شرح العقيدة الطحاوية (35)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال المؤلف رحمه الله تعالى:
ومنشأ الضلال من التسوية بين المشيئة والإرادة وبين المحبة والرضا فسوَّى بينهما الجبرية والقدرية ثم اختلفوا فقالت الجبرية الكون كله بقضائه وقدره فيكون محبوبًا مرضيًّا وقالت القدرية النفاة ليست المعاصي محبوبة لله ولا مرضية له فليست مقدَّرة ولا مقضية فهي خارجة عن مشيئته وخلقه."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الشارح- رحمه الله تعالى- ومنشأ الضلال يعني من ضل في هذا الباب، في مسألة القدر من القدرية النفاة، الذين يبالغون في النفي حتى أثبتوا مع الله خالقًا فجعلوا العبد يخلق فعله؛ ولذا جاءت تسميتهم بمجوس هذه الأمة وبين القدرية الذين بالغوا في الإثبات وهم الجبرية الذين قالوا أن العبد مسلوب القدرة والإرادة بل هو مجبول على كل ما يفعل، وحركته كحركة الشجر فلا إرادة له ولا اختيار، أهل السنة وفَّقوا ووُفِّقوا فقالوا إن العبد له مشيئة وإرادة لكنها تابعة لإرادة الله ومشيئته لا يستقل بها، قال ومنشأ الضلال من التسوية بين المشيئة والإرادة وبين المحبة والرضا، منهم من قال كل ما شاءه الله وأراده فهو محبوب له مرضي عنده، ومنهم من قال يقع في أفعال الناس ما لا يشاؤه الله ولا يريده كالقدرية النفاة، وأهل السنة قالوا كل شيء بقدر لكن المشيئة شيء والمحبة والرضا شيء آخر الله لا يحب الفساد وإن أراده كونًا وقدرًا وشاءه وقدَّره لكنه لا يحبه ولا يرضاه، فسوّى بينهما الجبرية والقدرية ثم اختلفوا، فقالت الجبرية: الكون كله بقضائه وقدره ومن لازم ذلك أن يكون محبوبًا مرضيًا، مادام أن الله قدر هذا الأمر فكيف قدره وهو لا يحبه ويرضاه؟ الكون كله بقضائه وقدره هذا الكلام صحيح، الكون كله بقضائه وقدره لكن ليس كل ما كان بقضائه وقدره يكون محبوبًا مرضيًّا، فالكفر والفسوق والمعاصي شاءها الله وقدّرها لكنه لا يحبها، لا يحب الظالمين، ولا يحب الفساد، وقالت القدرية النفاة ليست المعاصي محبوبة ولا مرضية هذا الكلام صحيح، لكن قولهم ليست مقدرة ولا مقضية هذا الكلام ليس بصحيح، أهل السنة قالوا الكون كله بقضائه وقدره كما يقول الجبرية ولكن ليست مقضية ليست مقدرة ولا مرضية ليست مرضية ولا محبوبة كما يقول النفاة، فأخذوا من قولهم الحق وتركوا الباطل من قول الطائفتين والحق يتركب من جزئي قولي الطائفتين فالجبرية فيهم نوع حق وفيهم باطل والنفاة كذلك فأخذوا الحق من قول الطائفتين وردوا الباطل من قول الطائفتين.
"وقد دل على الفرق بين المشيئة والمحبة الكتاب والسنة والفطرة الصحيحة أما نصوص المشيئة والإرادة من الكتاب فقد تقدم ذكر بعضها وأما نصوص المحبة والرضا فقال تعالى: {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} [سورة البقرة:205] وقال تعالى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [سورة الزمر:7] وقال تعالى عقيب ما نهى عنه من الشرك والظلم والفواحش والكبر {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} [سورة الإسراء:38] وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «إن الله كره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» وفي المسند.."
هذه أشياء مكروهة لله- جل وعلا- وهي مع ذلكم مقدرة لوقوعها ولا يقع خلاف ما شاءه الله- جل وعلا- وقدره وإن وقع كونًا ما لا يحبه ولا يرضاه، يقع كونًا وقدرًا تبعًا لمشيئته وإرادته وقدره وقضائه شيئًا لا يحبه الله لكنه بمشيئته، ليس كما تقوله القدرية أنه وقع مغالبة وأن العبد وأن الشيطان غلب الله- تعالى الله عما يقولون- فوقع ما أراده الشيطان ولم يقع ما أراده الله- تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا-.
