شرح الموطأ - كتاب الحدود (5)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا قطع فيه

وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن عبداً سرق ودياً من حائط رجل فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه، فوجده فاستعدى على العبد مروان بن الحكم، فسجن مروان العبد، وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج فسأله عن ذلك، فأخبره أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) والكثر: الجمَّار، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غلاماً لي وهو يريد قطعه، وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم، فقال: أخذت غلاماً لهذا؟ فقال: نعم، فقال: فما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده، فقال له رافع: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) فأمر مروان بالعبد فأرسل.

كثر، كثر بالثاء، معروف هذا، نعم.

حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب، فقال له: اقطع يد غلامي هذا فإنه سرق، فقال له عمر: ماذا سرق؟ فقال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهماً، فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم.

وحدثني مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعاً، فأراد قطع يده، فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع.

وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أخذ نبطياً قد سرق خواتم من حديد فحبسه ليقطع يده، فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها: أمية، قال أبو بكر: فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس، فقالت: تقول لك خالتك عمرة: يا ابن أختي أخذت نبطياً في شيء يسير ذكر لي فأردت قطع يده؟ قلت: نعم، قالت: فإن عمرة تقول لك: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً، قال أبو بكر: فأرسلت النبطي.

قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد أنه من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه في جسده فإن اعترافه جائز عليه، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هلاكاً.

قال مالك -رحمه الله-.

ولا يتهم؟

أحسن الله إليك.

ولا يتهم أن يوقع على نفسه هلاكاً.

هكذا عندك؟ هذا؟

طالب: وين موقعها يا شيخ؟

ولا يتهم أن يوقع على نفسه هذا، لكن هلاكاً أوضح، هكذا كل النسخ؟

طالب:......

هلاكاً محققة عندكم؟ من المحقق؟ ويش يقول؟

طالب:......

هلاكاً يقول؟ هو ظاهر، معناها واضح، وهي أظهر من هذا، وإن كان هذا عوده على ما تقدم من العقوبة في جسده واضح يعني، كلاهما واضح، لكن هلاكاً أوضح، سليم الهلالي محقق الكتاب؟

طالب:......

ويش يقول؟

طالب:......

هذا، على كل حال نقول: في نسخة هلاكاً، والمعنى واحد.

أحسن الله إليك.

قال مالك -رحمه الله-: وأما من اعترف منهم بأمر يكون غرماً على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده.

قال مالك -رحمه الله-: ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم إن سرقاهم قطع؛ لأن حالهما ليست بحال السارق، وإنما حالهما حال الخائن، وليس على الخائن قطع.

قال مالك -رحمه الله- في الذي يستعير العارية فيجحدها إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك مثل رجل كان له على رجل دين فجحده ذلك فليس عليه فيما جحده قطع.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع، ولم يخرج به إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك كمثل رجل وضع بين يديه خمراً ليشربها فلم يفعل، فليس عليه حد.

ومثل ذلك رجل جلس من امرأة مجلساً، وهو يريد أن يصيبها حراماً، فلم يفعل، ولم يبلغ ذلك منها، فليس عليه أيضاً في ذلك حد.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه ليس في الخلسة قطع بلغ ثمنها ما يقطع فيه، أو لم يبلغ، والله أعلم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا قطع فيه

قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن عبداً سرق ودياً من حائط رجل" قالوا: الودي: هو النخل الصغار، يعني تؤخذ من الأرض أو من أماتها؟

طالب: من أماتها.

نعم؛ لأن النخلة يخرج منها فروع اثنين وثلاثة وخمسة أو أكثر أو أقل، فسرق هذا من هذا النوع من النخل الصغار يقال له في الخبر الودي "من حائط رجل، فغرسه في حائط سيده" ما الذي يستفيده هذا العبد من هذه السرقة؟

طالب:......

نعم؟

طالب:......

