شرح العقيدة الطحاوية (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، قال المؤلف رحمه الله تعالى:

ووجه استلزام شهادته سبحانه لذلك أنه إذا شهد أنه لا إله إلا هو فقد أخبر وبيّن وأعلم وحكم وقضى أن ما سواه ليس بإله وأن إلهية ما سواه باطلة فلا يستحق العبادة سواه كما لا تصلح الإلهية لغيره وذلك يستلزم الأمر باتخاذه وحده إلهًا والنهي عن اتخاذ غيره معه إلهًا وهذا يفهمه المخاطَب من هذا النفي والإثبات كما إذا رأيت رجلاً يستفتي رجلاً أو يستشهده أو يستطبه وهو ليس أهلاً لذلك ويدع من هو أهل له فتقول هذا ليس بمفتٍ ولا شاهد ولا طبيب المفتي فلان والشاهد فلان والطبيب فلان فإن هذا أمر منه ونهي.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالله- جل وعلا- لما شهد لنفسه بالألوهية وأشهد على ذلك ملائكته وأهل العلم فإن هذا ليس بمجرد خبر للعلم والإحاطة والإطلاع فقط وإنما هو خبر متضمن للنفي والإثبات لنفي ألوهية ما سواه وإثبات الألوهية له، وهذا الخبر المتضمن للنفي والإثبات وهذه الشهادة فيها إلزام وحكم وقضاء، الإنسان إذا أدى شهادته في حق مخلوق قلَّ أو كثُر فإنما يلزم على هذه الشهادة، وتتضمن هذه الشهادة الإلزام بثبوت هذا الحق والحكم به والقضاء، فمثل هذا فيه بيان حكم وقضاء، والقضاء إلزام بهذا الحكم وهو مما يختلف مع الفتوى التي هي مقتضاها بيان الحكم من غير إلزام، وأورد بذلك مثالا كما إذا رأيت رجلاً يستفتي رجلاً وهو ليس بأهل للفتوى أو يستشهده وهو ليس ممن يثبت الحق بشهادته أو يستطبه وهو لا يعرف من الطب شيئًا، ينهاه يقولون له هذا لا يصلح للشهادة، وهذا لا يصلح للفتوى، وهذا لا يعلم من الطب شيئًا، هذا يضرك فعليك بفلان وفلان وفلان فهو ينهاه عن فتوى هؤلاء، واستطباب هؤلاء، واستشهاد هؤلاء، ويأمره بالمقابل بمن حصر عليه الشهادة الشاهد فلان، وبمن حصر فيه الطب والطبيب فلان، وكذلك الفتوى المفتي فلان، فهذا أمر منه ونهي فليست الشهادة التي شهد الله بها لنفسه وأشهد عليها ملائكته وأولي العلم من خلقه هذه ليست مجرد إخبار للعلم والإحاطة ولذا جميع ما في القرآن من الأخبار لها لوازم، فأوضح ما في ذلك الأخبار عن الأمم الماضية كثير من الناس يقرؤها كما يقرأ في كتب التواريخ للتسلية والإحاطة والعلم وما عدا ذلك كأنه لا يعنيه، لكن الأمر حقيقته كما قال عمر رضي الله عنه مضى القوم ولم يُرد سوانا، فنحن نتأمل في أخبار الأمم الماضية ونعتبر وندكر وننظر في أعمالهم الصالحة والسيئة وننظر ما عُوقبوا من أجله لنجتنبه ، أما أن ننظر ما عوقبوا من أجله ونرتكبه هذا مآلنا مآلهم سنة الله   ﯿ الأحزاب: ٦٢  الذي عذبهم يعذبنا والعبارة التي يتداولها الناس التاريخ يعيد نفسه لها نصيب من الواقع، يعني لو قرأنا في الجزء السادس من نفح الطيب في تاريخ الأندلس وجدنا أن أولئك الأقوام الذين صار مآلهم إلى حد يستفتون كيف يصلون وكيف يتوضئون ويُفتَون؛ لأن النصارى خلعوا أبواب بيوتهم تركوا البيوت بدون أبواب ليدخلوا متى شاؤوا فأُفتوا أفتاهم من أفتاهم قال الواحد منكم يدلك يده في الجدار كأنه يحك يده في الجدار وهو يتيمم ويصلي بالإشارة بعينه، وصل الأمر إلى هذا الحد؟! لماذا لو نظرنا في أفعالهم هي التي أوصلتهم إلى هذا الحد         الشورى: ٣٠  وانظر ترى طبق على واقعنا، تجد المطابقة، وكارثة دمشق اللي حصلت سنة ثمانمائة وثلاثة على أيدي التتار لو تشوف الخطوات التي اتخذها الكفار في ذلك الوقت وطبقها على ما فعله الأمريكان في العراق سواء بسواء ما تختلف إطلاقًا السنن الإلهية ماضية ﯿ محمد: ٣٨  ما بيننا وبين الله إلا ما أمرنا به ونهانا عنه وإلا نحن مثل غيرنا أما أن نفعل ما فعله غيرنا ونرجو السلامة هيهات إلا برحمة أرحم الراحمين، إن استثنانا مثل ما استثنى قوم يونس وإلا فالسنن لا تتغير ولا تتبدل.

وأيضًا فالآية دلت على أنه وحده المستحق للعبادة فإذا أخبر أنه هو وحده المستحق للعبادة تضمن هذا الإخبار أمر العباد وإلزامهم بأداء ما يستحقه الرب بأداء ما يستحقه الرب تعالى عليهم وأن القيام بذلك هو خالص حقه عليهم وأيضاً فلفظ الحكم والقضاء يستعمل في الجملة الخبرية ويقال للجملة الخبرية قضية وقد حكم فيها بكذا قال تعالى:   ﯿ         الصافات: ١٥١ - ١٥٤  فجعل هذا الإخبار المجرّد منهم حكمًا وقال تعالى:                    القلم: ٣٥ - ٣٦  لكن هذا حكم لا إلزام معه والحكم والقضاء بأن لا إله إلا هو متضمنٌ للإلزام ولو كان المراد مجرد شهادة لم يتمكنوا من العلم بها ولم ينتفعوا بها ولم تقم عليهم بها الحجة، بل قد تضمنت البيان للعباد ودلالتهم وتعريفهم بما شهد به كما أن الشاهد من العباد إذا كانت عنده شهادة ولم يبينها بل كتمها لم ينتفع بها أحد ولم تقم بها حجة وإذا كان لا ينتفع..

