شرح الموطأ - كتاب الجهاد (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما تكون فيه الشهادة:

حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ووفاة ببلد رسولك".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول: "كرم المؤمن تقواه ودينه حسبه ومروءته خلقه، والجرأة والجبن غرائز يضعها الله حيث شاء، فالجبان يفر عن أبيه وأمه، والجريء يقاتل عما لا يئوب به إلى رحله، والقتل حتف من الحتوف، والشهيد من احتسب نفسه على الله".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما تكون فيه الشهادة:

باب ما تكون فيه الشهادة، ثم ذكر أثرين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ارتباطهما بالترجمة اللهم إلا إذا كان المطلوب الرابط بينهما سؤال الشهادة، الأول فيه سؤال الشهادة، وجاء فيه ما جاء أن من طلب الشهادة صادقاً حصل له ثوابها وأجرها وإن مات على فراشه، والثاني ما فيه إلا أن الشهيد من احتسب نفسه، أخلص في جهاد لله جل وعلا.

ما تكون فيه (في) هذه ظرفية وإلا غير ظرفية؟ سببية، إني أسألك الشهادة في سبيلك، يعني من أسباب أجر الشهادة سؤال الشهادة، نعم، ومن أسباب نيل ثواب الشهادة احتساب هذه الشهادة في سبيل الله جل وعلا.

في شيء من البعد يعني، لكن إذا حملت على أنها سببية كما يقول بعض الشراح يعني الأسباب منها القريب، ومنها البيعد.

قال رحمه الله: حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب كان يقول: "اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك" يعني على المسلم أن يطلب الشهادة من الله جل وعلا، صادقاً في ذلك مخلصاً؛ لأنه ولو لم يقتل في سبيل الله حصل له أجرها، قد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أن من سأل الشهادة صادقاً في سؤاله نال ثوابها وأجرها ولو مات على فراشه.

اللهم إني أسالك شهادة في سبيلك؛ لتكفر بها جميع الذنوب، إلا ما تقدم من الدين، فيقاس عليه حقوق الخلق، إن لم يرضهم الله جل وعلا عن هذا الشهيد.

"ووفاة ببلد رسولك" عليه الصلاة والسلام، لا شك أن الوفاة في المدينة لهان أقول: لها ميزتها، فهي مهاجر النبي عليه الصلاة والسلام ومهاجر أصحابه، وهي قاعدة الإسلام، وعاصمته الأولى، وهي أفضل بقاع الأرض بعد مكة عند الجمهور، وقبلها عند مالك رحمه الله.

وفاة ببلد رسولك عليه الصلاة والسلام، وقد حصل له ما تمنى، قتل شهيداً وهو يصلي، ودفن ببلد الرسول عليه الصلاة والسلام بل بجواره.

ثم بعد ذلك قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب كان يقول: "كرم المؤمن تقواه" "كرم المؤمن تقواه" {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ودينه حسبه، ودينه حسبه، من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فالدين هو العمل، ومروءته خلقه، الخلق الحسن ومعاشرة الناس، ومعاملتهم بخلق حسن، هذه المروءة الحقيقية، والجرأة والجبن غرائز، غرائز صفات ثابتة في النفوس، وبعض الناس مجبول على الجرأة، وبعضهم مجبول على الجبن، والخير في الوسط، الجرأة مطلوبة في مواضع، وأيضاً هي مذمومة في مواضع إذا زادت عن حدها.

الجرأة والجبن غرائز يضعها الله حيث شاء، فالجبان يفر عن أبيه وأمه، يتعرض أبوه وأمه للخطر ويفر منهما ولا يدافع عنهما، يحترق المنزل وأمه وأبوه بأمس الحاجة إليه، فيهرب ويتركهم، وبإمكانه أن يسعفهم أو ينقذهم، هذا جبان، فالجبان يفر عن أبيه وأمه، والجريء يقاتل عما لا يئوب به إلى رحله، عما لا يستفيد منه، الجريء يقاتل عما لا يئوب يعني لا يرجع به إلى رحله، لا يستفيد منه البتة، وإنما قد يستفيد منه غيره، وقد لا يستفيد منه أحد، والجريء يقاتل عما لا يئوب به إلى رحله، ولا شك أن الجرأة ممدوحة، والشجاعة ممدوحة ما لم تتعدى الحد المشروع، كما أن جميع الخصال لها طرفا نقيض، والخير في الوسط.

والقتل حتف من الحتوف، يعني سبب من أسباب الموت، نوع ولون من ألوان الموت:

من لم يمت بالسيف مات بغيره         تنوعت الأسباب والموت واحد

والقتل حتف من الحتوف يعني مما يتداوله الناس قالوا: فلان قتل، قالوا: ما يعرض نفسه للقتل، قالوا: فلان سقط من شاهق، قال: لا يصعد شاهق، تردى في بئر قال: لا يقرب من بئر، وهكذا إلى آخره ثم قالوا: فلان مات على فراشه، هذا ماذا يصنع؟ نعم، لا مفر ولا محيد، {إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

والشهيد من احتسب نفسه على الله.

يعني نذر نفسه لله خدمة لدينه، سواءً كان بسنانه، أو بلسانه، أو ببدنه، أو بماله، مخلصاً في ذلك لله جل وعلا، نعم.

طالب:......

هو يولد على الفطرة، يولد على الفطرة، يولد على ما تقتضيه الفطرة، وهو الوسط، يولد متوسط، فإما أنتكون المؤثرات تزيده من جانب الشجاعة أو تزيده من جانب الجبن، نعم.

أحسن الله إليك.

باب العمل في غسل الشهيد:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غسل وكفن وصلي عليه، وكان شهيداً يرحمه الله.

وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أهل العلم أنهم كانوا يقولون: الشهداء في سبيل الله لا يغسلون، ولا يصلى على أحد منهم، وإنهم يدفنون في الثياب التي قتلوا فيها".

قال يحيى: قال مالك رحمه الله: وتلك السنة فيمن قتل في المعترك فلم يدرك حتى مات.

قال: وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه.

يقول رحمه الله تعالى: باب العمل في غسل الشهيد:

في غسل الشهيد ذكرنا في درس مضى أن الشهداء منهم من تثبت له الأحكام كلها في الدنيا والآخرة، ومنهم من تثبت له أحكام الدنيا دون الآخرة، ومنهم العكس.

عمر رضي الله عنه شهيد، قتل شهيداً، ومع ذلك غسل وكفن وصلي عليه، فأحكام الدنيا لا تثبت لمثل عمر،وإن ثبتت له الشهادة في الآخرة، لماذا؟ لأنه عاش بعد طعنه، عاش فإذا عاش المقتول فإنه حينئذ لا يعامل في الدنيا معاملة الشهيد، ومنهم من يقول: إن القتل وإن كان شهادة في مثل الصورة التي قتل فيها عمر، إلا أن المراد بالشهيد الذي جاءت به النصوص وأن له أحكام في الدنيا تخصه إنما هو من قتل في سبيل الله، في ساحة القتال، والقتال يبدأ من خروجه من منزله إلى دخوله إليه، فذهابه جهاد، ورجوعه جهاد.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب غسل وكفن وصلي عليه، وكان شهيداً يرحمه الله.

قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أهل العلم أنهم كانوا يقولون: الشهداء في سبيل الله لا يغسلون، ولا يصلى على أحد منهم، وإنهم يدفنون في ثيابهم التي قتلوا فيها".

هذه أحكام الشهيد في الدنيا، لا يغسلون، كما فعل بشهداء أحد، لا يغسلون ولا يصلى على أحد منهم، قد يقول قائل: حنظلة يقال له الغسيل، غسلته الملائكة وهو شهيد، لماذا؟ لأنه كان جنباً، نعم لأنه كان جنباً.

ولا يصلى على أحد منهم، النبي عليه الصلاة والسلام ثبت في الحديث الصحيح أنه في آخر حياته صلى على شهداء أحد بعد ثمان سنين، صلى عليهم كالمودع لهم، فمن يقول بأن الشهيد يصلى عليه، قال: النبي عليه الصلاة والسلام صلى على أحد وهذا ناسخ، ومنهم من يقول: لا يصلى عليه مطلقاً، وعدم الصلاة عليه محكم، يقول: إن الصلاة على شهداء أحد إنما هي صلاة لغوية مرهم ودعا عليهم، ودعا لهم.

"ولا يصلى على أحد منهم، وإنهم يدفنون في ثيابهم التي قتلوا فيها"

المحرم إذا مات وهو محرم يكفن في ثوبيه، والشهيد إذا مات وأثر الشهادة على ثيابه يدفن فيها.

قال مالك: وتلك السنة فيمن قتل في المعترك، يعني في المعركة، فلم يدرك حتى مات.

أما إذا أدرك ومكث مدة يعالج فيها ولو مات بعد ذلك فإنه لا يأخذ حكم الشهيد في الدنيا، وإن كان عند الله شهيداً، على ما قرره أهل العلم؛ لأنه مات بسبب المعركة.

قال: وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر بن الخطاب.

يعني لو أن شخصاً قتل في بيته، أو قتل في مسجد مثلاً وهو يصلي بالناس، كما فعل عمر، ومات فوراً، يعني مفهوم كلام الإمام أنه لو مات عمر مات فوراً ما أدرك، لما غسل ولا صلى عليه، ولا، ودفن في ثيابه؛ لأنه قال: وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر بن الخطاب.

لكن لو أن أحداً قتل في المحراب كما صنع بعمر رضي الله عنه،نعم عمر حياته كلها جهاد، لكن هناك جهاد تثبت له الأحكام الذي هو قتال العدو، والمسلم في حياته كلها جهاد، نقول: يستحق نصيب في سبيل الله المنصوص عليه في آية الزكاة، وإن كانت حياته كلها جهاد، بالمعنى العام، لكن المراد به في هذا الباب بمعناه الخاص، وهو قتال الأعداء؛ لأن مفهوم كلامه وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما عمل بعمر، مفهومه أنه لو أن عمر مات فوراً في محرابه لما غسل ولا صلي عليه، وكفن في ثيابه، لكن من قال بهذا من أهل العلم؟ نعم؟

طالب:......

كما عمل بعمر بن الخطاب، هنا في أول الباب يقول: إن عمر غسل أو كفن وصلي عليه، وكان شهيداً يرحمه الله، لماذا؟ نعم لأنه عاش بعد ذلك، لأنه عاش بعد ذلك، منصوص عليه في آخر الباب، ومفهومه أنه لو لم يعش نعم لما غسل ولما كفن، ولا صلي عليه، هذا مفهومه، لكن هل يوافق الإمام على هذا؟ أو أن المقتول مهما بلغ في المنزلة في الإسلام، والدفاع عن الإسلام، والجهاد في سبيل الله غير قتال العدو، غير قتال المعركة نعم، قد تثبت له ما عند الله، لا يحد، قد يثبت له أكثر ممما يثبت للشهداء، لكن مع ذلك أحكامه في الدنيا تختلف عن أحكام الشهداء، نعم.

طالب:......

لكن هذا ليس بمعركة مهما كان.

طالب:......

المقصود أنه عاش حياة مستقرة.

طالب:......

عموماً حياته مستقرة حياته مستقرة وعولج ونقل عن مكانه.

طالب:......

نعم لو أصيب بغيبوبة يغمى متصل إلى أن مات هذا في حكم الميت، ترون كلام.

طالب:......

يغسل، كلام طويل باقي في الباب، هاه؟

طالب:......

لا، ما ليس ؟؟؟؟ صلى عليهم كالمودع لهم؟

طالب:......

لا، لا لكن اختلفوا في معنى الصلاة، هذا أنت اللي تبحثه.

طالب:......

لا، لا مقوى، مقوى عند أهل العلم واستدل به من يقول بأن الشهداء يصلى عليهم، وفي بعض رواياته ما يدل على أنه كبر عليهم، وهذا مما يقوي أنه يصلى لكن هذه من خصائص أهل أحد.

على كل حال غداً إن شاء الله موعدك، نعم.

سم.

ودنا نكمل الباب يا الإخوان ما عندنا إلا اليوم وغداً، اليوم تكملة الجهاد، وغداً الأيمان والنذور ما عندنا غيرهم، فاتركونا يا الإخوان خلونا نكمل هذا؛ لأنه طال بنا الموطأ وكثير من الإخوان يريدون إنهاءه على أي وجه.

طالب:......

من بعد إن شاء الله خليه بعد الدرس، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما يكره من الشيء يجعل في سبيل الله:

حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب  رضي الله عنه كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير، يحمل الرجل إلى الشام على بعير، ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير، فجاءه رجل من أهل العراق فقال: احملني وسحيماً، فقال له عمر بن الخطاب: نشدتك الله أسحيم زق؟ قال له: نعم.

يقول رحمه الله تعالى: باب ما يكره من الشيء يجعل في سبيل الله:

يعني يستعمل في غير ما جعل له، يعني ما يكره من الشيء يعني في استعماله في غير ما جعل له، أو يتوسع في استعماله من غير ما حدد له.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير، يحمل الرجل إلى الشام على بعير، ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير.

قالوا: لأن الطريق إلى الشام، أو القتال في الشام أشد من القتال في العراق، أشد منه فاحتاج إلى أن يستقل ببعير يحمله ويحمل متاعه بينما القتال في العراق أسهل وأيسر طريقز

على كل حال هذا نصع عمر رضي الله عنه وأرضاه.