طالب: ..........
هم يقولون مادام العبد مسيَّر والله له مشيئة نافذة في الجميع وكُتب عليه ما كتب وهو في بطن أمه وعرف مصيره في الأزل إذًا لا بد أن يفعل هذا الفعل، فهو مجبور عليه لكن من لازم قولهم أن يكون الله- جل وعلا- قد ظلمهم إذا عذبهم على ذلك.
طالب: ..........
وين؟
طالب: ..........
لا، طوائف البدع يأخذون بما يناسب بدعتهم ويردون وإن لم يجيبوا عما لا يناسب، لو تقرأ في تفسير الرازي كله مشحون بقول الجبرية مع قوته في الحجة لم يستطع أن ير نسأل الله العافي.
طالب: ..........
لا، وافقوا يعني وافقوا إيه.
"وفي المسند «إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يركه أن تؤتى معصيته» وكان من دعائه -صلى الله عليه وسلم- «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك»."
الحديث مخرّج في الصحيح من حديث عائشة في صحيح مسلم، فجمع بين الرضا والسخط ويترتب عليهما من الآثار من الرضا المعافاة ومن السخط العقوبة.
"فتأمل ذكر استعاذته بصفة الرضا من صفة السُّخْط ومثال المعافاة من فعل العقوبة فالأول للصفة، والثاني لأثرها المترتب عليها، ثم ربط ذلك كله بذاته سبحانه وأن ذلك كله راجع إليه وحده لا إلى غيره فما أعوذ منه واقع بمشيئتك وإرادتك وما أعوذ به من رضاك ومعافاتك هو بمشيئتك وإرادتك إن شئت أن ترضى عن عبدك وتعافيه وإن شئت."
تعافيَه.
"أحسن الله إليك.
إن شئت أن ترضى عن عبدك وتعافيَه وإن شئت أن تغضب عليه وتعاقبه فإعاذتي مما أكره ومنعه أن يحل بي هي بمشيئتك أيضا، فالمحبوب والمكروه كله بقضائك ومشيئتك فعياذي بك منك فعياذي بحولك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك."
فيه تكرار يا شيخ؟
فلا أستعيذ.
"فلا أستعيذ بغيرك من غيرك ولا أستعيذ بك من شيء صادر من غير مشيئتك بل هو منك فلا يعلم ما في هذه الكلمات من التوحيد والمعارف والعبودية إلا الراسخون في العلم بالله ومعرفته ومعرفة عبوديته."
هذا التسليم التام والاستسلام لله- جل وعلا- أعوذ برضاك من سخطك لا يستعيذ بشيء غير الله- جل وعلا- القادر على كشف ما ينزل بالمكلف وغيره، لا يقدر على كشفه إلا الله- جل وعلا- فيعوذ برضاه من سخطه ويعوذ بمعافاته من عقوبته قال «وأعوذ بك منك» استسلام وتسليم تام، وقدم الإسلام- كما يقول أهل العلم- لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، براءة من الحول والقوة وبراءة من أن يستعيذ بشيء من خلقه، والله المستعان..
فإن قيل..
يا شيخنا فيه تكرار؟
إيه تكرار.
"فإن قيل كيف يريد الله أمرًا ولا يرضاه ولا يحبه وكيف يشاؤه ويكوِّنه وكيف يتجمع إرادته له وبغضه وكراهته قيل هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقًا وتباينت طرقهم وأقوالهم فاعلم أن المراد نوعان مراد لنفسه ومراد لغيره فالمراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته وما فيه من الخير فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد، والمراد لغيره قد لا يكون مقصودًا للمريد ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته."
نفسُه.
أحسن الله إليك.
"فهو مكروه من حيث نفسُه وذاته مراد له من حيث إفضائه."
إفضاؤه.
أحسن الله إليك.
"مراد له من حيث إفضاؤه وإيصاله إلى مراده فيجتمع فيه الأمران."
