلاف النقص، وقد يعدل المجيب عما سأل عنه السائل إلى غيره بما يُسمى أسلوب الحكيم، وهنا النقل عن الطيبي أنه يُسمى الاستتباع، يعني الجُمل الزائدة تابعة لما سُئِل عنه.
وفي شرح الكرماني نقلاً عن الطيبي أن هذا يُسمى أسلوب الحكيم.
"ويظهر لي أن ذلك من جملة أسباب كونهن أكثر أهل النار؛ لأنهن إذا كن سببًا لإذهاب عقل الرجل الحازم حتى يفعل أو يقول ما لا ينبغي، فقد شاركنه في الإثم وزدن عليه.
قوله: «أَذْهَبَ» أي أشد إذهابًا، واللب أخص من العقل، وهو الخالص منه.
«الحَازِمِ» الضابط لأمره، وهذه مبالغةٌ في وصفهن بذلك".
قوله: "أشد إذهابًا" قوله: «أَذْهَبَ» في الحديث ما يدل على أنه يُؤتى بالتعجب من ذهب، والتأويل أي: أشد إذهابًا تأويلٌ لما جوِّز أو جاز في هذا الحديث، وإن كان فيه خلاف، سيبويه يُخالف في هذا.
"وهذه مبالغةٌ في وصفهن بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهن فغير الضابط أولى، واستعمال أفعل التفضيل من الإذهاب جائزٌ عند سيبويه حيث جوزه من الثلاثي والمزيد.
قوله: "قلن: وما نقصان ديننا؟" كأنه خفي عليهن ذلك حتى سألن عنه، ونفس هذا السؤال دالٌّ على النقصان؛ لأنهن سلمن ما نُسب إليهن من الأمور الثلاثة: الإكثار، والكفران، والإذهاب، ثم استشكلن كونهن ناقصات.
وما ألطف ما أجابهن به -صلى الله عليه وسلم- من غير تعنيفٍ ولا لوم، بل خاطبهن على قدر عقولهن، وأشار بقوله: «مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» إلى قوله تعالى: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} [البقرة:282]؛ لأن الاستظهار بأخرى مؤذنٌ بقلة ضبطها، وهو مشعرٌ بنقص عقلها.
وحكى ابن التين عن بعضهم أنه حمل العقل هنا على الدية وفيه بعدٌ. قلت: بل سياق الكلام يأباه".
طالب:.......
نعم؛ لأنه يقول: "سلمن بما نُسب إليهن من الأمور الثلاثة: من الإكثار، والكفران، والإذهاب" ما يحتاج إلى أن تقول: وما نقصان ديني، وما وجه النقصان مثلاً.
طالب:.......
نعم؛ لأن هذه الثلاثة دالة على النقصان.
"قوله: «فَذَلِكِ» بكسر الكاف خطابًا للواحدة التي تولت الخطاب، ويجوز فتحها على أنه للخطاب العام.
قوله: «لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» فيه إشعارٌ بأن منع الحائض من الصوم والصلاة كان ثابتًا بحكم الشرع قبل ذلك المجلس.
وفي هذا الحديث من الفوائد: مشروعية الخروج إلى المصلى في العيد، وأمر الإمام الناس بالصدقة فيه، واستنبط منه بعض الصوفية جواز الطلب من الأغنياء للفقراء وله شروط، وفيه: حضور النساء العيد، لكن بحيث ينفردن عن الرجال خوف الفتنة".
"واستنبط منه بعض الصوفية جواز الطلب من الأغنياء للفقراء" مَن الذي يطلب الفقير أم الخطيب الذي ينوب عن الإمام في الخطابة كما في الحديث؟
طالب:......
يطلب.
طالب:......
طيب لماذا بعض الصوفية؟ لماذا الاستنباط من بعض الصوفية؟ الصوفية يزيدون على هذا، فيرون أن الآخذ أفضل من المعطي، واليد العليا خيرٌ من السفلى، والعليا هي يد الآخذ الفقير، والسفلى هي يد المعطي الغني، أما مجرد الطلب فهذا عند الحاجة، سواء طلب لنفسه أو لغيره ما فيه إشكال عند الحاجة.
طالب:......
ماذا؟
طالب:......
الرسول –عليه الصلاة والسلام- طلب، هنا «تَصَدَّقْنَ» يقول: تصدقن علي أم على الفقراء؟
طالب:......