فجاءه رجل من أهل العراق، يريد أن يتحايل، يريد أني تحايل على عمر رضي الله عنه فيستقل ببعير واحد وهو يريد القتال في العراق لا الشام.

فقال: احملني وسحيماً، يعني هذه تمشي، سحيم اسم رجل، تمشي على كثير من الناس، لكن عمر ما تمشي عليه رضي الله عنه، احملني وسحيماً، يعني على بعير، فقال له عمر بن الخطاب: نشدتك الله أسحيم زق؟ يعني وعاء، مثل ما يوضع فيه الماء أو اللبن أو الخمر، أصله زق وعاء الخمر، أسحيم زق؟ قال له: نعم.

نعم شايل معه قربة وبيحسبه حساب شخص، نعم، قربة مثلاً وبيحسبه يخلي له مكان شخص، وعمر رضي الله عنه ما يمشي عليه مثل هذه الحيل، أسحيم زق؟ قال له: نعم.

فاردف معه آخر؛ لأن هذه لا بد من العدل في مثل هذا، لكن قد يقول قائل: إن هذا لا يمكن اطراده، لا يمكن اطراده، لماذا؟ لأن البعير قد يحتمل ثلاثة لقوته، وبعير لا يحتمل إلا واحد، وأيضاً الراكب بعضهم الدابة لا تطيق إلا واحد، وبعضهم تطيق ثلاثة من جنسه، لكن هذه قاعدة عامة يخرج عنها ما يخرج، لو جاء شخص وزنه يزن ثلاثة مثلاً يبي يردف معه ثاني إلى العراق؟ لا يمكن؛ لأن الدابة قد لا تطيق ذلك، وليست الدابة مثل الآلات قد يقول قائل: التذاكر واحدة مثلاً، التذكرة واحدة سواءً كان وزنه مائتين أو خمسين، يزن أربعة، نقول: لا، الدواب تعامل معاملة يليق بها، ولذلك يجيزون، وقد حصل منه عليه الصلاة والسلام أنه أردف ما يقرب من ثلاثين كما جمع ذلك ابن منده، أردف على الدواب ما يقرب من ثلاثين، ويشترطون في ذلك، كلهم يتفقون على أنه لا يجوز الإرداف على الدابة إلا إذا كانت تطيق ذلك، بخلاف المراكب الآن السيارات والطائرات والقاطرات يعني حسابها غير حساب الدواب نعم.

أحسن الله إليك.

باب الترغيب في الجهاد:

حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فأطعمته وجلست تفلي في رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ((ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة)) أو ((مثل الملوك على الأسرة)) يشك إسحاق، قالت: فقلت له: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ يضحك قالت: فقلت له: يا رسول الله ما يضحكك؟ قال: ((ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ملوكاً على الأسرة)) أو ((مثل الملوك على الأسرة)) كما قال في الأولى، قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم؟ فقال: ((أنت من الأولين)) قال: فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف عن سرية تخرج في سبيل الله، ولكني لا أجد ما أحملهم عليه، ولا يجدون ما يتحملون عليه فيخرجون، ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي، فوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أَحيا فأقتل.

أُحيا، أحيا.

أحسن الله إليك.

أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: لما كان يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يأتيني بخبر سعد بن الربيع الأنصاري؟)) فقال رجل: أنا يا رسول الله، فذهب الرجل يطوف بين القتلى فقال له سعد بن الربيع: ما شأنك؟ فقال له الرجل: بعثني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك، قال: فاذهب إليه فاقرأه مني السلام، وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وأني قد أنفذْت مقاتلي،

أنفِذَت، أنفِذَت

أحسن الله إليك.

وإني قد أنفِذَت، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواحد منهم حي.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الجهاد، وذكر الجنة، ورجل من الأنصار يأكل تمرات في يده فقال: إني لحريص على الدنيا إن جلست حتى أفرغ منهن، فرمى ما في يده فحمل بسيفه فقاتل حتى قتل.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن جبل أنه قال: الغزو غزوان: فغزو تنفق فيه الكريمة، ويباشر فيه الشريك

يياسر.

أحسن الله إليك.

فغزو تنفق فيه الكريمة، ويياسر فيه الشريك، ويطاع فيه ذو الأمر، ويجتنب فيه الفساد، فذلك الغزو خير كله، وغزو لا تنفق فيه الكريمة، ولا يياسر فيه الشريك، ولا يطاع فيه ذو الأمر، ولا يجتنب فيه الفساد، فذلك الغزو لا يرجع صاحبه كفافاً.

نعم يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب الترغيب في الجهاد:

وسبقت هذه الترجمة في أول الكتاب.

هذا يقول: حدث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات متفق عليه رواه الشيخان.

باب الترغيب في الجهاد:

هذه الترجمة سبقت في أول الكتاب كتاب الجهاد بحروفها، والإمام أورد أحاديث تختلف عما أورده هنا، لكن لو ضم هذه الترجمة إلى تلك لكان أولى، وعرفنا أن في ترتيب الموطأ باعتباره من أوائل المنصفات لا بد أن يستدرك عليه ما يستدرك، وهذه طبيعة كل عمل يبدأ به، يبدأ في أول الأمر يحتاج إلى شيء من الاستكمال سواءً كان في جمعه أو في ترتيبه.

على كل حال يقول الإمام: باب الترغيب في الجهاد:

حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك، يعني عم إسحاق لأمه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، يدخل عليها فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، تحت عبادة بن الصامت، مقتضى الحال؛ لأن الواو حالية، أنها في ذلك الوقت تحت عبادة بن الصامت، مع أن الخلاف معروف هل تزوجها في ذلك الوقت أو بعد ذلك، أو أنه تزوجها ثم طلقها ثم تزوجها بعد ذلك؟ هذا كلام معروف، لكن الخبر لا يحتاج إلى مثل هذا، يعني الخبر في مفاده وما أورد من أجله لا يحتاج إلى تحقيق مثل هذا.

وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فأطعمته وجلست تفلي رأسه، أو تفلي في رأسه، يعني تبحث عن الهوام والدواب والقمل هذه طريقة الفلي البحث في الشعر، وهذه لا شك أنه لا يفعلها إلا المحارم، فمنهم من يقول: إنها خالته من الرضاعة، خالته من الرضاعة، والذي حققه ابن حجر في قضايا كثيرة في مثل هذا الموضع وقبله ابن عبد البر لكن ابن حجر كلامه صريح وجمعه أكثر أن النبي عليه الصلاة والسلام لا حجاب عنه، لا حجاب عنه، فالذين يستدلون على الاختلاط أو على الخلوة أو ما أشبه ذلك بما حصل منه عليه الصلاة والسلام أولاً لا أحد مثل الرسول عليه الصلاة والسلام فهو معصوم، الأمر الثاني أن المحرر والمحقق عند أهل العلم أنه لا حجاب عنه، وعلى هذا خلوته بالنساء لا شيء فيه، اللهم صلي وسلم.

