كتاب البيوع (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملاً، واغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ.

 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قال: أَخْبَرَنَا العَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران:77]".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ" والكراهية أي: أعم من أن تكون للتحريم أو للتنزيه، وإن كانت في عُرف المتقدمين أكثر ما تُطلق على التحريم، وفي سورة الإسراء ما يدل على ذلك {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء:38]، والإشارة تعود إلى أمور محرمات، بل من عظائم الأمور.

فإذا كان الحلف من صادق، والله هذا الكتاب اشتريته بكذا، بمبلغ كذا، وهو صادقٌ فيه، هذا حكمه يختلف عن حكم ما إذا حلف وهو كاذب، لقد اشترى هذا الكتاب بكذا، وهو كاذب، لا شك أن الأول أخف لو صدق أخف من أن يحلف وهو كاذب مع أن الجميع منهيٌّ عنه.

وكراهية التحريم تتنزل على الصورة الثانية بلا إشكال، وأما الصورة الأولى فعموم النهي يتناولها، وإن كانت أخف من الصورة الثانية.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ" وهو الناقد.

"قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ" ابن بشير الواسطي.

"قال: أَخْبَرَنَا العَوَّامُ" ابن حوشب.

"عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ" هذا كاذب أعطى بها اشتراها بمبلغ كذا وهو كاذبٌ في ذلك، اشتراها بألف وهي بأقل من خمسمائة، ستمائة، سبعمائة، إلى أن ينقص ولو ريال واحد ولو درهم واحد.

"فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ" يعني كثيرًا من الناس تقويمهم للسلع بأسعارها، وهذا هو الغالب على النساء، ويُوجد في الرجال تقويمهم للسلع بحسب قيمتها لا بحسب جودتها، وكثيرٌ من الناس لو كانت سلعة من أجود السلع ويعثر عليها بثمنٍ رخيص يشك في جودتها، وإذا عُرِضت عليه بثمنٍ مرتفع فإنه يشتريها ولا يتردد، وهذا مع الأسف قائم في أسواق المسلمين تجد السلع يُطلب عليها عشرة أضعاف قيمتها، وإذا قيل للتاجر البائع: ما تخاف الله؟ هي موجودة في المحل الفلاني بكذا، ويبيع المتر بثلاثمائة وهو موجود في بعض الأسواق بثلاثين ريالًا، قال: لو أقول: بثلاثين ريالًا ما اشتراها أحد، هذا واقع بين المسلمين مع الأسف.

لكن هل يُسوِّغ له ذلك أن يطلب هذا المبلغ عشرة أضعاف؛ من أجل أن يُنفِّق سلعته؟ لا يجوز له ذلك.

"لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران:77]" وعيد شديد لمن حلف بالله –جلَّ وعلا- أن يشتري بذلك هذا الثمن القليل.

الثمن القليل لو قُدِّر أنه فندق كبير بجوار الحرم، وحلف بالله لقد اشتراه بمبلغ مائة مليون، مائتي مليون، ثلاثمائة مليون؛ ليبيعه بخمسمائة أو ستمائة، يعني المكسب مئات الملايين، هل يدخل في قوله: {ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران:77]، أو أن هذا يشمل الأشياء اليسيرة، فيكون الوعيد عليه، أما الذي يشتري به ثمنًا كثيرًا هذا ما يدخل؟

طالب:..........

ما يدخل؟

طالب:.........

الدنيا كلها قليلة {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} [آل عمران:197] «رَكْعَتَا الصُّبح خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» خيرٌ من مليارات الدنيا كلها، فالدنيا كلها قليلة مهما بلغت قيَمُها.

اقرأ الشرح. 

قال الكرماني –رحمه الله تعالى-: "بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ.

 قوله: "عمرو بن محمد" الناقد البغدادي مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، "هُشيم" مُصغر الهشم مر في التيمم، و"العوام" بشدة الواو ابن حوشب الشيباني الواسطي مات سنة ثمانٍ وأربعين ومائة، و"إبراهيم بن عبد الرحمن" السكسكي بالمهملتين المفتوحتين وسكون الكاف الأولى الكوفي، و"عبد الله أبي أوفي" بلفظ أفعل التفضيل مر في الزكاة، والرجال كلهم عراقيون.

قوله: "أقام" أي: روَّج يُقال: قامت السوق أي راجت ونفقت، ولفظة "بالله" يحتمل أن يكون صلةً لحلِف".