والذي لديه حكم شرعي وعليه دليل من الكتاب والسنة ولا يبينه للناس لم ينتفع الناس بما عنده من علم فصار علمه حجة عليه ولم ينتفع به أحد فحرم من أجور من ينتفع بهذا العلم.

أحسن الله إليك.

وإذا كان لا ينتفع بها إلا ببيانها فهو سبحانه قد بينها غاية البيان بطرق ثلاثة السمع والبصر والعقل، أما السمع فبسمع آياته المتلوة المبيِّنة لما عرّفَنا إياه من صفات كماله كلها الوحدانية وغيرها غاية البيان لا كما يزعمه الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة ومعطلة بعض الصفات من دعوى احتمالات توقع في الحيرة تنافي البيان الذي وصف الله به كتابه العزيز ورسوله الكريم كما قال تعالى: الزخرف: ١ - ٢  وقال ﮢﮣ يوسف: ١  وقال ﭑﭒ الحجر: ١  وقال آل عمران: ١٣٨  وقال ﭿ المائدة: ٩٢  وقال    النحل: ٤٤.

وقد بيّن -عليه الصلاة والسلام- وبلّغ ما أمر بتبليغه وبينه أبين بيان وأوضح عبارة وأسلوب -عليه الصلاة والسلام- فقد أدى الأمانة ونصح الأمة ولا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه -عليه الصلاة والسلام-.

وكذلك السنة تأتي مبيِّنة أو مقررة لما دل عليه القرآن لم يحوجنا ربنا سبحانه وتعالى إلى رأي فلان، ولا إلى ذوق فلان ووجده في أصول ديننا.

ولذلك من اتبع الطريقة الشرعية في هذا البيان من كلام الله وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- فيما أُجمل سلم ونجا وسلم من الاضطراب، وأما من طلب الهدى من غيره وتلقفوا معرفة دينهم من حكمة اليونان وغيرهم هؤلاء صاروا رؤوسًا في الابتداع وضلوا ضلالاً مبينً، وأضلوا غيرهم نسأل الله العافية فعليهم أوزارهم وأزار من أضلوهم- نسأل الله السلامة والعافية-.

ولهذا نجد من خالف الكتاب والسنة مختلفين مضطربين بل قد قال تعالى: ﭿ ﮅﮆ المائدة: ٣  فلا يحتاج في تكميله إلى أمر خارج عن الكتاب والسنة وإلى هذه..

وإلى من ضلال من ضل وحاد عن الطريق من زعم أنه يكمّل الدين بأخبار واهية وأحاديث ضعيفة وموضوعة ويزعم أنه يكذب للدين ولا يكذب عليه، يكذب له يعني يزيده بيان وإيضاح وغير ذلك مما ادعوه، فالدين كامل بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- مما صح أن ينسب إليه وليس بحاجة إلى كذب المفترين ولأن يتلمس بيان ما جاء في كتابنا وسنة نبينا -عليه الصلاة والسلام- مما أثر عن الأمم الماضية أو القرون الخالية.

وإلى هذا المعنى أشار الشيخ أبو جعفر الطحاوي رحمه الله.

يعني صاحب المتن.

فيما يأتي من كلامه بقوله: لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا فإنه ما سلم في دينه إلا من سلّم لله عز وجل ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-.

يعني فيما يتعلق بالله- جل وعلا- الذي لا تدركه الأوهام ولا تبلغه الأفهام يعني بذاتها من غير اعتماد على كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ولا وما سلم في دينه إلا من سلّم لأن الإسلام في الحقيقة هو الاستسلام، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.

وأما آياته العيانية الخلقية فالنظر فيها والاستدلال بها يدل على ما تدل عليه آياته القولية السمعية والعقل يجمع بين هذه وهذه فيجزم بصحة ما جاءت به الرسل.

وحياة القلوب إنما تتم بالنظر في الآيات في آيات الله المتلوة والمرئية كما قرر ذلك ابن القيم رحمه الله في أوائل الجواب الكافي وما عدا ذلك فلا نفع فيه ولا خير، قد يقول بعض الناس أو بعض طلاب العلم أن في كلام بعض أهل العلم نفع انتفعنا به كثيرًا نقول نعم كلام أهل العلم  المستند إلى الكتاب والسنة هو من الكتاب والسنة، أما كلام أهل العلم المبني على اجتهاداتهم الخالية عن الاعتماد على الكتاب والسنة لا ينفع.

والعقل يجمع بين هذه وهذه فيجزم بصحة ما جاءت به الرسل فتتفق شهادة السمع والبصر والعقل والفطرة فهو سبحانه لكمال عدله ورحمته وإحسانه وحكمته ومحبته للعذر وإقامة الحجة لم يبعث نبيًا إلا ومعه آية تدل على صدقه فيما أخبر به.

وتكون هذه الآية مناسبة لظرفه وعصره وبيئته التي يعيش فيها.

قال تعالى     ﭛﭜ الحديد: ٢٥  وقال تعالى:   ﭘﭙ              ﭣﭤ    النحل: ٤٣ - ٤٤  وقال تعالى:

    ﭘﭙ النحل: ٤٣  في الحاشية يقول في الأصل يوحى بضم الياء على ما لم يسم فاعله وهي قراءة عامة القراء إلا حفصا يقول في الأصل يُوحى فعُدِّلت نوحي لماذا عدّلت؟ ألا يمكن أن يكون قراءة المؤلف على قراءة العامة؟!

ممكن.

