شرح الموطأ - كتاب الصلاة (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

يقول: وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال له: "إذا كنت في سفر فإن شئت أن تؤذن وتقيم فعلت -ليحصل لك الأجر- وإن شئت فأقم ولا تؤذن"؛ لأنه لا خلاف في مشروعية الإقامة في كل حال، قال ابن عبد البر: "وكان عروة يختار لنفسه أن يؤذن لفضل الأذان في السفر والحضر" والإشكال أن الحرج موجود على بعض الناس، لكن المشكلة أن عامة الناس يريدون أن يصلوا في الرحال، ثم يركبون السيارة ثم يطلعون، يصلون في الرحال ويجمعون العشاء مع المغرب، ثم بعد ذلك يشغلون السيارات ويروحون، يمين ويسار وأسواق.

طالب:.......

هي تحيا هذه السنة إذا وجد سببها، لكن ليس معنى هذا أن نقول: صلوا في الرحال ثم يا الله يمين ويسار واستراحات وأسواق، لا، الصلاة أهم، فإذا وجد الحرج الذي هو السبب وجدت الرخصة بلا شك، ولو كان هذا الحرج على أكثر الناس، ولو لم تكن على جميعهم، فالرخصة إذا نزلت عمت، هي الآن مهجورة، ما سمعنا بها إطلاقًا.

"قال يحيى: سمعت مالكًا يقول: "لا بأس أن يؤذن الرجل وهو راكب" قال ابن عبد البر: "كان ابن عمر يؤذن على البعير وينزل ليقيم" يؤذن على البعير وينزل ليقيم؛ لأن الإقامة تليها الصلاة، والصلاة لا تصح على الدابة -أعني الفريضة-، واختار الحسن أن يؤذن ويقيم على راحلته، ثم ينزل فيصلي، يقول: "ولا أعلم خلافًا في أذان المسافر راكبًا، وكرهه عطاء إلا من علة أو ضرورة، يؤذن وهو راكب، من لازم الأذان راكبًا أن يكون جالسًا؛ لأنه معروف أنه ليس بواقف على الدابة، يمكن أن يقف على الدابة؟ لا، ما يمكن، يعني من لازم الأذان راكبًا، لا نتصور المسألة سيارات، وكأنك في بيتك أو في غرفتك، لا، وكره الإمام مالك -رحمه الله- والأوزاعي أن يؤذن قاعدًا، وأجازه أبو حنيفة.

وفي الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يا بلال قم فأذن)) قال ابن المنذر: اتفقوا على أن القيام من السنة، ((قم فأذن)) يعني قوله: ((قم فأذن)) هل هذا نص في القيام للتأذين أو أمر بالتأذنين؟ قيل بهذا وهذا، منهم من قال: لا دلالة فيه على القيام حال الأذان، يعني لو قال له: قم أذن، قلنا لواحد: قم يا فلان أذن، وراح وجلس هناك امتثل الأمر أم لا؟ امتثل.

"وحدثني مر عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "من صلى بأرض فلاة" بزينة حصاة، جمعها: فلى، كحصى، وهي القفر البر، "من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك، وعن شماله ملك" هل هذان الملكان هم الحافظان أو غيرهما؟ (من صلى) السياق سياق مدح بلا شك، والقول بأنهما -هما- الحافظان يعري النص عن هذا المدح، والملك الذي عن شماله ماذا يكتب؟ يكتب السيئات، والآن السياق سياق مدح، ونقول له: أنت تراقب في صلاتك في الفلاة لتكتب حسناتك وسيئاتك؟ هذا يضعف القول بأنهما الحافظان، بل السياق ظاهر في أنه لو صلى منفردًا في أرض الفلاة فكأنه صلى في جماعة، "فإذا أذن وأقام... أو أقام" فقط، و(أو) هنا للشك أو التقسيم، "صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال"، أمثال الجبال، وفي هذا الخبر دليل على أن الجماعة الكثيرة أفضل من الجماعة التي دونها في الكثرة، وإلا فلا فائدة لهذا المصلي في ذلك كله، يقول ابن عبد البر: هذا مرسل له حكم الرفع، مرسل له حكم الرفع، كيف مرسل له حكم الرفع؟ الإرسال وصف للإسناد، نعم، الإرسال انقطاع في الإسناد، يقابله الموصول، مرسل له حكم الرفع، ما فيه شك أن هذا لا يقال من جهة الرأي، لكن كونه عن تابعي كأن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي، فإذا قال سعيد بن المسيب: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا مرسل، مرسل من وجه باعتبار أنه رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي، وقد روي موصولًا ومرفوعًا.

أخرج النسائي من طريق داود بن أبي هند عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان الرجل في أرض فيء فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان، فإذا أذن وأقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه، يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه)) وروى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان موقوفًا، تعارض فيه الوقف والرفع، لكنه لا يقال من جهة الرأي، الذي يقيم اثنين، والذي يؤذن ويقيم أمثال الجبال.

طالب:......

نعم؛ لأن هذا كله فضائل، ما هو بإلزام، ولذا يقول: "فإذا أذن وأقام أو أقام" نعم، من صلى بأرض فلاة يعني اثنين، هذا لمن صلى بدون أذان ولا إقامة، لكن إذا أذن وأقام، أو أقام فقط، صلى وراءه..؛ لأن النص الذي معنا على التنويع، إن أذن وأقام، أو أقام فقط، لكن الحديث الموصول: ((إذا كان الرجل في أرض فيء فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان)) أقام، وإذا أردنا أن نجعله مع الخبر السابق، يعني إذا أردنا أن نوفق بينه وبين الخبر السابق حملنا الإقامة في الخبر الثاني ((فأقام الصلاة)) يعني أقام ركوعها وسجودها، وصلاها كما أمر، لا أنه أقام لها إقامة لكي يلتئم الحديثان، ظاهر أم ليس بظاهر؟ لا علاقة للأذان والإقامة بصحة الصلاة، الصلاة صحيحة عند عامة أهل العلم ولو لم يؤذن ولم يقم، لكن إن أذن فهو أكمل والإقامة آكد، ومنهم من يقول بوجوبها على المنفرد، لكنها سنة مؤكدة عند عامة أهل العلم، والمرأة حكمها حكم المنفرد، ماذا نقول: أيهما أفضل جماعة الناس أم جماعة الملائكة؟ نعم، جماعة الناس هي الأصل، هي الأصل الذي رتب عليها أجر الخمسة والعشرين، وإن كان الصلاة في الفلاة كم؟ خمسين، لكن ما هو معناه أنه يطلع ويترك الجمعة والجماعات يريد أن يدرك الخمسين، هل ينتظر هذه المحطات أو يصلي في الفلاة؟

طالب:......

نعم، لكن الأجر متفاوت، الأجر متفاوت، وعظم الأجر ينبغي أن يقصده المسلم، هذا الأصل أن المسلم يقصد عظم الأجر؛ لأنه يبحث عن هذه الأجور، هي المسألة مفترضة في شخص مسافر، دخل وقت صلاة الظهر وبقي على المحطة خمسين كيلو، نعم يدرك المحطة في الوقت، ويمكن يدركهم مع الإقامة، مع إقامة صلاتهم، أو يريد يدرك بلدًا مثلًا، يدخل بلدًا على وقت الإقامة، هل نقول: انتظر حتى تدخل هذا البلد وتصلي مع الناس، أو نقول: صلِّ في الفلاة، واحصل على هذا الأجر، ولا شك أن عمل الأرفق بالإنسان من مقاصد الشرع، إذا كان الأرفق به أن يصلي حالًا وفي الفلاة يصلي، وإذا كان الأرفق به أن ينتظر حتى يصل البلد ويصلي مع الناس لكونه أرفق به أو أدفأ في مسجد مثلًا، والفلاة فيها برد، أو العكس، قد يكون البلد حارًّا والفلاة أدفأ له، لا شك أن الأرفق بالمسافر وبالمسلم عمومًا هو من مقاصد الشرع، إذا كان يسمع النداء لا بد أن يجيب، إذا كان لا يسمع النداء يصلي منفردًا.

باب: قدر السحور من النداء:

أحسن الله إليك:

باب: قدر السحور من النداء:

عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)).

عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) قال: "وكان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت".

 باب: قدر السحور من النداء:

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بلالًا ينادي بليل))" ينادي: يعني يؤذن، بليل: يعني فيه، في الليل، والباء تأتي بمعنى (في) التي هي للظرفية، تقول لزيد: أين أبوك؟ يقول: بالمسجد، يعني فيه، ((إن بلالًا ينادي بليل)) يعني قبل طلوع الفجر، قبل طلوع الصبح، ((فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) اسمه: عمرو، وقيل: كان اسمه: حصين، فسماه النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الله، الأعمى، الذي نزل فيه أو بسببه العتاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- {عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [(1-2) سورة عبس] بلال ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، في الحديث الذي يليه قال: "وكان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت" في هذا الاعتماد على الصوت، وتقليد المؤذن إذا كان ثقة في دخول الوقت، في حل الصلاة، في حل الأكل، في تحريمه يُقَلَد إذا سمع صوته ولو لم يُرَ شخصه، وجماهير أهل العلم على صحة الرواية من وراء حجاب، إذا عرف الصوت، إذا عرف الصوت وأمن التقليد، فتصح الرواية، شعبة بن الحجاج هو من أهل التحري بل التشديد في هذا الباب، يقول: لا تصح الرواية من وراء حجاب حتى ترى الشخص، تأكد، لا يكون الذي يحدثك من وراء الحجاب شيطان، لكن لو قلنا بهذا القول ما قبلنا أذان المؤذن، لكن بالنسبة للأذان لا يمكن أن يطيقه الشيطان، ولا يمكن أن يتلبس به، فتأتي مسألة الرواية، مسألة الرواية عن أمهات المؤمنين، يروى عنهن من وراء حجاب وهذا معروف، وغير ذلك.