يعني الولد محبوب لذاته، لكن محل قضاء الحاجة في بيوت الناس هل هو محبوب لذاته ما الذي ألزمهم بإيجاده؟ هو غير محبوب ولا مرضي الحاجة إليه، هناك شيء يكون محبوبًا لذاته وشيء يكون محبوبًا لغيره لا لذاته.
طالب: ..........
نعم وجود إبليس مثلاً وجود الظلمة والشياطين مكروه من حيث ذاته لكن من حيث تحقيق الحكمة والهدف الذي وجد من أجله محبوب لأنه يترتب عليه مصلحة أكبر من مفسدة وجوده.
طالب: ..........
مكروه له من حيث نفسه وذاته.
طالب: ..........
لا، من باب الأدب الله، لا يحب الفساد، ولا يحب الظالمين، لكن أرادهم وأوجدهم من حيث الأدب مع الله- جل وعلا- لأنه يتعارض مع قوله {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} [سورة البقرة:205].
"فيجتمع فيه الأمران بغضه وإرادته ولا يتنافيان لاختلاف متعلَّقهما، وهذا كالدواء الكريه إذا علم المتناول له أن فيه شفاءه وقطع العضو المتآكل إذا علم أن في قطعه بقاء جسده وكقطع المسافة الشاقة إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه."
يعني من يُنصح بالحركة والمشي وبالرياضة، كونه يمشي في الجو البارد وفي الجو الحار هل هو محبوب له هذا المشي لذاته أو لما يوصل إليه من بقاء الصحة والمحافظة عليها؟ ليس محبوبًا لذاته، كون الإنسان يمشي في الجو البارد والصقيع أو في حر الشمس ما أحب المشي لذاته إنما أحبه لما يوصل إليه من المحافظة على صحته وبقائه.
"بل العاقل يكتفي في إيثار هذا المكروه وإرادته بالظن الغالب وإن خفيت عنه عاقبته فكيف بمن لا يخفى عليه خافية."
يعني إذا كان المخلوق يؤثر بعض الأشياء الشاقة عليه المكروهة لديه من أجل ما يُظن أن المصلحة مترتبة عليه قد يترتب عليه مفسدة، لكن يغلب على الظن أنه يترتب عليه مفسدة ويؤثره ويفعله مع شدته عليه ومشقته عليه رجاء تلك المصلحة فكيف بمن لا تخفى عليه خافية؟
"فهو سبحانه يكره الشيء ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره وكونه سببًا إلى أمر هو أحب إليه من فوته، من ذلك أنه خلق إبليس الذي هو مادة لفساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات وهو سبب لشقاوة كثير من العباد وعملهم بما يغضب الرب تبارك وتعالى، وهو الساعي في وقوع خلاف ما يحبه الله ويرضاه وما هذا فهو وسيلة إلى محابّ كثيرة للرب تعالى ترتبت على خلْقه ووجودها أحب إليه من عدمها منها."
يعني إذا أغوى الشيطان شخصًا بظلم غيره فلا شك أنه متسبب في ذلك والظالم ملوم حيث عصى الله وأطاع الشيطان، لكن الذي وقع عليه الظلم إذا صبر واحتسب وفعل ما أُمر به شرعًا وقع في محبوب الله جل وعلا وما أُمر به فليس بشر محض.
"منها أنه تظهر للعباد قدرة الرب تعالى على خلق المتضادات المتقابلات فخلق هذه الذات التي هي أخبث الذوات وشرها وهي سبب كل شر في مقابلة ذات جبريل التي هي من أشرف الذوات وأطهرها وأزكاها وهي مادة كل خير فتبارك خالق هذا وهذا كما ظهرت قدرته في خلق الليل والنهار والداء والدواء والحياة والموت والحسن والقبح والخير والشر."
والحسن والقبيح.
أحسن الله إليك.
"والحسن والقبيح والخير والشر وذلك من أدل دليل على كمال قدرته وعزته وملكه وسلطانه، فإنه خلق فإنه خلق هذه المتضادات وقابل بعضها ببعض وجعلها محالّ تصرفه وتدبيره فخُلوّ الوجود عن بعضها بالكلية تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير مملكته."