هو يحظى عند سيده، لكن وشر الناس من باع دينه بدنيا غيره، لا شك أن مثل هذا نسأل الله العافية خاب وخسر، خسر دنيا وأخرى، ومثل هذا كثير، تجد بعض الناس يقرب ويقدم ليحظى عند من يريد الحظوة عنده من مدير أو رئيس أو ما أشبه ذلك، يقدم له أمور محرمة، ثم في النهاية ينقلب عليه، يعينه على ظلمه، ثم بعد ذلك يسلط عليه، وهذا المسكين، هذا العبد الذي سرق وغرس في حائط سيده، الآن في احتمال أن يكون تكون هذه السرقة بأمر من السيد، الآن العبد والسيد كلاهما مجهول، يعني لو اتهمنا السيد بأنه أمر عبده بهذا، هل يأثم من يتهمه؟ هو مجهول، والاحتمال قائم، والعبد ينفذ، لكن هل يلزم السيد قطع باعتباره هو الآمر؟ وله الأمر على هذا العبد أو لا يقطع؟ يعني لو أن شخصاً أمر شخص غير مكلف بأمر فيه حد، أعطى طفلاً صغيراً وقال: اقتل فلان، أو أعطى شخصاً مكلفاً آلة وقال: اقتل فلان، في الصورة الأولى إذا كان المباشر غير مكلف ينتقل الحكم إلى المتسبب، وإذا كان المباشر مكلفاً فإنه يؤاخذ به، يؤاخذ بجنايته، ولو كان مأموراً، ولو هدد، ولو أكره على ذلك، إذا ترتب على ذلك إزهاق روح، فليس حفظ نفسه بأولى من حفظ غيره، فإذا أكره على القتل وأجبر عليه فإنه يضمن؛ لأنه هو المباشر، المتسبب لا يترك، لكن ليس عليه حد، ما لم يشترك في المباشرة، وهنا هذا العبد الذي سرق، إن كان بأمر سيده السيد بلا شك آثم، قد يعزر، لكن المباشر هو العبد، وهو الذي عليه التبعة.

"فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده" بحث عنه في المزارع، وين يبي يودى هذا؟ نعم؟ يبي يغرس بمزرعة، فبحث عنه في المزارع فوجده "فاستعدى على العبد مروان بن الحكم" استعدى عليه يعني طلب منه أن ينصفه، مروان بن الحكم "فسجن مروان العبد، وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج" الآن السيد يريد أن يسلم العبد من القطع مع أنه محدث، فهل نقول: إن هذا قد آوى هذا المحدث فتحل عليه اللعنة المرتبة على ذلك؟ نعم؟ الآن هذا ولي الأمر هو الأمير مروان وأراد القطع، سجنه وأراد قطعه.

"فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج، فسأله عن ذلك" نعم؟

طالب:......

لا، الاحتمال قائم أنه عنده شبهة يريد أن يتبين الحق، ويلتزم بالحق أياً كان، أو أنه يريد أن يدافع عن هذا العبد.

على كل حال "انطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج، فسأله عن ذلك فأخبره أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) والكثر: الجمار" الآن الودي حكمه حكم الجمار اللي هو شحم الكافور، الطلع، ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) والكثر الجمار، الجمار معروف أنه إذا قطع تموت النخلة، ولا قطع فيه، والعلة في ذلك؟ ما العلة في هذا أنه لا قطع فيه؟ أنه من حيث أنه يؤكل، ونعم؟

طالب:......

يمكن حتى الثمر يمكن ينتفع به، كلاهما ينتفع به، لكنه أذن له أن يأكل غير متخذ خبنة.

