شرح العقيدة الطحاوية (59)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:

وبعذاب القبر لمن كان له أهلا وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن الصحابة رضوان الله عليهم والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران أو حفرة من حفر النيران.

قال الشارح رحمه الله:

قال تعالى {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [سورة غافر:45-46] وقال تعالى {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } [سورة الطور:45-47] وهذا يحتمل أن يراد به عذابهم بالقتل وغيره في الدنيا وأن يراد به عذابهم في البرزخ وهو أظهر لأن كثيرًا منهم مات ولم يعذَّب في الدنيا أو المراد أعم من ذلك."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى "وبعذاب القبر" أي ونؤمن بعذاب القبر عطفًا على ما تقدم نؤمن بملك الموت ونؤمن بعذاب القبر" لمن كان له أهلاً" يعني لمن استحقه من أهل الجرائم والمنكرات ومرتكبي الذنوب والمعاصي متوعَّدون بالنار وما كان دون الشرك فهو تحت المشيئة كما تقدم "لمن كان له أهلاً" يعني لمن يستحقه "وسؤال منكر ونكير في قبره" يعني في قبر هذا المدفون الميت وهو عام للمؤمن والكافر والمنافق والفاسق وكلهم يسألون في قبورهم على ما سيأتي في حديث البراء "وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه" يعني الأصول الثلاثة هذه الأصول الثلاثة يسأل فيقال له من ربك وما دينك ومن نبيك على ما سيأتي تفصيله في الأحاديث وفيه الرسالة النافعة للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي أسماها الأصول الثلاثة وأدلتها فهي رسالة في غاية النفع ومن أهم المهمات بالنسبة للمسلم وكان الناس عوامهم وخواصهم يسألون عنها في المساجد في المساجد إمام المسجد يسأل الجماعة عن هذه الرسالة يقتنونها ويحفظونها ويسألهم عنها من ربك وما دينك إلى آخر ما جاء في تلك الرسالة النافعة "على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وقوفًا على ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من غير زيادة في التفريعات والتفصيلات التي لم يرد بها دليل وعن "وعن الصحابة رضوان الله عليهم" يعني ما جاء عنهم من بيان لكلامه -عليه الصلاة والسلام- وتوضيح لأنهم عاصروه وعاشوا معه وعرفوا عنه ما لم يعرفه غيرهم "والقبر روضة من رياض الجنة" كما سيأتي "أو حفرة من حفر النيران" نسأل الله العافية عذاب القبر ثبت بالكتاب والسنة ومن أصرح وأوضح ما جاء فيه من كلام الله جل وعلا {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [سورة غافر:46] {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} [سورة غافر:46] متى؟ في القبر ثم بعد ذلك يوم تقوم الساعة {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [سورة غافر:46] هذه دلالتها كالنص في عذاب القبر بالنسبة لفرعون وآله نسأل الله العافية وفي قوله جل وعلا {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ} [سورة الطور:45-47] دون يوم الصعق والذي دونه يحتمل أن يكون في القبر وأن يكون قبل قبل الموت هذا احتمال وذاك احتمال وسيذكره الشارح {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [سورة الطور:47] قال وهذا يحتمل أن يراد به عذابهم بالقتل وغيره في الدنيا هذا احتمال والاحتمال الثاني أن يراد به عذابهم في البرزخ قال وهو أظهر والسبب في ذلك أن هذا وعد أو وعيد من الله جل وعلا ولم.. كثير منهم لم يحصل له شيء في الدنيا فالظاهر أن المراد به عذاب القبر وإن جاز أن يخلف الوعيد هذا وعيد {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [سورة الطور:47] إخلاف الوعد غير وارد لكن إخلاف الوعيد ممكن.

وإني وإن أوعدته أو وعدته

 

 

 

 

لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

 

 

لكن الآية كونها في عذاب القبر أوضح وأظهر.

نعم.. تفضل..

طالب: ........