لحلَفَ.

"ولفظة "بالله" يحتمل أن يكون صلةً لحلَفَ، و"لقد" هو جواب قسمٍ محذوف، ويُحتمل أن لا يكون صلة له، بل قسم، ولقد جوابه".

حَلف بالله لقد أُعطي بها، هل بالله جار ومجرور متعلق بحلَف أو هذا قسمٌ مستأنف جوابه لقد أعطى بها؟ هذان الاحتمالان ذكرهما الكرماني، فحلف بالله يعني قائلاً: والله لقد أعطيت بها كذا بمبلغ أكثر مما أعطى فيغُر بذلك المشتري. 

قوله: "بها" أي: بدل سلعته أي: حلف بأن أعطى كذا وكذا بها، وما أحدث ويكذب فيه ترويجًا لسلعته".

يقول: "وما أحدث" ما معناها؟

طالب:.........

وما أحدث من اليمين مع الكذب فيه قصده بذلك الترويج لسلعته.

"بَابُ مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ: وَقَالَ طَاوُوسٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا» وَقَالَ العَبَّاسُ: إِلَّا الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ».

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ –عليها السلام- بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرُسِي.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلاَ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ: إِلَّا الإِذْخِرَ، لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا، فَقَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ»، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: هَلْ تَدْرِي مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟ هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ، قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا".

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: ما قال في الصواغ فعال من الصياغة، وأكثر ما تُستعمل في الذهب والفضة، والصياغة كالصناعة، فعال صيغة مبالغة، واسم الفاعل منه صائغ.

قال: "وَقَالَ طَاوُوسٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا»" الخلاء هو: الحشيش الرطب «لاَ يُخْتَلَى» يعني لا يُقطع، ولا يُحتش.

"وَقَالَ العَبَّاسُ: إِلَّا الإِذْخِرَ" الإذخر نبت يستعملونه في إيقاد النار، القين الذين يوقدون النار على ما يرُيدون من صناعتهم.

"وَبُيُوتِهِمْ" يسقفون بها البيوت، يجعلونه بين الخشب؛ ليُوضع عليه الطِّين، فلا يسقط.

فَقَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ».

"وَقَالَ العَبَّاسُ: إِلَّا الإِذْخِرَ"، النبي –عليه الصلاة والسلام- لما قال الحديث، هل في ذهنه هذا الاستثناء أو أنه طرأ عليه بعد أن نبهه العباس وطلب منه هذا الاستثناء؟

طالب:..........

ماذا؟

طالب:.........

 هل يُفيد الاستثناء مع عدم نيته؟

 في قصة سليمان -عليه السلام- لما حلف أن يطوف على نسائه، فتلد كل واحدةٍ منهن ولدًا يغزو في سبيل الله ولم يستثن، قال له الملك: قُل: إن شاء الله، ما استثنى، فما جاءت إلا واحدة بشق ولد نصف ولد، قال: هو لو استثنى لنفعه، مع أنه إنما نبهه الملك، فدل على أن هذا ينفع، والحديث دليلٌ عليه، ولو لم يكن في باله، أو نُبِّه بعده فاستثنى في المجلس، فلا يطول الفصل.

ومنهم من يقول: لو استثنى لا يضره ولو طال الفصل، وعلى هذا القول ما يُمكن أن يحنث أحد، لو طال الفصل ما يُمكن أن يحنث أحد.

إذا حلف على يمين، ثم رأى أنه يحنث فيها قال: إن شاء الله، ما يلزمه شيء على القول بأنه لو طال الفصل، لكن مع قِصر الفصل قِصر المدة ينفع إن شاء الله لهذا الحديث.

طالب:........

ماذا؟

طالب:.........

عُرفي يُرد إلى العُرف.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدَانُ" عبد الله بن عثمان العتكي.

"قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ" وهو ابن المبارك.

"قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ" يونس ابن إسحاق أو ابن عبد الأعلى؟ أليس بالشرح؟

طالب:..........

انظر إرشاد الساري.

"عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الإمام العَلم.

"قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ" زين العابدين علي بن حسين بن علي بن أبي طالب.

"أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ" أبوه السِّبط.

"رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا –رضي الله عنه وأرضاه- قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ" مُسنة من النوق من الإبل.

"كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ" كذلك ثانية.

"فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ –رضي الله عنها وأرضاها- بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ" ذهبوا يحتشون، يتسببون.