"والثمر: الجمار، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غلاماً لي وهو يريد قطعه، وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم، فقال: أخذت غلاماً لهذا؟ فقال: نعم، فقال: فما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده" لأنه سارق، قد سرق ما يزيد على النصاب "فقال له رافع: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) فأمر مروان بالعبد فأرسل" أطلق هذا العبد، ولم يقطع، لكن هل يبرأ بالكلية أو يلزمه رد ما سرق؟ وقد يعزر؛ لأنه تعدى، ليس معنى هذا أنه إذا دفع عنه الحد، ودرء عنه الحد أنه لا يأثم؛ لأنه سرق مال غيره، ولا يلزم من ذلك أن يرد ما سرق، إن وجد بعينه أو بدله أو قيمته، ولا يلزم من ذلك أن يسلم من التعزير، مروان امتثل، مروان من أهل العلم كما هو معروف، وإن كانت الإمارة غيرت وأثرت عليه، لكنه في الجملة هو من أهل العلم، أرسل هذا العبد امتثالاً لهذا الخبر فلم يقطع، نعم؟

طالب:......

هو مأذون بالأكل من الثمر، إذا مر بحائط يأكل منه غير متخذ خبنة، يعني ما يأخذ معه شيء، ما يخرج شيء معه، فما دام مأذون بالأكل منه فلا قطع فيه، مثله يؤكل، الجمار يؤكل.

طالب: إلحاق العبد بالمال.....

لا، لا، لا، هو مكلف، هو مثل ما يقال أهل العلم يستعملون في الرقيق قياس الشبه، يعني هل يلحق بالمكلف من الأحرار باعتبار أنه من بني آدم، وأن له إرادة، وله قوة مدركة، عقل، مناط التكليف، أو أنه ملحق بالحيوانات البهائم التي تباع وتشترى، هم نظروا إلى أن شبهه بالسلع أكثر، فألحقوه بالسلع، لكن لا يعني أنه سلعة من كل وجه، لا يجري عليه قلم التكليف؟ يجري عليه، إذاً التبعات تلحقه، فمثلاً الجناية عليه مثل الجناية على السلع، وليست مثل الجناية على بني آدم، تقوّم ويؤخذ الأرش وهكذا.

قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب فقال له: اقطع يد غلامي هذا" الأول بحث عن الأسباب التي تعفي الغلام من القطع، والثاني ذهب بالغلام إلى عمر ليقطع، فرق بين تصرف هذا وهذا "فإنه سرق" ولا شك أن الاحتمال أنه دافع عنه في الحديث الأول الاحتمال قائم في كونه يريد أن يدرأ عنه الحد ليسلم له، فتتوفر قيمته، أو أنه انقدح في ذهنه شبهة، فأراد أن يستفهم ولا يعترض عن الحكم، وأيضاً الخبر الثاني احتمال أن يكون تقديمه للعبد ليقطع لتبرأ ذمته مقدماً في ذلك شرع الله على مصلحته؛ لأن بقاء العبد سليماً سليم الأطراف أوفر في قيمته، مما إذا كان مقطوع بعض الأطراف.

"فقال له عمر: ماذا سرق؟ فقال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهماً" هل يمكن أن يقال: إن هذا بسبب تأثير المرأة على الرجل، أنها قالت: ما دام سرق منا لا بد أن يقطع وينكل؟ نعم؟

طالب:......

"ثمنها ستون درهماً، فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم" الآن مثل هذا الخادم الذي يخدمهم، ولا يحترزون منه، ويصل إلى ما لا يصل إليه غيره، فقد تكون هذه المرآة في غير حرز مما يحرز عن هذا العبد، على كل حال هذا كلام عمر "فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم" لكن لو كان المال محرز يقطع وإلا ما يقطع؟ نعم؟ يقطع كما يقطع الزوج إذا سرق من مال الزوجة المحرز عنه، والعكس.

طالب:......

كيف؟

طالب: ولو كان مؤتمن؟

إيش لون مؤتمن؟

طالب:......

أمنوه، يعني على ما تقدم؟

طالب:......

لكن في مثل هذه الصورة المتوقع أنه لم تحرز عنه المرآة؛ لأنها لو أحرزت وأتمنوه على أموالهم لا شك أنه سارق يقطع، نعم؟

طالب:......

لا، وتقدم لنا نظير هذه الصورة إلا أنها محمولة على أنه سرق من حرز.

طالب:......

إيه.

قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعاً" الخلسة غير السرقة، اختلس متاعاً دخل بإذن، دخل البيت، أو دخل المحل الدكان، إنسان دعي إلى ضيافة، فلما راح صاحب البيت دخل إلى البيت ليحضر الطعام، وجد هذا شيئاً نفيس اختلسه وضعه في جيبه، هذه خلسة، ومثل هذا لو دخل المحل، وقال: عن إذنك التلفون، قال: اتفضل، وجلس على الماسة، ويبي يتصل، وفتح الدرج، وأخذ ما خف، هذه سرقة وإلا خلسة؟ مفتوح الدرج ما هو مقفول، لو كان مقفول سرقة، لكن الدرج مفتوح، هذه خلسة.

طالب: اللي يسمونه نشال.

نعم؟

طالب: اللي يسمونه نشال.

هذيك نهبة النشال، علانية يأخذها، النهبة غير الخلسة.

"أتي بإنسان قد اختلس متاعاً، فأراد قطع يده، فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله، فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع" نعم؟

طالب:......

لكنه علانية ظاهر قدام الناس، إيه.

طالب: الذي ذهب بالعبد إلى عمر ليقيم عليه الحد وقام هو......

هو الأصل أنه يقيم، يقيم الحد بنفسه، لكن إذا كان الوالي من مثل عمر، فلا شك أن براءة الذمة تكمن بإسلامه أو تسليمه إلى عمر من حيث العلم، نعم العلم، ولا يساوره أدنى شك في أن قطعه أو تركه شرعي، نعم؟

طالب:......

ما يلزم بعد أن تذكر القصة بتفصيلها، ما يلزم أن تذكر القصة مفصلة، لكن إحنا نحمل على هذا.

طالب:......

إيه سرق متاعكم الذي يتمكن منه بحيث لا يرده عنه راد، ولا يصده عنه صاد، وليس بحرز، واضح هذا.

"فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع".

قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أخذ نبطياً قد سرق خواتم من حديد، فحبسه ليقطع يده، فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها: أمية" الذي يظهر من السياق أن الخواتم لا تصل قيمتها إلى النصاب "يقال لها: أمية، قال أبو بكر: فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس" جاءت وهو جالس مع الناس "فقالت: تقول لك خالتك عمرة: يا ابن أختي أخذت نبطياً في شيء يسير ذكر لي، فأردت قطع يده؟ قلت: نعم، قالت: فإن عمرة تقول لك: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً" فدل على أن قيمة الخواتم أقل من ربع الدينار "قال أبو بكر: فأرسلت النبطي" يعني تركته، أطلقته، وأطلقت سراحه.

"قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد أن من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه على جسده أو في جسده فإن اعترافه جائز عليه، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هذا" يعني هذا الضرر والعقوبة على الجسد؛ لأن الإنسان قد يعترف بشيء له في اعترافه مصلحة، وقد يعترف بشيء فيه على نفسه مضرة، وقد يعترف بشيء أو يدعي شيئاً فيه مفسدة وفيه مصلحة، وقد يعترف أو يدعي شيئاً لا مصلحة فيه ولا مفسدة، فالقسمة رباعية.

إذا اعترف بشيء عليه فيه الضرر، ولا ضرر على غيره يؤاخذ باعترافه وإلا ما يؤاخذ؟ يؤاخذ، إذا اعترف بشيء له فيه مصلحة ولا ضرر عليه لا بد من البينة، إذا كان الأمر المعترف به يشتمل على مصلحة ومفسدة بالنسبة له يصدق في ما فيه مضرته دون ما فيه مصلحته، وإذا اعترف بشيء لا مصلحة فيه ولا مفسدة فالاعتراف وجوده وعدمه سواء.

لو ادعى شخص أنه شريف من نسل النبي -عليه الصلاة والسلام- نصدقه من وجه ولا نوافقه من وجه، نمنعه من الزكاة، ولا نعطيه من الخمس إلا ببينة؛ لأن هذا اعتراف على نفسه؛ لأن الذي يعترف على نفسه يؤاخذ، اعترف على نفسه بما يضره، أما إذا ادعى شيئاً ينتفع به دون مضرة عليه فلا بد فيه من البينة.

