شرح الموطأ - كتاب الصلاة (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سم.

باب: العمل في الجلوس في الصلاة:

أحسن الله إليك:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم وفق شيخنا لما تحب وترضى.

باب: العمل في الجلوس في الصلاة:

عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال: رآني عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة، فلما انصرفت نهاني، وقال: اصنع كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع، فقلت: وكيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وقال: هكذا كان يفعل".

عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وصلى إلى جنبه رجل، فلما جلس الرجل في أربع تربع وثنى رجليه، فلما انصرف عبد الله عاب ذلك عليه، فقال الرجل: فإنك تفعل ذلك فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "فإني أشتكي".

عن مالك عن صدقة بن يسار عن المغيرة بن حكيم أنه رأى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه، فلما انصرف ذكر له ذلك، فقال: إنها ليست سنة الصلاة، وإنما أفعل هذا من أجل أني أشتكي.

عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أنه أخبره أنه كان يرى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يتربع في الصلاة إذا جلس قال: ففعلته وأنا يومئذ حديث السن فنهاني عبد الله وقال: "إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى، وتثني رجلك اليسرى، فقلت له: فإنك تفعل ذلك، فقال: إن رجلي لا تحملاني".

عن مالك عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى، وثنى رجله اليسرى، وجلس على وركه الأيسر، ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر، وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: العمل في الجلوس في الصلاة" والجلوس يشمل الجلسة بين السجدتين وللتشهد الأول والثاني، "حدثني يحيى عن مالك عن مسلم بن أبي مريم -يسار المدني الأنصاري، ومولى الأنصار- عن علي بن عبد الرحمن المعاوي -نسبة إلى بني معاوية، بطن من الأنصار- أنه قال: "رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة" الحصباء: صغار الحصى، "وأنا أعبث" العبث هذا في الصلاة، لكن ماذا عن العبث خارج الصلاة؟ حكم العبث خارج الصلاة؟

طالب:.......

لا، الآن نناقش كلمة العبث، العبث وهو فعل ما لا فائدة فيه، هذا العبث، العبث اليسير، العبث اليسير الذي لا يعوق عن تحصيل مصلحة دين ولا دنيا، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ولذلك تجدون أحيانًا واحدًا يعبث بشماغه، بقلمه، بالمفاتيح، بكذا، إذا كان شيئًا يسيرًا فهو معفو عنه، ولا إشكال فيه.

"وأنا أعبث بالحصباء" صغار الحصى "في الصلاة" عثمان -رضي الله عنه- كان يعبث بالخاتم، يدخله ويخرجه وهكذا، لكن ما الذي ترتب عليه؟ أنه وقع في البئر، بحثوا عنه فلم يجدوه، فساءت الأحوال بعد ذلك، ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

"وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة فلما انصرفت نهاني" لأن العبث ينافي الخشوع والإقبال على الصلاة، وإذا زاد هذا العبث يبطل الصلاة؛ لأنه ينافي مقتضاها "فلما انصرفت نهاني، وقال: اصنع كما يصنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، يعني أشغل يديك بما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصنع "اصنع كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع، فقلت: وكيف كان يصنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار.." القبض مقتضاه هكذا، يقبض الأصابع كلها ما عدا السبابة، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، هذا مقتضى القبض، لكن مقتضى قوله: وعقد ثلاثًا وخمسين، من يصور لنا ثلاثًا وخمسين؟ اليمنى تحسب عشرات، والعقد؟ على كل حال الحساب بهذه الطريقة مهجور، ولو عرفنا الثلاثة والخمسين ما عرفنا المائة، ولا عرفنا غيرها من الأرقام، لكن الحديث الذي عندنا مفسر.

يقول: ما حكم من إذا رن جواله في الصلاة وأخرجه ونظر فيه ثم أرجعه إلى مكانه؟ هل هذا عبث معفو عنه أم لا؟

أما إغلاقه فهذا معفو عنه؛ لأنه يحقق مصلحة أعظم، أما يطلع الجوال وينظر من اتصل عليه، هذا موجود عند بعض الناس، هذا انصراف عن الصلاة، خطر على الصلاة.

يقول: "فلما انصرفت رآني وقال: اصنع كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع، فقلت: وكيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع؟ قال: إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام" يعني السبابة، على كل حال فعله -عليه الصلاة والسلام- أثناء التشهد لم يأتِ على صفة واحدة، والاختلاف الوارد في ذلك اختلاف تنوع، على أن يفعل هذا مرة وهذا مرة وكله صحيح، "ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وقال: هكذا كان يفعل"، "بأصبعه التي تلي الإبهام" زاد سفيان بن عيينة عن مسلم الإشارة: "وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام" الإشارة معروف أن المراد بها رفعها فقط أو تحريكها؟ زاد: "وهي مذبة الشيطان" يعني هل تذب الشيطان وهي ثابتة مرفوعة؟ أو لا بد من تحريكها؟ "لا يسهو أحدكم ما دام يشير بأصبعه" هذه الزيادة عند عبد الرزاق في مصنفه، وعن ابن عمر رفع أصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، قال العلماء: إن المراد بالإشارة هنا الإشارة إلى التوحيد، فعندنا إشارة إلى التوحيد، وعندنا الدعاء بها، وبعد نهاية أحاديث الباب يتقرر الأمر -إن شاء الله تعالى-، فعلى هذا العمل اليسير في الصلاة لا يفسدها؛ ولذا لم يأمره ابن عمر بالإعادة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر وصلى إلى جنبه رجل، فلما جلس الرجل في أربع تربع وثنى رجليه" يقول الباجي: التربع ضربان: أحدهما أن يخالف بين رجليه فيضع رجله اليمنى تحت ركبته اليسرى، ورجله اليسرى تحت ركبته اليمنى، وهذا معروف، والثاني: أن يتربع ويثني رجليه بجانب واحد، فتكون رجله اليسرى تحت فخذه، وساقه اليمنى يقول: تحت فخذه وساقه اليمنى، ويثني رجله اليمنى فتكون عند إليته اليمنى، ويشبه أن تكون هذه الصورة هي التي عابها ابن عمر، كيف تصور الثانية؟ نعيد الوصف، الثاني: أن يتربع ويثني رجله أو رجليه بجانب واحد، فتكون رجله اليسرى تحت فخذه وساقه اليمنى، ويشبه أن تكون هذه هي التي عابها، هذا كلام الباجي، على كل حال التربع "ثنى رجليه" واضح، دعونا على الصورة الأولى، على الصورة المفهومة؛ لأن التربع معروف حتى في الخلاف بين أهل العلم في التربع وعدمه في صلاة الجالس، وما اختلفوا في كيفيته، فخلونا على التربع المعروف الآن.

"تربع وثنى رجليه، فلما انصرف عبد الله" لكن فائدة الإتيان بـ "ثنى رجليه" أنه تربع يكفي، يعني تصريح بما هو مجرد توضيح أو له فائدة قوله: ثنى رجليه؟ هذا كلام الباجي جاء في الحاشية، "فلما انصرف عبد الله عاب ذلك عليه"؛ لأن التربع خلاف ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في جلوس الصلاة، سواءً كان بين السجدتين أو في التشهد "عاب ذلك عليه، فقال الرجل: فإنك تفعل ذلك يا ابن عمر" أنت تفعله، أنت تربعت، تصلي متربعًا، "فقال عبد الله -بن عمر-: "فإني أشتكي" مع أنه ليس بمطرد، بعض الناس إذا صار يشتكي قد لا يتيسر له أن يتربع التربع الأول، يمكن هذا الجليس الذي بجانب ابن عمر هذا قلد ابن عمر في جلسته، صحابي مؤتسٍ قال: نقلده، قال: "فإني أشتكي"؛ ولذا ليحرص طالب العلم على تطبيق السنة؛ لأنه ما هو بمقصود الشخص نفسه الآن، الشخص مأمور بالاقتداء، لكن من يقتدي به أيضًا، ويضل بسببه، نرى بعض الإخوان -وإن كانوا كبارًا، يعني محسوبين على أهل العلم- لا يحرصون على تطبيق السنة، موجود هذا، لا يحرصون على تطبيق السنن، وعامة الناس وراءهم، لكن لو حرص الجميع على تطبيق السنة، من علماء وطلاب علم، بل وجد من بعض العوام من ينكر السنن بسبب صنيع بعض أهل العلم.

"فإني أشتكي" قال الباجي: لأنه كان فدع بخيبر فلم تعد رجلاه إلى ما كانت عليه، فدع بخيبر فلم تعد رجلاه إلى ما كانت عليه، على كل حال الرِّجل معيبة، أنا وجدت شخص يتورك إلى الجهة الأخرى، قلت: يا أخي السنة التورك إلى الجهة هذه، قال: والله وقع لي حادث، وصرت ما أقدر أثني رجلي هذه، هذا ممكن، إذا صارت الرجل معيبة لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لكن إذا كان ممن يقتدى به عليه أن يبين، إذا كان ممن يقتدى به عليه أن يبين.

"وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار -الجزري نزيل مكة- عن المغيرة بن حكيم -الصنعاني- أنه رأى عبد الله بن عمر يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه" يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه "فلما انصرف" يعني فرغ من صلاته "ذكر له ذلك، فقال ابن عمر: إنها ليست سنة الصلاة، وإنما أفعل هذا من أجل أني أشتكي" فلا أقدر على فعل السنة للعذر، كيف يرجع في سجدتين؟ في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه؟ ما معنى على صدور قدميه؟ نعم، على أطراف الأصابع، "في سجدتين" ما المراد به؟ التي يسمونها الاستراحة، يعني بعد أن يفرغ من سجدتيه في غير موضع الجلوس، من أجل أن نطبقها على جلسة الاستراحة؛ لأن سجدتين بعد الثانية التشهد الأول، سجدتين بعد الرابعة التشهد الثاني، لكن سجدتين بعد الركعة الأولى أو بعد الثالثة فهذه الاستراحة، التي يسمونها الاستراحة، وهي ليست استراحة هي زيادة مشقة، وتأتي -إن شاء الله-، يأتي ذكرها في صفة الصلاة.

"يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه" يعني الذي قال عنه ابن عباس: هو الإقعاء، الذي قال عنه ابن عباس: إنه سنة، قال: سنة ابن عباس في صحيح مسلم "فلما انصرف -فرغ من صلاته- ذكر له ذلك، فقال ابن عمر: إنها ليست سنة الصلاة" وإنما السنة كما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي حميد، وغيره من الافتراش والتورك.

وعلى كلام الإخوان غالبهم وهو الظاهر بعد الأولى والثالثة، تكون هي ما تسمى بالاستراحة لكنه ما يفترش؛ لأنه لا يستطيع "فقال: إنها ليست سنة الصلاة، وإنما أفعل هذا من أجل أني أشتكي" فلا أقدر على فعل السنة للعذر، ومثله لو بين السجدتين، يعني الجلوس الخفيف، الجلوس الخفيف من أجل أن يشمل كل ما قيل، وأنتم ترون الذي لا يستطيع -الذي في رجليه عيب- يجلس على أي حال في الجلوس الخفيف، لكن إذا أراد أن يجلس جلسة التشهد تورك، لا أقول: تورك، ضبط أموره، يعني صار يطيل، فجلسته للجلوس الخفيف تختلف عن جلسته للجلوس الطويل.

طالب:.......

نعم بلا شك، تجده إذا كان لا يستطيع أن يثني رجليه يمدها، لكن بين السجدتين ما يمد رجليه؛ لأنه خفيف، أما في التشهد إذا كان لا يستطيع أن يثني رجليه يمدها، الكلام على الإقعاء يعني الجلوس على صدور القدمين، الذي قال عنه ابن عباس: إنه سنة، ينكره ابن عمر، وأنكره جمع من أهل العلم، نزّلوا الإقعاء عليه، والخلاف في هذه المسألة معروف، "وإنما أفعل هذا من أجل أني أشتكي".

"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم" بن محمد بن أبي بكر، إن وضع الأصبع والتحريك وعدم التحريك وردت فيه أحاديث كثيرة، فلو حضر أحد الإخوان بحثًا يجمع أطراف ما كتب، ونقرأه غدًا -إن شاء الله- ونناقشه طيب، مسألة الأصبع وكيف وضعها؟ هل تثنى؟ هل تحرك؟ هل..؟ متى تحرك؟ أو لا تحرك أبدًا إلا في التشهد؟ قيل بكل هذا، وجاءت نصوص تدل على هذا وهذا.

قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم -بن محمد بن أبي بكر- عن عبد الله بن عبد الله بن عمر -بن الخطاب- أنه أخبره أنه كان يرى عبد الله بن عمر يتربع في الصلاة" يعني إذا جلس للتشهد، "قال: ففعلته -أي التربع- وأنا يومئذٍ حديث السن -صغير اقتداءً به- فنهاني عنه عبد الله -يعني أباه- وقال: إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى، وتثني رجلك اليسرى، فقلت له: فإنك تفعل ذلك؟ فقال: إن رجلي لا تحملاني" أن تنصب رجلك اليمنى، وتثني رجلك اليسرى، وهذا شامل للافتراش والتورك، اليمني منصوبة واليسرى مثنية، لكن هل تكون تحت الإلية أو تحت ساق الرجل اليمنى؟ لم يتعرض لذلك، فهو محتمل للتورك، نعم ومحتمل للافتراش، إلا أن الرواية اللاحقة: "وجلس على وركه الأيسر" نعم دليل على أنه يتورك "إنما سنة الصلاة" قول الصحابي: "سنة أو من السنة" لا شك أنه في حكم المرفوع، ولو قاله -كما هنا- بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بأعصر؛ ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:

قول الصحابي: من السنة أو***نحو أمرنا حكمه الرفع ولو

بعد النبي قاله بأعصرِ***على الصحيح وهو قول الأكثرِ

الذي يُخشى الآن السليم قد لا يستطيع تطبيق الصورة الثانية، لكن المعيب قد يستطيع، إذا كان عيبه على الجهة التي لا يستطيعها السليم، صح أم لا؟ يعني قد يكون العيب في الرِّجل -أثر كسر أو شيء- صار يسهل عليه ما لا يستطيعه السليم، ولا يستطيع ما يستطيعه السليم، ممكن هذا، هذا ممكن؛ لأن المعيب قد يفعل شيئًا لا يستطيعه السليم؛ لأن الرِّجل خلاص توجهت حيث وجهها العيب "فقال: إن رجلي لا تحملاني" بتشديد النون، ويجوز التخفيف، ورجلي كذا للأكثر، وفي رواية حكاها ابن التين في شرح البخاري: "أن رجلاي" بالألف، وهذا جارٍ على لغة من يلزم المثنى الألف.

قال ابن عبد البر: اختلفوا في التربع في النافلة وفي الفريضة للمريض، فأما الصحيح فلا يجوز له التربع بإجماع العلماء، قال الزرقاني: ولعله أراد بنفي الجواز الكراهة، يعني في موضع التشهد الأول، رجل سليم في الفريضة بدلًا من أن يفترش تربع يأثم أم لا؟ يعني: هل يجب عليه أن يفترش؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- افترش، لكن ما أمر به، نعم، يعني مخالفة السنة، فيها أمر، هنا يقول: لعله أراد بنفي الجواز الكراهة، نعم لا يجوز بالإجماع أن يفعل هذا لمخالفة السنة، لكن هل معنى لا يجوز يحرم أو يكره؟ اللفظ يسع الجميع نعم؛ لأن قول: لا يجوز، يعني: لا يباح، فهل المقابل -لرفع الإباحة- يعني هل الإباحة والتحريم من باب النقيض أو من باب الضد؟ الإباحة مع التحريم، يعني ليس فيه ثالث؟ إذا كان فيه ثالث فهي ضد وليست بنقيض؛ لأن النقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان، والضدان لا يجتمعان لكن قد يرتفعان، يحل محلهما شيء ثالث.

"وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى، وثنى رجله اليسرى، وجلس على وركه الأيسر" هذا التورك "ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا -الجلوس- عبد الله بن عبد الله بن عمر، وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك"، يتورك ابن عمر، نعم، يتورك ابن عمر، وبعد العيب يتورك، يتورك بعد العيب؛ لأن العيب حصل بخيبر، وابنه عبد الله ما أدرك خيبر، بل بعدها بأزمان، يعني هل يحتمل أن الذي به من المرض ما يشبه الروماتزم مثلًا يشتد ويزول أحيانًا؟ أو هو من باب تصلب العظام، وتشدد الأعصاب بحيث لا يستطيع مطلقًا؟ نعم؛ لأن هنا استطاع وعبد الله ابنه بعد القصة بأزمان "وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك" والسند ما فيه أدنى إشكال.

طالب:.......

...... يتورك بعد الكبر؟ لكن الآن هذا متأخر، هذا متأخر بلا شك، والألم الذي بكونه يشتكي من آثار خيبر، لكن على كل حال مسألة التورك الحجة فيها حديث أبي حميد، التورك المنسوب لابن عمر هنا ما فيه إشكال، سنده صحيح مثل الشمس، نعم هو موافق لما جاء في حديث أبي حميد الساعدي وفيه التورك، أخرجه البخاري بعد خبر ابن عمر السابق، حديث ابن عمر الذي فيه عدم بيان الجلوس، هل هو تورك أو افتراش؟ أردفه البخاري -رحمه الله تعالى- بحديث أبي حميد، نعم.

باب: التشهد في الصلاة:

أحسن الله إليك:

قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-: باب: التشهد في الصلاة:

عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه سمع عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يتشهد فيقول: بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدًا رسول الله، يقول هذا في الركعتين الأوليين، ويدعو إذا قضى تشهده بما بدا له، فإذا جلس في آخر صلاته تشهد كذلك أيضًا، إلا أنه يقدم التشهد، ثم يدعو بما بدا له، فإذا قضى تشهده وأراد أن يسلم قال: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم عن يمينه، ثم يرد على الإمام، فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه.

عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- -رضي الله تعالى عنها- أنها كانت تقول إذا تشهدت: "التحيات، الطيبات، الصلوات، الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم".

عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد أنه أخبره أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول إذا تشهدت: "التحيات، الطيبات، الصلوات، الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم".

عن مالك أنه سأل ابن شهاب ونافعًا مولى ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن رجل دخل مع الإمام في الصلاة، وقد سبقه الإمام بركعة أيتشهد معه في الركعتين والأربع وإن كان ذلك له وترًا؟ فقالا: ليتشهد معه، قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر عندنا.

في هذا الباب ذكر الإمام مالك -رحمه الله تعالى- تشهد عمر وابن عمر وعائشة واقتصر على ذلك، ولم يذكر تشهد ابن مسعود، ولا تشهد أبي موسى، ولا ما يروى عن جابر في الباب مما اعتمده جمع من أهل العلم.

قال -رحمه الله-: "باب: التشهد في الصلاة" التشهد: تفعل من تشهد، تشهد تشهدًا، تكلم تكلمًا، مصدر لاشتماله على النطق بشهادة الحق، فيه أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، تغليبًا لها على بقية أذكاره لشرفها، يعني التشهد فيه تحميد وتمجيد وأذكار وأدعية، لكن غُلبت شهادة الحق لشرفها.

وأما حكمه: فلم يوجبه مالك ولا أبو حنيفة، بل قال مالك: إنه سنة، وأوجبه أحمد وجماعة في الجلوسَيْن، يعني هناك انفكاك بين التشهد وبين الجلوس للتشهد، الجلوس للتشهد لا يختلفون فيه، نعم لكن ذكره على خلاف بينهم في الأول، ذكره هو المختلف فيه هل هو واجب أو سنة؟ لم يوجبه مالك ولا أبو حنيفة كغيره من الأذكار، غير الفاتحة كما تقدم عندهم والتسبيح والتحميد وغيره كلها سنة، وأوجبه أحمد؛ لأنه يوجب كثير من الأذكار، وجماعة في الجلوسين معًا، وأوجبه الشافعي في الآخر دون الأول، وروى أبو مصعب عن مالك القول الذي ذكرناه عن مالك هو المشهور من مذهبه، رواه أبو مصعب عن مالك: من تركه بطلت صلاته، من تركه بطلت صلاته.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك" ولا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم عليه، وسجد لتركه مع الجلوس له، فدل على أنه مؤكد، إن لم يكن واجبًا، نعم بلا شك؛ لأنه جبره بسجود، قد يقول قائل: إن السجود -كما سيأتي- للجلوس له لا له+، على كل حال المسألة خلافية، ووجوبه هو الظاهر.

"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري" نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة "أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد" وهو موقوف عليه، لكن له حكم الرفع، وإسناده صحيح إلى عمر، ويعلمه الناس على المنبر، وبهذا رجحه بعض العلماء، نعم رجحه مالك؛ لأن عمر كان يعلمه الناس على المنبر، كما قيل نظيره في دعاء الاستفتاح "يعلم الناس التشهد يقول: قولوا: التحيات" جمع تحية، والتحية السلام، أو السلامة من الآفات والنقائص "الزاكيات لله" هي الأعمال الصالحة لا بد أن تكون خالصة لله -عز وجل- "الطيبات" ما طاب من القول والفعل، "الصلوات" الخمس، أو جميع الصلوات، خالصة "لله -عز وجل-" لا بد أن تكون كذلك "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" السلام هنا، السلامة، السلام عليك أو التحية، التحية عليك أيها النبي، وهو خطاب للبشر عليك، وهو خطاب أيضًا لغائب، بل هو خطاب لميت، وهو مخصوص بذلك، يعني يستمر، يعني كان الخطاب في حياته -عليه الصلاة والسلام- ثم يستمر بعد ذلك من غير تغيير؛ لأنه متعبد بلفظه، لا يجوز أن تقول: السلام على رسول الله، إنما تأتي باللفظ الثابت، ولا تقول: السلام على سيدنا رسول الله؛ لأنه متعبد به، وإن كان سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام-.

"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" القائمين بحقوق الله وحقوق عباده "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله" أقر وأعترف وأجزم بأنه لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله -عز وجل-، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، محمد عبد لله لا يصرف له شيء من حقوق الله -جل وعلا-، ورسول منه، مرسل إلى جميع الثقلين الجن والإنس، ثم بعد هذا ذكر حديث تشهد ابن عمر.

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول: بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله" يعني كما تقدم في حديث أبيه، السلام على النبي "السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدًا رسول الله، يقول هذا في الركعتين الأوليين ويدعو" يدعو بما أحب إذا فرغ من تشهده هذا "بما بدا له".

"مالك عن نافع أن ابن عمر" السند صحيح لا إشكال فيه "ويدعو إذا قضى تشهده بما...، فإذا جلس في آخر صلاته" يعني في التشهد الأخير "تشهد كذلك" باللفظ المذكور، إلا أنه يقدم التشهد، كيف يقدم التشهد؟ يقول: شهدت قبل قوله: التحيات لله؟ هذا مقتضى اللفظ؟ طيب والأول؟ "ويدعو إذا قضى تشهده" إذًا ما فيه فرق، نعم إذا قلنا بهذا: إنه يقدم التشهد على الدعاء صار ما فيه فرق بين التشهد الأول والثاني "فإذا قضى تشهده وأراد أن يسلم قال: السلام على النبي" نعم هذا الفرق، يعني تأخير السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير "السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم" يعني لو أن شخصًا اعتاد تشهد معين مثلما اعتدنا تشهد ابن مسعود ويسمع بهذا التشهد لأول مرة ولا يعرف إسناده؟ نعم؟

طالب:.......

نعم معروف، معروف عند اختلاف المذاهب، لكن الكلام على شخص لم يسمع، مثل حديث النعمان، حديث: الشبهات، الذي حفظه في صغره من الأربعين على رواية، ثم يسمع الروايات الأخرى: "مشبهات" "متشابهات" "مشتبهات" نعم ينفر من هذا، لكن ينبغي لطالب العلم أن يكون يحتمل مثل هذه الاختلافات إذا صحت أسانيدها.

على كل حال هذا موقوف على ابن عمر، يقول ابن عبد البر: إن له حكم الرفع، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين سؤال من الله -جل وعلا- ودعاء بالسلامة، السلام والسلامة بمعنىً، كالمقام مع المقامة.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة" تشهد عائشة هذا "زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تقول إذا تشهدت: "التحيات، الطيبات، الصلوات، الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم" وتنتهي، هل معنى هذا أنها لا تصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم، في تشهد ابن عمر: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم عن يمينه" ثم يرد على الإمام، ما معنى يرد على الإمام؟ يقول: "وعليكم السلام" إذا سلم الإمام؟ نعم؟

طالب:.......

بلفظه؟ يعني هل يتأدى جواب التحية بقولك: السلام عليكم؟ أو معنى هذا أنه يردد كلام الإمام؟ وليس معناه الرد المعهود، السلام عليكم.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد أنه أخبره أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول إذا تشهدت: "التحيات، الطيبات، الصلوات، الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم".

يقول ابن عبد البر: أيضًا هذا له حكم الرفع؛ لأنه لا يمكن أن يقال بالرأي، هذه التشهدات التي أوردها الإمام -رحمة الله عليه- عن عمر وابن عمر وعائشة، وهناك أيضًا تشهدات لم يذكرها، تشهد ابن مسعود، وهو أصح ما ورد في التشهد، وتشهد أبي موسى عند مسلم في صحيحه، وما رواه النسائي عن جابر بن عبد الله، لكنه من رواية أبي الزبير عنه بالعنعنة، على كل حال اختلاف هذه الصيغ اختلف أهل العلم في المختار منها، اختلف أهل العلم في المختار منها، اختار أبو حنيفة وأحمد وأكثر العلماء تشهد ابن مسعود، وقد أخرجه الأئمة الستة، واختار مالك وأصحابه تشهد عمر لكونه علمه الناس على المنبر، واختار الشافعي تشهد ابن عباس عند مسلم: "التحيات، المباركات، الصلوات، الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، قال الترمذي: أصح حديث في التشهد حديث ابن مسعود، ويقول البزار: روي من نيف وعشرين طريقًا، وسردها، وقال: لا أعلم في التشهد أثبت، ولا أصح أسانيد، ولا أشهر رجال منه، يعني من تشهد ابن مسعود، ومن مرجحاته أنه متفق عليه، فهو مرجح، وهذه الصيغ إذا ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبتت أسانيدها، وسلمت متونها من الشذوذ والنكارة والعلل الخفية، فلا مانع من أن يكون اختلافها اختلاف تنوع، فيأتي المصلي أحيانًا بهذا وأحيانًا بهذا؛ لأنها إذا ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فكيف ترد؟ ما ثبت منها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف لا يقال، ونحتاج إلى ثبوت أسانيدها، وهنا ما ذكره الإمام مالك لا إشكال فيه، صحيح إلى من نسبه إليه، وهو وإن كان موقوفًا لفظًا إلا أنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بالرأي.