يعني مع علمه بما يحصل مما يضادها، الآن مصانع الأدوية حينما تصنع هذا الدواء وتجري عليه التجارِب وتلاحظ ما ينتج عنه من أضرار قد يخفى عليهم أشياء كثيرة ويوصف لفلان من الناس فيكون سببًا لعطبه أليس هذا حاصل؟ أليس قد مات كثير ناس بسبب الأدوية وكل يوم يعلن عن أدوية ضررها أكثر من نفعها؟ ويوجد محلول في قارورة صغيرة محلول أبيض كالماء مكتوب عليه علاج للبهق، ومن الاحتمال أن يتسبب في سرطان الجلد، هل من الحكمة أن يوجد مثل هذا الدواء؟! يعني لو كان بالعكس علاج لسرطان الجلد ويحتمل أن ينتج عنه بهق كان أقرب للحكمة، هذا في تصرفات البشر لكن الذي لا تخفى عليه خافية أوجد هذه المتضادات في هذه المضايق وترتب عليها مصالحها وحكمها التي تدل على كمال ربوبيته وألوهيته.
طالب: ..........
هذا مادة شر وهذا مادة خير، هو الذي ينزل بالوحي على الأنبياء والنصوص تدل على أنه أفضل الخلق أو من أفضلهم على الخلاف {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} [سورة القدر:4] عطفه على ماذا؟ على الملائكة بل عطف الخاص على العام مما يدل على كمال العناية به.
طالب: ..........
لأنه هو السبب الذي ينزل، هو الذي ينزل بالوحي الذي كل الخير فيه، هو سبب في نزول يعني هو الذي ينزل بالوحي على الأنبياء وعلى رأسهم محمد -عليه الصلاة والسلام- يعني القرآن من أين نزل؟ من الله- جل وعلا- بواسطة جبريل.
طالب: ..........
بالنسبة لإبليس؟
طالب: ..........
هو مصدر الشرور كلها {فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [سورة ص:82] الغواية والضلال هو الشر لكن له أعوان يصدر عنهم شرور وظلم وبغي وعدوان وتسبب في جرائم، لكن كلهم يرجعون في النهاية إليه كلهم أعوان له وأتباع له.
طالب: ..........
وأعوانه لكن الأعوان يرجعون إليه، لكن هو رأسهم وكبيرهم وهذا كله بإرادة الله- جل وعلا- وإرادته ومشيئته كما هي أصل المسألة.
"ومنها ظهور آثار أسمائه القهرية مثل القهار والمنتقم والعدل والضار والشديد العقاب والسريع الحساب وذي البطش الشديد والخافض والمذل، فإن هذه الأسماء والأفعال كمال لا بد من وجود متعلَّقها ولو كان الجن والإنس على طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء ومنها ظهور آثار أسمائه.."
لو لم يوجد من يستحق العقاب لما ظهر أثر اسم شديد العقاب، ولا القهار، ولا المنتقم، ما يظهر أثرها إلا بوجود من يستحق ما تمثل به الوصف، القهار من يستحق؟ من يقهر؟ القهار إذا لم يوجد من يستحق من يُقهر والمنتقم إذا لم يوجد من يستحق أن يُنتقم منه ما ظهر أثر الاسم الكريم.
"ومنها ظهور آثار أسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه وعتقه لمن شاء من عبيده فلولا خلق ما يكرهه من الأسباب المفضية إلى ظهور آثار هذه الأسماء لتعطلت هذه الحكم والفوائد وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا بقوله «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيُغفر لهم» ومنها ظهور آثار أسماء الحكمة والخبرة فإنه الحكيم الخبير الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها فلا يضع الشيء في غير موضعه ولا ينزله في غير منزلته التي يقتضيها كمال علمه وحكمته وخبرته."
من المؤسف والمحزن أن نسمع ونقرأ من بعض الكتبة الطعن في الحكمة الإلهية في إيجاد مثل هذه الأشياء في إيجاد طفل يولد ثم يموت فجأة بعد أن تعبت عليه أمه في الحمل أو يعيش عيشة تعيسة معاقًا عالة على أهله وغيرهم ويشقى بنفسه ويشقي غيره، يطعنون في الحكمة الإلهية مع أنهم غفلوا أو تغافلوا عن الحكم المرتبة على ذلك والله المستعان.
طالب: ..........