فالرواية من وراء حجاب صحيحة شريطة أن يعرف الصوت معرفة لا إشكال فيها، لا مراء فيها، وأن يؤمن التقليد؛ لأن بعض الناس يجيد التقليد، وقل مثل هذا في الاعتماد على الخط إذا عُرف وميز بين الخطوط بحيث لا يشك أنه خط فلان، يعمل به على أساس أنه وجادة، والوجادة إحدى طرق التحمل، فيه أيضًا: جواز أذان الأعمى من غير كراهة، جواز أذان الأعمى من غير كراهة، ونقل عن أبي حنيفة أن أذان الأعمى لا يصح، وتعقبه بعض الحنفية بأنه غلط على أبي حنيفة، وهذا الذي نجزم به؛ لأنه لا يمكن أن يقول أبو حنيفة: لا يصح أذان الأعمى وهو مستفيض عن ابن أم مكتوم، نعم في المحيط، المحيط عند الحنفية كتاب كبير في فقه الحنفية، نعم، يكره أذان الأعمى، ما السبب في ذلك؟ أن الأذان مبني على المشاهدة، العلامات التي نصبت لمعرفة الأوقات تسمع بالأذن؟ أو تدرك بالحواس غير البصر؟ ما يمكن إلا بالبصر، لكن تأذين ابن أم مكتوم في عهده -عليه الصلاة والسلام- وإقراره على ذلك يدل على جوازه من غير كراهة.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله" وفي رواية القعنبي: عن أبيه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بلالًا ينادي بليل))" إن بلالًا ينادي بليل، والأسلوب يدل على أن ذلك كان ديدنه، أنه ينادي بليل، يعني عادته مستمرة ((فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)) فإنه لا ينادي إلا مع الوقت، وجاء في رواية أن ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، قال بعضهم: إنه من قبيل المقلوب، من قبيل المقلوب، لكن لا يمنع أن يكون الأذان نوب، نعم، مرة يؤذن بلال بليل، وهذا هو الكثير الغالب، وقد يؤذن ابن أم مكتوم قبل بلال، ((فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)) قال: جزم ابن قدامة بأن القائل ابن عمر الراوي "قال: وكان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى" وفي رواية الإسماعيلي ما يدل على أن القائل ابن شهاب، "كان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى" وهذا فيه جواز ذكر الرجل بما فيه من عاهة، العمى عاهة، العرج عاهة، العور، الحول، غير ذلك كلها عاهات، في كتب التراجم، بل في طرق الروايات يذكر الأعرج، الأعمى، الأعور، الأحول، كثير هذا عند أهل العلم، فيجوز إذا ترتب على ذكر ذلك مصلحة، مصلحة التعريف بالشخص، ولم يقصد به شينه ولا عيبه يجوز، "لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت"، أصبحت: يعني دخلت في الصباح، كما يقال: أنجد وأتهم وأظلم وأسفر، يعني دخل في نجد، وفي تهامة، وفي الظلام، وفي الصباح، وهنا: "أصبحت، أصبحت" أي: دخلت في الصباح، هذا الأصل، لكن يشكل على هذا أنه لا يجوز الأكل بعد الدخول في الصباح اتفاقًا، إذا تيقنا أن الصبح دخل؛ لأنه لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أصبحت، يعني تأكدنا أن الصباح قد دخل، فهل معنى هذا أننا نأكل حتى يؤذن ابن أم مكتوم ولو دخل الصبح على ما يفيده الخبر؟ أو أن المراد بذلك قاربت الصباح، قاربت الصباح، ليكون أذانه مع دخول الوقت، لكن مثل هذا هل يتصور في رجل أعمى لا يرى، بل يقال له: أصبحت، أو أنه بالفعل دخل في الصباح؟ أو أنهم من الحرص على صحة صيام الصائم يقال لابن أم مكتوم: أصبحت أصبحت قبل دخول الصباح؟ لأن المسألة مشكلة، إذا قلنا: إنه ما يؤذن حتى يدخل في الصباح ويتبين الصباح والناس يأكلون بعد طلوع الصبح، مع أنه لا يجوز الأكل بعد طلوع الصبح اتفاقًا، فهل معناه أنه يقال له: أصبحت يعني قاربت الصباح، أو أنك دخلت في الصباح بالفعل؟ هذا الأصل في الكلمة، دخل بالفعل، لكن لنوفق بين النصوص، إن كان متهيئًا للأذان قبل الصبح، فإذا قيل له: أصبحت قال: الله أكبر، هذا ما فيه إشكال، لكن المتصور أنه جالس يأكل، فإذا قيل له: أصبحت أصبحت قام فأذن، مثل هذا يلزم عليه أن يأكل الناس، حتى أنهم يأكلون بعد طلوع الصبح، ظاهر أم غير ظاهر؟ لكن اللفظ الثاني: "لم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا" نعم هذا مرفوع أو هذا من قبل الراوي؟ لأن قوله: ((كلوا واشربوا حتى)) غاية، يعني ((إذا أذن بلال كلوا واشربوا)) هل معنى هذا أن المسألة أمر يسير، يدل على أنه فيه فرصة للأكل بين الأذانين، هذا ما يفيده الخبر الذي معنا، لكن يبقى أنه اللفظ الذي معنا يشعر بأن فيه فرصة بين الأذانين للسحور، لكن ليس معنى هذا أن السحور عندهم مثل السحور عندنا، الناس يحتاجون إلى ساعة للسحور، نعم، هم الأسودان، ماذا عندهم؟ إن كان عندهم شيء يسير وإلا علقة+، يقول ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في الإسناد الأول أنه موصول، وأما هذا فرواه يحيى وأكثر رواته مرسلًا، يعني إلا في رواية القعنبي، والبخاري -رحمه الله- رواه من طريق القعنبي، وأما قول بعضهم: إن البخاري يخرج أحاديث مالك من طريق عبد الله بن يوسف فإنه أغلبي لا كلي، يخرج عن مالك في الموطأ من طريق عبد الله بن مسلمة كهذا الحديث، وسيأتي أحاديث أخرى، الذي يليه أيضًا من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، وإن كان الغالب أنه يخرج أحاديث الموطأ من طريق عبد الله بن يوسف، وأما مسلم فمن طريق يحيى بن يحيى التميمي وليس الليثي، البخاري ترجم عليه باب: أذان الأعمى إذا كان له من يخبره بالوقت؛ لأن الوقت في الأصل مبني على المشاهدة، وفي الحديث جواز الأذان للصبح قبل طلوع الفجر، وجواز اتخاذ مؤذِّنَين في المسجد الواحد، على ألا يؤذنا في آن واحد، يعني ما يكون أذانهما في أذان واحد، إنما واحد تلو الآخر، وعلى جواز تقليد الأعمى البصير في دخول الوقت، جواز تقليد الأعمى البصير، أو تقليد البصير الأعمى؟ كيف صارت كلها موجودة؟ والبصير يأكل حتى يؤذن الأعمى، أذان الأعمى، صحيح؛ لأن الظاهر أننا نقلد هذا الأعمى، فحق العبارة أن يقال: تقليد البصير الأعمى؛ لأن الأصل في الإضافة في إضافة المصدر أو اسم الفاعل، نعم إذا عقبه في المعنى فاعل ومفعول أن يضاف إلى الفاعل، يقدم الفاعل لأن حقه التقديم، فيضاف إلى الفاعل، وهنا أضيف إلى الفاعل فالأعمى هو المقلِّد، والبصير هو المقلَّد؛ لأنه لا يؤذن هذا الأعمى حتى يقال له: أصبحت أصبحت فيقلد هذا الذي قال له، وغيره ممن يستمع يقلد هذا الأعمى، فيقلد الأعمى البصير والبصير الأعمى.

قالوا في الحديث أيضًا: ابن أم مكتوم منسوب إلى أمه ففيه: جواز نسبة الرجل إلى أمه، وهذا في حال واحدة إذا كانت أشهر من أبيه، وإلا فالأصل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [(5) سورة الأحزاب] ويدعى الإنسان يوم القيامة بأحب الأسماء إليه، بعضهم قال: في القيامة يدعون بأمهاتهم، واستروحوا إلى قوله -جل وعلا-: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] قالوا: جمع أم، وقالوا أيضًا: تشريفًا لعيسى بن مريم، وسترًا على أولاد الزنا، عللوا قولهم، نعم؟

طالب:.......

نعم، قالوا: إمام: جمع أم، الذي يميل إلى قول ويشرب قلبه إياه، ويترجح عنده يريد أن يتمسك بأدنى شيء، الإمام غير الأمهات، بل غير الأمات، جمع أم: أمات، في بني آدم، نعم؛ ولذا الإمام أحمد يقول: الذي يقال له: ابن علية، على كل حال إذا كان يكره، وأمكنت نسبته إلى أبيه بحيث لا يخفى على السامع لا يجوز ذلك، لكن إذا اشتهر بين الناس واستفاض.......، لكنه نسب إلى أمه، هو منسوب الآن إلى أمه، سواءً سميت أم أو كنيت، لكن الآن هو منسوب إلى أبيه أم إلى أمه؟ بغض النظر عن كونها مسماة أو مكناة، هو منسوب إلى أمه، نعم.

....... ((كلوا واشربوا)) نعم، حمله بعضهم على أنه خاص برمضان، واستحباب ذلك في رمضان دون غيره، ومنهم من قال: مطلقًا، يوقظ نائمكم، وهذا مطلوب في رمضان وفي غيره، لكنه مهجور، الآن الحي الكامل ما تجد فيه من يؤذن، كنا نسمع الأذان الأول في رمضان، وتُرك الآن حتى في رمضان، ترك حتى في رمضان، فهي سنة مهجورة.

سم.

باب: افتتاح الصلاة:

أحسن الله إليك.