نعم، ما ترك مما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في هذه التشهدات كالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، والتعوذ بالله من أربع، نعم يؤخذ من النصوص الأخرى، والزيادة مقبولة.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب ونافعًا مولى ابن عمر عن رجل دخل مع الإمام في الصلاة وقد سبقه الإمام بركعة أيتشهد معه في الركعتين والأربع وإن كان ذلك له وترًا؟ فقالا: ليتشهد معه" شخص مسبوق بركعة أدرك الإمام في الثانية، جلس الإمام بعد ثانيته التي هي أولى بالنسبة لهذا المسبوق، يلزمه متابعته ويجلس معه، ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) لا بد أن يجلس، قد يقول قائل: هذا ليس موضع جلوس، بين الأولى والثانية ليس موضع جلوس، كيف يتابع؟ يتابع؛ لأنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، قد يقول قائل: هل تصح صلاة من جلس للتشهد أكثر من عدد الركعات، يصح أم لا؟ كيف؟ في المغرب متى يجلس للتشهد، ويكون أكثر من عدد الركعات؟ يعني فاته ركعتان، رفع الإمام من الركوع في الركعة الثانية واقتدى به، دخل معه، جلس معه التشهد الأول والثاني، ثم إذا جاء بركعة، جلس، ثم إذا جاء بالثانية، جلس، أربعة تشهدات في ثلاث ركعات، وهذا بعضها إنما وجب للاقتداء، نعم، وإلا فالأصل أنه في الأولى والثانية التي أدركهما مع الإمام ما فيه جلوس أصلًا بالنسبة له، لكنه يجلس هنا للاقتداء "قال: وقد سبقه الإمام بركعة يتشهد معه في الركعتين والأربع وإن كان ذلك له وترًا؟ فقالا: ليتشهد معه" هذا ابن شهاب ونافع عن رجل أنه دخل مع الإمام، سئل، هذا مالك سأل ابن شهاب ونافع فأجابوه بذلك "فقال -الإمام- مالك: "وهو الأمر عندنا" وهو الأمر عندنا، يعني بالمدينة، وهذا أيضًا مما لا نزاع فيه، يعني ما هو برأي مالك فقط، لحديث: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) يقول الباجي في شرحه: وجه ذلك أن المأموم عليه أن يتبع الإمام في الأفعال وإن لم يعتد بها، ولن يعتد بالتشهدات التي أدركها مع الإمام، وإن لم يعتد بها، والأقوال تتبع الأفعال، قد يقول قائل: يتبعه في الصورة فيجلس لكن ما يتشهد؛ لأن هذا ليس موضع تشهد، ألا يمكن أن يقال مثل هذا؟ أنت لا تختلف عليه اجلس مثلما يجلس، لكن لا تتشهد؛ لأن هذا ليس موضع تشهد بالنسبة لك.

يقول: والأقوال تتبع الأفعال، ألا ترى أنه متى سقطت عن المأموم الأفعال سقطت الأقوال، نعم، يعني المسبوق الذي يدرك الإمام في الركوع سقط عنه القيام، هل نقول: ما دام سقط عنك القيام ائتِ بالفاتحة؟ القول تبع للفعل، ألا ترى أنه متى سقطت عن المأموم الأفعال سقطت الأقوال بأن يدركه راكعًا فيما أسر فيه بالقراءة؟ يدركه راكعًا فيما أسر فيه بالقراءة، لماذا نص على ما أسر به في القراءة؟ لأنه عندهم فيما يسر به الإمام تجب عليه القراءة، وإن لم تسقط الأفعال بأن يدركه في أول الركعة لم تسقط الأقوال، فإذا كان المأموم يتبع إمامه في الجلوس وإن كان لا يعتد به فكذلك في التشهد وإن لم يعتد به، ظاهر الكلام، تقول: هل الذي صلى بجانبي وفاتته الركعة أعفيناه من الفاتحة، إذًا أنا ما أنا بقارئ الفاتحة؟ نقول: لا، هذا سقط عنه الفعل؛ لأنه مسبوق فسقط عنه ذكره الذي هو القراءة، أنت ألزمت بالقيام مع الإمام، إذًا يلزمك ذكر هذا الفعل، ظاهر؟ نعم.

باب: ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام؟:

أحسن الله إليك:

باب: ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام؟

عن مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن مليح بن عبد الله السعدي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام فإنما ناصيته بيد شيطان".

قال مالك -رحمه الله- فيمن سها فرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود: إن السنة في ذلك أن يرجع راكعًا أو ساجدًا، ولا ينتظر الإمام، وذلك خطأ ممن فعله؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) وقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام" الذي يرفع رأسه قبل الإمام بأن يخفى عليه صوت الإمام فيغلب على ظنه أن الإمام قد رفع، يغلب على ظنه أن الإمام قد رفع، الذي ناصيته بيد شيطان هذا الذي يتعمد، لكن شخص غلب على ظنه أن الإمام قد رفع فرفع، فوجد الإمام راكعًا أو ساجدًا يرجع، مثل هذا لا بد أن يرجع كما قال الإمام مالك، ولا ينتظر الإمام حتى يرفع، فالإمام قائم حتى يرفع.

يقول: "باب: ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام" وما حكم صلاة من رفع رأسه قبل الإمام؟ يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص عن مليح بن عبد الله السعدي" هذا لا يوجد له ترجمة في الكتب المتداولة، إنما ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وحينئذٍ يكون مستورًا مجهولًا ما فيه فرق، نعم؟

طالب:......

منهم من يطلق المستور بإزاء المجهول، ومنهم من يقول: المستور ومجهول الحال بقسميه، ومنهم من يقول: المستور هو مجهول الحال باطنًا لا ظاهرًا، نعم، على كل حال تقبل روايته أم لا تقبل؟ منهم من يطلق أن من ذكره البخاري في تاريخه، أو ذكره ابن أبي حاتم في تاريخه ولم يذكرا فيها جرحًا ولا تعديلًا يقول: ثقة، كثيرًا ما يقول الشيخ أحمد شاكر تقليدًا لبعض من سلف: ذكره البخاري وابن أبي حاتم فهو ثقة، وأحيانًا يقول: فهذا أمارة توثيقه، على كل حال هذا قول لبعض أهل العلم، لكن ابن أبي حاتم نص في المقدمة أنه ذكر بعض الرواة ولم يجد فيهم كلامًا لأحد، ولم يترجح له قول فتركهم، هذا يدل على أنهم مجاهيل، نعم دل على أنهم مجاهيل، وهذا منهم "عن أبي هريرة أنه قال: "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام" يرفع رأسه من الركوع أو السجود ويخفضه فيهما، يسجد قبل الإمام ويركع قبل الإمام "فإنما ناصيته بيد شيطان" والخبر هذا وإن كان فيه المذكور وهو مجهول إلا أن اللاحق يؤيده.

"قال مالك فيمن سها فرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود: إن السنة في ذلك أن يرجع راكعًا أو ساجدًا، ولا ينتظر الإمام حتى يرفع من الركوع أو من السجود، وذلك خطأ ممن فعله" يعني الذي ينتظر خطأ، الذي ينتظر حتى يرفع الإمام خطأ ممن فعله "لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به -ليقتدى به- فلا تختلفوا عليه))" والرفع والخفض قبله من الاختلاف عليه، "وقال أبو هريرة: "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان" يجره منها حيث شاء، يعني إذا كانت الناصية بيد الشيطان، نعم، الناصية: مقدم الرأس، كأنه جعل قياده بيد الشيطان، والشيطان يورده المهالك، فيجره منها حيث شاء، فيوقعه في حرمةٍ، يعني فيما حرمه الله، في حرمة التقدم على الإمام كما هو ظاهر الحديث، وجاء أيضًا: ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار)) ((أو يجعل صورته صورة حمار)) هذا وعيد شديد، والعلماء يختلفون في حكم صلاة المسابق الذي يسابق الإمام، فمنهم من قال: بالبطلان بهذا الوعيد الشديد، ولأنه لا وحده صلى ولا بإمامه اقتدى، ومنهم من يقول: صلاته صحيحة؛ لأنه مع هذا الوعيد الشديد لم يؤمر بالإعادة، الجمهور على أن صلاته صحيحة؛ لأنه لم يؤمر بإعادة، وأهل الظاهر ورواية عن أحمد: أن صلاته باطلة، عليه أن يعيدها، ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله صورته صورة حمار)) هذا مسخ بلا شك، ووعيد على ارتكاب هذا المحرم، وأيهما أسهل عقوبة الدنيا أو عقوبة الآخرة؟ إذًا أسهل على الإنسان أن تتحول صورته صورة حمار أو تدخر له العقوبة في الآخرة؟ يعني المنصوص عليه في حديث المتلاعنين، أن عذاب الدنيا أسهل من عذاب الآخرة بلا شك، نعم؟

طالب:.......