إذًا لماذا تعدّل؟ وهي قراءة عامة القراء إلا حفصا، الأصل أن تبقى الآية كما وجدت في الأصل إلا لو كانت خطأ ما قرأ بها أحد تصحح، والتصرف في كتب أهل العلم يوقع في إشكالات كبيرة، أحيانًا يكون خطأ ويصحح، والخطأ مقصود للمؤلف ثم يأتي من يحقق ويصحح، هذا خطأ كما في الوثيقة وثيقة خيبر المزعومة وكتب علي بن أبو طالب جاء الطباعون وصححوها كتبوا علي بن أبي طالب، المؤلف قاصد أن يوجد هذا الخطأ ليبين أن الوثيقة مزورة فإذا كانت القراءة لها وجه واحتمال قوي أن تكون هي قراءة المؤلف فقد أثبتها فكيف نصححها؟! لاسيما أنه أحيانًا يترتب عليها شيء مما يتكلم عليه المؤلف، يعني تكلمنا مرارًا في المتن المطبوع مع فتح الباري أدخلوا متنا لا يتفق مع ما شرحه ابن حجر فصرنا نجد اضطرابا، قوله يقول ابن حجر، قوله كذا وننظر ما في المتن يختلف عنه ماالسبب؟ السبب أولاً إقحام المتن في الشرح خطأ، ابن حجر قصد أن يجرد الشرح من المتن أقحمه الطابع وليته إذ أقحم أقحم رواية بنى عليها الشارح حتى لا يكون هناك اضطراب وازدواجية على ما يقولون، في تفسير القرطبي لا توجد آيات قبل حتى الطبعة الأولى للمجلد الأول والثاني ما فيها آيات فأدخلت الآيات وليتهم حين أدخلوا الآيات أدخلوا قراءة تتفق مع ما يراه المؤلف، قراءة نافع التي اختارها القرطبي، ثم نجد من يوجه القراءات كلها ويترك قراءة نافع مع أنها هي الأصل هي المشروح عليها، يذكر القراءات الأخرى ويوجهها ولا يذكر قراءة نافع لماذا؟ لأنها قراءته التي شرح عليها وبنى عليها تفسيره، وأنا أقول تعديل الآية هو الذي اضطرهم إلى ذلك ما أدري عن الآيات التي أدخلت قبل إدخال الآيات برسم الآيات برسم المصحف ما الذي معكم؟

طالب: ...........

نفسه؟

طالب: إيه نفسه.

ما هي برسم المصحف.

طالب: ...........

اللي معك؟ وش لون؟

طالب: ...........

طبعة الألباني ما فيها رسم المصحف إلا إذا كانت طبعة جديدة.

طالب: ...........

نفس مصحف عثمان خليفة؟

طالب: ...........

لا لا، ما يصلح.

طالب: ...........

لا أريد التي على مصحف المجمع.

طالب: لا لا، ما هي على رسم المصحف.

طالب: ...........

هذه نسخة المجمع فعلى كل حال أنا أقول مثل هذا التصرف لا يجوز ولا يسوغ لأنه قد يترتب عليه شيء لعلها قراءة المؤلف تروح تعدل؟! والأصل يقول في الأصل يُوحى.

لمن هذا؟!

طالب: جوال...........

لمن؟!

يقول في الأصل يُوحى بضم الياء على ما لم يسم فاعله وهي قراءة عامة القراء إلا حفصًا، لماذا أدخل قراءة حفص وليست هي قراءة المؤلف هذا هجوم على الكتاب غير مرضي.

أحسن الله إليك.

وقال تعالى:     آل عمران: ١٨٣  وقال تعالى:             آل عمران: ١٨٤  وقال تعالى ﭩﭪ الشورى: ١٧  حتى إن من أخفى آيات الرسل آيات هود حتى قال له قومه        هود: ٥٣.

إذا كانت آية صالح الناقة وآيات موسى ظاهرة وآية عيسى ما يناسب العصر وهو الطب وآية محمد -عليه الصلاة والسلام- ما يناسب عصره الذين هم أصحاب البلاغة والفصاحة هذا الكتاب المعجز فما هي آية هود؟ قال حتى إن من أخفى آيات الرسل آية هود قالوا        هود: ٥٣  لا يوجد شيء ملموس يناسب عصرهم لكنه جاء بآيات يدركها أولوا الألباب والعقول قد لا تدرك بالأبصار لكن يدركها العاقل إذا تأمل في آيات الله وما نزل من عنده عرف أن عنده من الآيات ما يجب أن يؤمن عليه البشر.

ومع هذا فبيِّنته من أوضح البينات لمن وفقه الله لتدبرها وقد أشار إليها بقوله ﭗﭘ   هود: ٥٤.

الآية قد أشار إليها في قوله...

هود: ٥٤.

  هود: ٥٤.

أي نعم أحسن الله إليك.

.. هود: ٥٤.

زايد هذا نقول هود: ٥٤  ما هو في النسخة   هود: ٥٤.

طالب: ...........

وقد أشار إليها بقوله..

وقد أشار..

أقرأ يا شيخ؟

طالب: ...........

لها زيادة يمكن.

وشو؟

يمكن هذه زيادة..

عندنا وقد أشار إليها بقوله:   هود: ٥٤  طبعة الشيخ أحمد شاكر الذي معه طبعة الجامعة رأيتها مع واحد هنا.. إيه إيه.

طالب: ...........

ما هي معك أحمد شاكر؟

طالب: ...........

  هود: ٥٤  ما فيها ﭗﭘ هود: ٥٤  والشيخ ناصر إني أشهد الله؟

طالب: ...........

وقد أشار إليها بقوله   ﭤﭥ   ﭱﭲ    ﭹﭺ   ﭿ   هود: ٥٤ - ٥٦  فهذا من أعظم الآيات أن رجُلاً واحدًا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب غير جزع ولا فزع ولا خوّار بل هو واثق بما قاله جازم به فأشهد اللهَ أولا على براءته من دينهم وما هم عليه إشهاد واثق به معتمِد عليه معْلم لقوله أنه وليه وناصره.

معْلِم يعني مخبر يظهر أنه مخبر يعني معْلم لهم.

معْلم لقومه أنه وليّه وناصره وغير مسلَّط له عليهم.

لهم عليه.

وغير مسلط لهم عليه ثم أشهدهم إشهاد مجاهر لهم بالمخالفة أنه بريء من دينهم وآلهتهم التي يوالون عليها ويعادون عليها ويبذلون دماءهم وأموالهم في نصرتهم لها ثم أكّد ذلك عليهم بالاستهانة بهم واحتقارهم وازدرائهم ولو يجتمعون كلهم على كيده وشفاء..

كلُّهم تأكيد للضمير الواو.

أحسن الله إليك.