سيأتي في كلام الشارح أن عذاب القبر ينال كل أحد لمن يستحقه ولو كان في بطن وحش لو أكله سبع ولو مات في البحر ولو مات في حرق وذُرَّ في الهواء ناله نصيبه من عذاب القبر هذا أمر لا نستطيع الوقوف على حقيقته ولا تفاصيله.

طالب: ........

وش الفايدة من العرض؟! غدوًا وعشيًا نسأل الله العافية..

طالب: ........

مثلها يعذبون مرتين إما في الدنيا مرتين أو في الدنيا والبرزخ من نوع هذا الاستدلال.

"وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وهو يُلحَد له فقال.."

يعني الميت يُلحَد له.

"فقال «أعوذ بالله من عذاب القبر» ثلاث مرات ثم قال «إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه الملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة فجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده..»"

فإذا أخذها يعني ملك الموت لم يدعوها يعني الملائكة الذين معهم الكفن والحنوط.

"«فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجِدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها فلا يمرون بها يعني على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء فيستفتحون له فيُفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى يُنتهى بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه إلى جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان له ما علمك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له بابًا إلى الجنة قال فيأتيه من رَوحها وطيبها ويفسح له في قبره..»"

يُفسَح يُفسَح..

"«ويُفسَح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول يا رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي»."

قد يقول قائل وقد قيل أن كل إنسان يستطيع أن يحفظ هذه الرسالة للإمام المجدد ويستعد لمثل هذا الامتحان أي واحد سواء كان مؤمن والا منافق والا فاسق هل يستطيع أن يجيب وهو ليس بمؤمن؟ غير المؤمن ولو حفظ كتب الدنيا لو حفظ القرآن ولو حفظ هذه الرسالة وحفظ من السنة ما حفظ واستعد لهذا اليوم بمثل هذا الكلام لن يستطيع أن يجيب إنما غاية ما يقول هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته والدليل من الواقع الآن عند التلقين والروح في الجسد يقال يا فلان قل لا إله إلا الله هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله وعنده ما ينقضها أو أُشرب قلبُه غيرها؟ سُمع من يقول نسأل الله السلامة والعافية عبارات نشأ عليها في الدنيا من عبارات أهل الفسق وبعض المقاطع الغنائية وبعض الأمور التي اعتادها وضرى عليها وهي لا إله إلا الله شخص يقول كبير في السن حول الثمانين حصل له حادث سيارة ويقول أنا أعرف أعدد أعي ما أقول حرصت على أن أقول لا إله إلا الله عجزت يقول والله العظيم إني عجزت وأنا أعي كل ما أقول وكل علمي كله بصدري اللي عندي قبل ليست المسألة بتستعد لامتحان هذا سخرية إذا لم تكن مؤمن حق بهذه الأصول الثلاثة لن تجيب نسأل الله الثبات.

طالب: ........

فيه ضعف فيه ضعف عند أهل العلم لكن بعضهم يثبته يقول مثل هذا لا مانع ونظيره ما تقدم في الباب في الفصل الذي يليه بالنسبة لملك الموت الشارح ما سماه وجاءت تسميته في أحاديث وآثار لكنها ضعيفة بعزرائيل هم يتسمحون في مثل هذا.

طالب: ........

هذا مع الملائكة الله أعلم به عندهم حنوط وكفن من أكفان الجنة إذا استلموا الروح وضعوها في هذا الكفن وهذا الحنوط.

طالب: ........

إيه طيب.

طالب: ........

البدن البدن مدفون قبل والا بعد الله أعلم هذه أمور غيبية بعد انفصال الروح من البدن يكون ارتباطها به على خمس مراحل على ما سيأتي كل هذا بيجي.

طالب: ........

إيه إيه يتعوذ من عذاب القبر وفي كل صلاة تتعوذ من عذاب القبر وفي كل وقت وش المانع؟

طالب: ........

أولى من القيام.

"«قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر..»"