باب: افتتاح الصلاة:

عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضًا، وقال: ((سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)) وكان لا يفعل ذلك في السجود.

عن مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم- أنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع، فلم تزل تلك صلاته حتى لقي الله".

عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه في الصلاة.

عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- كان يصلي لهم فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: "والله إني لأشبهكم بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع.

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك.

عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أنه كان يعلمهم التكبير في الصلاة قال: "فكان يأمرنا أن نكبر كلما خفضنا ورفعنا".

عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: "إذا أدرك الرجل الركعة فكبر تكبيرة واحدة أجزأت عنه تلك التكبيرة".

قال مالك: "وذلك إذا نوى بتلك التكبيرة افتتاح الصلاة".

وسئل مالك -رحمه الله- عن رجل دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع حتى صلى ركعة ثم ذكر أنه لم يكن كبر تكبيرة الافتتاح ولا عند الركوع وكبر في الركعة الثانية؟ قال: "يبتدئ صلاته أحب إلي ولو سها مع الإمام عن تكبيرة الافتتاح، وكبر في الركوع الأول رأيت ذلك مجزيًا عنه إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح".

قال مالك في الذي يصلي لنفسه فنسي تكبيرة الافتتاح: إنه يستأنف صلاته.

وقال مالك -رحمه الله- في إمام ينسى تكبيرة الافتتاح حتى يفرغ من صلاته قال: أرى أن يعيد ويعيد من خلفه الصلاة، وإن كان من خلفه قد كبروا فإنهم يعيدون.

يقول -رحمه الله تعالى-: باب: افتتاح الصلاة:

الصلاة تفتتح بالتكبير، والمراد بذلك تكبيرة الإحرام، وهي ركن عند الجمهور، وشرط عند الحنفية، تكبيرة الافتتاح، تكبيرة الإحرام ركن عند الجمهور، شرط عند الحنفية، ما الفائدة من هذا الخلاف؟ نعم؟ خارج الماهية الشرط، والركن داخل الماهية، ما معنى هذا؟ إذا قلنا: خارج الماهية يكبر للإحرام في بيته، ويأتي يصلي في المسجد كما يتوضأ في بيته ويأتي يصلي في المسجد؟ هل مقتضى هذا القول مثل هذا الصنيع؟ أو أنه وإن كان شرطًا عند الحنفية إلا أنه شرط مقارن؟ طيب ماذا يترتب على هذا الخلاف من الفوائد؟ يقول: لو كبر حامل نجاسة ثم وضعها مع نهاية التكبير تصح صلاته عند الحنفية؛ لأنه حمل النجاسة خارج الصلاة، ولا تصح عند الجمهور؛ لأنه حملها داخل الصلاة، لو كبر وقلب نيته مع التكبير من نفل إلى فرض عند الحنفية هي شرط، والشرط كما يكون للفرض يكون للنفل على حد سواء، يجوز له أن يقلب نيته، عند الجمهور لا يغير النية، نعم عند الحنابلة يجوز للمنفرد في الوقت المتسع أن يقلب النية من فرض إلى نفل، لكن العكس لا يجوز.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا الإسناد هو أصح الأسانيد عند الإمام أحمد.

وجزم ابن حنبل بالزهري

 

عن سالم أي عن أبيه البري

"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه" رفع اليدين في الصلاة حكمه سنة، سنة بالإجماع فيما نقله النووي وغيره، إلا ما حكي عن داود فيما يتعلق بتكبيرة الإحرام فأوجب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وروي عن الأوزاعي والحميدي أن الصلاة تبطل بترك رفع اليدين، والأئمة الأربعة كلهم على استحبابه عند تكبيرة الإحرام، والثلاثة على استحبابه في المواضع المذكورة في الحديث، وأما الحنفية فعندهم الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط، والحكمة من رفع اليدين لكي يرى الأصم، فإذا رأى الأصم رفع اليدين عرف أن الصلاة بُدئ بها؛ لأنه لا يسمع التكبير، وأما بالنسبة للأعمى الذي لا يرى الرفع يسمع التكبير.

وأيضًا من الحكم: قيل: الإشارة إلى طرح الدنيا كأنه إذا قال هكذا رفع يديه كأنه ألقى الدنيا وراءه، وقيل: إشارة إلى رفع الحجاب بينه وبين ربه، وقيل غير ذلك، أقوال لأهل العلم وكلها التماس.

مواطن الرفع عند الحنفية: عند تكبيرة الإحرام فقط، وعند المالكية والحنابلة في المواطن الثلاثة، لتكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، والشافعية يقولون بموضع رابع، وهو بعد القيام من الركعتين، من حديث ابن عمر في الصحيح: "إذا قام من الركعتين"، هذه المواضع الأربعة، لكن هل نلزم الحنبلي بأن يرفع يديه بعد الركعتين؟ نقول: السنة، أنت خالفت السنة، هذا ثابت في البخاري من حديث ابن عمر، لو قال حنبلي وهو معروف بالاتباع، وليس بمقلد متعصب، يدور مع الأدلة، وقلنا له: هذه ثابتة في الصحيح من حديث ابن عمر، نقول له: ارفع يديك بعد الركعتين؟..... المسألة سنة، ما هي لا عند الحنابلة ولا عند غيرهم، المسألة مفترضة في حنبلي متبع، نعم، لا شافعي ولا حنبلي متعصب، يقول: والله هكذا المذهب، أنا وجدت كتب المذهب هكذا، ما فيها بعد الركعتين، متبع، يؤثر النصوص، ومع ذلكم إمامه معظم في نفسه، مع اتباعه للنصوص، لا يغفل إمامه، يعني ما يبعد إمامه عن الصورة، لكن أنا أريد أن أصل إلى شيء، وهو وإن كان مرفوعًا عند الإمام البخاري إلا أن الراجح عند الإمام أحمد أنه موقوف، موقوف، هذا تعارض، فيه وقف ورفع، من إمامين كبيرين، يقول: صحيح في صحيح البخاري، مرفوع وصحيح ما فيه إشكال، لكن الإمام أحمد يرى أنه موقوف، ليس هذا من باب التعصب، يعني لو لم يرَ الإمام أحمد أنه موقوف عملت به، الحث على سنة الصحابة معروف، لكن المقصود الخلفاء الراشدين ((اقتدوا باللذين من بعدي)) المسألة في ثبوت الخبر، الترجيح بين أحمد والبخاري، في هذا الشأن لا في الفقه، يقول: نعم، أنا ما خفي علي هذا الخبر، ولا خفي على إمامي، لكن الراجح أنه موقوف، نعم، لا يثرب عليه، ولا ينتقص بذلك، لكن لو كانت المسألة عارية عن الدليل عنده، قلنا: لا يا أخي قولك ما ليس له حظ من النظر؛ ولذا بعض الناس الذين لا يدركون مثل هذه الأمور يتطاولون على الأئمة بمثل هذه المسائل، أول ما يعلق على الزاد إذا قال..، وغير الزاد: مواطن الرفع ثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، يعلق عليه: ثبت في الصحيح كذا، نعم ثبت في الصحيح، لكن الإمام إمام، نعم القرائن عند البخاري رجحت أنه مرفوع، والقرائن عند أحمد رجحت أنه موقوف، كل إنسان ما يدين الله به، إذا تأهل الإنسان للعمل بالقرائن هذا فرضه، لكن متى يتأهل الإنسان للعمل بالقرائن؟ إذا تعارض مثل قول أحمد والبخاري ما الذي تفعل؟ نعم إذا تأهل الإنسان للقرائن هذه مسألة مفروغ منها يا إخوان، لكن الآن في مثل المبتدئ في طلب العلم وعلم الحديث على وجه الخصوص ماذا يصنع؟ يقلد من؟ الآن الدعوات بأن تنبذ قواعد المتأخرين، ونطلع لمحاكاة المتقدمين ونعمل..، متى نصل إلى أن نصير في مصاف المتقدمين نحكم بالقرائن؟ أنا أقول: عندي بالنسبة للمرجح هو ما في البخاري؛ لأن صحيح البخاري كتاب تلقته الأمة بالقبول، وتلقي الأمة للكتاب بالقبول يرجحه على كل قول، نعم لو تعارض قول البخاري فيما ينقل عنه، نقل الترمذي عن البخاري أنه قال: الحديث مرفوع، ونقل عن أحمد أنه قال: موقوف، هنا الإشكال، تحتاج إلى مرجح، لكن ما دام قول البخاري في صحيحه الذي تلقته الأمة بالقبول لا يعارض به قول أحمد، أو غير أحمد، أو أبو حاتم أو الدارقطني أو أي إمام من الأئمة؛ لأن تلقي الأمة بالقبول لهذا الكتاب كافٍ في ترجيحه وترجيح ما فيه، كيف يكون أصح من صحيح البخاري؟ الأمة مجمعة على أن صحيح البخاري أصح، ما يأتي أصح مما في صحيح البخاري، قواعد المتأخرين يرجحون الرفع؛ لأن مع من رفع زيادة علم خفيت على من وقف، وقول آخر في المسألة من المتأخرين يرجح الوقف؛ لأنه هو المتيقن، والرفع مشكوك فيه، وهذا يبحثونه في زيادات الثقات، منهم من رجح الأحفظ، منهم من يرجح الأكثر، المسألة مختلف فيها، لكن الحكم العام المطرد ليس من طريقة المتقدمين.

أقول: القول معروف عند الشافعية، واستحباب رفع اليدين بعد الركعتين، وهنا يقول: نقل الزرقاني في شرح الموطأ عن الخطابي أن الشافعي لم يقل به، وهو لازم على أصله في قبول الزيادة، ونقل عن ابن دقيق العيد قوله: والصواب إثباته، وأما كونه مذهب الشافعي لقوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي، ففيه نظر، فهذا القول، نعم هو مذكور عند الشافعية في كتبهم، لكن هل الإمام قال به أو لم يقل به؟ مستفيض عندهم.