إذا مُسخ؟ إذا مُسخ عوقب في الدنيا ولن يجمع الله له بين عقوبتين، لكن إذا لم يمسخ؟ ما في شك أن الإنسان يستعظم وجود مثل هذا الأمر، وشيء فوق ما يتصوره الإنسان أو يتخيله أنه يصلي مع الناس ويطلع رأسه رأس حمار، لكن مع ذلك لا يرتدع بعض الناس، والأمر ليس بالسهل وعقوبة الآخرة أعظم من عقوبة الدنيا، ومسخ القلوب أعظم من مسخ الأبدان، مسخ القلوب -يقرر أهل العلم- أنه أعظم من مسخ الأبدان؛ ولذلك تجد الإنسان تمر عليه الأوامر والنواهي ولا كأنها شيء، والله المستعان، نعم؟

طالب:.......

((إذا كبر فكبروا)) العطف بالفاء يقتضي التعقيب بلا شك؛ وأنه مجرد ما ينقطع صوته تكبر، لكن التأخر لا شك أنه اختلاف على الإمام، لكنه لا يعادل التقدم عليه؛ لأن الاقتداء لا شك أن المطلوب التعقيب مباشرة لكن الذي يتأخر لا يسلب لفظ الاقتداء لكنه ليس مثل الذي يقتدي به مباشرة، وعلى كل حال الواجب متابعة الإمام، وأما التقدم عليه فالخلاف في بطلان صلاته محل نظر عند أهل العلم، اختلاف، وعرفنا الخلاف، وأما بالنسبة للتأخر عنه فلا شك أنه مخالف من تأخر، لكن ليس مثل من خالف في التقدم.

الموافقة في تكبيرة الإحرام، إذا كبر قبل الإمام لم تنعقد صلاته، لكن إذا كبر مع الإمام ((إذا كبّر فكبّروا)) هل نقول: إن هذا مثل: ((إذا ركع فاركعوا؟)) يعني إذا شرع في الركوع أخذ في الركوع اركع، ليس معنى هذا أنه إذا فرغ من الركوع تركع، كما في قوله: ((إذا كبر)) يعني فرغ من التكبير كبر.

موافقة الإمام في تكبيرة الإحرام حكمها؟ نعم؟

طالب:.......

يقول: تبطل صلاته، لماذا؟ لأن الإمام ما انعقدت صلاته إلا بنهاية التكبير فقد اقتدى بإمام لم تنعقد صلاته، الموافقة ليست مثل المسابقة، فإذا كبر مع الإمام يكون حكمه حكم المسابق لا تنعقد صلاته، أما من سابق في غير التكبير فعرفنا أنه محل خلاف بين أهل العلم، تبطل الصلاة أم لا؟

طالب:.......

علِّل، هو علل، لا، أنت افترض أن الحروف مع الحروف، يعني بدأ بالألف مع الألف، لا شك أن صلاته على خطر، رسالة الصلاة للإمام أحمد ذكر فيها مسألة المسابقة، وشدد فيها -رحمه الله-، وإن كان بعضهم يشكك في نسبتها إلى الإمام أحمد، ما هو؟

طالب:.......

سلم عن يمينه؟ التحليل يقع بالتسليم، والأكثر على أن الركن أو الواجب على خلاف بينهم هو الأولى التي عن يمينه، والثانية سنة، وعند الحنابلة التسليمتان حكمهما واحد، أما المتابعة في الصورة الظاهرة فلا بد منها، المتابعة في صورة الصلاة الظاهر فلا بد منها؛ ولذا يلزمون المسافر الذي يقصر الصلاة إذا صلى خلف من يقيم أن يتم، نعم، لكن متابعته في الأذكار مثلًا الإمام استفتح بحديث أبي هريرة، والمأموم استفتح باستفتاح عمر -رضي الله عنه-، الفاتحة محل اتفاق يقرأها الإمام والمأموم، ما زاد على ذلك كونه يقرأ ما تيسر، فهناك ما يلزم فيه الموافقة، وهناك ما لا يلزم فيه الموافقة.

طالب:.......

هو الأصل أن الإمام يقرن بين القول والفعل؛ لأن القول دليل على الفعل، فالتكبير تكبير انتقال، إنما شرع للانتقال للإعلام بهذا الانتقال، وهو مقارن له من أوله إلى آخره، هذا الأصل، لكن بعض الناس إما يتقدم أو يتأخر، لا شك أن من فعل ذلك أساء، وعرض صلاة المأموم -لا سيما من لم يرَ الإمام- لبطلانها.

باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيًا

نعم

أحسن الله إليك:

باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيًا:

عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أصدق ذو اليدين؟)) فقال الناس: نعم، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ركعتين أخريين، ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع".

عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة العصر فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل ذلك لم يكن)) فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس فقال: ((أصدق ذو اليدين؟)) فقالوا: نعم، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتم ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين بعد التسليم، وهو جالس".

عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار الظهر أو العصر فسلم من اثنتين، فقال له: ذو الشمالين أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما قصرت الصلاة وما نسيت)) فقال ذو الشمالين: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس فقال: ((أصدق ذو اليدين؟)) فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بقي من الصلاة، ثم سلم.

عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن مثل ذلك.

قال مالك -رحمه الله-: "كل سهو كان نقصانًا من الصلاة، فإن سجوده قبل السلام، وكل سهو كان زيادة في الصلاة فإن سجوده بعد السلام".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيًا" السهو: هو الغفلة عن الشيء وذهاب القلب إلى غيره، وفرق بعضهم بين السهو والنسيان، يقول ابن حجر: وليس بشيء، يعني التفريق، لا شك أن السهو والغفلة بينهما وجه شبه كبير، وإن فرق بعضهم بأن السهو قد يكون طارئًا يعرض ويزول، والغفلة أكثر ما تطلق على الثابت، الشيء الثابت.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السَّختياني -بفتح السين- عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف من اثنتين" من اثنتين يعني في إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر، وجاء في بعض الروايات: أنها الظهر، وفي بعضها: أنها العصر "فقال له ذو اليدين" واسمه: الخرباق، سمي بذلك لطول في يديه، أو لكونه يعمل بيديه كلتيهما: "أقصرت الصلاة؟" يعني بعد أن كانت تامة صارت مقصورة "أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟" قصرت بعد أن كانت طويلة صارت قصيرة، أم نسيت يا رسول الله، هذا ضبط أَقَصُرت، وفي بعض الروايات وضبطها بعضهم: أَقُصرت، قصرت يعني صارت مقصورة؛ لأن الزمان زمان تشريع، يحتمل أن تكون الرباعية اثنتين، أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم زيد في الحضر فصار أربع، وأقرت صلاة السفر، ولا يمتنع أن تعاد كما كانت، هذا احتمال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الظهر ركعتين، ولا يخلو إما أن يكون ناسيًا -عليه الصلاة والسلام-، ساهيًا، أو يكون شرع له قصر الصلاة في الحضر.

"أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني بعد كلام طويل سيأتي في بعض الروايات: ((أصدق ذو اليدين؟)) أصدق ذو اليدين؟ "فقال الناس: نعم، صدق، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ركعتين أخريين" فقام، الثابت في الروايات أنه لما سلم قام إلى خشبة، قام، فكيف يقال هنا: فقام وهو من الأصل قائم؟ لم يقع في غير هذه الرواية لفظ: القيام، وقد استشكل لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان قائمًا، وأجيب بأن المراد بقوله: فقام، أي اعتدل؛ لأنه كان مستندًا إلى الخشبة فاعتدل "فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ركعتين أخريين" هما الثالثة والرابعة بالنسبة لصلاة الظهر أو العصر "ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول" سجد للسهو، مثل سجوده في الصلاة أو أطول "ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع" السجود قبل السلام أو بعده؟ بعد السلام، وهل هذا يجري على قاعدة مالك: أن كل سجود نقص يكون قبل السلام، وسجود الزيادة يكون بعد السلام؟ جارٍ أم غير جارٍ؟ زاد، زاد أمورًا، السلام الأول منها، هل في هذا تشهد بعد سجود السهو؟ البخاري ترجم عليه فقال: باب: من لم يتشهد في سجدتي السهو، سجد سجدتين ثم سلم، بدون تشهد، يعني إذا سجدهما قبل السلام قاله ابن حجر، وأما إذا كان السجود قبل السلام فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد، الجمهور على أنه لا يعيد التشهد، حكى ابن عبد البر عن الليث أنه يعيده، يعني يتشهد ثانية، وعن البويطي عن الشافعي مثله، وخطئوا البويطي في هذا، في هذا النقل فإنه لا يعرف، وعن عطاء يتخير، يعني بين أن يتشهد أو لا يتشهد، واختلف فيه عند المالكية، وحكى الترمذي عن أحمد وإسحاق أنه يتشهد، وهو قول بعض المالكية والشافعية، ونقله أبو حامد الإسفرائيني عن القديم، يعني من قولي الشافعي، لا شك أنه جاء ما يدل عليه، لكن جاء ما يدل على عدمه وهو أرجح وأكثر، فالصواب أنه لا يتشهد مطلقًا، سواءً سجد قبل السلام أو بعده.