طالب:......

تشريعه، تشريع؛ لأنه يحتاج إلى البيعة فيما بعد، فلو صافح صوفح مثله، نعم.

طالب:......

لا، لا ما يلزم منه هذا، إلا المستقر أن الشيطان حريص على إضلال بني آدم وإغوائهم، وحصل من بعضهم ما هو أعظم من ذلك، وإن لم يكونوا عاد في الناهية ممن وقر القلب في قلبه من خيار الصحابة إنما من الأعراب أو من المنافقين أو ما أشبه ذلك؛ لأن مثل هذا يحرص عليه النبي عليه الصلاة والسلام لاجتثاث ما قد يعلق في القلوب.

وجلست تفلي في رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ((ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر)) يعني بعده، يكون وضعهم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ((عرضوا علي غزاة في سبيل الله)) وهذا لا شك أنه يسره أن يستمر تستمر أمته في تخطي خطاه عليه الصلاة والسلام في جهاد الكفار وفي الالتزام بالدين، ((يركبون ثبج هذا البحر)) يعي وسطه، وسط البحر ثبج البحر وسطه، ويقال له: قاموس البحر، قاموس البحر وسطه، قاموس، القاموس المحيط يعني وسط البحر المحيط من كل جانب.

ثبج هذا البحر يقولون: إن ابن دقيق العيد رحمه الله ولد على ثبج البحر بساحل ينبع، ولذلك يكتب بخطه في نهاية نسبه الثبجي، بخطه الثبجي، يكتب بخطه الثبجي، نسبة إلى ثبج البحر لأنه ولد على ثبج البحر بساحل ينبع، وبعض المترجمين لابن دقيق العيد قال: إنه يكتب بخطه المختلط المشوش الذي مثل ثبج البحر، فجعل الوصف للخط.

((يركبون ثبج هذا البحر، ملوكاً على الأسرة)) أو ((مثل الملوك على الأسرة)) يشك إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة راوي الحديث، هل قال هذا أو قال النبي عليه الصلاة والسلام، قالت: فقلت له: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ومعلوم أن النساء ليس عليهن جهاد، يعني لم يكتب عليهن، ولا يجب عليهن الجهاد، لكن إذا شاركت قد شارك بعض الصحابيات فيما يناسبهن من أعمال.

ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ يضحك قالت: فقلت له: يا رسول الله ما يضحكك؟ قال: ((ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله)) الأوائل في البحر،  ((عرضوا علي غزاة في سبيل الله ملوكاً على الأسرة)) أو ((مثل الملوك على الأسرة)) كما قال في الأولى، وهؤلاء في البر يقاتلون قيصر، وكسرى، فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم؟ فقال: ((أنت من الأولين)) ((أنت من الأولين)) قال: فركبت البحر في زمان معاوية، في زمن معاوية، يعني في ولايته وخلافته بعد مقتل علي رضي الله عنه بعد الأربعين، ومنهم من يقول: في زمن ولاية معاوية على الجهاد في عصر عثمان بن عفان رضي الله عنه، لكن اللفظ كالصريح أنه في عهده وولايته.

فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.

وهي في سبيل الله، فهي ملحقة بمن غزا في البحر.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف عن سرية تخرج في سبيل الله)) وذلك لفضل الجهاد وعظم أجره، ((ولكني لا أجد ما أحملهم عليه، ولا يجدون ما يتحملون عليه فيخرجون، ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي)) يعني جلوسه عليه الصلاة والسلام في المدينة وإرساله بالسرايا وتخلفه عن بعضها لا شك أنه شفقة على أمته، ورحمة بهم، يعني يشق عليهم أن يتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((فوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل)).

وتمني الشهادة تقدم الكلام فيه.

ثم قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: لما كان يوم أحد لما كان يوم أحد ، كان هذه تامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يأتيني بخبر سعد بن الربيع الأنصاري؟)) وذلك أنه رأى عليه الصلاة والسلام أن السهام وعدتها اثنا عشر سهماً متجهة إليه، بعضهم يقول في الرؤيا، وبعضهم يقول في اليقضة.

فقال رجل، هو أبي بن كعب على ما جاء في بعض الروايات، وقيل محمد بن مسلمة كما في بعضها، وقيل: زيد بن ثابت، أبي كعب، أو محمد بن مسلمة، أو زيد بن ثابت، ولعل النبي عليه الصلاة والسلام أرسلهم واحداً بعد الآخرن أو أرسلهم دفعة واحدة ما في ما يمنع من هذا، فقال رجل: أنا يا رسول الله، فذهب الرجل فقال رجل: أنا يا رسول الله، فذهب الرجل، النكرة أعيدت معرفة نفسها نعم، النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عينها، {إنا أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول} هو واحد، لكن لو أعيدت نكرة صارت غيرها.

يطوف بين القتلى فقال له سعد بن الربيع: ما شأنك؟ انتبه به فقال له: ما شأنك؟ فقال له الرجل: بعثني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك، قال: فاذهب إليه فاقرأه، فاقْرَأه، أو فأقرِئه؟ الأصل فأقرٍه مني السلام، منهم من يقول: إن قوله: أقرئه لا يكون  إلا في السلام المكتوب، الذي يقرأ، لا يكون إلا في السلام المكتوب، لكن في حديث إبراهيم عليه السلام لما قال للنبي عليه الصلاة والسلام: ((أقرأ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان)) يدل على أنه يطلق على ما هو أعم من المكتوب، اقرأ عليهم، سواءً من حفظك أو من المكتوب.

وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وأني قد أنفذت مقاتلي، يعني أصيبت المقاتل، يعني وصلت هذه السهام إلى المقاتل ونفذت في الجوف.

وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواحد منهم حي.

بل على كل واحد منهم أن يفدي النبي عليه الصلاة والسلام بنفسه، ولا عذر له أن يعيش بعد النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الجهاد، وذكر الجنة، رغب في الجهاد، وذكر الجنة.