هذا إن اعترف العبد على شيء يلحقه الضرر في بدنه، هذا لا شك أنه يؤاخذ بهذا الاعتراف، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هلاكاً أو هذا، فإن اعترف على نفسه بأنه سرق، وتوافرت الشروط يؤاخذ بهذا الاعتراف ولو تضرر السيد؛ لأن ضرره أكثر من ضرر السيد؛ لأنه قد يقال: إن سبب الاعتراف إرادة الضرر بالسيد، نقول: لا، الضرر عليه واقع أكثر من ضرر السيد، لكن لو اعترف أنه جنى جناية توجب مالاً، وجناية العبد على سيده، يصدق وإلا ما يصدق؟

قال: "وأما من اعترف منهم بأمر يكون غرماً على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده" إذاً يبقى للمجني عليه لإثبات الجناية أن يأتي ببينة.

لو قال الصبي لأبيه: اشتر لي هذه الآلة، قال: أبي دباب مثلاً، وقال أبوه: والله ما عندي استعداد أشتري لك دباب، والدباب ضرره واضح على الأطفال في أبدانهم وفي سلوكهم أيضاً، فاتفق مع شخص فقال له: نتفق أنا وإياك أني كسرت لك متاع قيمته كذا، ويكون المال بيني وبينك نصفين، من أجل إذا أخذت المال الكامل لك تعطيني نصفه أشتري به دباب، يصدق في هذا الاعتراف وإلا ما يصدق؟

طالب: ما يصدق.

ما يصدق، لكن دعوى صاحب المتاع المكسور لا بد من إحضار بينة، طيب افترض أن هذا ما استطاع أن يحضر بينة، تتجه اليمين على من أنكر، من الذي يحلف الصبي وإلا وليه؟ يحلف بإيش؟

طالب:......

يحلف على نفي العلم يكفي؟ نعم؟

طالب:......

يعني تقف المسألة بسد، وإلا لا بد من حل شرعي؟ يعني هل يقرر الصبي ويشدد عليه حتى ينفي، أو يقرر هذا الشخص الذي ليس عنده بينة ويشدد عليه، ويخوف حتى يرجع وينكل عن دعواه، فإن رجع وإلا تتجه اليمين على المدعى عليه؟ المدعى عليه لا يستطيع أن يثبت ولا ينفي لأنه لم يحضر، فإن نكل عن اليمين ردت إلى المدعي.

مثل هذه الدعاوى التي لازمها إلحاق الضرر بغير المدعي، أو غير المقر لا شك أنها لا تقبل.

"وأما من اعترف منهم بأمر يكون غرماً على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده".

"قال مالك: ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم إن سرقاهم قطع؛ لأن حالهما ليست بحال السارق، وإنما حالهما حال الخائن، وليس على الخائن قطع" لأنه في الغالب أنه مثل الخادم هذا والأجير أنه يمكن من الوصول إلى هذا المال، أما إذا لم يمكن منه يخدم في البيت، أجير يخدم في البيت، جئت بسباك وإلا كهربائي ووريته اللي تحتاج من الأدوات الكهربائية، والدورات التي تحتاج إلى صيانة، وأغلقت الأبواب على الأمتعة، فكسر باب وسرق، نقول: هذا أجير ما يقطع؟ لا، لكن لو سرق من الآلات التي أحضرت له ليصلحها، يقطع وإلا ما يقطع؟ هذه ليست سرقة، وإنما هي خيانة، فرق بين هذا وهذا.

يقول: "ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم إن سرقاهم قطع؛ لأن حالهما ليست بحال السارق، وإنما حالهما حال الخائن، وليس على الخائن قطع".

"قال مالك -رحمه الله- في الذي يستعير العارية فيجحدها: إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك مثل رجل كان له على رجل دين فجحده ذلك، فليس عليه فيما جحده قطع" التنظير مطابق وإلا غير مطابق؟

طالب:......