يقول: الرسول -عليه الصلاة والسلام- سمى عبد الله بن مسعود ابن أم عبد في أكثر من موضع، رغم أنه مشتهرة في ابن مسعود، فهل تقييد جواز التسمية بأمه إذا كان أشهر وصحيح؟ وهل الحكم للكراهة أم للتحريم أم مباح؟

في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ابن أم عبد)) أو قول شخص لمن يدل عليه، من باب المداعبة، من باب الإدلال عليه، من باب يسمونه الناس ميانة عليه، يقول: يا ولد فلانة، لا تقصد بذلك عيبه، وإنما تريد مداعبته، هذا ما يدخل في الخلاف، لكن الأصل أن الإنسان يدعى لأبيه.

يقول: "كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه" يعني مقابل منكبيه، والمنكبان تثنية منكب كمجلس، مجمع عظم العضد والكتف، هنا، وبهذا أخذ الأكثر أن الرفع إلى المنكبين، وذهب الحنفية إلى أن الرفع إلى الأذنين، وقد جاءت السنة الصحيحة بهذا، "حتى حاذى بهما فروع أذنيه" لكن الجمع بينهما ممكن، أن يحاذي بالمنكبين ظهور الكفين، ويحاذي بالأذنين أطراف الأصابع، وبهذا تتفق النصوص، "كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضًا، وقال: ((سمع الله لمن حمده))" إذا افتتح الصلاة يعني قائلًا: الله أكبر، رفع يديه حذو منكبيه، وكذلك إذا ركع، وإذا رفع من الركوع رفعهما كذلك، وقال: ((سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)) ويأتي الصيغ الواردة في هذا، ومن يقول: سمع الله لمن حمده، ومن يقول: ربنا ولك الحمد؟ فالإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، والإمام أيضًا يقول: ربنا ولك الحمد، الأكثر على أن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده؛ لأن العطف بالفاء يقتضي أنه لا واسطة بين قول الإمام: سمع الله لمن حمده، وقول المأموم: ربنا ولك الحمد، الشافعية يقولون: يجمع بينهما كل مصلٍّ، والحنفية يقولون: يقول الإمام: سمع الله لمن حمده، ويقول المأموم: ربنا ولك الحمد، فلا يقول الإمام: ربنا ولك الحمد، ولا يقول المأموم: سمع الله لمن حمده، وتأتي المسألة -إن شاء الله تعالى-.

ربنا ولك الحمد، وردت على صيغ أربع: اللهم ربنا ولك الحمد، الجمع بين اللهم والواو، وهذا في الصحيح وإن نفاه ابن القيم، وربنا ولك الحمد بالواو فقط، واللهم ربنا لك الحمد، بـ "اللهم" فقط، وبدونهما: ربنا لك الحمد، "وكان لا يفعل ذلك في السجود".

الحديث في الصحيح: "وكان لا يرفع يديه إذا هوى للسجود" فالسجود لا ترفع فيه اليدان، وجاء في خبر: "كان يرفع مع كل خفض ورفع" قال بعضهم: إنه وهم، والصواب: "كان يكبر مع كل خفض ورفع"، هل يختلف الرفع لأنه يقول: رفعهما كذلك؟ كذلك يعني لمطلق الرفع أو لهيئته؟ يعني كما رفع في تكبيرة الافتتاح حذو منكبيه يرفع عند الركوع والرفع منه حذو منكبيه؟ يقول ابن حجر: لم يرد ما يدل على التفرقة بينهما، بعضهم يقول: إنه عند تكبيرة الإحرام إلى فروع الأذنين، وعند الركوع والرفع منه إلى المنكبين، وأيضًا لم يرد ما يدل على التفرقة بين الرجل والمرأة، فالمرأة كالرجل، إلا فيما دل الدليل على اختصاص الرجال به، وعن الحنفية يرفع الرجل إلى الأذنين، والمرأة إلى المنكبين؛ لأنه أستر لها.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب -زين العابدين- أنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع" يكبر للركوع، ويكبر للسجود، ورفع رأسه من السجود، وأما إذا رفع رأسه من الركوع فيقول: سمع الله لمن حمده، يعني كلما خفض للركوع والسجود، لكن كلما رفع؟ لا، السجود فقط، "فلم تزل تلك صلاته حتى لقي الله"، قال ابن عبد البر: "لا أعلم خلافًا بين رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث"، علي بن الحسين تابعي يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرسل، ورواه عبد الوهاب بن عطاء عن مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن أبيه موصولًا، أبوه الحسين بن علي بن أبي طالب سبط النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار"، "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار" تقدم مرارًا وأنه أحد الفقهاء السبعة، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه في الصلاة"، يعني إذا كبر للإحرام، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع منه، وإذا قام من الركعتين.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -وهو أيضًا من الفقهاء- أن أبا هريرة كان يصلي لهم" أي لأجلهم إمامًا، يصلي لهم، كونه يصلي لهم هل في هذا أثر على النية؟ نعم، يعني يجوز تصلي لفلان؟ نعم، أنه يصلي لهم، لأجلهم، صحيح، لكن أقول: هل إذا قلت: أنت صليت لفلان يصح أم لا يصح؟ نريد أن نأتي بالصيغة على وجهها المقبول شرعًا، نعم، هو يصلي لهم، هو لا شك أن أصل الصلاة لله -عز وجل-، والقدر الزائد عن أصل الصلاة من الجهر من أجلهم، من أجل أن يقتدوا به ويأتموا به، لو افترضت أنك صليت بجماعة مثلًا، ولا زدت أي قدر زائد عن صلاتك منفردًا يستفيدون منك؟ ما يستفيدون منك، فأنت هذا القدر الزائد لهم، ولأجلهم، أما أصل الصلاة لا يختلف أحد في أنه لله -عز وجل-، "كان يصلي لهم -أي لأجلهم- فيكبر كلما خفض ورفع" كلما خفض ورفع، عند الرفع من الركوع فإنه يقول: سمع الله لمن حمده، "فإذا انصرف قال: "والله إني لأشبهكم بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، يعني من أجل جهره بالتكبير؛ لأنه عرف في آخر عهده من بعض الصحابة، وبعض الولاة عدم الجهر بالتكبير، شاع عنهم ذلك، فلما جهر بالتكبير صار أشبههم صلاةً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه يجهر بالتكبير، بل أثر عن بعضهم ترك التكبير، فضلًا عن الجهر به، ولا شك أن تكبير الانتقال سنة عند الجمهور، وأوجبه الإمام أحمد -رحمه الله-؛ لأنه لم يعرف عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى من غير تكبير، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع"، زاد أشهب: "وكان يخفض بذلك صوته" يخفض بذلك صوته، لا شك أن رفع الصوت للحاجة،  والحاجة إذا كان إمامًا فالحاجة داعية ليرفع صوته، لكن إذا كان مأمومًا فإنه لا داعي لرفع الصوت، بل يخفضه كما كان ابن عمر، فرفع الصوت وخفضه تبعًا للحاجة.

"وحدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك" إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك، وعرفنا أنه في المرفوع ماذا يقول: كذلك، كذلك يعني مثله، الرفع للركوع، والرفع من الركوع مثل الرفع لتكبيرة الإحرام، ولا شك أن هذا موقوف من رواية نافع عن ابن عمر، وهو مرفوع من رواية سالم.

يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان -القرشي مولاهم المدني- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يعلمهم -أي يعلم أصحابه من التابعين- التكبير في الصلاة" كان يعلمهم، "أنه كان يعلمهم التكبير في الصلاة، قال -وهب-: "فكان يأمرنا أن نكبر كلما خفضنا ورفعنا" كلما خفضنا للركوع والسجود، ورفعنا من السجود، كما مر بنا مرارًا.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: إذا أدرك الرجل الركعة -يعني مع الإمام- فكبر تكبيرة واحدة أجزأت عنه تلك التكبيرة"، "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: إذا أدرك الرجل الركعة" الإدراك مفهومه أنه مع الإمام؛ لأن المنفرد يقال: أدرك؟ نعم؟ بل يمكن أن يدرك المنفرد الركعة بالركوع؟ لا بد من القراءة قبلها، فالنص ظاهر في المأموم، "إذا أدرك الرجل الركعة مع الإمام فكبر تكبيرة واحدة أجزأت عنه تلك التكبيرة، قال مالك: "وذلك –عنده، يعني عندنا- إذا نوى بتلك التكبيرة افتتاح الصلاة"، ينوي بتلك التكبيرة الواحدة، إذا جاء والإمام راكع ثم كبر ولحق بالإمام تكبيرة واحدة ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح التي هي تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الانتقال تدخل فيها، ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح؛ لأنها الركن، هذا رأيه، هذا حمله على ما يراه؛ لأنها ركن عنده، ابن شهاب نقل عنه أنه يرى أن تكبيرة الإحرام سنة، ما يرى الركنية، فالمؤلف يريد أن يستدل ويسكت؛ ولذلك قال: وذلك عندنا إذا نوى؛ لأنها الركن فتدخل فيها تكبيرة الانتقال فسره مالك على مذهبه، أما ابن شهاب فلا يحتاج إلى نية؛ لأنه لا يرى وجوب تكبيرة الإحرام، لأنه يراها سنة.