ولو يجتمعون كلُّهم على كيده وشفاء غيظهم منه ثم يعاجلونه ولا يمهلونه ثم قرر دعوتهم أحسن تقرير وبيّن أن..

طالب: ...........

بعد ولا يمهلونه؟

طالب: ...........

المعنى ناقص يا شيخ المعنى ناقص.

عندك؟ لكن تمامه من الأصل المنقول منه الذي هو مدارج السالكين، قال وتمام نص ابن القيم في المدارج وفي ضمن ذلك أنهم أضعف وأعجز وأقل من ذلك وأنكم لو رمتوه لانقلبتم بغيظكم مكبوتين مخذولين، من أين أتى بالزيادة التي عندك؟

طالب: ...........

لعله زادها لبيان المعنى، هي ليست في الكتاب ولا في الأصل المنقول منه.

طالب: ...........

نعم.

لكن نقرأ كلام ابن القيم معه يا شيخ؟

لا، لا يعرف كلام ابن القيم نص ابن القيم في مدارج السالكين في الجزء الثالث صفحة أربعمائة وخمسة وستين.

لأن المعنى ناقص.

لأن الكلام كله منقول يمكن صفحتان أو ثلاث كله من مدارج السالكين.

بحرفه؟

جله يعني وقد يدخل بينه أشياء لكن الفكرة كلها من ابن القيم.

ثم قرر دعوتهم أحسن تقرير وبيّن أن ربه تعالى وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده وأنه على صراط مستقيم فلا يخذل من توكل عليه وأقرّ به ولا يُشمت به أعداءه فأي آية وبرهان أحسن من آيات الأنبياء عليهم.

مثل هذه الآية آية هود عليه السلام هذه قد لا تلوح لكثير ممن يقرأ القرآن حتى في أوساط المتعلمين؛ لأن هذا يحتاج إلى مزيد نظر وفكر وتدبر وربط في قصة هود في جميع مواضعها من القرآن تحتاج إلى فتح، والفتح في هذا الباب من القرآن يحتاج إلى صدق مع الله جل وعلا وإخلاص وطيب مطعم وحفظ جوارح، قتادة يقول: فُتح لي في القرآن أبواب، سفيان بن عيينة فُتح لي في القرآن أبواب فقبلت الصرّة من أبي جعفر فأُغلقت، المسألة تحتاج إلى نظافة قلب، نظافة بدن، نظافة جوارح، نظافة سلوك، نظافة فكر، نظافة تصوّر، وإلا نشوف ابن القيم يتكلم على بعض الآيات بعشر صفحات عشرين صفحة نقول من أين جمّع هذا الكلام ؟! كيف اجتمع الكلام الواحد يعصر ذهنه، يكتب ما كتب له سطرين، ثلاثة، فتح أبواب في هذا الكتاب لأناس تعجب كيف نزعوا هذه المنازع من هذه الآيات فعلى الإنسان أن يصدق مع ربه، يصدق اللجأ إليه ويخلص له في عمله ويطيب المطعم ويحفظ قلبه وجوارحه والله المستعان.

فأي آية وبرهان أحسن من آيات الأنبياء عليهم السلام وبراهينهم وأدلتهم وهي شهادة من الله سبحانه لهم بيّنها لعبادة غاية البيان ومن أسمائه تعالى المؤمن وهو في أحد التفسيرين المصدق الذي يُصدق الصادقين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم فإنه لا بد أن يري العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته رسله حق قال تعالى: ﯸﯹ فصلت: ٥٣  أي القرآن فإنه هو المتقدم في قوله: فصلت: ٥٢  ثم قال: ﯿ         فصلت: ٥٣  فشهد سبحانه لرسوله بقوله إن ما جاء به حق ووعد أن يري العباد من آياته الفعلية الخلقية ما يشهد بذلك أيضًا، ثم ذكر ما هو أعظم من ذلك كله وأجل وهو شهادته سبحانه على كل شيء فإن من أسمائه الشهيد الذي لا يغيب عنه شيء ولا يعزب عنه بل هو مطّلع على كل شيء مشاهِدٍ له عليم بتفاصيله وهذا استدلال بأسمائه وصفاته والأول استدلال بقوله وكلماته واستدلال بالآيات الأفقية والنفسية استدلال بأفعاله ومخلوقاته.

كثير من طلاب العلم وعامة الناس من باب أولى يقرؤون في كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- من الأسماء الحسنى الشيء الكثير لكنهم لا يعرفون معناها ما معنى المؤمن؟

من أسمائه جل وعلا المؤمن يستغرب حتى طالب العلم ما معنى المؤمن؟ السبب أننا ما أعطينا هذا الجانب حظه من العناية، وأُلِّف في الأسماء الحسنى مصنفات كثيرة نثر ونظم وشُرحت «إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة» بعض الناس يكتفي بالتسعة والتسعين الذي جاءت في جامع الترمذي وصحيح ابن حبان ويرددها نظمًا أو نثرًا ويظن أن هذا هو المطلوب، أولا الخبر لا يثبت في تعيينها كل ذلك من أجل أن يستكثر الإنسان ويحرص ويفحص في كتاب الله وسنة نبيه من غير تعيين؛ لئلا يقتصر على ما ورد لو ورد مثل إخفاء ساعة الجمعة وليلة القدر ﭷﭸ الأعراف: ١٨٠  وألِّفت المصنفات في بيان معنى الأسماء الحسنى وهي ما ينبغي للمكلف تجاه هذه الأسماء ومن خير ما يقرأ ما كتبه ابن القيّم رحمه الله في نونيته من معاني الأسماء الحسنى، كتب في نونيته وأورد أسماء كثيرة جدًا بمعانيها، والشرّاح زادوا على ذلك وطالب العلم إذا سلك أوّل الطريق يلج، المهم يمسّك الطريق، يبحث فيما جاء عن الله وعن رسوله من معاني هذه الأسماء يضم بعضها إلى بعض ويعرف معانيها.

فإن قلت كيف يُستدل بأسمائه وصفاته فإن الاستدلال بذلك لا يعهد في الاصطلاح، فالجواب أن الله تعالى قد أودع في الفِطر التي لم تتنجس بالجحود والتعطيل.