يعني استعار كتاب من زميله، استعار كتاب، ومع طول العهد نسيه فجحده، قال: الكتاب كتابي، قال: لا ما هو بكتابك هذا لي، كأنه في ذمته له دين، ومع طول المدة نسي، فجحده، التنظير مطابق وإلا غير مطابق؟

طالب: مطابق.

مطابق، مطابق، لكن الذي يشكل على هذا ويعكر عليه الحديث، الحديث في الصحيحين أن امرأة كانت تستعير متاعاً فتجحده، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقطعها، وقال: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)) فدل على أن مثل هذا الصنيع حكمه حكم السرقة، امرأة عرفت بكونها تسرق المتاع، وتكرر منها هذا مراراً، فقال بعضهم: إنها لم تقطع من أجل جحد العارية وإنما سرقت...

طالب:.......

لا، سرقت وكانت موصوفة بين الناس بأنها تجحد المتاع، تستعير المتاع وتجحده، فكونها تستعير المتاع وتجحده ليست هذه هي الجناية التي قطعت من أجلها، وإنما صار وصفاً لها، سرقت وهي معروفة بهذا العمل، فقطعت من أجل السرقة، ولم تقطع من أجل جحد العارية، وعلى كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، والنص الظاهر في أنها قطعت من أجل؟ ظاهر النص أنها من أجل جحد العارية، وإن كان القول الثاني أقعد، القول الثاني أنها لا تقطع في جحد العارية مثلما نظر الإمام -رحمه الله تعالى- هنا، نعم، لكن إنما قُطعت هذه المرأة لأنها اتصفت بكونها تستعير المتاع وتجحده، فكل من رآها قال: هذه هي التي تستعير المتاع وتجحده، هذه المرأة التي تستعير المتاع، لا تعيرونها، هذه المرأة التي تستعير المتاع فتجحده، فسرقت في يوم من الأيام فقطعت من أجل السرقة، لا من أجل جحد العارية، لكن ظاهر السياق يدل على أنها إنما قطعت من أجل جحد العارية.

طالب:......

لا، لا التفريق هذا ما هو بظاهر، لكن يبقى أنها فعلت هذا مرة أو مرتين أو عشر، يعني ما يفرق؛ لأنها لو تكرر منها هذا العمل وما أقيم عليها الحد تتداخل كمن سرق مرة واحدة.

على كل حال هذه المسألة لا شك أنها الخلاف فيها قوي، وظاهر سياق الحديث يدل على أنها إنما قطعت من أجل الجحد، لكن هل سياق الخبر من أجل الجحد أو من أجل القطع؟ لأن هناك من الدلالات ما هو دلالة أصلية ودلالة تبعية.

طالب:......

لا بد من هذا، والمسألة لا شك أنها معضلة، يعني شروط السرقة ما تنطبق عليها، وجحد العارية إلى الخيانة أقرب منه إلى السرقة، وليس على خائن قطع، فهل نقول: إن السياق إنما سيق من أجل القطع، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)) والحقيقة الشرعية واللغوية للسرقة لا تنطبق على جحد العارية، إنما الوصف المؤثر هو السرقة، وهل يمكن أن يقال: إن القطع كان تعزيراً لتكرر الأمر منها؟ نعم؟

طالب:......

نعم؟

طالب:......

طيب، نقول: هل الوصف المؤثر في الحكم هنا الذي هو القطع كونها تستعير المتاع وتجحده، أو كونها سرقت؛ لأنه قال: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)) فدل على أن هذه سارقة، لو أن فاطمة -رضي الله عنها- وصلى الله وسلم على محمد -عليه الصلاة والسلام- لو أنها فعلت مثل فعل هذه المرأة سرقت لقطعت يدها، فدل على أن الوصف المؤثر هو السرقة، وأما كونها تستعير المتاع وتجحده فإنما هو وصف لزمها من تكراره، وهذه أقعد وأقرب إلى النصوص الأخرى، فجحد العارية ليس من السرقة لا اللغوية ولا الشرعية ولا العرفية، لا ينطبق عليه أي حقيقة من الحقائق.