المسوح ثياب خشنة وفي الغالب تكون من الصوف.

"«فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتتفرق في جسده فينتزعها كما يُنتزع السُّفُوْد..»."

السَّفُّوْد.

أحسن الله إليك.

"«فينتزعها كما ينتزع السَّفُّوْد من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها..»."

السفُّود الشوك أو ما في حكمه من الأشياء التي يصعب انتزاعها من الشيء من الصوف إذا ابتل يصعب انتزاع الصوف وهذا أهل الغنم يعرفون الشوك الذي على ظهور الغنم إذا ابتلت ظهورها بالماء يصعب عليهم انتزاعها.

"«فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح خبيثة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى يُنتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح لها..»."

في قوله في القسم السابق بالنسبة للمؤمن يقال هذا فلان بن فلان بأحسن أسمائه في الدنيا وهذا بأقبح أسمائه في الدنيا هذا يرد قول من يقول أن الناس يدعون في المواقف بأسماء أمهاتهم فلان بن فلانة بغض النظر هل هو أحسن أو هو أقبح لكن عموم الناس لا يرضى أن يدعى باسم أمه ويقولون أن الدعاء بأسماء الأمهات لقوله جل وعلا {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [سورة الإسراء:71] وتكريما لعيسى بن مريم وسترا على أولاد الزنى هذه هي العلل التي عللوا بها الدعاء بأسماء الأمهات ولكن هذا الكلام ليس بصحيح فالإمام ليس هو الأم وعيسى بن مريم معزز مكرم وهذا أحب الأسماء إليه يدعى به وليس له غيره وأما أولاد الزنى فالله أعلم بهم يدعون بالأسماء التي يدعون بها في الدنيا ولا مانع من أن تركب لهم أسماء كما جرى على ذلك العرف والعادة وفتاوى أهل العلم يسمى باسم يخصه ثم يدعى أو ينسب إلى اسم عام يصلح له ولغيره هو ابن لعبد الله إذا قيل ابن عبد الله أو ابن عطية الله أو ما أشبه ذلك هو منسوب إلى شيء يشمله ويشمل غيره.

طالب: ........

هؤلاء مسكوت عنهم مسكوت عنهم وعلى كل حال عند أخذ الكتاب باليمين أو بالشمال أو من وراء الظهر عامة أهل العلم على أن الذي يأخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره صنف واحد ورأيت لابن حزم في مقدمة المحلى أن الذي يأخذ الكتاب بيمينه هو المؤمن والذي بشماله هو الكافر والذي يأخذ كتابه من وراء ظهره هو الفاسق هذا ما رأيته لغيره.

"«حتى يُنتهى بها على السماء الدنيا فيُستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [سورة الأعراف:40]»."

المقصود به ثقب الإبرة ثقب الإبرة والجمل هو الذكر من الإبل بقول عامة أهل العلم وقال بعضهم أنه خيط غليظ يسمى الجمل عند العرب ولكنه بعيد عن السياق لمناسبة الخيط للإبرة هم قالوا إنه خيط غليظ يعني حبل وهذا من باب الاستبعاد والاستحالة ومما قاله بعض الشعراء يذكر ما أصابه بسبب الحب والعشق فيستحضر مثل هذا المقام يقول:

ولو أن ما بي من جوى وصبابة

 

 

 

على جمل ما دخل النار كافر

 

يقول لو أن ما وصل بي من الحب والعشق والصبابة حتى وصلت إلى حد لو كانت هذا الذي علي لو كان على جمل لدخل في سم الخياط لدق ونحل حتى يدخل في سم الخياط وحينئذٍ إذا دخل الجمل في سم الخياط لا يدخل النار كافر كلهم في الجنة نسأل الله العافية.

"«فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتُطرح روحه طرحًا ثم قرأ {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [سورة الحـج:31] فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادي منادٍ من السماء أن كذب فافرشوه من النار وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول ربِّ لا تقم الساعة»."