طالب:..........

يونس بن يزيد؟

الناس إلى وقتٍ قريب على هذا، من احتاج أخذ الحبل، واحتطب، أو طلع السوق، وحمل على ظهره، واحد من الشيوخ الكبار الآن موجود، لما فُتِحت المدرسة الابتدائية عندهم كان كبيرًا في ذلك الوقت التحق بها، فوضعوه في السنة الخامسة الابتدائية، فطلبوا عليه هندسة في أوائل السبعينيات، بحث في بلده ما وجد أدوات هندسة ما تُباع، فأرسل للرياض من يأتي له بهندسة، فوجد الهندسة سلعة قليل المعروض منها في ذلك الوقت، وعليها طلب، قال: بخمسة ريالات، بحث عن خمسة ما وجد، فخرج وجرد، ما معنى جرد؟

طالب:.........

جمع من الجراد بكيس وأرسله للرياض وبيع بخمسة واشترى الهندسة، ليس بالعهد القديم، من قريب، الآن الخمسة لو تُعطيها لبذر قلبها بوجهك، والله ما يقبلها.

طالب:..........

ماذا؟

طالب:.........

لا لا هناك السيارات موجودة، لكن يبقى أن التسبب قريب، الآن الشباب لو تقول له: نريد اسمك فقط بألف وخمسمائة مثلما تفعل بعض الشركات من أجل السعودة أو بألف أحب عليه من أن يتوظف بخمسة آلاف، ستة آلاف، ويداوم من أول الوقت إلى آخره.

طالب:...........

ماذا؟

طالب:.........

يطلع ويروح ويجيء.

هذا علي بن أبي طالب وزوجته الذي يُريد أن يجمع لمهرها ووليمتها بهذه الطريقة بنت مَن؟ أشرف الخلق، وهي سيدة نساء العالمين بهذه الطريقة، لكان الشارف، والشارف الثانية ماذا صار عليهم؟

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

جاء حمزة وهو شارب بقر خواصرها، وهو يكتسب عليهن.       

"وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرُسِي.

قال: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ" إسحاق بن شاهين، يا أيا عبد الله؟

طالب:.........

"قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" وهو الطحان.

"عَنْ خَالِدٍ" الحذَّاء.

"عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلاَ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا»".

 الحشيش ما يُحتش، والشجر لا يُقطع، والصيد لا يُنفَّر، ما تقول والله هذا المكان فيه ظل ولا شيء أطير هذا الصيد وأجلس مكانه.

«وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا» لو أنك أردت أن تجلس في مكان، في مسجد، ووجدت فيه صيدًا من الحمام مثلاً، ثم طار، المروحة ضربته ومات تضمن أم ما تضمن؟

طالب:.........

نعم.

«وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» يعني لُقطة مكة والحرم لا تُملك، بينما في البلدان الأخرى تُعرَّف سنة ثم تُملك.

"وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ" عم النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"إِلَّا الإِذْخِرَ" كما في الرواية الأولى.

"لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا، فَقَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ»، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: هَلْ تَدْرِي مَا يُنَفَّرُ؟" يقوله للراوي عنه.

"هَلْ تَدْرِي مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟ هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ، وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ، قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ" ابن عبد المجيد الثقفي؟

طالب:.........

"قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ: لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا" حتى القبور يُجعل بين اللبِن هذا الإذخر؛ لئلا ينساب التراب إلى وسطها.

"تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ" طيب السيارات التي تطير الحمام هذه تنحية أم لا؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:.........

يعني لو أن شخصًا يمشي على رجليه ومر وسرب حمام وهو يمشي ينتظر إلى أن تذهب أم يسلك طريقه؟ يقول: أنا لست بعد لي حاجة بهذا المكان في الصف بعد في المسجد، ويريد أن يأخذ مصحفًا فإذا واقف عليه الحمام، ما المقصود بالتنفير هنا؟

طالب:.........

 يعني من غير حاجة. غير محتاج لها.

طالب:........

ما فيه شك أنها مؤذية، وجاء سؤالٍ عن مستودعٍ كبير ومجرد ما يُفتح بابه تدخل الحمام بكميات، والأطعمة وما الأطعمة كلها تختلط بدرقها، قالوا: هل لهم أن يُنفروها أو لا؟ على كل حال مصلحة الآدمي مقدمة، لكن يبقى أنها محترمة، ولا يجوز تنفيرها، فضلاً عن صيدها وقتلها.