المقصود الفِطر التي لم تجتلها الشياطين فطر ما  تلوّثت بأفكار وافدة إنما عمدتها ومعوّلها على ما جاء عن الله وعن رسوله هذه هي الفطرة التي تنقاد للنص وتصل إلى الهدف، أما شخص خلط مع كتاب الله وسنة نبيه أفكار وافدة وتحليلات من يمين وشمال من مسلمين وغير مسلمين وزعم أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها ويلج من هذه المقالة إلى متاهات كثيرة جدًا لا شك أن هذا تلويث وتشويش على الفطرة السليمة والله المستعان.

ولا بالتشبيه والتمثيل..

تجد بعض الفتن وما يدور حولنا بعضها فيه نصوص شرعية ثم تجد السامع يتلقى هذه الفتن وما يدور حولها من تقريرات وتحليلات على مراسلين وعلى وكالات أنباء وعلى قنوات وعلى كذا وكذا مُعرضًا عما جاء عن الله وعن رسوله، ولو قرأنا في الفتن فيما جاء في كتاب الله وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أدركنا كثيرًا مما يدور حولنا ونظرنا إليه بمنظار شرعي، لذلك تجدون الاختلاف الكبير بين هؤلاء المحللين لماذا؟ لأن مصدرهم ليس بواحد، كلها توقعات وتخمُّطات وتخبطات من يمين وشمال، ونحن نتبع الأصل الذي ينبعث منه الخبر وصاحب الخبر له هدف يتكلم من منظاره الذي يحقق هذا الهدف، وهذه مشكلتنا، إذا جاء الخبر مثلاً من أي قناة من القنوات التابعة للشرق أو الغرب تجد بينهم بونا شاسعا في التقرير لماذا؟ لأن هذا ينظر إلى مصلحته وهو غربي، وهذا ينظر إلى مصلحته وهو شرقي من هذه القضية التي يطحن فيها المسلمون، ونحن إذا سمعنا شيئا صدَّقناه، هذا الكلام ما يمشي في ميزان الشرع، عندنا نصوص وعندنا موازين نزن بها الأمور نعتمد فيها على قال الله وقال رسوله ولا تؤثر بنا هذه الفتن ولا تعصف بنا هذه العواصف، والمسألة تحتاج إلى عناية بما جاء الله وعن رسوله وفيها المخرج من كل بلاء وشر وفتنة.

أحسن الله إليك.

أنه سبحانه الكامل في أسمائه وصفاته وأنه الموصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسله وما خفي عن الخلق من كماله أعظم وأعظم مما عرفوه منه ومن كماله المقدس شهادته على كل شيء واطلاعه عليه بحيث لا يغيب عنه ذرة في السموات ولا في الأرض باطنًا وظاهرًا ومن ومن هذا شأنه كيف يليق بالعباد أن يشركوا به وأن يعبدوا غيره ويجعلوا معه إلهًا آخر وكيف يليق بكماله أن يقرّ من يكذب عليه أعظم الكذب ويخبر عن..

فيشرك بالله ويزعم أن معه إلهًا آخر هذا أعظم الكذب وأعظم الفراء.

ويخبر عنه بخلاف ما الأمر عليه ثم ينصره على ذلك..

نعم هذا مستحيل أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- وأولياء الله بهذه المثابة يكذبون عليه أشد الكذب ثم ينصرهم ويعلي شأنهم إذًا لا بد أن يكونوا صادقين لأنه لا يستحق النصر إلا من نصر الله ﭽﭾ الحج: ٤٠.

ثم ينصره على ذلك ويؤيده ويعلي شأنه ويجيب دعوته ويهلك عدوّه ويظهر على يديه على يديه من الآيات والبراهين ما يعجز عن مثله قوى البشر وهو مع ذلك كاذب عليه مفتر ومعلوم أن شهادته سبحانه على كل شيء وقدرته وحكمته وعزته وكماله المقدَّس يأبى ذلك ومن جوّز ذلك فهو من أبعد الناس عن معرفته، والقرآن مملوء من هذه الطريق وهي طريق الخواص يستدلون بالله على أفعاله وما يليق به أن يفعله ولا يفعلُه قال تعالى..

كل من له عناية بشيء عرف ما يختص به وما يليق به، لو أن إنسانا تفرد لخدمة إنسان من البشر وعرف ما يحبه وما يكرهه ثم أهديت طعام لهذا المخدوم مباشرة يبادر هذا الخادم يقول لا، هذا الطعام لا يناسبه هذا يضره لماذا؟ لأنه عرفه وعرف أحواله وسبره، فمن اعتنى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وسننه وأحواله وأيامه واهتم بسنته واعتنى بها لا يمكن أن يمشي عليه ويفوت عليه حديث ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- وذلك أمثال الجهابذة من أئمة السنة ما يمكن، مباشرة ينفون هذا الخبر الذي لصق به ولو لم يسبق لهم أن مر بهم، يعني عندهم موازين وعندهم قواعد وضوابط وعرفوا ما يمكن أن يضاف إليه -عليه الصلاة والسلام- وما لا يمكن أن يضاف إليه، ومن اعتنى بالكتاب والسنة عرف ما ينسب إلى الله- جل وعلا- وما لا يجوز أن ينسب إليه خلافًا لما قعّده المبتدعة والمتكلمون والفلاسفة ورأوا أن هذا يليق وهذا لا يليق متنكبين عما جاء عنه وهو أعلم بنفسه وما جاء عن نبيه -عليه الصلاة والسلام- وهو أعلم الخلق به.

قال تعالى:                    الحاقة: ٤٤ - ٤٧  وسيأتي لذلك زيادة بيان- إن شاء الله تعالى- ويُستدل أيضًا بأسمائه وصفاته على وحدانيته وعلى بطلان الشرك كما في قوله تعالى             ﯜﯝ الحشر: ٢٣  وأضعاف ذلك في القرآن وهذه الطريق قليل سالكها لا يهتدي إليها إلا الخواص وطريقة الجمهور الاستدلال بالآيات المشاهَدة لأنها أسهل تناولاً وأوسع والله سبحانه يفضل بعض خلقه على بعض.