يعني الأعمال التي فيها نصوص المسلم يبادر إليها، لا شك أنا لمسلم عليه أن يبادر إليها، يظهر هذا جلياً في أعمال الخير وأبواب الخير الكثيرة تجد عمل من الأعمال فيه نص الناس يتسابقون إليه، على سبيل المثال، عمارة المساجد، عمارة مسجد كل الناس تتابع على، وتتدافع على الإنفاق عليه، لماذا؟ لأن فيه نص، لكن لو قيل: هنا مشروع جامعة إسلامية تعلم العلم الشرعي على طريقة السلف، وعلى منهاج السلف، وعلى هديهم، تجد بعض الناس ما فيها نص يعني، وقد يكون أثرها أكثر من أثر المسجد الذي لا تدعو الحاجة إليه، فالنبي عليه الصلاة والسلام يرغب في الجهاد، ويذكر الجنة، من يتأخر عن مثل هذا، ولذا رجل من الأنصار يقال له: عمير بن الحمام يأكل تمرات في يده، يأكل تمرات في يده، فقال: إني لحريص على الدنيا إن جلست حتى أفرغ منهن، تمرات يعني لا تستغرق يمكن دقيقة واحدة، إذا أكملت الدقيقة أنا حريص على الدنيا، إني لحريص على الدنيا إن جلست حتى أفرغ منهن، فرمى ما في يده فحمل بسيفه يعني على العدو فقاتل حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن جبل أنه قال: الغزو غزوان: فغزو تنفق فيه الكريمة، يعني تنفق فيه كرائم الأموال، يبذل الإنسان فيه يبذل الإنسان فيه بطيب نفس أحب ما يحب، يبتغي بذلك وجه الله جل وعلا، هذا يدل على إخلاصه، هذا يدل على حرصه على هذا العمل الخير، تنفق فيه الكريمة ويياسر فيه الشريك، يعني تجد بعض الناس يجتمعون خمسة ستة ثلاثة أربعة يشتركون في أن يخدم بعضهم بعضاً، يعني يجمعون النفقة من الجميع فيما يسمى إيش؟ النهد، يعني المجموعة يسمونها العام قطة، نعم الكل يدفع مبلغ من المال يياسر فيه الشريك، أنت والله ما معك إلا مئات معاك خمسمائة خمسمائة، يياسر فيه الشريك بدون مشاحة، وبدون حساب دقيق، وأنت أكلت أكثر مني، وأنا أكلت أقل منك، وأنت ما أدري ويش، هذه مشاحة، هذا يعاسر فيه الشريك، لكن المطلوب أن يياسر الشريك.

ويطاع فيه ذو الأمر، يعني المسئول عن المجموعة، المسئول عن الجهاد لا بد من طاعته، وإذا حصل اختلاف عليه فالنتيجة لا شك أنها الهزيمة، إذا لم تجتمع الكلمة تحت لواء واحد فالفشل، إذا تنازعوا لا شك أنهم يفشلون، {ولا تنازعوا فتفشلوا}.

ويطاع فيه ذو الأمر، ويجتنب فيه الفساد، الفساد بجميع صوره وأشكاله، فذلك الغزو خير كله، يعني إذا اشتمل على هذه الخصال فهو خير، من أن يخرج الإنسان من بيته إلى أن يرجع إليه.

وغزو لا تنفق فيه الكريمة، طلب نفقة في هذا الغزو، فزيد من الناس تبرع بأفضل جمل عنده، وآخر تبرع بناقة قد تكون جرباء، تكون هزيلة، هذا لا تنفق فيه الكريمة، بينما زيد أنفق الكريمة.

ولا يياسر فيه الشريك، يعني يعاسر ويشاحن ويشاد، ولا يطاع فيه ذو الأمر، ولا يجتنب فيه الفساد، عكس الأول، فذلك الغزو لا يرجع صاحبه كفافاً.

فذلك الغزو لا يرجع فيه صاحبه كفافاً.

ولذلك المحاسبة لا بد منها؛ لأن بعض الناس يقصد العمل الخير ويترك جميع أعماله ويتفرغ لهذا العمل، ثم إذا حاسب نفسه لم يرجع كفافاً، تجد الإنسان يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويصوم هناك، ويصلي، وعلى الجنائز، والصلاة بمائة ألف صلاة، ويترك أهله وماله وولده هناك ليتفرغ للعبادة، ثم إذا حاسب نفسه، إذا مرت امرأة أتبعها بصره، وإذا مر شخص أطلق عليه لسانه، هذا إذا حاسب نفسه ويش يرجع؟ يرجع كفاف؟ هذا لا يرجع كفاف، ولو ضوعف صلواته بمائة ألف، لكن على الإنسان أن يحفظ نفسه، وينظر إلى الميزان الشرعي فيحاسب نفسه، ((حاسبوةا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)) كمن إنسان أطلق هذه الأمور وارتكب ما ارتكب في مسيرته الخيرة، قد تجده مثلاً طالب علم، يهاجر لطلب العلم، ثم بعد ذلك يقع في أشياء نعم قد تغطي ما قصده، وليس معنى هذا أن يتذرع بمثل هذه الأمور لترك الواجبات، يقال: حج الفريضة؟ يقول: أنا والله ما أستطيع الحج فيه اختلاط وفي نساء، وفي كذا، نقول: لا، أنت مثل الذي يقول: ائذن لي ولا تفتني، الواجبات ما فيها خيرة لأحد، لكن في النفل، تقول: والله أروح أعتمر، ويمكن في كذا في تبرج في ما أدري إيش؟ أنت لك أن تحاسب نفسك، ولا يكون هذا من أبواب تلبيس الشيطان عليك؛ لأن بعض الناس يلبس عليه الشيطان في مثل هذه الأمور بظنون أو أوهام لا حقيقة لها، لكن إذا غلب على ظنك أنك لا تملك نفسك عن المحرم في هذه الأماكن لا تروح إلا فيما أوجب الله عليك.

"فذلك الغزو لا يرجع فيه صاحبه كفافاً".

سم.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)).

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: "ليس برهان الخيل بأس إذا دخل فيها محلل، فإذا سبق أخذ السبق، وإن سبق لم يكن عليه شيء".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي وهو يمسح وجه فرسه بردائه، فسئل عن ذلك فقال: ((إني عوتبت الليلة في الخيل)).

وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر أتاها ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يغر حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم {فساء صباح المنذرين})).

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان)) فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ما على من يدعى من هذه الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها؟ قال: ((نعم وأرجو أن تكون منهم)).

اقرأ الباب الذي يليه، اقرأ بقية الكتاب.

باب إحراز من أسلم من أهل الذمة أرضه:

قال يحيى: سئل مالك عن إمام قبْل الجزية

قبِلَ.

أحسن الله إليك.

قال يحيى: سئل مالك عن إمام قبِل الجزية  من قوم فكانوا يعطونها أرأيت من أسلم منهم أتكون له أرضه، أو تكون للمسلمين ويكون لهم ماله؟ فقال مالك رحمه الله: ذلك يختلف: أما أهل الصلح فإن من أسلم منهم فهو أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم فإن أرضه وماله للمسلمين؛ لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم، وصارت فيئاً للمسلمين، وأما أهل الصلح فإنهم قد منعوا أموالهم وأنفسهم حتى صالحوا عليها فليس عليهم إلا ما صالحوا عليه.

باب الدفن في قبر واحد من ضرورة وإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه عدَّة رسول الله

عِدَة، عدَة.

أحسن الله إليك.

وإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه عدَة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمر الأنصاريين.

ابن عمرو ابن عمرو

أحسن الله إليك.