خلاص، لا والذي يطلب لغيره أفضل من الذي يطلب لنفسه.
طالب:......
ما فيه إشكال.
طالب:......
ماذا فيه؟
طالب:......
هو أمر بالصدقة على القوم، وغيره، له مناسبات كثيرة، والواقع يشهد والعقل وغيره يشهد أن الذي يطلب لغيره أفضل من الذي يطلب لنفسه.
طالب:......
الأصل الشهوة، فتنة الرجال بالنساء في هذا الباب، ولكن قد يُوجد أُناس شهوتهم ضعيفة، ويميلون إلى النساء أكثر لمنافع ومصالح أخرى.
"وفيه: حضور النساء العيد".
بل جاء الأمر بذلك "أُمرنا أن نُخرج العواتق والحيَّض وذوات الخدور" أُمرنا، وقال بعضهم: بوجوب ذلك، وهذا القول منسوب للخلفاء الأربعة، وجمهور أهل العلم على أنه للاستحباب وليس الوجوب.
"لكن بحيث ينفردن عن الرجال خوف الفتنة، وفيه: جواز عظة الإمام النساء على حدة، وقد تقدم في (العلم).
وفيه: أن جحد النِّعم حرام، وكذا كثرة استعمال الكلام القبيح كاللعن والشتم، واستدل النووي على أنهما من الكبائر بالتوعد عليها بالنار.
وفيه: ذم اللعن، وهو الدعاء بالإبعاد من رحمة الله، وهو محمولٌ على ما إذا كان في معينٍ".
وأما اللعن على الإجمال فهو ثابت بالكتاب والسُّنَّة، وأقاويل السلف والأئمة كلهم عليه.
طالب:........
على حدة نعم.
طالب:........
لا، هن في المسجد، في مؤخرة المسجد على حدة.
طالب:........
الواحد هو شخص ما يُسمى اختلاطًا، هذا شخص يخدم الإمام الذي يرعى مصالح المسلمين، والأمر سهل.
"وفيه: إطلاق الكفر على الذنوب التي لا تُخرج عن الملة تغليظًا على فاعلها؛ لقوله في بعض طرقه "بكفرهن" كم تقدم في (الإيمان) وهو كإطلاق نفي الإيمان.
وفيه: الإغلاظ في النصح بما يكون سببًا لإزالة الصفة التي تُعاب، وأن لا يواجه بذلك الشخص المعين؛ لأن التعميم تسهيلاً على السامع".
وفيه: أن الصدقة تدفع العذاب، وأنها قد تُكفِّر الذنوب التي بين المخلوقين، وأن العقل يقبل الزيادة والنقصان، وكذلك الإيمان كما تقدم.
وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومهن على ذلك؛ لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرًا من الافتتان بهن؛ ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره لا على النقص، وليس نقص الدين منحصرًا فيما يحصل به الإثم، بل في أعم من ذلك قاله النووي؛ لأنه أمرٌ نسبي، فالكامل مثلاً ناقصٌ عن الأكمل".
نعم النقص نسبي، فالذي يؤدي الفرائض ويترك السُّنن ناقص بالنسبة لمن يؤدي الفرائض والسُّنن وهكذا، والذي يُدرك الصلاة كلها أكمل ممن يفوته بعضها ولو كانت سُننًا.
"ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض، لكنها ناقصةٌ عن المصلي.
وهل تُثاب على هذا الترك لكونها مكلفةٌ به كما يُثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشُغل بالمرض عنها؟ قال النووي: الظاهري أنها لا تُثاب، والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته، والحائض ليست كذلك.
وعندي في كون هذا الفرق مستلزمًا لكونها لا تُثاب وقفةٌ".
وكونها لا تُثاب ولا يُكتب لها ما كانت تعمله قبل الحيض، كما يُكتب للمريض والمسافر التنصيص على النقص لو كانت تُثاب مثل ما يُثاب المسافر والمريض فما كان يسمى نقصًا في دينها، لكن أثبت النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه نقصٌ في دينها، فدل على أنها لا تُثاب في هذه.
"وفي الحديث أيضًا مراجعة المتعلم لمعلمه، والتابع لمتبوعه فيما لا يظهر له معناه، وفيه ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- من الخلق العظيم، والصفح الجميل، والرفق والرأفة، زاده الله تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا".
طالب:........