الأسماء لا تشتق، الصفات هي التي تشتق منها الأسماء.
طالب: ..........
لا على أنه اسم لا، هو قال أسماء.
طالب: ..........
القهار نعم.
طالب: ..........
الأسماء يشتق منها الصفات لكنه سماها أسماء.
طالب: ..........
إيه لكن الضار ثبت في الأسماء؟ شديد العقاب، سريع الحساب، هذه كلها موجودة ذو البطش الشديد موجود الخافض الرافع، على كل حال فيها تجوّز، فيها شيء من التجاوز.
طالب: ..........
والله الاشتقاق أهل العلم المعروف عنهم أنه يقولون الاسم يشتق منه صفة، ودائرة الأسماء أضيق من الصفات، والصفات أضيق من الأخبار ويتوسع في الأخبار أكثر مما يتوسع في الأسماء والصفات، هذا المعروف عند أهل العلم.
طالب: ..........
توجد أسماء يعني أخبر بها عن الله- جل وعلا- وبعضهم يضعها من الأسماء وبعضهم يضعها من باب الأخبار «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا» نعم الطبيب وهكذا أسماء اختلف فيها بين أهل العلم والخلاف فيها سائغ.
طالب: ..........
إيه فإن هذه الأسماء والأفعال ممكن ماشي.
طالب: ..........
وين؟
طالب: ..........
يعني الخلاف في اشتقاق اسم الجلالة أولا أن المشتق يُشتق من أصله وهو المصدر معروف والمصدر هو الأصل والمشتق فرع، فهل يُتصور أن الأصل متأخر عن الفرع؟ الله- جل وعلا- متقدم على الألوهية التي هي العبودية التي من أجلها خلق العباد، للعلماء كلام طويل لكنهم قالوا من حيث التركيب في الوزن يعامَل معاملة المشتق وإلا فهو أعرف المعارف وأصل الأصول ولا شيء قبله.
طالب: ..........
المعتزلة يثبتون الأسماء لكن ما يثبتون الصفات طيب.
طالب: ..........
هؤلاء يقولون توقيفية؟!
طالب: ..........
هل نعتبر بأقوال هؤلاء المبتدعة الذين الخلاف معهم في الأصل؟! لا لا.
طالب: ..........
ولو قاله ابن حجر.
"فهو أعلم حيث يجعل رسالاته وأعلم بمن يصلح لقبولها ويشكره على انتهائها إليه وأعلم بمن لا يصلح لذلك فلو قُدِّر عدم الأسباب..
قَدر.
أحسن الله إليك.
"فلو قَدر عدم الأسباب المكروهة لتعطلت حكم كثيرة ولفاتت مصالح عديدة ولو عطلت تلك الأسباب لما فيها من الشر لتعطل الخير الذي هو أعظم من الشر الذي في تلك الأسباب وهذا كالشمس والمطر والرياح التي فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر."
نعم الشمس فيها مصالح كبيرة جدًا ويقولون أن الشمس بسببها بمعنى أنها لو لم توجد لتعفن الجو لأنها تنشف وتنظف حتى أن من أهل العلم من يرى التطهير بها كما هو معروف عند الحنفية وإليه يميل شيخ الإسلام ففيها مصالح كثيرة جدًا، لكن ألا يحصل منها أضرار؟
أمراض ضربة الشمس يتضرر بها كثير من الناس الذين يتعرضون لها، وقل مثل هذا في المطر يهدم البيوت ويغرق بسببه فئام من الناس ومع ذلك الناس يخرجون لطلبه في الاستسقاء ويسمى الغيث سماه الله- جل وعلا- غيثا وكذلك الرياح فيها من الأضرار ما فيها لكن المصلحة راجحة.
"ومنها حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت."
متنوعة، هذا يصبر، وهذا يشكر، وهذا لا يصبر، ولا يشكر، المقصود أن أفعال العباد متنوعة تبعًا لهذه المصالح والمفاسد ويحصل بهذا الأجر بصبره وهذا يحصل له الأجر العظيم لشكره وهذا يعذب بسبب جزعه واعتراضه على قدر الله، وهكذا.
"فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية إليه سبحانه ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها."