وعبد الله عمرو الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر عنهما ليغيِرا من مكانهما

ليغيَرا، ليغيَرا

أحسن الله إليك.

فحفر عنهما ليغيَرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه، ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.

قال يحيى: قال مالك: لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد من ضرورة، ويجعل الأكبر مما يلي القبلة.

وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: قدم على أبي بكر الصديق مال من البحرين فقال: "من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيُّ

وأيٌ وأيٌ.

أحسن الله إليك.

فقال: "من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيٌ أو عدة فليأتني؟ فجاءه جابر بن عبد الله فحفن له ثلاث حفنات.

هذا واحد من الإخوان يقول: بمناسبة قرب الانتهاء من شرح الموطأ الذي دام قرابة خمس سنوات.

خمس وإلا أربع، سأل الله النفع والقبول.

يقول: فإنكم وعدتم طلابكم بحلقات كيف يبني طالب العلم مكتبته بوعدين، رأينا الأول، ونحن في انتظار الثاني، أما الأول،يقول: فهو إنشاء مكتبة في شرق الرياض وتم ذلك، بفضل الله واستفدنا منها.

يعني المكتبة التي في الجامع.

وأما الثاني فهو إضافة المذهب الحنبلي لشرح الموطأ المسمى المسوى للدهلوي ليكون بذلك فقه مقارن في المذاهب الأربعة وما زلنا متشوقين لما وعدتنا.

انتهى وقته، يعني هذا لو ذكر به في أول الأمر صحيح، نعم، لكن في هذا الوقت بعد الفراغ من الموطأ يعني نعود إليه مرة ثانية نقرر المذهب الحنبلي؟ هذا صحيح الكلام الذي ذكره الأخ، وفي غاية الأهمية؛ لأن طريقة الدهلوي في المسوى الأصل موطأ محمد حنفي، وأصل الأصل مذهب مالك، والدهلوي حنفي، فهو اجتمع فيه المذهب المالكي باعتبار أن الموطأ لمالك، وأيضاً موطأ محمد، والشارح حنفي، وأيضاً أضاف مذهب الشافعي وما بقي إلا مذهب الحنابلة، وهذا الذي وعدنا به ونسيناه، نسيناه، لكن ليس هذا وقته انتهى.

طالب:......

هو قرئ نعم ما في شك، قرئ المسوى وأخذنا منه قطعة، وكنا نضيف إليه المذهب الحنبلي، لكن المفترض أننا لو انتبهنا لمثل هذا وأضفنا لكنه يحتاج إلى عناء وتعب، والمذهب الحنبلي بين يدي الإخوان معروف يعني وتفقهوا عليه، ولا يشكل عليهم إن شاء الله تعالى.

يقول رحمه الله تعالى: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو:

قال: حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)).

((الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)) والخير أعم من أن يكون المال، كما في آية الوصية، {وترك خيراً}  المقصود به المال، لكن هنا أعم من أن يكون المال، فهذا خبر من الذي لا ينطق عن الهوى، والحديث متفق عليه، نعم ((في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)) قد يقول قائل: والله ويش أستفيد إذا ربط خيل عندي في البيت أو في المزرعة أو في الاستراحة ولا يغزا عليها، ولا يقضى عليها حاجة، والسيارات يعني تقوم مقامها بل أكثر، ولا يمكن أن يحتاج إليها في المستقبل والعلم عند الله جل وعلا، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إلى يوم القيامة)) إلى يوم القيامة، وليس هذا إلا للخيل كما جاء في هذا الخبر، لا يشاركها فيه لا إبل، ولا سيارات، ولا طائرات ولا غيرها، وعلى هذا لو أن إنساناً صاحب جدة ومقدرة ربط خيل وتمرن عليه، وركبه أحياناً، وربطه عنده وأنفق عليه، تحقيراً لهذا الخبر أجر عليه، ورأى من الخير الذي وعد به ما رأى.

قال: وحدثني، نعم.

طالب:......

ويش فيه؟

طالب:......

لثلاثة، الخيل لثلاثة كما سبق.

المقصود المقصود كما تقدم ((الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر)) على كل حال الأمور بمقاصدها.

قال: وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء.

أضمرت يعني أشبعت مدة ثم أجيعت، أشبعت ثم أجيعت، ثم حبست في مكان قد يكون فيه شيء من الدفء، وجللت لتعرق فتضمر حينئذ، فيجعل لها برنامج تضمير من أجل أن تكون سريعة العدو، لتسبق غيرها.

وكان أمدها ثنية الوداع، من الحفياء إلى ثنية الوداع، يعني ما يقرب من خمسة أميال، أو ستة، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، إلى مسجد بني زريق، أقل؛ لأن كل شيء يعامل بحسبه، يعامل، ومازال السباق يراعي هذا ويراعي هذا إلى مسجد بني زريق قالوا: فيه جواز إضافة المساجد إلى الأشخاص، أو إلى القبائل أو إلى المحلات، وأما قوله جل وعلا: {وأن المساجد لله} الذي اعترض بعضهم على هذه التسمية بالآية، فالمراد أنها إنما تبنى ليعبد الله جل وعنلا فيها، ويقصد بها وجه الله، ولا يمنع أن تكون التسمية للتمييز بين هذه المساجد، كالأسماء الأعلام بالنسبة لها.

إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها.

هو حدث عن نفسه أنه سابق ودخل هذا السباق، فدل على مشروعيته، فدل على مشروعيته، وما يصنع الآن من أنواع الرياضات بالنسبة لهذه الرياضة العريقة الأصيلة الإسلامية بل العربية قبل الإسلام وبعده، المقصود أنها مما يشرع، وخير ما يصنع، لكن ينبغي أن يكون المتسابق عليها ممن يعد للجهاد، يعني من المسلمين.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: "ليس برهان الخيل بأس إذا دخل فيها محلل، فإن سبق أخذ السبق، وإن سبق لم يكن عليه شيء".

يعني لا يكون قمار يكون من الطرفين، يكون من الطرفين يصير قمار، إن سبقتك فلك كذا، وإن سبقتني فلك كذا، لا، يكون من طرف واحد بحيث لا يخضع للحظ لئلا يشبه القمار، والسبق عموماً الذي يرتب عليه الأجر خاص بما جاء فيه الحصر، ((لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر)) الزيادة الموضوعة ((جناح)) معروف خبرها أنها موضوعة، لا تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام وما عدا ذلك لا يؤخذ عليه السبق.

شيخ الإسلام ابن تيمية ونصر كلامه ابن القيم في الفروسية وغيرها ألحقوا العلم في الجهاد، فقالوا: فيه سبق، وما عدا ذلك يبقى على المنع؛ لأن الأسلوب أسلوب حصر، ((لا سبق إلا))

طالب: أحسن الله إليك، لو جعلت جائزة من أصحاب الخيول من يسبق يحصل على الجائزة؟

على كل حال لا يخضع للغنم والغرم، إما أن يغنم بدون غرم، أو لا شيء.