ما هو بحصري أن هذا هو المُدخل لهن النار، لكن من أبرز ما عُرِف عن النساء هذا الوصف.
قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بابٌ تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية، ولم ير ابن عباسٍ بالقراءة للجُنب بأسًا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه، وقالت أم عطية: كنا نؤمر أن يُخرج الحيَّض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون، وقال ابن عباس، أخبرني أبو سفيان، أن هرقل دعا بكتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقرأ فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم و{يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عمران:64] " الآية، وقال عطاءٌ عن جابر: حاضت عائشة فنسكت المناسك غير الطواف بالبيت ولا تُصلي، وقال الحكم: إني لأذبح وأنا جنب، وقال الله: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121].
حدَّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدَّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت، فدخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «مَا يُبْكِيكِ؟» قلت: لوددت والله أني لم أحج العام، قال: «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟» قلت: نعم، قال: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»".
يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بابٌ تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت" فلا تطوف حتى تطهُر، يعني مهما كان ظرفها، قال النبي –عليه الصلاة والسلام- في حق صفية: «أحابستنا هي؟» دل على أنها لو لم تطف لحبستهم، حبست الرفقة، وأي رفقةٍ أعظم من رفقةٍ فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-!
"وقال إبراهيم" النخعي: "لا بأس أن تقرأ الآية"، وأهل العلم ينصون على أنها تقرأ بعض الآية أما الآية كاملة فلا تقرأها كالجُنب.
"ولم ير ابن عباسٍ بالقراءة للجُنب بأسًا" هذا رأيه -رضي عنه وأرضاه-، وكان النبي– صلى الله عليه وسلم- يذكر الله في كل أحيانه.
لهذه الآثار عن إبراهيم وابن عباس، وما ذكره معلقًا عن النبي –عليه الصلاة والسلام- وما جاء بعد ذلك كله يُشم منه أن الإمام البخاري يرى أن الحائض تقرأ القرآن.
وفي قوله: "ولم ير ابن عباسٍ بالقراءة للجُنب بأسًا" إذا أُجمل الحكم في الترجمة يكون بيانه فيما يُردفه البخاري لهذه الترجمة بالموقوفات والمعلقات، ومنها كلام ابن عباس.
"وقالت أم عطية" نُسيبة بنت كعب: "كنا نؤمر أن يُخرج الحيَّض فيُكبرن" يعني: إلى صلاة العيد "فيُكبرن بتكبيرهم ويدعون" وفيه: ويعتزل الحيَّض المصلى.
"وقال ابن عباس، أخبرني أبو سفيان، أن هرقل دعا بكتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقرأ فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم و{يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عمران:64]" الواو ليست من الآية.
"فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم و–فيه- {يَا أَهْلَ الكِتَابِ} [آل عمران:64]" يعني الواو عاطفة على فيه الأولى، وفيه {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء} [آل عمران:64] وهذا تقدم في بدء الوحي.
قوله: "و{يَا أَهْلَ الكِتَابِ} [آل عمران:64]" إلى آخره هكذا وقع بإثبات الواو في أوله، وذكر القاضي عياض أن الواو ساقطةٌ من رواية الأصيلي وأبي ذر.
وعلى ثبوتها فهي داخلةٌ على مقدرٍ معطوفٍ على قوله: أدعوك، فالتقدير أدعوك بدعاية الإسلام، وأقول لك ولأتباعك امتثالاً لقول الله تعالى: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ} [آل عمران:64] ويحتمل أن تكون من كلام أبي سفيان؛ لأنه لم يحفظ جميع ألفاظ الكتاب، فاستحضر منها أول الكتاب فذكره، وكذا الآية وكأنه قال فيه: كان فيه كذا، وكان فيه {يَا أَهْلَ الكِتَابِ} [آل عمران:64] فالواو من كلامه لا من نفس الكتاب.
وقيل: إن النبي –صلى الله عليه وسلم- كتب ذلك قبل نزول الآية، ووافق لفظه لفظها لما نزلت، والسبب في هذا أن هذه الآية نزلت في قصة وفد نجران، وكانت قصتهم سنة الوفود سنة تسعٍ، وقصة أبي سفيان كانت قبل ذلك سنة ست، وسيأتي ذلك واضحًا في المغازي، وقيل: بل نزلت سابقة في أوائل الهجرة، وإليه يومئ كلام ابن اسحاق، وقيل: نزلت في اليهود، وجوَّز بعضهم نزولها مرتين وهو بعيد.