نعم تجد عامة استدلالات العلماء وطلاب العلم بقال الله وقال رسوله هذه الجادّة سليمة ولا فيها إشكال وهي الأصل، لكن كثير منهم لا يعرف ما وراء ذلك، يعني يجد الآية مطابقة والحديث مطابقا لما يستدل به في ظاهر النص هذا ما فيه إشكال، لكن هناك فهوم واستنباطات يفتح الله بها على بعض خلقه من أهل العلم أصحاب العلم والعمل، أصحاب العقائد الصحيحة السليمة، وهناك أيضًا لمن يخالفهم شطحات وفهوم بعيدة كل البعد عن مراد الله وعن مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

فالقرآن العظيم قد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره فإنه الدليل والمدلول عليه والشاهد والمشهود له قال تعالى لمن طلب آية تدل على صدق رسوله ﯝﯞ العنكبوت: ٥١  وإذا..

إذا قرأنا في التفسير الإشاري للصوفية فيه خفاء وفيه غموض ويزعمون أنه إلهام لكنه إلهام شيطاني ليس بإلهام رباني رحماني، لا لأنهم ما عوّلوا على الكتاب والسنة ولا سلكوا الجوادّ التي سلكها سلف هذه الأمة، ولا أخذوا العلم عن أهله لو تنظر في تفسير المهايمي أو القاشاني أو التفسير الإشاري للقشيري وغير ذلك من التفاسير وما ينقله الألوسي في تفسيره في أواخر تفسير الآيات تجد من هذا شيئا لا يخطر على بالك ولا يخطر على بال أي مكلف، ينزعون إلى أشياء يزعمون أن القرآن يدل عليها ويقولون مادام أنتم تقولون أن الله يفتح على عباده بفهوم هذه فهوم، لكن فرق بين فهم من يعتمد الكتاب والسنة ويجعل دليله ونبراسه الكتاب والسنة وبين من يعتمد عليهما ويزعم أنه يفتح عليه بفتوح لا توجد عند غيره وإلا فيما يحتج به لهؤلاء قد يحتج به هؤلاء.

وإذا عُرف أن توحيد الإلهية هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل وأنزلت به الكتب كما تقدمت إليه الإشارة فلا يلتفت إلى قول من قسَّم التوحيد إلى ثلاثة أنواع وجعل هذا النوع توحيد العامة والنوع الثاني..

يعني الظاهر توحيد العامة، يعني الظاهر الذي يؤخذ من الآيات الواضحة جعله توحيد العامة وأما توحيد الخاصة فهو أخص فضلاً عن توحيد خاصة الخاصة الذي هو في الحقيقة شطحات يزعمونها إلهامات كما في تفسير سهل التستري وغيره ممن أشرنا إليهم آنفا.

وجعل هذا النوع توحيد العامة والنوع الثاني توحيد الخاصة وهو الذي يثبت..

يعني يمكن أن يأتي شخص مفتون ويحاجّ شخصا جاهلا من أهل السنة ويقرر أن التوحيد ثلاثة أقسام ويشرح على هذا الأساس توحيد الربوبية والألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، يقول لهم صاحب الطحاوية: فلا يلتفت إلى قول من قسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع، ثم بعد ذلك يصير لسان حاله يشكك إذا كان ما كان عنده من العلم والرسوخ مما ينبغي أن يتحلى به طالب العلم، والله مشكلة إذا كان تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أنواع يقول لا يلتفت إليه شرح الطحاوية وشرح الطحاوية محل عناية ومحل تقدير من أهل التحقيق لكنه ما كمّل فهو مثل من يقول فويل للمصلين.

والنوع الثاني توحيد الخاصة وهو الذي يثبت بالحقائق والنوع الثالث توحيد قائم بالقِدم وهو توحيد خاصة الخاصة فإن أكمل الناس توحيدًا الأنبياء صلوات الله عليهم والمرسلون منهم أكمل في ذلك وأولوا العزم من الرسل أكملهم توحيدًا وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين، وأكملهم توحيدا الخليلان محمد وإبراهيم صلوات الله عليهما وسلامه فإنهما قاما من التوحيد بما لم يقم به غيرهما علما ومعرفةً وحالاً ودعوة للخلق وجهادا فلا توحيد أكمل من الذي قامت به الرسل ودعوا إليه وجاهدوا الأمم عليه ولهذا أمر سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقتدي بهم فيه كما قال تعالى بعد ذكر مناظرة إبراهيم قومه في بطلان الشرك وصحة التوحيد وذكر الأنبياء من ذريته ﯯﯰ ﯲﯳ الأنعام: ٩٠  فلا أكمل من..

هذا دليل من يقول أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه فيكون ناسخًا له، ومن اللطائف أن ممن ذُكر في هذه الآيات من الأنبياء هارون، وثبت في القرآن أن هارون له لحية يمكن أن تمسك باليد وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاقتداء به، هذا استدلال بعيد لكن قد يحتاج إليه في مثل هذه الأيام مع الأسف الشديد أننا صرنا أمورنا البدهيات الرسول -عليه الصلاة والسلام- تعرف قراءته باضطراب لحيته من خلفه ثم يجادلون يقولون يبقى ما يسمّى لحية بأدنى شعر لا يكون الشارب أكثر منها هل هذه موازنة صحيحة؟ هل هذا مما يدل عليه النص؟ أو يؤلف من يؤلف تحقيق النص في أن المراد من إعفاء اللحية هو القص في كتاب كبير مجلد يمكن مئتين صفحة ﯲﯳ الأنعام: ٩٠          ﮛﮜ طه: ٩٤  هذا هارون.

فلا أكمل من توحيد من أُمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتدي بهم وكان -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد وملة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين فملة إبراهيم التوحيد ودين محمد -صلى الله عليه وسلم- ما جاء به من.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...

ودين محمد -صلى الله عليه وسلم- ما جاء به من عند الله قولاً وعملاً واعتقادًا وكلمة الإخلاص هي شهادة أن لا إله إلا الله وفطرة الإسلام هي ما فطر عليه عباده من محبته وعبادته وحده لا شريك له والاستسلام له عبوديةً وذلاًّ وانقيادًا وإنابة فهذا هو توحيد خاصة الخاصة الذي من رغِب عنه فهو من أسفه السفهاء قال تعالى                       ﮎﮏ .. البقرة: ١٣٠.