من يجاهَد لو كان الناس كلهم مؤمنون؟! لو كان الناس كلهم مؤمنين مَن يجاهَد؟! تعطلت هذه الشعيرة ولو كان الناس كلهم أهل استقامة لتعطلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
"لتعطلت هذه العبودية وتوابعها من الموالاة لله سبحانه من الموالاة لله سبحانه وتعالى والمعاداة فيه."
ومع ذلك لا نحب أن يوجد كافر ويوجد عاصي لا، محبتنا تبع لمحبة الله- جل وعلا- الله- جل وعلا- يكره هذه الأمور فنكرهها ولا نرضاها.
"وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبودية الصبر ومخالفة الهوى وإيثار محابّ الله تعالى وعبودية التوبة والاستغفار وعبودية الاستعاذة بالله أن يجيره من عدوه ويعصمه من كيده وأذاه، إلى غير ذلك من الحِكَم التي تعجز العقول عن إدراكها، فإن قيل فهل كان يمكن وجود تلك الحِكَم بدون هذه الأسباب فهذا سؤال فاسد وهو فرض وجود الملزوم بدون لازمه كفرض وجود الابن بدون الأب والحركة بدون المتحرك والتوبة بدون التائب، فإن قيل فإذا كانت هذه الأسباب مرادة لما تُفضي إليه من الحكم فهل تكون مرضية محبوبة من هذا الوجه أم هي مسخوطة من جميع الوجوه؟ قيل هذا السؤال يرد على وجهين، أحدهما: من جهة الرب تعالى وهل يكون محبًّا لها من جهة إفضائها إلى محبوبه وإن كان يبغضها لذاتها، والثاني: من جهة العبد وهو أنه هل يسوغ له الرضا بها من تلك الجهة أيضًا فهذا سؤال له شأن، فاعلم أن الشر كله يرجع إلى العدم أعني عدم الخير وأسبابه المفضية إليه وهو من هذه الجهة شر وأما من جهة وجوده المحض فلا شر فيه، مثاله: أن النفوس الشريرة وجودها خير من حيث هي موجودة وإنما حصل لها الشر بقطع مادة الخير عنها."
لأنها من فعل الله- جل وعلا- والشر ليس إليه، في الأصل ليست بشر لكن لما انقطع إمدادها بالخير نشأ عنها الشر.
"فإنها خُلقت في الأصل متحركة فإن أعينت بالعلم وإلهام الخير تحركت به وإن تركت تحركت بطبعها إلى خلافه وحركتها من حيث هي حركة خير."
خيرٌ..وحركتها..
"وحركتها من حيث هي حركةُ خير."
لا، حركتها خير من حيث هي حركة.. نعم.
"وحركتها من حيث هي حركة، خير وإنما تكون شرًا بالإضافة لا من حيث هي حركة والشر كله ظلم وهو وضع الشيء في غير محله فلو وضع في غير موضع لم يكن شرًا فعلم أن جهة الشر فيه نسبية إضافية."
يريد المؤلف رحمه الله أن يقرر أن الله لا يخلق شرًّا محضًا ولا شر ابتداءً.
طالب: ..........
إيه تُركت ما أُمدت بالخير ولا أُعينت على الخير فالأصل كما في الإنسان ظلوم جهول.
ولهذا كانت العقوبات الموضوعة في محالّها خيرًا في نفسها وإن كانت شرا بالنسبة إلى المحل الذي حلت به لما أحدثت فيه من الألم الذي كانت الطبيعة قابلة لضده من اللذة مستعدة له فصار ذلك الألم شرًا بالنسبة إليها، وهو خير بالنسبة إلى الفاعل حيث وضعه في موضعه."
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [سورة الشورى:40] السيئة الأولى الجناية، والسيئة الثانية عقوبة الجاني، عقوبة الجاني سيئة من جهة حسنة من جهة؛ لأنها تطبيق لحد الله ولمراده ليرتدع هذا الجاني ويرتدع غيره ممن تسول نفسه له أن يعمل مثل عمله فهي حسنة من هذه الحيثية وهي أيضًا حسنة بالنسبة للجاني نفسه؛ لأنه يرتدع من هذه العقوبة، لكن من حيث وجود الألم عليه ولا يحب ويتضايق منها وقد يتضرر منها فهي سيئة من هذه الحيثية.