المقصود أن هذه الواو ليست من الآية على ما سُطِّر بين الدفتين المحفوظ من الزيادة والنقصان، وأظهر ما فيه أن يُقال: مثلما قلت: العطف "فإذا فيه" لكن فيه ليست في الخطاب فإذا فيه كذا وفيه كذا.
"و{يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عمران:64] الآية، وقال عطاءٌ عن جابر: حاضت عائشة فنسكت المناسك غير الطواف بالبيت ولا تُصلي، وقال الحكم: إني لأذبح وأنا جُنب" الحكم بن عُتيبة.
"إني لأذبح وأنا جُنب، وقال الله: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121]" وهو جُنب ويذكر اسم الله، ومن اسم الله الذي يُذكر حال الذبح بسم الله الرحمن الرحيم أو بسم الله والله أكبر، لكن هذا يُشترط فيه طهارة؟ هو يذبح جُنبًا بسم الله الرحمن الرحيم ليست آية كاملة، وإنما هي بعض آية إجماعًا من سورة النمل، وأما كونها آية في أوائل السور هذا قول عند أهل العلم معروف، ومنهم من قال: هي آية واحدة نزلت للفصل بين السور.
وعلى كل حال هي حتى على الذبح تُذكر كاملة أم بسم الله؟ بسم الله، وبعض الآية يُذكر بلا نزاع.
قال –رحمه الله-: "حدَّثنا أبو نعيمٍ" وهو الفضل بن دُكين "قال: حدَّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة" الماجشون "عن عبد الرحمن بن القاسم" ابن محمد بن أبي بكر "عن القاسم بن محمد" ابن أبي بكر عن عمته "عائشة" أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها-.
"قالت: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نذكر إلا الحج" لا يعرفون العمرة في أشهر الحج، بل كانوا يُعدونها من أفجر الفجور، ولكن النبي –عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يجعلوها عمرة.
"لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت" يعني حاضت، فدخل عليها النبي –صلى الله عليه وسلم- وهي تبكي.
تقول: "فدخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: «مَا يُبْكِيكِ؟»" لأنها ظنت أنها لن تحج أو على أقل الأحوال أن صواحبها يرجعن بحجٍّ وعمرة وترجع بحجٍّ فقط.
"فقال: «مَا يُبْكِيكِ؟» قلت: لوددت والله أني لم أحج العام، قال: «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟» قلت: نعم، قال: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»" يعني هوني على نفسك؛ لأن ما يحصل للجماعة أخف بكثير مما يحصل على الفرد، يعني لو حصلت مثلاً خسارة على الناس كلهم في السوق كله أهون على الشخص من كون الناس كلهم يربحون وهو يخسر، هذا شيء جِبلي جُبل عليه الناس.
طالب:........
لولا ذلك لما بكت.
"قال: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»" الحائض ممنوعة من الطواف ومن دخول البيت إلا بالمرور كالجنب.
طالب:........
هي تود أن تحج حج مثل الناس ما فيه حيضٍ يحبسها عن فعل بعض الأشياء، ما وددت أن تحج حجًّا ناقصًا.
طالب:........
والله شيخ الإسلام لا نقوى على مثل ما قال، شيخ الإسلام الرسول يقول: «أحابستنا هي؟» وشيخ الإسلام يقول: لا تحبس الحاج، تقدر أن تقول مثله؟ والله ما نقدر.
قال الحافظ –رحمه الله-: " قوله: "باب تقضي الحائض" أي تؤدي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، قيل: مقصود البخاري بما ذكر في هذا الباب من الأحاديث والآثار أن الحيض وما في معناه من الجنابة لا ينافي جميع العبادات، بل صحت معه عباداتٌ بدنية من أذكارٍ وغيرها، فمناسك الحج من جملة ما لا ينافيها، إلا الطواف فقط.
وفي كون هذا مراده نظرٌ؛ لأن كون مناسك الحج كذلك حاصلٌ بالنص فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه.
والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعًا لابن بطالٍ وغيره: إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجُنب بحديث عائشة -رضي الله عنها-؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف".
لكن قراءة القرآن ليست من المقاصد في الحج، كونها تأتي عرضًا كما يفعله المسلم في جميع أحواله في الحج وغيره يقرأ القرآن، هذا ما سيق النص، ما سيق من أجل قراءة القرآن، وإنما سيق للمناسك، بعض الحاج يتصدق وليس من أعمال الحج.