خاصة الخاصة وهو الاقتداء بإبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام وسائر الأنبياء هذا النوع الصحيح، أما توحيد خاصة الخاصة عند المبتدعة هو توحيد قائم بالقِدم والنوع الثالث توحيد قائم بالقدم وهو توحيد خاصة الخاصة هذا القائم بالقِدم، ما معنى قائم بالقِدم عندهم؟ الذي يريدونه من هذه الكلمة ألا يكون معه شيء قائم بقدمه بمفرده لا أسماء ولا صفات ولا شيء، مجرد عن كل ذلك ويكون التوحيد منصبا على هذا الوصف.

                      ﮎﮏ ﮓﮔ   ﮟﮠ البقرة: ١٣٠ - ١٣١  وكل من له حس سليم وعقل يميز به لا يحتاج في الاستدلال إلى أوضاع أهل الكلام والجدل واصطلاحهم.

يعني ما نحتاج إلى مقدماتهم ونتائجهم هم سبق أن اتهموا طريقة القرآن في الاستدلال أنها لا تعطي نتيجة؛ لأن المقدمة الأولى محذوفة هم يذكرون المقدمة الأولى ولو كانت من الوضوح مثل الشمس القرآن إذا كانت واضحة ما تحتاج إلى ذكر، فقالوا القرآن ما يذكر المقدمة الأولى فلن تحصل النتيجة هذا الكلام ليس بصحيح وهذا استدراك على الله جل وعلا.

أحسن الله إليك.

وطرقهم البتة بل ربما يقع بسببها في شكوك وشبه يحصل له بها الحيرة والضلال والريبة فإن التوحيد إنما ينفع إذا سلم قلب صاحبه من ذلك وهذا هو القلب السليم الذي لا يفلح إلا من أتى الله به.

        الشعراء: ٨٨ - ٨٩  هذا الوصف الذي لا ينفع إلا هو، وصف مؤثر في الانتفاع به في الدنيا والآخرة أن يكون سليمًا فما القلب السليم؟ تأمل آية الله- جل وعلا- وتأمل سنته وما كتبه العلماء المحققون معتمدين في ذلك على الكتاب والسنة فاحرص على سلامة قلبك متى يسلم؟ اقرأ في مقدمة الجواب الكافي لابن القيم- رحمه الله-.

ولا شك أن النوع الثاني والثالث من التوحيد الذي ادعوا أنه توحيد الخاصة وخاصة الخاصة ينتهي إلى الفناء الذي يشمر إليه غالب الصوفية وهو دربٌ خطر يفضي إلى الاتحاد انظر إلى ما أنشده شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري رحمه الله.

الهروي صاحب منازل السائرين اشتهر عندهم بأنه شيخ الإسلام وأحسنوا به الظن حتى أهل السنة يحسنون به الظن كابن القيم ولشيخ الإسلام كلام يمدحه فيه ويثني عليه لكن في كلامه ما قد يخفى مراده فيه، نحن لا نبرئ من وقع في الخطأ لكن سيرة الرجل وطريقته إلى أهل السنة أقرب وإن كان في كلامه ما يفهم منه شوب الابتداع والاتحاد، حاول ابن القيم- رحمه الله- جاهدًا أن يقرب كلامه إلى كلام أهل السنة في مدارج السالكين ونجح في كثير من المواضع لكنه في بعضها- رحمه الله- ما استطاع، واستدرك عليه الشيخ حامد في مواضع كثيرة لكن الشيخ- رحمة الله عليه- شدّ في هذه المسألة وبعضها جانبه الصواب الشيخ حامد الفقي.

حيث يقول:

ما وحد الواحد من واحد

 

إذ كل من وحده جاحد  

توحيد من ينطق عن نعته 

 

عارية أبطلها الواحد  

توحيده إياه توحيده             .

 

ونعت من ينعته لاحد 

أنت افترض أن هذه القصيدة متن يشرح لطلاب من يفهمه من الطلاب؟ أنت تصور أن هذه متن وابتليت بها تُشرح لك في بلد عمت فيه البدع، ما تلجأ منها إلا إلى أسوأ منه، فالإنسان عليه أن يحمد الله- جل وعلا- أن يسر له هذا الاعتقاد السليم ويسر له من يوضح ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه على طريقة سلف الأمة وأئمتها.

ما وحد الواحد من واحد  .

 

إذ كل من وحده جاحد .

كيف كل من وحده جاحد؟

توحيد من ينطق عن نعته 

 

عارية أبطلها الواحد          .

توحيده إياه توحيده          .

 

..........................

نسأل الله العافية، الحمد لله ما ابتلانا بمثل هذا الكلام، إيه والله الحمد لله، وإلا لو ذكر في مقرراتنا ومناهجنا كان المسألة طامة كيف توجه هذا الكلام؟ أولاً كيف تفهم هذا الكلام؟ حق أو باطل كيف تفهمه؟ مرة لي درس في المدينة وتكلمت عن بعض العبارات التي جاءت عن ابن عربي وحمدنا الله- جل وعلا- أن سلَّمنا من هذه الشكوك وهذه الشبهات، ثم أرسل لي شخص رسالة مطوّلة في كلام الإمام ما يخفى عليك وعلى أمثالك وعلى شيخك ابن تيمية وجميع شيوخك أنتم لا تفهمون الكلام وتطعنون في أهله، هذه مشكلة أن يوجد مثل هذا في أوساط المتعلمين، وفي مدينة الرسول -عليه الصلاة والسلام- والأشكل من ذلك أن يكون إن كان قد جاء بمنحة من بلده ليدرس في هذه البلاد وهذه النتيجة، هذه مشكلة لا بد من إعادة النظر في الدارسين أخرج طلاب يدعون إلى بدع، لا تعرف كلامه؟!! كلامه منتهي ومفروغ منه، يقول بوحدة الوجود والخالق هو المخلوق ولم ينزهوا الله- جل وعلا- عن أقذر الأماكن وأقبح الحيوانات ثم نقول ما فهمنا كلامه، لو نقرأ الحاشية من كلام ابن القيم عندك؟

إيه موجود.

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين تعليقًا على الأبيات: أين قول ما وحد الواحد من واحد من قوله تعالى:       ﭯﭰ آل عمران: ١٨  فأخبر سبحانه أن الملائكة كلُّهم يوحدونه.