طالب: يجعل مبلغ محدد كلهم أربعة خمسة أشخاص تجعل لهم هذه الجائزة لمن سبق.

نفس الشيء صارت غنم وغرم، ما ينفع هذا، نعم.

طالب:......

شوف، وإن سبق لم يكن عليه شيء، الذين جمعوا صار عليه شيء الذي سبق.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي وهو يمسح وجه فرسه بردائه، فسئل عن ذلك فقال: ((إني عوتبت الليلة في الخيل)).

((إني عوتبت الليلة في الخيل)) الخبر مخرج؟ إيش يقول؟ كلام ابن عبد البر مرسل ووصله ابن عبد البر من طريق... إلى آخره، مخرج يعني رواه غير مالك؟

طالب:......

هو عن يحيى عن أنس، وعند مالك مرسل، وقلنا مراراً أن مالك قد يميل إلى الإرسال أكثر من الوصل، فيروى الحديث من طريقه في الصحيحين موصول، ويودعه في الموطأ مرسل، وذلكم لأن المرسل حجة عنده.

((إني عوتبت الليلة في الخيل)) يعني كأنه أهملها عليه الصلاة والسلام أو صار منه شيء من ذلك لانشغاله بما هو أهم عنده في تقديره عليه الصلاة والسلام، فأمر بإكرامها.

طالب:......

إيش يقول؟

طالب:......

عندنا أيضاً يقول: وصله ابن عبد البر، يعني في الشروح: قال: وصله ابن عبد البر من طريق عبيد الله بن عمرو الفهري عن مالك عن يحيى يعني ابن سعيد المذكور هنا عن أنس، وإذا قلنا أن السند عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أنس صحيح بلا إشكال.

قال: وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر، في أوائل سنة سبع من الهجرة، أتاها ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يغر حتى يصبح، أتاها ليلاً فنام دونها، عرس دونها، وكان النبي عليه الصلاة والسلام هذه عادته يمهل حتى يصبح، فإن سمع أذاناً كف، وإن لم يسمع الأذان أغار عليه الصلاة والسلام.

وكان إذا أتى قوماً بليل لم يغر حتى يصبح، فخرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، كان اليهود يترقبون مجيء النبي عليه الصلاة والسلام في كل لحظة، فكانوا في كل يوم يخرجون بسلاحهم، في هذا اليوم خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، إلى حروثهم ومزارعهم ما خرجوا بالسلاح، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس، الخميس الجيش؛ لأنه يشتمل على خمس فرق، ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة التي هي الساقة، والقلب، مقدمة ومؤخرة التي هي الساقة، والميمنة والميسرة والقلب، هذه خمسة في الجهات الاربع مع القلب، لكن في شرح الزرقاني وغيره قال: سمي خميساً للخمسة أقسام ميمنة وميسرة ومقدمة وقلب وجناحان، تصير ستة ما تصير خمسة، وما معنى الجناحين مع وجود الميمنة والميسرة؟ هما جناحان، فكلامه فيه شيء من، يحتاج إلى تأمل.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر)) التكبير مشروع في مثل هذه الأحوال، ((خربت خيبر)((خربت خيبر)) وهذا تفاءل بخراب ديار الأعداء،  ((إنا إذا نزلنا بساحة قوم {فساء صباح المنذرين})).

ومنهم من يقول: إن هذا تفاءل منه عليه الصلاة والسلام وتوقع ومنهم من يقول: إنه بالوحي، بالوحي.

قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله)) ((من أنفق زوجين في سبيل الله)) يعني دفع في سبيل الله وسبيل الله أعم من أن يكون في هذا الجهاد، إلا أن إدخاله في هذا الباب هذا الكتاب يجعل المرجح الجهاد، مع أنه منصوص على باب الجهاد، يعني فالحديث مطابق لباب الجهاد.

((من أنفق زوجين)) يعني اثنين صنفين أو شيئين من صنف واحد يعني وجدت سائل تعطيه ريالين مثلاً، أو قطعتين من فئة واحدة، اثنتين من فئة خمسة، أو اثنتين من فئة عشرة أو ما أشبه ذلك، هذان زوجان، ومنهم من يقول: تعطيه صنفان، تعطيه من الدراهم وتعطيه من المتاع، أو الطعام مثلاً.

على كل حال النفقة في سبيل الله على أي وجه كانت مطلوبة، لكن من أنفق زوجين بدلاً من أن ينفق شيء واحد ينفق اثنين لا شك أن هذا يدل على طيب نفسه.

((نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير)) هذا الذي صنعته خير، خير بلا شك، وأفضل من إنفاق زوج واحد، ((فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة)) الأعمال الكبرى في الإسلام كل واحد منها له باب يخصه من الأبواب الثمانية، من كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، يعني الغالب عليه في حياته الصلاة، وإن كان يصوم، وإن كان يذكر، وإن كان يجاهد، وإن كان له نصيب من التلاوة، لكن الغالب عليه الصلاة؛ لأن الناس يتفاوتون، وبعض الناس مستعد يصلي في اليوم أن يصلي مائة ركعة، لكنه ليس بمستعد أن ينفق، ليس عنده استعداد أن يجلس فيقرأ، أو يتعلم أو يعلم، هذا من أهل الصلاة، شخص مستعد أن يصوم صوم داود، لكن تشق عليه الصلاة، أو تشق عليه الذكر والتلاوة، أو يشق عليه كذا، هذا من أهل الصيام، شخص مستعد أن يأخذ سيفه ويركب فرسه طول عمره يجاهد في سبيل الله، لكن ما عنده استعداد يصلي أو يقرأ أو يجلس، وبعض الناس طبيعته حركي، الحركة عنده أيسر عليه من الجلوس، وبعض الناس العكس يؤثر البقاء في مكانه، ويزاول من الأعمال ما يناسب الجلوس، وذكرنا مراراً أن بعض الناس عنده استعداد يقرأ ثلاث ساعات متواصلة قرآن، لكن تشق عليه سجدة التلاوة؛ لأن العبادات متنوعة، وهذا من نعم الله جل وعلا أن نوع العبادات؛ ليأخذ كل شخص من الأعمال ما يناسبه مثل ما قلنا سابقاً الواجبات ما عليها مساومة، مطلوبة من الجميع، لكن هذا في النوافل، تجد هذا الغالب عليه الصلاة، يدعى من باب الصلاة.

((ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان)) ما قال من باب الصيام، قال: ((من باب الريان)) لمناسبة الصيام الذي يؤثر في النفس العطش.

فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ما على من يدعى من هذه الأبواب من ضرورة، يعني هل في أحد يدعى؟ أو يمكن أن يدعى من هذه الأبواب أحد، فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها؟ قال: ((نعم وأرجو أن تكون منهم)).