لأنه يعرف أن ما وراء ذلك أشد وأنكى نسأل الله العافية.

طالب: ..........

والله الأصل التخفيف لكن إذا أضيفت بعضهم يتسامح في تشديدها لكن الأصل التخفيف.

طالب: ..........

لا لا، الفأل الحسن مطلوب الفأل في الجملة مطلوب.

طالب: ..........

سيأتي سيأتي هذا قلناه سابقا.

"رواه الإمام أحمد وأبو داود وروى النسائي وابن ماجه أوله ورواه الحاكم وأبو عوانة الإسفراييني في صحيحهما وابن حبان وذهب إلى موجَب هذا الحديث.."

وعلى كل حال الحديث مصحح عند أهل العلم ولبعض جمله شواهد كثيرة بعضها في الصحيح.

طالب: ..........

يعني موضع النار؟ هذا الأصل.

"وذهب إلى موجَب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث وله شواهد من الصحيح فذكر البخاري رحمه الله عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليُسمع قرع..»."

ليَسمع..

إنه ليَسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد -صلى الله عليه وسلم- فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقول له انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة فيراهما جميعًا» قال قتادة وروي لنا.."

في الحديث ما كنت تقول في هذا الرجل محمد -صلى الله عليه وسلم- ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لئلا يكون فيه تلقين للجواب يعني ما كنت تقول في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا فيه تلقين للجواب لكن ما كنت تقول في محمد أو هذا الرجل هذا ليس فيه تلقين بل يكون الجواب بمحض اختيار وكونه يُرى مقعده من النار لو كان كافرًا لا شك أنه يكون إذا أُبدل ورأى موضعه من الجنة لا شك أنه يفرح بذلك ويسعد به وتكون فرحته بذلك أشد كما أن حسرة الكافر إذا أري مقعده من الجنة لو كان مؤمنا ثم يرى مقعده من النار هذا لا شك أنه أشد نكاية به.

"قال قتادة وروي لنا أنه يفسح له في قبره وذكر الحديث وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بقبرين فقال «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما..»."

«وما يعذبان في كبير» وجاء في الحديث أيضًا «بلى إنه كبير» وما يعذبان في كبير باعتبار نظرتهم إليه يتساهلون فيه ويستخفون به كأنه صغير وحقيقته أنه كبير فعدم الاستبراء من البول يعرِّض الصلاة التي هي من أعظم أركان الإسلام للبطلان وهذا شيء خطير والنميمة أيضا تفسد المجتمعات كما هي أشد مما يفسد الساحر.

"«أما أحدهما فكان لا يستتر من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة فدعا بجريدة رطبة فشقها نصفين وقال لعله يخفَّف عنهما ما لم ييبسا» وفي صحيح أبي حاتم."

خاص به -عليه الصلاة والسلام- لأنه هو الذي كُشف له عن عذاب صاحب القبرين.

"وفي صحيح أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «إذا قبر الميت أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير» وذكر الحديث إلى آخره وقد تواترت الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً وسؤال الملَكين فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به ولا نتكلم في كيفيته إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذه الدار والشرع لا يأتي.."

ما يمكن قياسه على ما وجد في هذه الدار للفارق الكبير هذا أمر غير مشاهَد إنما هو متلقى بالأخبار الصحيحة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيؤمَن به ويعتقد لكن ما يمكن قياسه على شيء من أمور الدنيا المشاهَدة لأن هذا من الغيبيات.

طالب: ..........

خلاص انتهى الإيمان بالغيب يعني لو كشف له انتهى مسألة الإيمان بالغيب الإيمان بالغيب مطلوب.

طالب: ..........

ليرى أعماله ولا يكون للناس على الله حجة.

"والشرع لا يأتي بما يحيله المعقول ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول."