"وسئل مالك -رحمه الله- عن رجل دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع حتى صلى ركعة -ما كبر- ثم ذكر أنه لم يكبر تكبيرة الافتتاح، ولا عند الركوع وكبر في الركعة الثانية؟ فقال: "يبتدئ صلاته أحب إليّ" يبتدئ صلاته أحب إليّ؛ لأنه صلى من دون تكبيرة الإحرام، والصلاة من غير تكبيرة الإحرام لا تنعقد، لا تنعقد، ويقول: أحب إليّ، يعني ظاهر اللفظ أنه لا على سبيل الوجوب، لكنهم -يعني المالكية- يقولون: على سبيل الوجوب، والإمام مالك -رحمه الله- قد يطلق هذا اللفظ: (أحب إليّ) في الواجب، وهذا من ورعه -رحمه الله-، كما يقول الإمام أحمد في بعض الواجبات: يعجبني، وبعض المحرمات يقول: لا يعجبني، أو أكره كذا، هذا من ورعهم، "ولو سها مع الإمام عن تكبيرة الافتتاح وكبر في الركوع الأول رأيت ذلك مجزيًا عنه" يعني كبر، جاء مع الإمام وأدركه في تكبيرة الإحرام، جاء والإمام يكبر تكبيرة الإحرام ووقف سها، ظن أنه كبر وهو ما كبر، ثم تذكر مع ركوع الإمام أنه لم يكبر فكبر، "ولو سها مع الإمام عن تكبيرة الافتتاح وكبر في الركوع الأول" يعني في الركعة الأولى ناويًا بذلك تكبيرة الافتتاح "رأيت ذلك مجزيًا عنه" لأن القراءة في مثل هذه الصورة تسقط عنه لأنه مسبوق، بل في حكم المسبوق، "إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح"، بخلاف الإمام والمنفرد، الإمام والمنفرد تلزمه، تلزمه في أول الصلاة؛ لأنه يلزمه بعدها قراءة.

"قال مالك: في الذي يصلي لنفسه فنسي تكبيرة الافتتاح -في الذي يصلي لنفسه يعني المنفرد- فنسي تكبيرة الافتتاح إنه يستأنف صلاته"، لماذا؟ لبطلانها بترك الركن الذي هو مفتاح الصلاة.

"وقال مالك في إمام ينسى تكبيرة الافتتاح حتى يفرغ من صلاته قال: أرى أنه يعيد، أرى أن يعيد"، "نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح -لأن الصلاة لم تنعقد- حتى يفرغ من صلاته، قال: أرى أن يعيد، ويعيد من خلفه الصلاة -لبطلانها- وإن كان من خلفه قد كبروا فإنهم يعيدون"، لأن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام، تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاته إمامه، هذا الارتباط في كثير من الأمور، وإن كان لا يلزم الارتباط في كل شيء، سبق أن قلنا فيمن صلى بالناس محدثًا ناسيًا حدثه، نعم، فإنه يعيد الصلاة دون من خلفه، لكن هنا باعتبار أن الصلاة لم تنعقد أصلًا، وهناك الصلاة مع الحدث ما انعقدت، وهنا مع الترك التكبيرة ما انعقدت، الفرق بينهما من وجه: أن الحدث لا يعلم به المأموم، يمكن أن يصلي مع الإمام الصلاة كاملة، وهو لا يدري أن الإمام محدث، لكن هل يمكن أن يصلي مع الإمام ولا يدري أنه لم يكبر؟ نعم المسبوق ممكن، نعم الأصل، لكن المسألة مفترضة في إمام معه المأمومون بغض النظر عن كون الجماعة فيهم كثرة أو قلة، يعني مع القلة يتوجه مثل هذا القول، لكن لو قلنا: إن الإمام سها، تقدم وسها أن يجهر بالتكبير، نعم وسها أيضًا أن يجهر بالقراءة في صلاة جهرية، كبر سرًّا وتبعه المأموم، هذا متصور، هل نقول: يعيد أو لا يعيد؟ تصورنا أن الإمام كبر سرًا، نعم، الأصل العدم، الأصل أنه ما كبر، نعم يعني كونه سها وكبر سرًّا ويجزم من نفسه أنه كبر، تجيز صلاته، لكن المأموم يرى أنه على الأصل؛ أن الأصل العدم، ما سمعه يكبر، والأصل أنها جهر، رآه رفع وقف في المحراب ورفع يديه، الإمام يتصور أنه منفرد، هل نقول للمأموم: صلاتك صحيحة باعتبار أن الإمام كبر سرًّا وصلاته صحيحة لنفسه وكذا من خلفه؟ أو نقول: إن الأصل بالنسبة للمأموم أنه ما دام ما سمع التكبير والأصل عدمه أن الإمام لم يكبر؟ بالنسبة للمأموم، المأموم رأى يديه، لكن هل يغلب على ظنه أنه كبر، وهو إمام يحتاج إلى جهر.

طالب:......

لا، تكبيرة الانتقال أمرها سهل.

طالب:......

لا، الكلام على تكبيرة الإحرام التي لا تنعقد الصلاة إلا بها، في تعارض الأصل مع الظاهر، يعني المسألة في غاية الأهمية، فيه تعارض الأصل مع الظاهر، وهذه المسألة عرضنا لها مرارًا، حتى في هذا الدرس أظن ذكرناها، هذه تحتاج إلى مرجح، الظاهر مادام رفع يديه بعد فراغ المؤذن من الإقامة، وهو في مكانه في محرابه، الظاهر أنه كبر، والأصل العدم، أنه لم يكبر.

سم.

باب: القراءة في المغرب والعشاء:

أحسن الله إليك:

باب: القراءة في المغرب والعشاء:

عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ بالطور في المغرب".

عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن أم الفضل بنت الحارث -رضي الله تعالى عنها- سمعته وهو يقرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [(1) سورة المرسلات] فقالت له: "يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها لآخر ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها في المغرب".

عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحارث عن أبي عبد الله الصنابحي قال: "قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- فصليت وراءه المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل، ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [(8) سورة آل عمران].

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعًا في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن، وكان يقرأ أحيانًا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة، ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة.

عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشاء فقرأ فيها بالتين والزيتون".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: القراءة في المغرب والعشاء" أي: في مقدار القراءة والجهر بها في صلاتي المغرب والعشاء، وقدم المغرب والعشاء على الصبح؛ لأن الليل سابق النهار، يعني الليل متقدم على النهار، فاليوم المشتمل على الليل والنهار يبدأ من غروب الشمس، فإذا بدأ اليوم من غروب الشمس أول ما نعد المغرب ثم العشاء، ثم الفجر، ثم إلى آخره، وأما تسمية صلاة الظهر الأولى؛ لأنها إنما بدئ بها في حديث: إمامة جبريل، أول ما صلى به الصلاة الأولى الظهر، قولهم: إن الليل سابق النهار، هل هذا يعارض ما جاء في قوله -جل وعلا-: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [(40) سورة يــس] هم يقولون: إن الليل سابق النهار؟ نعم، لكن كلامهم هذا يقولون: لأن الليل سابق النهار، والله -جل علا- يقول: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [(40) سورة يــس] هو من حيث الاصطلاح لا شك أنه سابق؛ لأنه يبدأ من غروب الشمس، فيكون ليلة كل يوم سابقة على نهاره، وأما ما أشير إليه في الآية فالمراد نفي الاضطراب، ما يأتي ليل ثم نهار، ثم نهار، ثم ليل، أو العكس، ما يضطرب هذا الترتيب؛ الليل ثم النهار، ثم الليل ثم النهار، وهكذا، وإن شئت فقل: نهار ثم ليل، ثم نهار ثم ليل، لكن إذا انتهى النهار يأتي ليل، وإذا انتهى الليل ما يسبق الليل النهار هنا، ما يأتي ليل ثان قبل النهار، فالمنفي اضطراب نظام الكون، ولم يترجم للقراءة في صلاة الظهر والعصر لماذا؟ لأنهما سريتان، ترجم لهما البخاري، باب: القراءة في صلاة الظهر، باب: القراءة في صلاة العصر، لا شك أن من ترجم لهما أراد إثبات القراءة، ما هو معنى أن الإمام إذا قام أمام المأمومين وكبر أنه يسكت بحيث لا يسمعونه، لكن ليس معنى هذا أنه لا يقرأ، فمن ترجم بالقراءة في صلاة الظهر والعصر مراده إثبات القراءة فيهما.

"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه -جبير بن مطعم القرشي النوفلي- أنه قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ بالطور في المغرب"، ذلكم قبل أن يسلم، قبل أن يسلم، جاء في فداء الأسرى، يقول: وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي، وقد تحمل الحديث حال كفره، لكنه أداه بعد إسلامه، لو أداه حال كفره يقبل أم لا يقبل؟ لا يقبل، فيصح التحمل حال الكفر، يعني قبل التأهل يصح التحمل، لكن الأداء لا يصح إلا بعد التأهل، يصح تحمل الصبي، يصح تحمل الفاسق، تحمل الكافر، صحيح، لكن لا يؤدي إلا إذا صار أهلًا للأداء، "قرأ بالمغرب -قرأ في صلاة المغرب- بسورة الطور" قال الترمذي: ذكر عن مالك أنه كره أن يقرأ في المغرب بالسور الطوال، نحو الطور والمرسلات، الحديث الذي يليه في المرسلات، وهذا الحديث في الطور، يقول الترمذي: ذكر عن مالك أنه كره أن يُقرأ في المغرب بالسور الطوال نحو الطور والمرسلات، يعني التمثيل بما ورد، يعني لو ذكر شخص عن مالك بدون صيغة تمريض، يظن بإمام دار الهجرة نجم السنن مع تخريجه للحديثين أنه يكره الصلاة بهاتين السورتين؟ نعم، وقال الشافعي: لا أكره ذلك، بل أستحبه، والمعروف عند الشافعية أنه لا كراهة ولا استحباب يعني للسورتين بعينهما، قرأهما النبي -عليه الصلاة والسلام- على سبيل القصد أو أنه حصل اتفاقًا؟ وأنهما ما تيسر في ذلك الوقت من القرآن؟ نعم، الأصل أنه تشريع، هو تشريع بلا شك فمن قرأهما في المغرب لكن لا يداوم على ذلك، قرأهما في صلاة المغرب بقصد الاقتداء والإئتساء يؤجر على ذلك، كما لو قرأ سورة الأعراف مع أن السنة جاءت بتخفيف صلاة المغرب.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن أم الفضل بنت الحارث -والدة عبد الله بن عباس، واسمها: لبابة بنت الحارث الهلالية- سمعته" أي سمعت ابنها عبد الله بن عباس، عن عبد الله بن عباس أن أمه سمعته، ما قال: سمعتني، الأصل أن يقول: أمي سمعتني، هو لا بد من إضمار القول، لا بد من إضمار القول عند أهل الحديث، "عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ... فقالت له: "يا بني لقد ذكرتني" فقالت له، سمعته، يعني الأصل عن عبد الله بن عباس قال: إن أمي، أو أم الفضل لا مانع، سمعتني فقالت لي: يا بني لقد ذكرتني، هذا حق السياق؛ لأن المتحدث الأصل هو عبد الله بن عباس، المتحدث الذي روى القصة هو عبد الله بن عباس صاحبها، فيقولون: هذا فيه التفات، وإن شئت فقل: تجريد، ما معنى تجريد؟ عبد الله بن عباس جرد من نفسه شخصًا تحدث عنه، "فقالت له: يا بني لقد ذكرتني -يعني شيئًا نسيته- لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها لآخر ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها في المغرب"، الحديث مخرج في البخاري ومسلم، وفي البخاري في الوفاة النبوية من الصحيح، من رواية عقيل عن ابن شهاب: "ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله، -عليه الصلاة والسلام-" فهي مشروعية قراءة هاتين السورتين، وقراءة ما ورد، وإن كان الأصل في صلاة المغرب أنها تخفف.