طيب ما حكم سجود السهو؟ يعني السجود عن ترك واجب واجب، أو قل: لما يبطل عمده، سواءً كان نقصًا أو زيادة، نعم كما قال الحنابلة: إن ما يبطل عمده واجب، وما عدا ذلك لا يجب، قال الشافعية: هو مسنون كله، سجود السهو مسنون كله، يعني من لم يسجد للسهو لا شيء عليه، وعن المالكية السجود للنقص واجب دون الزيادة؛ لأن السجود للنقص هذا السجود يجبر النقص، لكن إذا كانت الصلاة زائدة بحاجة إلى ماذا؟ تحتاج إلى زيادة ثانية؟ عندهم، على كلامهم لا تحتاج إلى زيادة ثانية، وعن المالكية سجود النقص واجب دون الزيادة، وعن الحنابلة التفصيل بين الواجبات غير الأركان، فيجب بتركها الواجبات تجبر بالسجود مع النسيان، وأما الأركان فلا يجبرها السجود، والسنن أيضًا لا سجود لها عند الحنابلة، وعن الحنفية واجب كله، السجود واجب كله، لمن زاد أو نقص أو شك، جميع أنواع السجود واجبة عند الحنفية، ومسنون كله عند الشافعية، المالكية للنقص واجب، وللزيادة ليس بواجب، عند الحنابلة لما يبطل عمده واجب وما عدا ذلك مسنون، ولا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ترك وزاد ومع ذلكم سجد، يعني من فعله -عليه الصلاة والسلام-، من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وفعله تشريع.

يقول: "وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين -الأموي مولاهم المدني- عن أبي سفيان" وهب وقيل: قزمان "مولى -عبد الله- ابن أبي أحمد -بن جحش القرشي- أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة العصر" ولمسلم: الظهر، وفي الصحيحين: الظهر أو العصر بالشك، ولمسلم: إحدى صلاتي العشي، والاختلاف والشك من الرواة، الاختلاف بين الجزم بإحدى الصلاتين أو الشك والتردد بينهما اختلاف من الرواة، وزعم بعضهم تبعًا لاختلاف الرواة زعموا تعدد القصة، وهذا مسلك لبعض أهل العلم أنه إذا وجد الاختلاف بين الروايات ولو كان مرده اختلاف الرواة لا أصل القصة يقولون: بتعدد القصة، ومنهم من يجزم قصة واحدة ويرجح بين هذا الاختلاف "فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين" وعرفنا اسمه: الخرباق السلمي "فقال: أقصرت؟" أي صارت قصيرة، وضبط بالعكس أقُصرت "يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل ذلك لم يكن))" يعني لم أنسَ ولم تُقصَر، أو ولم تَقصُر "فقال: قد كان بعض ذلك" قد كان بعض ذلك، إما أنها قصرت أو النسيان، وفي بعض الروايات جزم أنه نسي، قال: بل نسيت، لماذا؟ هو نفى القصر والنسيان، فكيف أثبت النسيان ولم يثبت كونها قصرت؟ لأن كونها قصرت تشريع، نعم، والنسيان غفلة، نسيان، وهو -عليه الصلاة والسلام- ينسى ليسن ويشرع، لكن لا يجوز عليه أن يشرع ما لم يأذن به الله، "((كل ذلك لم يكن)) فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس" يعني الذين صلوا معه "فقال: ((أصدق ذو اليدين؟))" يعني فيما قال؟ "فقالوا: نعم صدق، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتم -أكمل- ما بقي من الصلاة" وهو الركعتان الثالثة والرابعة "ثم سجد سجدتين للسهو بعد التسليم، وهو جالس" الآن عندنا تعارض، تعارض بين ما عند الإمام من غلبة ظن وبين ما ادعاه ذو اليدين من النقص، لو صلى إمام وحصل له مثلما حصل، والغالب على ظنه أن صلاته تامة، ثم قام شخص أو سبح واحد، قال: سبحان الله، يرجع إلى قوله، أو يعمل بغلبة ظنه؟ هنا النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرجع حتى سأل غيره، ففي هذا أن الإمام لا يرجع عن يقينه، ولا غلبة ظنه إلا لما هو أقوى منه؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يعتمد قول ذي اليدين لمعارضته ظنه الغالب -عليه الصلاة والسلام-، حتى صدقه غيره من المصلين، وحينئذٍ ترجح قول الأكثر على غلبة ظنه، أو قول الكل، في الحديث أن الكلام أثناء الصلاة لا يبطلها لمن سلم منها معتقدًا الفراغ منها.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة" نعم؟

طالب:.......

هو لا بد من التكبير، تكبيرة الانتقال، نعم؛ لأنه سلم، لكن لو نسى التشهد مثلًا، ثم سلم يكفيه أن يستقبل القبلة ويجلس؛ لأن السلام هذا لاغٍ، يعني يغاير بين صوته للقيام والركوع والتشهد، هذا يحقق مصلحة، يحقق مصلحة اقتداء المأموم به، ولا يترتب عليه مفسدة، واللفظ متروك، يعني ما فيه حد محدد من الشارع، فالأمور المتروكة التي لم تبين صفتها في الشرع، يجوز أداؤها على غير الصفة، على أي وجه، ما في شيء.

طالب:.......

لا، تقول: ما ورد ولا وارد، لا تقدر تثبت أنه ما ورد، لا تقدر تثبت أنه ما ورد ولا وارد، ولم يذكر أنه كان يحذف الصوت بعد، لا، الأصل أنه متروك هذا، يأتي به الإنسان على الصفة التي لا تخرجه عن مسماه، نعم؟

طالب:.......

زاد التكبير، هو لا يسجد، يأتي في حديث عبد الله بن بحينة أنه -عليه الصلاة والسلام- ترك التشهد، وترك الجلوس له، فاكتفى بسجدتين؛ ولذا يقول أهل العلم: من سها مرارًا كفاه سجدتان.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر" قال ابن عبد البر: لا يوقف على اسمه "ابن سليمان بن أبي حثمة، قال: بلغني" هذا منقطع عند جميع رواة الموطأ "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار" يعني الظهر أو العصر، يعني فسرت، "فسلم من اثنتين" يعني من ركعتين "فقال له -رجل- ذو الشمالين" ذو الشمالين، وهناك: ذو اليدين، في هذا الحديث قال: ذو الشمالين، ومرة قال: أصدق ذو اليدين؟ نعم "فقال له ذو الشمالين" وذو الشمالين رجل من بني زهرة اسمه: عمير بن عمرو، وقد وهم الزهري في ذلك، وإنما هو الخرباق ذو اليدين؛ لأن ذا الشمالين قتل ببدر قبل إسلام أبي هريرة بخمس سنين "أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما قصرت الصلاة وما نسيت))" فصرح بنفيهما معًا عنه، "فقال ذو الشمالين: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس فقال: ((أصدق ذو اليدين؟)) فقالوا: نعم يا رسول الله" صدق، يعني لم تصلِّ إلا ركعتين "فأتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بقي من الصلاة، ثم سلم"، "فأتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بقي من الصلاة، ثم سلم" فيه سجود سهو؟ نعم، يقول الباجي: لم يذكر ابن شهاب في حديثه هذا سجود السهو، وقد ذكره جماعة من الحفاظ عن أبي هريرة، ومن حفظ معروف أنه حجة على من لم يحفظ، ويقول ابن عبد البر -رحمه الله-: لا أعلم أحدًا من أهل الحديث المصنفين فيه عول على الزهري في قصة ذي اليدين، لا أعلم أحدًا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عول على الزهري في قصة ذي اليدين، وكلهم تركوه لاضطرابه، وأنه لم يقم له إسنادًا ولا متنًا، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال لله تعالى.

الزهري إمام من أئمة المسلمين، إمام مكثر من المرويات، ومن الشيوخ والتلاميذ، من بحور العلم، ومن الحفاظ المتقنين، لكن مع ذلك لا يعلم من يعرُ من الخطأ والنسيان، ما فيه مخلوق يسلم من ذلك، فالإمام ابن شهاب الزهري -رحمه الله- لم يقم إسناد هذا الحديث ولا متنه؛ ولذا لم يعول أهل العلم عليه.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن مثل ذلك، قال مالك: كل سهو كان نقصانًا من الصلاة" يعني كترك التشهد الأول "فإن سجوده قبل السلام" نعم سجوده داخل الصلاة، داخل الماهية قبل السلام منها؛ ليحصل التعادل، نقص من الصلاة فيزيد فيها، ما هو يزيد معها يزيد فيها، في أثنائها، وزاد في الصلاة لا يجمع بين زيادتين في الصلاة، هذا رأي من؟ رأي الإمام مالك، وهذه قاعدة مطردة عنده، السجود للنقص يكون قبل السلام، والسجود للزيادة بعد السلام، يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عبد الله بن بحينة حيث سجد قبل السلام؛ لأنه نقص من الصلاة "وكل سهو كان زيادة في الصلاة فإن سجوده بعد السلام" كفعله -صلى الله عليه وسلم- في قصة ذي اليدين، لكن هل هذا الاطراد مقبول؟ يعني كل نقص سجوده قبل السلام وكل زيادة سجودها بعد السلام؟ أو نقول: علينا بالاقتداء؟ يعني الأصل أن ما يكون تبعًا للصلاة يكون قبل السلام بها، يكون منها، ثم نخرج عن هذا الأصل بالدليل؛ ولذا يرجح بعضهم أن سجود السهو كله قبل السلام إلا في صورتين: إذا سلم عن نقص كما في قصة ذي اليدين، وإذا بنى على غالب ظنه، في حديث التحري إذا بنى على غالب ظنه، نعم؟

طالب:.......