"فإنه سبحانه لم يخلق شرًا محضًا من جميع الوجوه والاعتبارات فإن حكمته تأبى ذلك فلا يمكن في جناب الحق تعالى أن يريد شيئًا يكون فسادًا من كل وجه لا مصلحة في خلقه بوجه ما، هذا من أبين المحال فإنه سبحانه الخير كله بيده والشر.."
بيديه بيديه.
أحسن الله إليك.
"فإنه سبحانه الخير كله بيديه والشر ليس إليه بل كل ما إليه فخير والشر إنما حصل لعدم هذه الإضافة والنسبة إليه فلو كان إليه لم يكن شرًا فتأمله، فانقطاع نسبته إليه هو الذي صيَّره شرًّا، فإن قيل لمَ تنقطع نسبته إليه خلقًا ومشيئة؟ قيل هو من هذه الجهة ليس بشر فإن.."
قيل لم تنقطع فإن قيل لم تنقطع نسبته..
أحسن الله إليك إيه هكذا قرأتها.
"فإن قيل لم تنقطع نسبته إليه خلقًا ومشيئة؟ قيل هو من هذه الجهة ليس بشر فإن وجوده هو المنسوب إليه وهو من هذه الجهة ليس بشر والشر الذي فيه من عدم إمداده بالخير وأسبابه والعدم ليس بشيء حتى يُنسب إلى من بيده الخير."
يعني إذا اتجه مثل هذا الكلام إلى من له إرادة واختيار بحيث إذا أُمدّ بأسباب الخير نشأ عنه الخير وإن مُد بأسباب الشر نتجت عنه أسباب الشر، لكن الوحوش التي جُبلت على الشر هل يُتصور إمدادها بأسباب الخير لتنقلب بضد حالها؟ هي جبلت على هذا الشيء، وبالمقابل الملائكة جُبلوا على الخير فلا يتصور منهم شر بخلاف البشر، فالملائكة خير محض والشياطين شر محض وسائر المكلفين سجال بين هذا وهذا.
"فإذا أردت مزيد إيضاح لذلك فاعلم أن أسباب الخير ثلاثة الإيجاد والإعداد والإمداد فإيجاد هذا خير وهو إلى الله وكذلك إعداده وإمداده فإذا لم يحدث فيه إعداد ولا إمداد حصل فيه الشر بسبب هذا العدم الذي ليس إلى الفاعل وإنما إليه ضده، فإن قيل هلّا أمده إذ أوجده، قيل ما اقتضت الحكمة إيجاده وإمداده وإنما اقتضت إيجاده وترك إمداده، فإيجاده خير والشر وقع من عدم إمداده، فإن قيل فهلّا أمد الموجودات كلها فهذا سؤال فاسد يظن مورده أن التسوية بين الموجودات أبلغ في الحكمة وهذا عين الجهل بل الحكمة كل الحكمة.."
كلَّ..كلَّ.
أحسن الله إليك.
"بل الحكمة كلَّ الحكمة في هذا التفاوت العظيم الذي بين الأشياء وليس في خلق كل نوع منها تفاوت، فكل نوع منها ليس في خلقه تفاوت، والتفاوت إنما وقع بأمور عدمية لم يتعلق بها الخلق، وإلا فليس في الخلق من تفاوت فإن اعتاص عليك هذا ولم تفهمه حق الفهم فراجع قول القائل:
إذا لم تستطع شيئًا فدعه
|
|
وجاوزه إلى ما تستطيع
|
يعني إذا قصر فهمك عن فهم هذه الأشياء فلا تسترسل؛ لأن الإغراق في مثل هذه الأمور التي عرفت بالتجربة أن مستواك يقصر عن دونه أو فهمك يقصر عن دونه فلن تستفيد، وإنما قد تزل قدمك كما حصل لكثير من أهل البدع، ولذلك ينهون عن الاستمرار والاسترسال في مسائل القضاء والقدر.
قف على هذا فإن قيل..
طالب: ..........
يعني في شفاء العليل؟
طالب: ..........
هو منقول من شفاء العليل ومن مدارج السالكين، ابن القيم عنده من وضوح التصور ما يرى معه إشكالا لو استرسل، لكن الوصية لمن دونه في الفهم ألا يسترسل.