"وحدثني عن مالك عن أبي عبيد -عبد الملك المذحجي، روى له مسلم، وعلق له البخاري- مولى سليمان بن عبد الملك -بن مروان أحد ملوك بني أمية، وحاجبه- عن عبادة بن نسي -كندي، قاضي طبرية- عن قيس بن الحارث -الكندي الحمصي- عن أبي عبد الله الصنابحي -عبد الرحمن بن عسيلة- قال: "قدمت المدينة في خلافة أبي بكر" وقدم المدينة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بخمسة أيام، "قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصليت وراءه المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل" من قصار المفصل.

والسؤال الذي ورد آخر سؤال يقول: ما صحة ما يقال: إن السنة في المغرب الإطالة، وأن التخفيف من بدع بني أمية؟

هذا أبو بكر، أبو بكر قرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة، يعني في الأولى سورة، وفي الثانية سورة، من قصار المفصل، وأول المفصل سورة ق، "ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه، فسمعته قرأ بأم القرآن، وبهذه الآية: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [(8) سورة آل عمران]"، وهذا ضرب من القنوت؛ لأن المغرب وتر النهار، كما جاء في الحديث، "فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر، إلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار" وهذه سنة مأثورة عن أبي بكر -رضي الله عنه-، وقد أمرنا باتباعه.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى وحده -يعني منفردًا- يقرأ في الأربع جميعًا" الأربع الركعات في كل ركعة "بأم القرآن وسورة من القرآن" طويلة أو قصيرة، المقصود أنه يقرأ، وأيضًا ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة، لكن لا على سبيل الاستمرار، "وكان يقرأ أحيانًا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة" يعني من القصار، ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في النافلة قرأ البقرة ثم النساء، ثم آل عمران، يقرأ أكثر من سورة في ركعة واحدة إمامًا كان أو مأمومًا، وبجواز ذلك قال الأئمة الأربعة، وغيرهم، قال ابن مسعود: "لقد عرفت النظائر التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرن بينها فذكر عشرين من المفصل، سورتين في كل ركعة، وأيضًا أقر الذي يقرأ سورة الإخلاص بعد السورة، "ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة".

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري عن البراء بن عازب أنه قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشاء فقرأ فيها بالتين والزيتون"، زاد النسائي في الركعة الأول، وفي الثانية بالقدر {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [(1) سورة القدر] وهما من قصار المفصل.

يقول الحافظ: "الخبر محمول على أنه كان في سفر، والسفر يطلب فيه التخفيف، وحديث أبي هريرة في الصحيحين أنه قرأ فيها: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] محمول على الحضر، لكن لا يلزم أن يكون هذا في السفر، بل الأصل فيه أنه ما دام قرأ أنه يصح في السفر والحضر بلا إشكال، نعم.

سم.

باب: العمل في القراءة:

أحسن الله إليك:

باب: العمل في القراءة:

عن مالك عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس القسي وعن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع.

عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي حازم التمار عن البياضي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: ((إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)).

عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: "قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتحت الصلاة".

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: "قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة".

عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: "كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب عند دار أبي جهم بالبلاط".

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة أنه إذا سلم الإمام قام عبد الله بن عمر فقرأ لنفسه فيما يقضي وجهر.

عن مالك عن يزيد بن رومان أنه قال: "كنت أصلي إلى جانب نافع بن جبير بن مطعم فيغمزني فأفتح عليه ونحن نصلي".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: العمل في القراءة" باب: العمل في القراءة، يعني في الصلاة، "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين -الهاشمي- عن أبيه -عبد الله- عن علي بن أبي طالب -أمير المؤمنين، رابع الخلفاء- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس القسي" نهى عن لبس القسي، بفتح القاف وكسر السين المشددة، والتحتانية أيضًا مشددة؛ لأنها ياء النسب، ثياب مخططة بالحرير تعمل بالقس، موضع بمصر، قريبة من تنيس، القسِيي.

ياء كيا الكرسي زيدت للنسب

 

...................................

ياء النسب مشددة، ونسمع بعض طلاب العلم يخففونها خطًا، يقولون: ابن تيمية، خطأ؛ لأنه ياءه ياء نسب، وياء النسب مشددة، نعم إذا عوض عنها بألف مثل يماني، خَف؛ لأنه لا يجمع بين البدل والمبدل، تقول: هذه امرأة يمانية، لكن لو لم تعوض عنها الألف قلت: هذه امرأة يمنيِّة بالتشديد، يقول أبو عبيد: "أهل الحديث يكسرون القاف" قسي، أو القِسي، لكن هذا خطأ، يقول: هذا خطأ، يقول ابن حجر: لأنه يلتبس بجمع قوس، قوس جمعه: قسي، وقيل: أصلها القزي بالزاي، منسوب إلى القز، وهو ضرب من الإبريسم، نوع من الحرير.

"نهى عن لبس القسي، وعن تختم الذهب" ومعروف أن النهي خاص بالرجال ((الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)) اتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- خاتمًا من ذهب فاتخذ الناس خواتم فألقاه، طرحه، "وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع"، ومثله السجود، وقد جاء التصريح به في رواية مسلم وفيه: عن ابن عباس مرفوعًا: ((ألا وإني نهيت عن القراءة في الركوع والسجود، وأن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا)) كل هذا يدل على تحريم القراءة في الركوع والسجود، هو في السجود لا يتصور، لكن قد يشكل عليه بعض الناس الدعاء بما يوافق القرآن، يعني لو قال في سجوده: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] أو قال: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [(8) سورة آل عمران] وقد أمر أن يتخير من المسائل، وأن يكثر من المسألة، ((وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)) فإذا دعا بما يوافق القرآن لا على نية القراءة، ولا على نية التلاوة يدخل في التحريم أم لا يدخل؟ نعم، هو يقصد دعاء ولا يقصد تلاوة، الآن هل الملحوظ اللفظ أو القصد؟ يعني لو الجنب مثلًا ما يقصد التلاوة، يقصد ورده اليومي، ولا يقصد بذلك التلاوة، يقول: أريد أن أقرأ آية الكرسي والمعوذتين وغيرهما، يعني يرد في ورده شيء من القرآن، يقول: أنا ما أقصد التلاوة، أنا أقصد وِرْدِي، ماذا يقال له؟ يقال له: اقرأ أو لا تقرأ؟ نعم، هو يقول: ما أقصد تلاوة أنا، أنا ما أقصد التلاوة، ولو أقصد التلاوة ما أخذت من أول القرآن ومن أثنائه ومن آخره، قرأت متتابعً، نعم إذا كانت الآية كاملة المفترضة في آية الكرسي مثلًا أو سورة الإخلاص والمعوذتين وما أشبه ذلك، نعم الأصل المنع، وأما بالنسبة للدعاء فهو يقصد بذلك الدعاء في السجود، وقد أمر به، ((فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) بعض الناس هذا ملاحظ يعني من الحرص يصير الإمام يستعجل في قراءته ثم يركع، وقد بدأ في الفاتحة ويريد أن يتمها المأموم فيتمها وهو راكع، وبعضهم يبدأ بسورة ثم يتمها وهو راكع، هذا موجود، من يبقى عليه آية أو آيتين، ويعرف أن الإمام يطيل الركوع، هذا داخل في النهي بلا شك، لأنه يقصد التلاوة، نعم، هذا داخل في النهي، فإذا ركع الإمام فاقطع القراءة، تابع الإمام اركع، ((إذا ركع فاركعوا)) ولا يجوز لك أن تقرأ القرآن وأنت راكع، قد يقول قائل: الفاتحة ركن من أركان الصلاة وركع الإمام، نقول: نعم ركع اركع، وأنت الآن في حكم المسبوق، وأنت الآن في حكم المسبوق يسقط عنك، ما لا تستطيعه من قراءة الفاتحة.

طالب:......