لا، هو أخذ القاعدة من حديثين، أخذ النقص من حديث عبد الله بن بحينة، نعم وسيأتي، وأخذ الزيادة من حديث ذي اليدين فقط وطرد، وهذا موجود في بعض كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-، وإن كان بعضهم يشكك في ثبوته عن شيخ الإسلام، لكن موجود في كلامه، لكن أخذ قواعد مطردة من أحاديث، من حديث واحد أو حديثين نعم؛ لأن عندنا السجود الأصل أنه للصلاة من تمام الصلاة، والأصل أن ما يكون منها فهو في ماهيتها وداخلها يكون قبل السلام إلا ما خصه الدليل، وعلى كل حال لا يختلفون في أن من سجد قبل السلام في جميع الصور صلاته صحيحة، ومن سجد بعد السلام في جميع الصور صلاته صحيحة، لكن الخلاف في الأفضل.

سم.

باب: إتمام المصلي ما ذكر إذا شك في صلاته:

باب: إتمام المصلي ما ذكر إذا شك في صلاته:

عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ فليصلِّ ركعة وليسجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم، فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين، وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان)).

عن مالك عن عمر بن محمد بن زيد عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخَ الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله، ثم ليسجد سجدتي السهو وهو جالس".

عن مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن عطاء بن يسار أنه قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- وكعب الأحبار -رضي الله عنه- عن الذي يشك في صلاته فلا يدري كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ فكلاهما قال: "ليصلِّ ركعة أخرى، ثم ليسجد سجدتين وهو جالس".

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان إذا سئل عن النسيان في الصلاة؟ قال: "ليتوخَ أحدكم الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: إتمام المصلي ما ذكر إذا شك في صلاته" يقول: "حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار" مرسلًا "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثًا أم أربعًا فليصلي))" بالإشباع، وإلا فالأصل: فليصلِّ؛ لأنها لام الأمر، ((فليصلي ركعة)) في رواية مسلم: ((فليطرح الشك، وليبنِ على ما استيقن، وليسجد سجدتين وهو جالس، قبل التسليم))، "((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ فليصلي ركعة، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم))" هذا يرد على مالك في قاعدته أو لا يرد؟ كيف؟ نعم، قد يرد وقد لا يرد؛ لأنه إن كان ما فعله مطابق للواقع لم يرد، وإن كان ما فعله فيه زيادة ورد عليه ((فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين)) يعني كأن هاتين السجدتين قامتا مقام ركعة، فصارت صلاته بعد أن كانت خمس صارت ستًّا، والست شفع، فكأن المطلوب في الصلوات الشفع لا تقطع على وتر، وقل مقابل هذا لو كانت صلاة مغرب، ثم تردد هل صلى ركعتين أو ثلاث؟ نعم، يبني على الأقل ويأتي بثالثة إن كانت رابعة صارت وترًا له، صارت سجدتا الوتر لتقطع صلاة المغرب على وتر ((فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين)) يعني ردها إلى الشفع بعد أن كانت وترًا ((وإن كانت رابعة)) يعني من غير زيادة صار فعله مطابقًا للواقع ((فالسجدتان ترغيم للشيطان)) إغاظة للشيطان، وإذلال.

قال النووي: معنى الحديث أن الشيطان لبس عليه صلاته، لكنه تدارك ما لبسه عليه بهاتين السجدتين، فأرغم الشيطان، ورده خاسئًا مبعدًا عن مراده؛ لأن الشيطان لا شك أنه يغيظه أن يأتي الإنسان بما أمر به على الوجه المأمور به؛ ولذا إذا ثوب للصلاة، إذا نودي للصلاة أدبر، ثم رجع، ثم إذا ثوب بها أدبر ثم رجع ليلبس على الإنسان صلاته، ويذكره ما لم يذكر، فلا شك أنه إذا ذكره سعى في غفلته عن الصلاة لا يدرِي كم صلى، ثم إذا فعل ما أمر به وما وجه إليه من هاتين السجدتين أرغم الشيطان بهذا.

والحديث مخرج في صحيح مسلم، موصول عن أبي سعيد الخدري، من طريق سليمان بن بلال وداود بن قيس، كلاهما عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد.

وفي الحديث يقول ابن عبد البر: في الحديث تقوية لقول مالك والشافعي والثوري وغيرهم أن الشاك يبني على اليقين فلا يجزيه التحري، وقال أبو حنيفة: إن كان ذلك أول ما شك استقبل، وإن اعتراه غير مرة تحرى، لماذا يقول أبو حنيفة هذا الكلام؟ لأنه يتطور الأمر عنده ويصير إلى حد الوسوسة، لكن إذا كان أول مرة لا مانع أن يستقبل صلاته يستأنف من جديد، يبدأ صلاته من جديد ليحضر قلبه فيها، وإن كان يتكرر عليه هذا نعم، ماذا يقول؟ وإن اعتراه غير مرة تحرى، صار يصلي أربعًا ويسجد سجدتين تنقطع على وتر، كما لو صلى الظهر خامسة وسجد سجدتين للسهو، قطعها على شفع، اعكس أوترت له صلاته صارت مغربًا؛ لأنها مطلوب أن تقطع على شفع هذه، لأنها صارت خمسًا وهو مطلوب أن يقطعها على شفع في الظهر أو العصر أو عشاء، لكن إن كانت مطلوب قطعها على وتر، هاتان الركعتان بمثابة ركعة فيكون كأنه قطعها على وتر، المغرب.

وقال أبو حنيفة: إن كان ذلك أول مرة، أول ما شك استقبل، وإن اعتراه غير مرة تحرى، وقال أحمد: الشك على وجهين: اليقين والتحري، فمن رجع إلى اليقين ألقى الشك وسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد، حديث الباب، وإذا رجع إلى التحري وهو أكثر الوهم سجد للسهو بعد السلام على حديث ابن مسعود، كأنه في قول الإمام أحمد يفرق بين الشك وغلبة الظن؛ لأن الآن فيه يقين؟ يقول: على وجهين: اليقين والتحري، اليقين نقيض للسهو، إذا وجد يقين ما وجد سهو، عندهم غلبة الظن تنزل منزلة اليقين أحيانًا، عند بعضهم، وإن كان درجات المعلوم تتفاوت فمنها الوهم، والشك، والظن، واليقين، الذي هو العلم، فالعلم لا يحتمل النقيض، والظن: الاحتمال الأقوى، والشك: الاحتمال المساوي، والوهم: الاحتمال المرجوح، فإذا وجدت عندنا غلبة ظن، نعم غلبة ظن إذا تردد الإنسان بنسبة عشرين بالمائة أنه ما صلى رابعة، ماذا نقول؟ ابنِ على اليقين وهو ثلاث، أو نقول: اعمل بغلبة ظنك وتحرِ واسجد بعد السلام؟

طالب:......

على ماذا يعني هذا غلبة ظن؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما بنى على غالب ظنه رجع إلى قول ذي اليدين؟ أو لما تيقن بعد أن أخبروه كلهم؟ يعني ما رجع عن غلبة ظنه لمجرد قول واحد؛ لأنه معارض بغلبة ظنه، لكن لما كثر الجمع ترجح على غلبة ظنه، هو عنده غلبة ظن ثمانين بالمائة أن صلاته مضبوطة وهو في الركعة الأخيرة، لما نبه نزلت هذه النسبة عنده، صارت وهمًا؛ لأن بعض الناس سهل أنك تمسح ما عنده، سهل عليه أنه يغلي غلبة ظنه ويتنازل إلى ما يقال له، فمثل هذا يعمل بالمعارض نعم، وكل هذا سببه حضور القلب في الصلاة وعدمه، بعض الناس يسلم وما يدري هو صلى واحدة أم عشر، مثل هذا يحتاج إلى أن يقال: عندك غلبة ظن؟ ما عنده شيء أبدًا البتة هذا، ما عنده من صلاته شيء، فهذا لو ينبهه طفل عمل بقوله؛ لأنه يرى أن قول الطفل أرجح من قوله؛ لما يعرف من نفسه، لكن بعض الناس مقبل على صلاته ويعرف أنه متقن لها، لكن لا يعني أنه معصوم، مائة بالمائة صواب، مثل هذا لا يعارض غلبة ظنه بقول أدنى واحد، بل لا بد أن يكون ما يعارضه أرجح من غلبة ظنه، وحديث ابن مسعود فيه التحري.

طالب:.......

تريد المرجح عندهم؟ ترجيح صاحب المغني وغيره؟ ماذا يقول صاحب الزاد؟ من يحفظ؟

طالب:.......

هيّن هذه، لكن هل قبل أم بعد؟ عبارته: "من سها مرارًا كفاه سجدتان" لا، هل هو قبل السلام أو بعده؟ وهل يفرقون بين الزيادة والنقصان؟ أو يفرقون بين كله لكذا؟ ما ذكرنا الأقوال؟ من يذكر المشهور عند الحنابلة في هذا؟

طالب:.......