نعم المحال لا يأتي به شرع لأنه لا يمكن وقوعه المحال والمستحيل ولذا يقرر كثير من أهل العلم أنه ليس بشيء المحال والمستحيل ليس بشيء أما ما تحار فيه العقول تتحير فيه لكونه فوق مدركها يأتي به الشرع لا مانع أن يأتي به الشرع والعقول تتفاوت في الفهم بعض العقول تتحير في أدنى شيء ويتفاوت في هذا تفاوتًا كبيرًا.

"فإن عَود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا فالروح لها في البدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة.."

نظير ذلك الشهداء يُقتَلون ويموتون وتفارق أرواحهم أجسادهم ثم يحيون حياة الله أعلم بها برزخية لا نعلم كيفيتها وأكثر من ذلك وأكمل حياة الأنبياء لكن هل حياة الأنبياء وحياة الشهداء مثل حياة الناس في الدنيا؟ لا، ليست حياتهم مثل.. الله أعلم بها حياة برزخية الله أعلم بكيفيتها لا تدركها عقول الناس.

"فالروح لها في البدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينًا الثاني تعلقها به.."

إذا نفخت فيه الروح في بداية الطور الرابع تعلقت بالبدن هذه الروح تعلقت بالبدن لكن هل هي مثل تعلقها بالبدن بعد الولادة؟ لا.

"الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه الرابع."

الله يتوفى الأنفس حين موتها فالروح تفارق البدن وهذه موتة صغرى لكن لها به تعلق بحيث لو حصل أدنى شيء عادت إليه وتدرك بعض ما يراه النائم بحيث يتحدث به إذا استيقظ وإلا الروح مفارقة وهي وفاة كما سماها الله تعالى.

"الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقًا كليًا بحيث لا يبقى لها إليه التفات ألبتة فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلِّم."

هذا في حقه -عليه الصلاة والسلام- جاء به الحديث وبقية الناس الله أعلم لكن أنه يسمع قرع النعال مما يدل على أن الروح لها تعلُّق بالبدن قرع النعال يسمعه كل أحد لكن وقت رد السلام الحديث الوارد فيه في حقه -عليه الصلاة والسلام-.

"وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجِب حياة البدن قبل يوم القيامة الخامس تعلُّقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نومًا ولا فسادًا."

يعني تعلقها بالبدن في الحياة الدنيا تعلق واضح وبين ويترتب على المفارقة النهائية التي هي الموت تغير جذري في حياة الشخص أما تعلقها به في الآخرة لا يعتريها شيء في الدنيا يعتريها نوم يعتريها غشي يعتريها غياب عقل بسبب من الأسباب لكن في الآخرة خلاص تعلُّق كامل لا تفارقه ألبتة.

"فالنوم أخ الموت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة وليس السؤال في القبر للروح وحدها."

طالب: ...........

الله جل وعلا قال {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [سورة الزمر:42] حقيقة لأن الأصل في الكلام الحقيقة.

"وليس السؤال في القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره وغيرُه وأفسدَ منه قول من قال.."

وأفسدُ..

أحسن الله إليك.

"وأفسدُ منه قول من قال إنه للبدن بلا روح والأحاديث الصحيحة ترد القولين وكذلك عذاب لقبر يكون للنفس والبدن جميعًا باتفاق أهل السنة والجماعة تنعم تنعم النفس.."

تَنْعَم والا تُنَعَّم يا شيخ؟

الأصل تُنَعَّم مثل تُعَذَّب.

"تُنَعَّم النفس وتُعَذَّب مفردة عن البدن ومتصلة به واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قُبِر أو لم يُقبَر أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادًا ونسف في الهواء أو صُلِب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور وما ورد من إجلاسه.."