يعني من شدة الحرص على هذا الركن، من شدة حرصه على هذا الركن يريد أن يأتي به على أي حال، وهذا موجود يعني من بعض من عندهم حرص، يريد أن يكمل على أي حال، ويخشى أن يكمل وهو قائم يرفع الإمام ثم تفوته الركعة، فلا يستطيع التوفيق بين الأمرين، هذا لا ينكر، هذا موجود سمعناه، فلا يجوز له أن يتابع القراءة، فإذا ركع الإمام عليه أن يركع، نعم.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي حازم التمار -دينار اسمه، مولى الأنصار، وقيل: مولى الغفاريين- عن البياضي -بن عمرو الخزرجي- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على الناس وهم يصلون" خرج على الناس وهم يصلون في رمضان، "وقد علت أصواتهم بالقراءة" وقد علت أصواتهم بالقراءة، ماذا يصلون؟ أوزاع، كل واحد يصلي لنفسه، ويصلي الرجل مع الرجل، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى ببعض الصحابة الليلة الأولى، ثم اجتمع إليه في الليلة الثانية أكثر، ثم الليلة الثالثة ضاق المسجد، ثم ترك ذلك خشية أن تفرض عليهم، فصاروا يصلون أفراد أوزاع، قد يصلي الواحد بصلاة أخيه وهكذا، "خرج عليهم النبي يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: ((إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به))" مقتضى اللفظ: المناجاة مع رفع الصوت أو مع خفضه؟ المناجاة مع خفض الصوت بخلاف المناداة فتكون برفع الصوت، "((إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه)) يعني يخفض صوته، ((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) ((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن))" يقول ابن بطال: مناجاة المصلي ربه عبارة عن إحضار قلبه والخشوع في الصلاة، يستحضر أنه بين يدي ربه تاليًا راكعًا ساجدًا منكسرًا بين يديه، لكن مَن مِن الناس إلا القليل النادر من يشعر بلذة هذه المناجاة، ((أول ما تفقدون من صلاتكم الخشوع)) فالخشوع مفقود إلا نادر، يقول: مناجاة المصلي ربه؛ لأن الصيغة (يناجي) بما يناجيه مفاعلة، مناجاة تقتضي أن تكون من الطرفين كليهما، على أن هذه الصيغة جاءت من طرف واحد، سافر فلان، سافر، طارق زيد الفعل، من وجه واحد، ومن جهة واحدة، ومن طرف واحد، هنا يقول ابن بطال: مناجاة المصلي ربه عبارة عن إحضار القلب والخشوع في الصلاة، ومناجاة الرب لعبده إقباله عليه بالرحمة والرضوان، يعني بالمجازاة بالمكافأة، وما يفتحه عليه من العلوم والأسرار بسبب هذا الانكسار، وحصل لكثير من أهل العلم أنهم إذا استغلق عليهم شيء من المسائل فزعوا للصلاة، وانطرحوا وانكسروا بين يدي الله -عز وجل- فتحت لهم المغاليق، منهم من يفزع إلى الذكر، منهم من يفزع إلى الاستغفار، منهم من يكرر قراءة الفاتحة، لكن لا شك أن الصلاة مفزع يستعان بها على النوائب {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [(45) سورة البقرة] وفي الحديث الحث على الإقبال على الصلاة والخشوع فيها، وهو لبها، والله المستعان.

((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن))، وهذا في المنفردين، أما الإمام فيجهر، كما سيأتي في خبر عمر -رضي الله عنه-، ((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) لأن فيه أذىً، يؤذي بعضهم بعض بالجهر، يقطع عليه قراءته، وبعض الناس يتشوش عند أدنى شيء، يقرأ في الصلاة فإذا رفع صوته الجار بكلمة واحدة انتهى ما يدري أين وقف؟ أو في أي سورة يقرأ؟ ((لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) لأن فيه أذى لهذا الجار الذي يقرأ، يعني وهذا في الصلاة وخارج الصلاة.

وفيه أيضًا: منْعٌ من الإقبال على الصلاة، وفيه أيضًا: ما يمنع من تدبر، الإنسان يتدبر ما يقرأ، ثم إذا رفع جاره صوته شوش عليه، وقطع عليه هذا الإقبال والتدبر، يقول ابن عبد البر: "وإذا نهي المسلم عن أذى المسلم في عمل البر وتلاوة القرآن فإيذاؤه في غير ذلك أشد تحريمًا" نعم، تجد الناس يقرءون القرآن ثم بعد يأخذ الجوال ويكلم، يكلم يبيع ويشتري ويوصف ويا الله، هذا يقطع على الناس، ويؤذيهم بلا شك، وهذا أشد منعًا من المنع بعبادة، والحديث صحيح لا إشكال فيه، له شاهد من حديث أبي سعيد وغيره عند أبي داود.

يقول: "وحدثني عن مالك عن حميد الطويل -بن أبي حميد، حميد بن أبي حميد طرخان أو مهران الطويل، هو ليس بطويل لكن قيل: إنه في يديه طول، وقيل: لأن له جارًا اسمه: حميد وهو قصير فقيل له: الطويل، الطول نسبي بالنسبة لهذا القصير- عن أنس بن مالك أنه قال: "قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة"، قال ابن عبد البر: "هكذا في الموطأ عند جماعة رواته" وراء أبي بكر وعمر وعثمان موقوف، وهو في الصحيح وغيره: "صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان" فالمقصود أنه مرفوع في الصحيح، وفي الموطأ موقوف، في جميع روايات الموطأ، "فكلهم كان لا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم" وعند مسلم: "كانوا لا يذكرون: بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها"، في رواية: "كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين" وهي أصح.

"كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين" وهذه متفق عليها، عند مسلم، فهم بعض الرواة من قول أنس: يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين أنهم لا يذكرون: بسم الله الرحمن الرحيم، يعني على حسب فهمه، وهذا مثل به لعلة المتن، كما يقول الحافظ العراقي:

وعلة المتن كنفي البسملة

 

إذ ظن راوٍ نفيها فنقله

الراوي فهم من كونهم يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين أنهم لا يقرءون: بسم الله الرحمن الرحيم، لكن الحمد لله رب العالمين المقصود به السورة، وإلا كونهم يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين هل ينفي ذلك أنهم يفتتحون بدعاء الاستفتاح؟ هل ينفيه؟ لا ينفيه، فليس فيه دليل على عدم ذكر البسملة، والحافظ ابن حجر يقول: يمكن توجيه هذه الرواية التي أعلت بأن تحمل على نفي الجهر، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم جهرًا، لا في أول القراءة، ولا في آخرها، "فكلهم كان لا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة"، لا يقرأ، وإذا حُمل على أنه لا تذكر جهرًا على الخلاف في البسملة، هل هي آية من الفاتحة أو ليست بآية؟ أو آية من القرآن نزلت للفصل بين السور؟ نعم، ما عندنا إشكال في أنها تقرأ، لكن هل يجهر بها أو لا يجهر؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، أما الخلاف في كونها آية من الفاتحة، وهذا ينفع في الخلاف في الجهر بها وعدمه، أولًا: بالنسبة لسورة النمل، لا خلاف بل إجماع على أنها بعض آية من سورة النمل، كما أنه إجماع أيضًا على أنها ليست بآية في سورة التوبة، والخلاف فيما عدا ذلك، والمسألة كبرى، ليست المسألة سهلة؛ لأن هذا إثبات للقرآن أو نفي له، وكل من الطرفين يستدل بأمر عظيم، الذي ينفي كونها آية نعم، ماذا يقول؟ يقول: لوجود الخلاف فيها، يعني لو كانت آية ما جاز فيها الخلاف، نعم؛ لأن القرآن قطعي، والقطعي لا يجوز أن يختلف فيه، والذي يثبت أنها آية يقول: اتفاق الصحابة على كتابتها في المصحف.

فمذهب الشافعي أنها آية من الفاتحة، وعلى هذا يتفرع الجهر بها، الشافعي يجهر بالبسملة، ومن قال بأنها ليست بآية أصلًا مع أنها تقرأ كما يقرأ دعاء الاستفتاح هؤلاء يقولون: تقرأ سرًّا، وهو المعروف عند الحنابلة، والحنفية إذا قرءوا سورة من أولها؛ لأنه لا يتعين عندهم قراءة الفاتحة، وأما المالكية فلا استفتاح ولا استعاذة ولا بسملة نعم، يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل -نافع- بن مالك عن أبيه -مالك بن أبي عامر- أنه قال: "كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب" وعلى كل حال المرجح..، بعضهم يقول: لا بسملة من القرآن إلا في سورة النمل هذا معروف، لكن قول عند الحنفية أنها آية نزلت للفصل بين السور، وهو ترجيح شيخ الإسلام، هذا ترجيح شيخ الإسلام، أنها نزلت في الفصل بين السور يعني آية واحدة، ومنهم من يقول: آية من كل سورة، فعلى هذا مائة وثلاثة عشر آية في القرآن كلها بسملة، ومنهم من يقول: ليست بآية مطلقًا، هذا موجود، بعض الأقوال موجودة، على كل حال القراء في مثل هذه المسائل، في مسائل النفي والإثبات، هم يتبعون الفقهاء، والفقهاء عمدتهم الأدلة، والقراء بالتلقي، بالتلقي عن شيوخهم، قد يكون بعضهم من أهل النظر والإثبات بالنصوص، وبعضهم اختصاصه القراءة، وإن كان فيه ضعف في الجوانب الأخرى.

طالب:......