لو أن شخصاً استعار كتاباً من زميله، استعار الروض المربع، وقال: دامي أدرس في الكلية أبد، وإذا انتهيت وتخرجت أرده عليك، درس في الكلية أربع سنوات، وقد رسب في بعض السنوات، وصارت الكلية سبع سنوات، ونسي أنه لفلان، وقال: كتابي، قال: ما عندي لك كتاب، نسي، طيب هذا كتابي وعليه ختمي، ناظر اسمي عليه، الختم موجود، قال: لا، أنا شاريه منك، وقد استعمل هذا الكتاب، وسبع سنوات، وعلق عليه، وكل من رآه قال: هذا كتاب فلان، هذه المسألة فيها تعارض الأصل مع الظاهر، الأصل أن الكتاب لصاحب الختم، والظاهر أنه ما دام بيده مدة طويلة وفي مكتبته وفي بيته أنه له، فهنا تعارض الأصل والظاهر، فلا بد من مرجح، الأصل أن الكتاب لفلان، والظاهر أنه لمن هو بيده لا سيما مع طول المدة، واستعماله، الكتاب استعمال الملاك، استعماله استعمال الملاك، فك التجليد الأول، وجلده من جديد، وعلق عليه، وذاك يراه ولا ينكر عليه، فنحتاج إلى مرجح في هذا التعارض، فإن كان من عادة صاحب الختم أنه يبيع من كتبه ما زاد عن حاجته فيرجح قول من هو بيده، عملاً بالظاهر، وإن كان ليس من عادته أن يبيع، وإنما من عادته أن يعير فيترجح قول صاحب الأصل الذي الختم، ختمه على كتابه.

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت" نعم؟

طالب:......

والذي يظهر لي أنا أنه ما قطعت من أجل الجحد؛ لأن الجحد لا ينطبق عليه اسم السرقة، والسرقة معروف حكمها وحدها {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] والسرقة تعريفها لغة وشرعاً وعرفاً يختلف عن جحد العارية.

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به" يتردد على هذه الغرف ويجمع، ويكومهن عند الباب من داخل ما هو من برع، على شان إيش؟ هو موقف السيارة في الشارع الثاني، يبي إذا كمل جمعهن جاب السيارة وشالهن، مُسك قبل أن يأتي بالسيارة، ويشيل المتاع، هذا عليه قطع وإلا ما عليه قطع؟ ما عليه قطع، لكن لو كان يجمع في الشارع عليه القطع.

يقول: "الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك كمثل رجل وضع بين يديه خمراً ليشربها فلم يفعل" لأن الحد معلق بالشرب، وحد السرقة معلقة بالسرقة، ولم تتم "فلم يفعل فليس عليه حد".

"ومثل ذلك رجل جلس من امرأة مجلساً" يعني مجلس الرجل من زوجته، وهو يريد أن يصيبها حراماً فلم يفعل ولم يبلغ ذلك منها فليس عليه أيضاً في ذلك حد.

لأن الحد مرتب على التقاء الختانين، على الإيلاج، وأما بالنسبة للإثم فهو تبعاً للمانع الذي منعه المانع الذي منعه من إخراج المتاع، ومن شرب المسكر، ومن الوقوع على هذه المرأة، لو كان ذكر الله -جل وعلا- فتركها لله هذا يؤجر، نعم؟

طالب:......

الإيلاج وإلا التقاء الختانين؟ إذا جلس بين شعبها ثم جهدها فقد وجب الغسل.

طالب:......

على كل حال بالتقاء الختانين، التغييب هذا عندهم بالتغييب.

 

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه ليس في الخلسة قطع" وتقدم الخبر السابق "بلغ ثمنها ما يقطع فيه أو لم يبلغ" سواءً اختلس ما قيمته ثلاثة دراهم أو ثلاثمائة درهم، أو ثلاثة آلاف درهم، ما دام أخذها خلسة هذا ليس فيه قطع كما تقدم.