يعني حديث الرجل الذي خاف من الله جل وعلا وحمله الخوف على أن أوصى أولاده إذا مات أن يُحرق ويُذر رماده في الهواء في يوم شديد الهواء جمع الله جل وعلا جمع أجزاءه وقال له ما الذي حملك على ذلك؟ فالقدرة الإلهية صالحة وقدرته جل وعلا على كل شيء لا يقف دونها شيء على كل حال مثل هذه الأمور تقصر العقول عن دركه فنقف على ما وقفنا عليه ما جاءت به النصوص نؤمن به على حسب التفصيل الذي ذكر فيها وما عدا ذلك سمعنا وأطعنا وآمنا وسلمنا.

وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك فيجب أن يُفهم عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يُحمَّل كلامه ما لا يحتمل ولا يُقصَّر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام هو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ولاسيما إن أضيف إلى ولاسيما إن أضيف إليه سوء القصد والله المستعان فالله الحاصل أن الدور ثلاثة."

يعني ما يؤتى الإنسان إلا من سوء فهمه.

وكم من عائب قولا صحيحًا

 

 

 

وآفته من الفهم السقيم

 

فإذا كان الفهم فيه ضعف أو فيه انحراف هذا يضل صاحبه نسأل الله العافية أما إذا كان الفهم سليم والقصد صحيح في الغالب أنه يوفق ويسدد.

"فالحاصل أن الدور ثلاثة دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار وقد جعل الله لكل دار أحكامًا تخصها وركَّب هذا الإنسان من بدن ونفس وجعل أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبعٌ لها."

لأن الأرواح تتحسَّر بما يحصل للبدن من ألم وعذاب لكنها تبع الأصل أن العذاب والألم على البدن.

"وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبع لها فإذا كان يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعا فإذا تأملت هذا المعنى حق التأمل ظهر لك أن كون القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار مطابق للعقل وأنه حق لا مرية فيه وبذلك يتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم ويجب أن يُعلَم أن النار التي في القبر والنعيم ليس من جنس نار الدنيا ولا نعيمها وإن كان الله تعالى يَحمي عليه التراب والحجارة."

يُحمي.

أحسن الله إليك.

"وإن كان الله تعالى يُحمِي عليه التراب والحجارة التي فوقه وتحته حتى يكون أعظم حرًا من جمر الدنيا ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بها بل أعجب من هذا أن الرجلين يدفنان أحدهما إلى جنب صاحبه وهذا في حفرة من حفر النار وهذا في روضة من رياض الجنة لا يصل من هذا إلى جاره شيء من حر ناره ولا من هذا إلى جاره شيء من نعيمه وقدرة الله أوسع من ذلك وأعجب ولكن النفوس مولعة بالتكذيب لما لم تحط به علمًا فقد أرانا الله في هذه الدار من عجائب قدرته ما هو أبلغ من هذا بكثير وإن شاء الله أن يطلع على ذلك بعض عباده أطلعه.."

وغيَّبه؟

إيه.

عندي وغيَّبتْه.

"وغيَّبه عن غيره ولو اطلع الله على ذلك.."

ولو أطلع..

"ولو أطلع الله على ذلك العباد كلهم لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب ولما تدافن الناس كما في الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- «لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع»."

«لولا ألا تدافنوا» يعني من كثرة الأموات الناس يموتون ويصعقون لو سمعوا ما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن بعض الحيوانات تسمع ولكنها غير مكلَّفة فلا تهتم به كثيرًا لكن المؤمن الحق لو سمع ما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- لكثر الموت بحيث لا يستطيع أن يدفن بعضهم بعضا وفي بعض الروايات «لولا أن تدافنوا لولا أن تدافنوا لأسمعتكم..» إلى آخره أو «لدعوت الله أن يسمعكم» يعني تدافنوا من كثرة الموت سواء لا تدافنوا وهذا أبلغ من الكثرة ولولا أن تدافنوا بمعنى أنه يكثر فيكم الموت فيدفن بعضكم بعضًا.

"وما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعت ذلك وأدركته.."

يكفي.. يكفي..

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...

نعوذ بالله من عذاب القبر.. نعوذ بالله من عذاب القبر.. نعوذ بالله من عذاب القبر..