كيف؟ والاستعاذة ما هم يستعيذون؟ لا يستعيذون امتثالًا للأمر؟ إذًا الاستعاذة آية مثل البسملة، إذا كان مجرد عمل القراء حجة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه -أبي سهيل نافع بن مالك عن أبيه مالك بن أبي عامر- أنه قال: "كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب عند دار أبي جهم بالبلاط" أبي جهم: عامر، وقيل: عبيد بن حذيفة، صحابي قرشي عدوي من مسلمة الفتح بالبلاط: موضع بين السوق والمسجد مبلط، كما في القاموس وغيره، يقول ابن عبد البر: كان عمر -رضي الله عنه-، كان مديد الصوت فيسمع صوته حيث ذكر يعني بالبلاط، وفيه: تخصيص لما سبق ((لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) أن هذا خاص بالمنفردين، أما الإمام فيجهر، الإمام يجهر، وهذا عمر إمام -رضي الله عنه وأرضاه- وكان يجهر بقراءته، وكان جهوري الصوت، مديد الصوت -رضي الله عنه وأرضاه-، والجهر مده مربوط بالفائدة، يعني لو صلى بألف، بألف شخص وجهر، رفع صوته بقدر الإمكان، ولا نتصور وجود آلات؛ لأن الأصل عدمها، أو صلى باثنين يلزمه أن يمد صوته مثلما لو كان خلفه ألف؟ لا يلزم؛ لأن الصوت لتبليغ المأموم، ما هو مثل الأذان تبليغ الغائب، رفع الصوت بالقراءة من أجل المأموم فيقدر بقدر الحاجة بما لا يشق على الإمام ويبلغ المأموم.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة أنه إذا سلم الإمام قام عبد الله بن عمر فقرأ لنفسه فيما يقضي وجهر"، فاته من صلاة المغرب ركعتين فقام ليأتي بهاتين الركعتين، يجهر فيهما بالقراءة، نعم يجهر بالثنتين فيما فاته، يجهر، "فقرأ فيما يقضي وجهر" يعني في جميع ما يقضي مما يجهر، لكن لو فاته ثلاث من العشاء؟ يجهر في اثنتين ولا يجهر في الواحدة، هذا يترتب عليه أمور وهو أن ابن عمر يرى أن القضاء يحكي الأداء مطلقًا نعم، القضاء يحكي الأداء مطلقًا، والركعتان الأوليان جهريتان فاتتاه يجهر، ويترتب عليه أن ابن عمر أيضًا يرى أن ما يدركه المسبوق آخر صلاته، وإلا لو كان يرى أن ما أدركه أول صلاته وأن ما فاته هو الآخر ما جهر؛ لأن الركعتين الأخيرتين لا يجهر فيهما بالقراءة.

يقول الباجي: يحتمل أن يكون جهره فيما يقضي؛ لأنه يرى أن المأموم يقضي على نحو ما فاته من القراءة والجهر، مثل رواية ابن القاسم عن مالك، وهذا أظهر، يقول الباجي، ويحتمل أنه يرى أن ما يأتي به المسبوق يعني ما يدركه المسبوق آخر صلاته، والخلاف في هذه المسألة تقدم، وهو مبني على الروايتين: ((فأتموا)) ((فاقضوا)) وسبقت المسألة، لكن هذا رأي ابن عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، وإلا إذا أدرك ركعتين مع الإمام ثم قام ليقضي يقضي الثالثة والرابعة، ولا جهر فيهما، حتى إذا قلنا: إن القضاء يحكي الأداء قلنا: لا جهر.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان -المدني- أنه قال: "كنت أصلي إلى جانب نافع بن جبير بن مطعم -النوفلي- فيغمزني -يعني يشير إلي- فأفتح عليه ونحن نصلي" ونحن نصلي: يعني إذا أخطأ الإمام أو ارتج عليه هل يحتاج أن يغمز المأموم؟ اللهم إلا إن كان المأموم غافلاً، إن كان غافلاً أو ساهٍ يحتاج من يغمزه، نعم؛ لأنه يقول: "كنت أصلي إلى جانب نافع بن جبير بن مطعم فيغمزني فأفتح عليه -يعني أذكره بما نسي، أو أصحح له خطأه- فأفتح عليه ونحن نصلي"، لا شك أن الفتح على الإمام ثابت سواءً كان في القراءة وفي غيرها، في غير القراءة بالتسبيح وبالقراءة يجهر بما أخطأ فيه أو بما نسيه الإمام، لكن متى يحتاج إلى الغمز؟ نعم، إذا كان غافلاً، إذا كان ما عنده أحد هو يصلي ويقرأ وأشكل عليه آية وارتج عليه في آية يشير إليه، يعني هات، يطلب منه الرد بالإشارة، وهنا يقول: "فيغمزني" يقول: "ونحن نصلي" وبهذا قال مالك في مختصر ابن عبد الحكم، وأشهب بن حبيب في جواز الفتح على الإمام بالأولى من إجازة الفتح على من ليس معه في صلاة؛ لأنه وإن كان تلاوة القرآن، لكنه في معنى المكالمة؛ ولذا منعه بعضهم، منع بعضهم الفتح على الإمام، نعم لأنه في معنى مكالمة الإمام، كره الكوفيون الفتح على الإمام لماذا؟ لأنه في معنى المكالمة، أنت تخاطب الإمام بتصحيح خطأ وقع فيه، أو بتذكيره لشيء نسيه، فكرهوه، لكن الصواب أنه مطلوب، ما يكفي أن نقول: جائز؛ ولذا يقولون: أجازه مالك والشافعي وأكثر العلماء، وقد تردد -صلى الله عليه وسلم- في آية فلما انصرف قال: ((ألم يكن في القوم أُبي؟)) يريد من أجل أن يفتح عليه، نعم، الآن عندنا صور لهذه المسألة:

إمام ومأموم، هذا المأموم يأتم بهذا الإمام لا إشكال في كونه يفتح على إمامه، إمام معه مأموم وثالث لا يصلي معهم، المأموم لم يحفظ ما يقرأه الإمام فلا يستطيع أن يفتح على الإمام، الثالث حافظ، نعم، هل لمن كان خارج الصلاة أن يفتح على الإمام؟ له ذلك، ويتفرع على ذلك مسائل لا تحصى لو افترضنا جنبه مسجل في شريط بنفس القراءة التي يقرأ، هل له أن يغمز هذا المسجل ليسمع القراءة؟ إذا كان ما عنده أحد، أو يتقدم قليلًا يأخذ مصحف ويفتش وينظر فيه.

طالب:.......

الآن التلاعب بالعبادات يصير إلى حد؛ لأنه وجد في بعض البلدان في المحراب شاشة، نعم، شاشة، الإمام يقرأ منها.

طالب:......

لا، إدخال المحدثات في العبادات لا ينبغي التوسع فيه، وإلا يأتي يوم من الأيام يقال: صلِّ بمسجل وانتهى، لماذا نتكلف موظفين ونربط أئمة، ليس في داعٍ، وقد وقع في يدي كتاب قديم، يعني من خمس وعشرين سنة أو أكثر كتاب صغير اسمه: (كشف القناع عن صحة صلاة الجمعة في المنزل خلف المذياع) صلِّ في بيتك ولا تأتي،...... هذا توسع غير مرض ، هذا يسلب العبادات روحها ولبها، يعني افترض أنك تقرأ في سورة وكنت تسمعها قبل الصلاة، وبعض الناس يستعمل الصلوات ويكثر من النوافل للمراجعة، لمراجعة ما حفظ، وسمع في المسجل أشكل عليه شيء وضغطه ليسمع، أو تقدم وفتح المصحف وتأكد من الآية التي تردد فيها.

وهل للمصلي أن يفتح على شخص لا يصلي؟ جالس، جالس يقرأ القرآن فأخطأ يفتح عليه المصلي أو لا يفتح عليه؟ هو يقرأ، يقرأ قرآنًا، القرآن والصلاة إنما هي لقراءة القرآن.

طالب:.......

هذا أمر مفروغ منه، لا يجوز أن يقرأ لنفسه فضلًا عن أن يفتح لغيره، المسألة، يعني المسائل صور، صور لهذه المسألة، شخص جالس يقرأ يرفع صوته أولًا هذا منهي عن رفع الصوت والثاني يصلي من جهة، الثانية: أنه في معنى المكالمة، والفتح بقدر الحاجة، والحاجة إذا كان لا يصلي إذا سلم يفتح عليه، نعم.

طالب:......

نعم، هو يقصد بذلك يقرأ أو مكالمتهم؟ يعني مسألة الفتح على الإمام بالقرآن هذه نفس الشيء {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [(77) سورة الحـج] إذا الإمام أخطأ..، نسي، نسي الركوع قيل له: (اركعوا) إن نسي السجود قيل: (اسجدوا) (خر راكعًا) هذه المسألة مختلف فيها بين أهل العلم؛ لأنها ينتابها كونها قرآنًا، والقرآن لا يبطل الصلاة، وينتابها أيضًا كونها مخاطبة ومحادثة للإمام، نعم، هذه مسألة نعم؟

طالب:......

قطن بن نسير، قطن بن نسير، قرأه الراوي: ابن بشير قال: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [(1) سورة القلم] وهو يصلي، هذا تقصد؟

طالب:......

شخص يصلي فقرأ ، وشخص يقرأ أسماء الرواة، وهو يحدث مثلًا، فقال: قطن بن بشير، فقال الدارقطني: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [(1) سورة القلم] يعني ابن نسير، ما هو ابن بشير، وهذا أشد، أشد من الفتح على غير المصلي بالقرآن، لكنه فتح عليه بقرآن، وهذا يوضح لنا مسألة الفتح بالقرآن؛ لأنه هل قد لا يقصد به التلاوة، بل مقطوع به أنه لا يقصد به التلاوة، إنما المقصود به المكالمة، لكن إن كان لمصلحة الصلاة شيء، والرد على مثل ما في حال الدارقطني إن صحت، نعم، فليس من مصلحة الصلاة، ليس هذا من مصلحة الصلاة، كونه ما يملك نفسه هذه مسألة ثانية، واحد يفتح على القارئ وهو في الدورة يقضي حاجته، وجد هذا ما يملك نفسه، كره الكوفيون الفتح على الإمام؛ لأنه من باب المكالمة، يعني وإن كان بلفظ القرآن، لكنه المقصود به وهو الظاهر المكالمة، لكن حديث: ((أليس في القوم أُبي؟)) هذا يرد، وأجازه مالك والشافعي وأكثر العلماء لما ذُكر، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"