وفي هذا يقول الشاطبي: أن الدلالة الأصلية هي المقصودة بالنص، وهي التي يُستدل به عليها بخلاف الدلائل الفرعية التي لا يُستدل بالنص عليها؛ لأن النص لم يُسق من أجلها.
"لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف، وإنما استثناه لكونه صلاةً مخصوصة، وأعمال الحج مشتملةٌ على ذكرٍ وتلبيةٍ ودعاءٍ، ولم تُمنع الحائض من شيءٍ من ذلك، فكذلك الجُنب؛ لأن حدثها أغلظ من حدثه.
ومنع القراءة إن كان لكونه ذكرًا لله فلا فرق بينه وبين ما ذُكر، وإن كان تعبدًا فيحتاج إلى دليلٍ خاص، ولم يصح عند المصنف شيءٌ من الأحاديث الواردة في ذلك، وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحُجة عند غيره، لكن أكثرها قابلٌ للتأويل كما سنشير إليه؛ ولهذا تمسك البخاري، ومن قال بالجواز غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث: كان يذكر الله على كل أحيانه؛ لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره، وإنما فرَّق بين الذكر والتلاوة بالعُرف، وهذا الحديث المذكور وصله مسلمٌ من حديث عائشة -رضي الله عنها-".
بعضهم يقول: إن الحائض تقرأ القرآن إذا خشيت نسيانه لا مطلقًا، فإذا خشيت نسيانه تقرأ، وتوسعوا بعد ذلك في مسائل الدراسة والامتحانات، ثم أُفتي بالجواز المطلق.
طالب:........
ما فيه إلا ما يستدلون به ما عنده شيء.
طالب:........
القول: بالجواز، والجُنب؟
طالب:.......
نعم.
"وأورد المصنف أثر إبراهيم وهو النخعي إشعارًا بأن منع الحائض من القراءة ليس مجمعًا عليه، وقد وصله الدارمي وغيره بلفظ".
لكن هو قول الجمهور لما يكون مُجمع عليه هو قول الجمهور.
"وقد وصله الدارمي وغيره بلفظ: أربعةٌ لا يقرءون القرآن: الجنب، والحائض، وعند الخلاء، وفي الحمام، إلا الآية ونحوها للجُنب والحائض.
وروي عن مالكٍ نحو قول إبراهيم، وروي عنه الجواز مطلقًا، وروي عنه الجواز للحائض دون الجُنب، وقد قيل: إنه قول الشافعي في القديم، ثم أورد أثر ابن عباس، وقد وصله ابن المنذر بلفظ: أن عباس كان يقرأ ورده وهو جُنب. وأما حديث أم عطية فوصله المؤلف في العيدين.
وقوله فيه: "ويدعون" كذا لأكثر الرواة، وللكشميهني: "يدعين" بياءٍ تحتانية بدل الواو، ووجه الدلالة منه ما تقدم من أنه لا فرق بين التلاوة وغيرها.
ثم أورد المصنف طرفًا من حديث أبي سفيان في قصة هرقل، وهو موصولٌ عنده في بدء الوحي وغيره، ووجه الدلالة منه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى الروم وهم كفار والكافر جُنب، كأنه يقول: إذا جاز مس الكتاب للجُنب مع كونه مشتملاً على آيتين، فكذلك يجوز له قراءته، كذا قاله ابن رُشيد.
وتوجيه الدلالة منه إنما هي من حيث إنه إنما كتب إليهم ليقرؤوه، فاستلزم جواز القراءة بالنص لا بالاستنباط، وقد أجاب من منع ذلك -وهم الجمهور- بأن الكتاب اشتمل على أشياء".
من منع ذلك، وهم الجمهور.
"وقد أجاب من منع ذلك وهم الجمهور".
طالب: فيه شيء يا شيخ؟
ما فيه شيء.
"بأن الكتاب اشتمل على أشياء غير الآيتين، فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتابٍ في الفقه، أو في التفسير، فإنه لا يمنع قراءته، ولا مسه عند الجمهور؛ لأنه لا يُقصد منه التلاوة".