نعم، وهو المرجح في المغني وغيره، أنه قبل السلام إلا ما ورد فيه النص، مسألة السلام على النقص والتحري، كما في حديث ابن مسعود، وترتب على تردده فعل؟ لا، زاد قيامًا، لكن لو تردد قبل أن يقوم، ثم غلب على ظنه ثم جلس، إذا فارقت رجلاه الأرض، منهم من يفرق يقول: إذا انفصل فخذه عن ساقه، كلام، نعم.

على كل حال إذا فعل فعلًا يناقض ما هو فيه من الصلاة يسجد له، نعم، والله لأصل في الإنسان أن يقتدي، لكن قد يرد صور لا يوجد لها نص بذاتها، فتلحق بأقرب النصوص الواردة فيها، نعم؟

طالب:.......

التحري غلبة الظن هو مدار أكثر الأحكام، غلبة الظن معتبر عند أهل العلم، كلهم غلبة الظن يعملون به، هنا الحديث الذي عندنا مرسل، وعند مسلم موصول من حديث أبي سعيد، والإمام أحمد -رحمه الله- رجح الوصل، وقال: إنما قصر به مالك، وأسنده عدة منهم ابن عجلان، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وداود بن قيس وغيرهم، المقصود أن الأكثر على أنه موصول، وهل يرد في مثل هذا تعارض الوصل والإرسال؟ نعم، هل نعمل بقول الأكثر؟ أو نقول: مالك نجم السنن قصر به فقوله المعتبر؟ يعني لو أردنا أن نعارض بين ابن شهاب وبين غيره من الرواة، ابن شهاب أحفظ منهم على جهة الانفراد، ومالك أحفظ من هؤلاء على جهة الانفراد، كل واحد منهم، لكن الواحد -كما قال الإمام الشافعي-: أولى بالخطأ عن الجماعة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عمر بن محمد بن زيد -بن عبد الله بن عمر- عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخَ -يعني يتحرى- الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله، ثم ليسجد سجدتين للسهو" هنا دليل على ماذا؟ على التحري، والتحري مبني على غلبة الظن، قال ابن عبد البر: هو عنده -يعني عند مالك- البناء على اليقين، وتأوله من قال بالتحري أنه أراد العمل على أكثر الظن، وتأويلنا أحوط، وأبين؛ لأنه أمره أن يصلي ما ظن أنه نسيه، ويعضده حديث أبي سعيد، أعني السابق.

هل التحري هنا يتحرى إبراء ذمته باعتبار الأقل أو يتحرى الراجح من المرجوح؟ هنا ابن عبد البر تبعًا لمذهبه حرف الكلام، نعم هنا قال: ليتوخَ، فليصله، قال ابن عبد البر: هو عنده يعني مالك البناء على اليقين يعني حرفه لما يوافق المذهب، البناء على اليقين، ما معنى اليقين؟ يعني لو ثمانين بالمائة عندك أنك صليت ثلاثًا، وعشرين بالمائة أنك صليت ثنتين، تجعلها ثنتين؛ لأن هذا هو اليقين، وتأوله من قال بالتحري، يتوخى يتحرى، نص، أنه أراد العمل على أكثر الظن وتأويلنا أحوط، يعني تأتي بزيادة ركعة أحوط، وإن كانت نسبة الخطأ عشرين بالمائة نسبة النقص، وتأويلنا أحوط وأبين؛ لأنه أمره أن يصلي، ما ظن أنه نسيه، ويعضده حديث أبي سعيد.

"وحدثني عن مالك عن عفيف بن عمرو -بن المسيب- السهمي" وهذا قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، مقبول من السادسة "عن عطاء بن يسار أنه قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار -الحميري- عن الذي يشك في صلاته فلا يدري كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ فكلاهما قال: "ليصلِّ ركعة أخرى" الذي يشك، مسألة الشك هذه احتمال، احتمال الطرفين على حد سواء، مثل هذا لا بد أن يبرأ من عهدة الواجب "الذي يشك في صلاته فلا يدري كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ قال: "ليصلِّ ركعة أخرى" بانيًا على ما تيقن "ثم ليسجد سجدتين وهو جالس" كما في حديث أبي سعيد، بعض الناس كثير الشك، يمكن لا تخلو صلاة من صلاته من شك، ويرجح بما يفعله جاره، دخل هو وزيد من الناس، فلما سلم هو ما يدري: أفاته شيء أو ما فاته؟ واحدة أم ثنتين؟ جاره الذي عن يمينه أم عن يساره لو قلنا بعد اقتدى به وصار إمامًا له انتهى الإشكال، جاره الذي عن يمينه صلى ركعة فعل مثله، تصح صلاته أم لا تصح؟ هذا ما يدري كم صلى واحدة أو ثنتين؟ أدرك التشهد أو أدرك الصلاة من أولها؟ لكن جاره صلى، نعم؟

طالب:.......

لكن يكفي هذا يا الإخوان؟ لا، هو عن يمينه ما يصلح إمامًا، لا، هو يصلح مرجحًا، يعني إذا وجد شكًّا هل هن ثنتين أم ثلاث؟ وقلنا: بغلبة الظن والتحري، فعل جاره مرجح لجانب من الجانبين؟ إذًا يكون غلبة ظن، نعم يكون غلبة ظن.

طالب:.......

ما هو غلبة ظن؟ يبني على غلبة ظنه، يتحرى، يعني يرجح بصلاة الجار أو ما يرجح؟

طالب:.......

تأكد أنه سلم أم لم يسلم؟ واقع كثير من الناس لا يدري، قد يأتي لصلاة شروطها متوافرة، وأركانها وتصح عند الفقهاء ولا يعقل منها شيئًا، ولا يدري كم صلى؟ ومن نعم الله أن الله -سبحانه وتعالى- شرع الجماعة، هذا يخفف على كثير من المأمومين، وهذه يصححها الفقهاء، والفقهاء كالأطباء، يعني يأتي شخص فيكشف الطبيب على قلبه يقول: سليم مائة بالمائة، من الناحية الطبية، لكن قد يكون من حيث الميزان الشرعي مريض قلب، نعم، {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [(32) سورة الأحزاب] تذهب به إلى المستشفى لقسم القلب وكذا يقول: مائة بالمائة سليم، طيب في قلبه مرض؟ هذا طمع في غرة وغفلة بعض الناس، في قلبه مرض، نعم، كذا يمثل ويصور بعض العلماء، يقول: الذي يخشع في صلاته قلبه سليم، ويقبل عليها بكليته، لكن الذي يغفل عنها ولو أتى بصورتها الظاهرة وصححها الفقهاء يبقى أنها مثل الذي في قلبه مرض شهوة أم شبهة، وإن كانت من حيث أدائه لوظيفته كاملة، وهذا تنظير مطابق، يعني تأتي إلى المستشفى ويعطيك تقريرًا "سليم مائة بالمائة" من حيث أداء الوظائف للقلب، ليس فيه أدنى إشكال، لكن يبقى أنه هذا القلب الذي اتجهت إليه خطابات الشرع كلها، الخطاب الشرعي يتجه إلى ماذا؟ إلى القلب، كله إلى القلب منصرف، وهو في غفلة ونسيان عن صلاته وكذا وإن أدى الوظائف؛ لأن صلاح القلب وفساده معنوي، مسألة الصلاح والفساد الحسي يعالج بسهولة، لكن الكلام بالفساد المعنوي هذا ما الذي يجبره؟ يحتاج إلى علاج بالنصوص الشرعية، وبالإكثار من العبادات، وبصدق الإقبال واللجوء إلى الله -عز وجل-.

طالب:.......

لا، أنت إذا حصرته كله قبل السلام، وأخرجت صورتين هذا أسهل، أيها أضبط؛ لأن العامي يتردد، لأنك نقصت أم زدت؟ كثير من الناس يرى حديث: ذي اليدين، يقول: نقص، هذا سلام على نقص، لماذا سجد بعد السلام؟ لا يتصورون الأمر على حقيقته، يعني كثير حتى من طلاب العلم المبتدئين يتصوره نقصًا؛ لأنه سلم عن ركعتين، ما معنى ركعتين؟ يعني نقص من صلاته.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن النسيان في الصلاة؟ قال: "ليتوخَ -يتحرى- أحدكم الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله" في رواية سالم المتقدمة: "ثم يسجد سجدة السهو وهو جالس"، "كان إذا سئل عن النسيان في الصلاة؟ قال: "ليتوخَ أحدكم الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله" يعني الآن بنى على غالب الظن أم على اليقين؟ مثل ما صرف ابن عبد البر النص الأول يصرف هذا بعد؛ لأنه قال: فليصله مثل الأول.

طالب:.......

يعني نوى الانفراد ليأتي بما فاته أو ما بعد انفصل عن الإمام؟ يعني الإمام سلم ثم قام ليأتي بما سبق به، ثم سجد الإمام، هذا مخير بين الأمرين إما أن يرجع فيسجد لا سيما إذا كان السهو قد أدركه، أو ينتظر حتى يسلم هو ويسجد سجدتين؛ لأنه نوى الانفراد، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"