كلَّهم كلَّهم.

أحسن الله إليك.

فأخبر سبحانه أن الملائكة كلَّهم يوحدونه وأن أهل العلم يوحدونه وكذلك إخباره عن أنبيائه ورسله وأتباعهم أنهم وحدوه ولم يشركوا به شيئًا كما أخبر عن نوح ومن آمن معه وعن جميع الرسل ومن تبعهم بل أخبر سبحانه عن السموات السبع والأرض ومن فيهن أنها تسبح بحمده توحيدًا ومعرفة فهل يصح أن يقال ما وحده أحد من الرسل والأنبياء والمؤمنين ولا سبح بحمده سماء ولا أرض ولا شيء.

والله جل وعلا يقول: الإسراء: ٤٤.

وأبطل الباطل أن يقال كل من وحد الله من الأولين والآخرين جاحد له ولتوحيده لا موحد له على الحقيقة وإن نعت جميع الرسل والأنبياء وأتباعهم.

وأنَّ نعت.

أحسن الله إليك.

وأنّ نعت جميع الرسل والأنبياء وأتباعهم له إلحاد وكل من نعته من الأولين والآخرين فهو لاحد، خلاص انتهى.

نعم وانظر تمام كلامه..

وانظر تمام كلامه فيه فإنه غاية في النفاسة.

يعني كلام ابن القيم في معاني هذه الأبيات وما قبلها وما بعدها من منازل السائرين.

وإن كان قائله- رحمه الله- لم يرد به الاتحاد لكن ذكر لفظًا مجملاً محتمِلاً جذبه به الاتحادي إليه.

نعم استدل به أهل الاتحاد والحلول قالوا إنه يقصد الاتحاد والحلول، وأنه لا فرق بين موحد وملحد لا فرق، فصاحب الاتحاد والحلول له شبهة فيما إذا قرر أن هذا الكلام يخدم مذهبهم لأنه موهم.

وأقسم بالله جهد أيمانه إنه معه ولو سلك الألفاظ الشرعية التي لا إجمال فيها كان أحق.

ولذلك يمنع أهل العلم كل ما يلتبس فيه الحق والباطل، فهو ممنوع من كلام، من أفعال، من جميع التصرفات، إذا التبس الحق والباطل منع الحق ومنع الباطل، ويؤتى لنا بسحرة يقال إنهم محترفون وسرك ويمشي على خيط الذي يخاط به الثياب يمشي بين جبلين على دباب بسرعة فائقة ويرجع بنفس السرعة على هذا الخيط بين جبلين يقول هذا احتراف، هذا ليس بسحر، هذا احتراف ودقة وخفة، ما هو السحر إذا لم يكن هذا هو السحر؟ يعني إذا قرب من السحر، إذا قربت الخفة والاحتراف من السحر وخُشي من التباس الحق بالباطل حتى يأتينا في يوم من الأيام ساحر يوضع له مكان ويرتاده الناس وتؤخذ عليه الرسوم ثم يتبين في الحقيقة أنه ساحر كيف نحمي عامة المسلمين من هذا الشر المستطير إذا أذنا لمثل هذا.

مع أن المعنى الذي حام حوله لو كان مطلوبًا منا لنبه الشارع عليه ودعا الناس إليه وبيّنه فإن على الرسول البلاغ المبين فأين قال الرسول هذا توحيد العامة وهذا توحيد الخاصة وهذا توحيد خاصة الخاصة.

نعم الناس بالفعل يتفاوتون هذا لا ينكره أحد، فالذي يطلب من العامة والأميين من كبار السن والعجائز في مسائل الاعتقاد هل يطلب مثله من طلاب العلم؟ لا، لا شك أنه يطلب من طلاب العلم من المعرفة بالأصول والأدلة أكثر مما يطلب من العامة، ويطلب من العلماء الراسخين أكثر مما يطلب من طلاب العلم، الناس يتفاوتون لكن على الطريقة التي قسّموها وجعلوا لخاصة الخاصة توحيدا لا يمكن أن يخطر على بال عاقل، ويقولون إنه يدل عليه الكتاب والسنة لكن أنتم ما تفهمون مثل ما يفهمون.

أو ما يقرب من هذا المعنى أو أشار إليه هذه النُقول والعقول حاضرة فهذا كلام الله المنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذه سنة الرسول وهذا كلام خير القرون بعد الرسل وسادات العارفين من الأئمة.

بعد الرسول.

أحسن الله إليك.

وهذا كلام خير القرون بعد الرسول وسادات العارفين من الأئمة هل جاء ذكر الفناء فيها وهذا التقسيم عن أحد منهم وإنما حصل هذا من زيادة الغلو في الدين المشبّه لغلو الخوارج.

المشْبِه المشْبه.

أحسن الله إليك.

المشْبِه لغلو الخوارج بل لغلو النصارى في دينهم وقد ذمَّ الله تعالى الغلو في الدينَ ونهى عنه.

في الدينِ.

أحسن الله إليك.

وقد ذم الله تعالى الغلو في الدينِ ونهى عنه فقال تعالى: ﭜﭝ النساء: ١٧١  وقال: المائدة: ٧٧  وقال -صلى الله عليه وسلم- «لا تشددوا فيشدد الله عليكم».

اللهُ.

أحسن الله إليك.

اللهَ؟

اللهُ.

أحسن الله إليك.

«لا تشددوا فيشدد اللهُ عليكم فإن من كان قبلكم شددوا فشدد الله عليهم».

انظر في قصة البقرة التي أُمر بنو إسرائيل بذبحها لما قال لهم موسى ﮩﮪ البقرة: ٦٧  لو ذهبوا إلى السوق وذبحوا أي بقرة كفت لكن سألوا أسئلة إلى أن وقعوا في الحرج ما توجد إلا بقرة بهذه الأوصاف عند عجوز طلبت عليها أغلى الأثمان شددوا فشدد الله عليهم.

«لا تشددوا فيشدد الله عليكم فإن من كان قبلكم شددوا فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم» رواه أبو داود.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.

 

وهذا آخر الدروس- إن شاء الله تعالى- فيما بعد الحج تستأنف الدروس، درس الطحاوية يستأنف عشاء الاثنين العشرين من ذي الحجة إن شاء الله.

"