فرقٌ بين أن يكون القرآن متميزًا وبين أن يكون مختلطًا بغيره، فإذا وجِد المصحف في وسط التفسير أو فوق التفسير متميزًا عن غيره، ما يختلط به شيء، وجِد القرآن منفصلًا عن التفسير لا يُشاركه غيره من كلام البشر هذا له حكم، أما إذا كان القرآن ممزوجًا بالتفسير وغير متميزًا عنه، فهذا حكمه شيءٌ آخر.
"ونص أحمد أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ. وقال به كثيرٌ من الشافعية، ومنهم من خص الجواز بالقليل كالآية والآيتين.
قال الثوري: لا بأس أن يُعلم الرجل النصراني الحرف من القرآن عسى الله أن يهديه، وأكره أن يعلمه الآية، هو كالجُنب، وعن أحمد: أكره أن يضع القرآن في غير موضعه، وعنه: إن رُجي منه الهداية جاز وإلا فلا.
وقال بعض من منع: لا دلالة في القصة على جواز تلاوة الجُنب القرآن؛ لأن الجنب إنما منع التلاوة إذا قصدها، وعرف أن الذي يقرأه قرآن، أما لو قرأ في ورقةٍ ما لا يعلم أنه من القرآن فإنه لا يُمنع، وكذلك الكافر.
وسيأتي مزيدٌ لهذا في كتاب الجهاد، إن شاء الله تعالى.
تنبيه: ذكر صاحب (المشارق) أنه وقع في رواية القابسي والنسفي وعبدوس هنا: (ويا أهل الكتاب) بزيادة واو".
صاحب المشارق عياض.
"قال: وسقطت لأبي ذر والأصيلي وهو الصواب.
قلت: فافهم أن الأَولى خطأ".
الأُولى.
"فافهم أن الأُولى خطأ؛ لكونها مخالفةٌ للتلاوة، وليست خطأ، وقد تقدم توجيه إثبات الواو في بدء الوحي.
قوله: "وقال عطاءٌ عن جابر" هو طرفٌ من حديثٍ موصولٍ عند المصنف في كتاب (الأحكام) وفي آخره: "غير أنها لا تطوف بالبيت ولا تصلي".
وأما أثر الحكم -وهو الفقيه الكوفي- فوصله البغوي في الجعديات من رواية علي بن الجعد عن شُعبة عنه".
من روايته أو من روايةِ؟
طالب: من روايته عن علي.
نعم.
"من روايته عن علي بن الجعد عن شُعبة عنه، ووجه الدلالة منه أن الذبح مستلزمٌ لذكر الله بحكم الآية التي ساقها، وفي جميع ما استُدل به نزاعٌ يطول ذكره، ولكن الظاهر من تصرفه ما ذكرناه.
واستدل الجمهور على المنع بحديث عليٍّ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحجبه عن القرآن شيءٌ، ليس الجنابة، رواه أصحاب السُّنن، وصححه الترمذي وابن حبان".
نعم.
طالب:........
الترك؟
طالب:........
الترك حكمه حكم الفعل، مثل ما سبق في حديث الأعمال بالنيات، هل الترك عمل يحتاج إلى نية؟ ذكرنا في ذلك:
لَئِنْ قَعَدْنَا وَالنّبِيّ يَعْمَلُ |
| فَذَاكَ مِنّا الْعَمَلُ الْمُضَلّلُ |
طالب:........
هو تَرك، وهو القدوة، وهو الأسوة، ترك في مقام تشريع.
"واستدل الجمهور على المنع بحديث عليٍّ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحجبه عن القرآن شيءٌ، ليس الجنابة، رواه أصحاب السُّنن، وصححه الترمذي وابن حبان، وضعَّف بعضهم بعض رواته.
والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة، لكن قيل: في الاستدلال به نظر؛ لأنه فعلٌ مجردٌ فلا يدل على تحريم ما عداه، وأجاب الطبري عنه بأنه محمول ٌعلى الأكمل جمعًا بين الأدلة، وأما حديث ابن عمر مرفوعًا: لا تقرأ الحائض ولا الجُنب شيئًا من القرآن، فضعيفٌ من جميع طرقه.
وقد تقدم الكلام على حديث عائشة في أول كتاب الحيض.
وقولها: "طمثت" بفتح الميم وإسكان المثلثة أي: حِضت، ويجوز كسر الميم، يُقال: طمثت المرأة بالفتح والكسر في الماضي، تطمث بالضم في المستقبل".
اللهم صلِّ على محمد.
"