وهل يمكن أن يدخل شخص واحد من أبواب ثمانية، أو يخير؟ يعني هل يدخل مع باب ثم يخرج ثم يدخل مع الثاني، ثم يخرج، أو يخير يقال: هذه الأبواب الثمانية ادخل من أيها شئت؟ هذا هو الظاهر.

طالب:......

الفرض ما فيه مساومة، ولا يتميز به أحد، هذا للناس كلهم، لكن الإكثار من النوافل هو الذي يقتضي أن يدعى من هذا الباب.

قال رحمه الله تعالى، هاه؟

طالب:......

هي ثمانية، من الثمانية.

طالب:......

هو باب خامس لكن أيضاً كونه أيمن نسبي، فكل واحد منها أيمن بالنسبة للذي هو عن يساره، تكلموا عن هذا أهل العلم، على كل حال هي ثمانية.

باب إحراز من أسلم من أهل الذمة أرضه:

من أهل الذمة أسلم، لكن هل قبل الهزيمة يعني أثناء التخيير قبل الغزو يخيرون بين أن يسلموا أو يدفعوا الجزية، أو يقاتلوا، من أسلم هذا يحرز ماله قبلا لقتال، لكن من أسلم بعد الغزو وبعد الجزية، هل يحرز ماله؟ قال: باب إحراز من أسلم، هذا مطلق، سواءً كان قبل او بعد، والإمام يفصل، من أهل الذمة أرضه.

سئل مالك عن إمام قبِل الجزية من قوم فكانوا يعطونها، يعني ما ترددوا فيها، أرأيت من أسلم منهم أتكون له أرضه، أو تكون للمسلمين ويكون لهم ماله؟ فقال مالك: ذلك يختلف: أما أهل الصلح، يعني بدون قتال، صولحوا على أرضهم، وصاروا يدفعون العشر، صولحوا على أرضهم، ويدفعون ما فرض عليهم، ثم أسلم، هذا له حكم، لكن من قوتل، وغنم المسلمون أرضه، وجعلوها بيده يعمل بها بأجرة، كما كان شأن أهل خيبر له حكم.

قال: أما أهل الصلح فإن من أسلم منهم فهو أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة بقتال، فمن أسلم منهم فإن أرضه وماله للمسلمين قال: لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم، يعني ففاتتهم أخذت من أيديهم، وحينئذ لا ترجع غليهم إلا إذا أعادها الإمام نظراً للمصلحة كما فعل بغنائم حنين عليه الصلاة والسلام، وصارت فيئاً للمسلمين، في فتح مكة مثلاً من أهل العلم من يرى أنها فتحت عنوة، وعلى هذا لا يجوز بيع دورها ولا تأجيرها، هي للمسلمين كلهم، للمسلمين كلهم، ولا يجوز أن يوضع عليها أبواب، من جاء من خارج مكة يسكن في أي مكان شاء، ومنهم من يقول: إنها فتحت صلحاً، وكان أهلها أحق بها، ولا يمنع أن تفتح عنوة، والقتال حصل، وأبيحت للنبي عليه الصلاة والسلام ساعة من نهار، ولا يمنع من ذلك أن يمن النبي عليه الصلاة والسلام على أهلها ببمتلكاتهم وعقارهم كما من عليهم برقابهم.

وأما أهل الصلح فإنهم قد منعوا أموالهم وأنفسهم، يعني بهذا الصلح وبهذا الاتفاق، وبهذا العقد، منعوا أموالهم وأنفسهم، حتى صالحوا عليها فليس عليهم إلا ما صالحوا عليه.

باب الدفن في قبر واحد من ضرورة، باب الدفن في قبر واحد، يعني أكثر من شخص يدفنون في قبر واحد من ضرورة وإلا فالأصل أن لكل مسلم يموت له قبره الخاص، ولا يجوز دفن اثنين في قبر واحد إلا لضرورة، وإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه عدة رسول الله صلى الله عليه وسلم

يعني من وعده النبي عليه الصلاة والسلام بشيء أنفذه أبو بكر، فالمسألة عدِة وليست عدَّ، ومن ذلكم كتاب عدَة الصابرين، وعُدة، بعضهم يقول: عدة الصابرين، وعِدة، يعني ما وعدهم الله جل وعلا.

عدة رسول الله صلى الله عليه وسلم بع وفاته، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن

وعبد الله عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله، الأنصاريين ثم السلميين، هما من بني سلمة، وبنو سلمة عند النسب يقال: سلمي، يعني كل مكسور الثاني يفتح في النسب، سلِمة سلمي، ما يقال سلِمي، لا تتوالى كسرات كثيرة ما يصلح، نمِرة نمري، كأبو عمر الذي تكرر عندنا، ابن عبد البر النمري، النسبة إلى ملك، ملكي، ما يقال ملِكي، مثلها، هذه قاعدة عند أهل العلم.

قال: ثم السلميين، كانا قد حفر السيل قبرهما، يعني جاء السيل فاجتاح القبور ومنها القبر الذي فيه هذين الصحابيين، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، يوم أحد السنة الثالثة يعني بعد ستة وأربعين سنة، حفر قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر عنهما ليغيَرا من مكانهما، على شان ما يصيرون في طريق السيل، كل ما جاء سيل اجتاح القبر، نبشا فغير مكانهما، فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، القريب، وهكذا الأرض لا تأكل أجساد الشهداء، ومن باب أولى الأنبياء، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، واضع يده ماسك الدم لا يخرج بيده، فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه، أزيلت، لما أزيلت خرج الدم، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.

وهذا مما يبين فضل الشهادة، والقتل في سبيل الله.

قال مالك: لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد من ضرورة، إما لكثرة الأموات، أو لضيق الأرض مثلاً، ويجعل الأكبر مما يلي القبلة.

امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام: ((كبر كبر)) فالسن له دور في مثل هذا.

قال: حدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: قدم على أبي بكر الصديق مال من البحرين، قدم عليه مال من البحرين فقال: "من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيٌ، وأي ضمان، ضمن له رسول الله عليه الصلاة والسلام كذا، أو وعده بشيء، إذا جاءنا مال من الصدقة أو من كذا أعطيناك كذا، نعم، وأي أو عدة فليأتني؟ لأن الخليفة يقوم مقام النبي عليه الصلاة والسلام والخليفة الثاني يقوم مقام الخليفة الذي قبله، فهذه العداة وهذه الضمانات لا تضيع بتغير الخلفاء، بل الضمان قائم إذا كان شرعياً.

فليأتني، فجاءه جابر بن عبد الله، وكان قد وعده النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعوضه ويعطيه شيء من المال، فحفن له ثلاث حفنات.

تنفيذاً لعدة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

 

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"