في ديوان ابن عُنين يقول: إنه دخل في الدرس-درس الرازي صاحب التفسير، فخر الدين الرازي- دخل في المسجد حمامة، وضلت الطريق إلى الخروج، وصارت تتردى في المسجد خائفة من هؤلاء الطلاب مع كثرتهم، وفي النهاية وقعت في حِجر الرازي، مدحه هذا الشاعر بقصيدةٍ طويلة، لكن قال: وأنت ملاذ الخائفين.

طالب:........

مثل الشوك هذا موجود بالحرم وغيره.

طالب:.........

مؤذية مقلقة.

طالب:..........

نعم تتوسخ هي منها أذاها كانت المصاحف تمتلئ من درقها، والناس ما يرتاحون.

طالب:..........

والله إذا أمكن من غير مشقةٍ عليك ولا تقع في هذا المحظور أفضل لا شك.

طالب:.........

لا لا، يذكرون، لكن ما هو بهذه الطريقة.

طالب:.........

لا لا، الشراح يعني من مجموع الشروح يصفو شيء.

طالب:.........   

لا، لا.

طالب:.........

بلى يوجد كثير.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

هو الذي يعتني بهذه الأمور.        

قال الكرماني –رحمه الله تعالى-: "قوله: «لاَ يُخْتَلَى» أي: لا يُقطع، و"الخلاء" بفتح الخاء مقصورًا الرطب من الحشيش، "الشارف" المُسنة من النوق، و"أبتني بفاطمة" أي: أدخل بها و"قينقاع" بفتح القافين وسكون التحتانية وضم النون وبالمهملة أبو سبط من يهود المدينة.

قوله: "خالد" الأول هو الطحان، والثاني هو الحذَّاء، و"الصاغة" جمع الصائغ، ومر الحديث في كتاب العلم و"عبد الوهاب" ابن عبد المجيد الثقفي".

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ ذِكْرِ القَيْنِ وَالحَدَّادِ.

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، قَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:77-78]".

يقول –رحمه الله تعالى-: "بَابُ ذِكْرِ القَيْنِ وَالحَدَّادِ" والشاهد من الحديث "كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ" خباب –رضي الله عنه وأرضاه-، والقين معروف أنه هو الحداد وإن كان الحداد أعم.  

قال: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ" محمد بن أبي عدي البصري.

"عَنْ شُعْبَةَ" ابن الحجاج.

"عَنْ سُلَيْمَانَ" ابن المعتمر؟

طالب:...........

نعم.

طالب:...........

سليمان بن مهران الأعمش؟

طالب:...........

"عَنْ أَبِي الضُّحَى" مسلم بن صبيح.

"عَنْ مَسْرُوقٍ" ابن الأجدع.

"عَنْ خَبَّابٍ" ابن الأرت.

"قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، قَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-". هذا من صناديد قريش، وهذا قين حداد يحتقره ويزدريه، وليست له قوة ولا له ظهر يحميه.

"قَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ" يستهزئ.

"حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ" هو يُنكر البعث.

"فَسَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:77-78]" أن يؤتيه ذلك.

على كل حال الشاهد ذكر القين.

طالب:.........

جاء في الحجام أن «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ»، فدل على أنه كسبٌ أدني وأقل مثل الحلاق، والختان، وغير ذلك من المهن التي ينبغي أن يتداولها الناس فينما بينهم؛ لأنها حاجات ضرورية، هذه لا بُد من القيام بها، لكن المفترض أن الناس يتداولونها من باب التعاون بينهم، فلا يكتسبون من ورائها، مع أن النبي –عليه الصلاة والسلام- احتجم، وأعطى الحجام، فكسبه حلال، ومعنى كونه خبيثًا أقل من أبواب الكسب الأخرى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267] يعني الأدنى.

قال الكرماني –رحمه الله تعالى-: "ابن أبي عدي" بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية محمد البصري، و"خباب" بفتح المعجمة وشدة الموحدة الأولى ابن الأرت، مر في الصلاة.

قوله: "قينًا" أي: حدادًا، و"العاص بن وائل" بالهمز بعد الألف، فإن قلت: "حتى يُميتك الله" مشعرٌ بأن بعد الإماتة والبعث يكفر. قلت: الكفر بعدهما غير ممكن، فكأنه قال: لا أكفر أبدًا، وهو كقوله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان:56]".

"لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ" الموت مُحقق، فمعناه إذا أماته سوف يكفر خباب؟ لو كان تعليقه بالموت لكان قريبًا ومتوقعًا.

"ثُمَّ تُبْعَثَ" لأنه إذا بُعث يُبعث مع الناس، ويُبعث معه خباب، وحينئذٍ تنقطع التكاليف والتصرفات؛ لأنه علقه على مستحيل.

طالب:.........

لا، لكن لا بُد من توجيه الكلام، يعني إذا كان له وجهٌ ممكن فلا بُد من الإجابة عنه، لو اقتصر "لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ" هذا ممكن ومحتمل وقريب، لكن "ثُمَّ تُبْعَثَ" هل يستطيع أن يكفر إذا بُعِث؟

خلاص انقطعت التصرفات والتكاليف.

طالب:.........

يقول: "كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ" الظاهر التنصيص على الجاهلية دل على أنه في الإسلام ترك ذلك.

"بَابُ ذِكْرِ الخَيَّاطِ.

 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُبْزًا وَمَرَقًا، فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ ذِكْرِ الخَيَّاطِ" في سياق ذِكر المهن التي جاءت بها النصوص.

قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" وهو التنيسي.

"قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" وهو الإمام ابن أنس.

"عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ" وكانت الحاجة إلى الخياطين أقل منها في زماننا هذا، كان الناس يمتهنون بأنفسهم كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، منهم من يخيط ثوبه، ومنهم من يرفو خرق ثوبه، ما يحتاجون إلى كثرة مثل هذه الكثرة، وكانت النساء لا تعرف الخياطين، يخيط بعضهم لبعض.

ثم بعد ذلك انظر، ما فيه أحدٍ يضع خيطًا في إبرة على ما قالوا، هذا مؤذِن بشر؛ لأنه نوع من الترف، تصور في يوم من الأيام الدنيا لا تدوم وتحتاج إلى مثل هذه الأمور، فلا تجد من يقوم بها إلا من العمالة الوافدة، وهذه العمالة عُرضة لأن تنتهي إذا ما قلنا: إننا قد نضطر إلى أن ننتقل عمالًا عندهم الأيام دول، فالإنسان يوطِّن نفسه على مثل هذه الأمور، ويُمرِّن نفسه وأهله على ذلك؛ لأن الدنيا لا تدوم، والأيام دول، وهناك أسباب لتغير الأحوال إما إلى الأحسن أو إلى الأسوأ.

عددنا في يوم من الأيام في شارع صغير ما يتجاوز كيلو واحدًا أكثر من أربعين خياطًا نسائيًّا- والله المستعان- في الأول ما يُعرف في البلد إلا واحد أو اثنان بالكثير.

"إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُبْزًا وَمَرَقًا".

والشاهد في قول أنس: "إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" فدل على أن مهنة الخياطة موجودة في عهده –عليه الصلاة والسلام-، ولا إشكال فيها.

"خُبْزًا وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ" القرع واليقطين.

"وَقَدِيدٌ" اللحم المجفف.

"فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ" يُحب الدُّباء -عليه الصلاة والسلام-.

"قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ" لأن الحبيب المقتدي يتبع محبوبه فيما يُحب وما يكره، فكيف إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام-!  

قال –رحمه الله تعالى-: "باب الخياط".

قوله: "دباء" بضم المهملة وشدة الموحدة وبالمد القرع، و"حوالي" بفتح اللام لا غير، وفي الحديث الإجابة إلى الدعوة، وفيه أن الصحفة التي قُرِّبت إليه كانت له وحده، فإذا كانت له ولغيره فالمستحب أن يأكل مما يليه. وفيه فضيلة أنس، حيث بلغت محبته لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه كان يحب ما أحبه -صلى الله عليه وسلم- من الأطعمة.

الخطابي: في صنعة الخياط معنىً ليس في القين والنجار والصانع؛ لأن هؤلاء إنما تكون منهم الصنعة المحضة فيما يستطيعه صاحب الحديد والخشب والذهب والفضة، وهي أمورٌ من الصنعة تُوقَف على حدها، ولا يُخلط بها غيرها، والخياط إنما يثقب الثوب في الأغلب بخيوطٍ من عنده، فجمع إلى الصنعة الآلة، وإحداهما معناها التجارة، والأخرى معناها الإجارة، وحصة إحداهما لا تتميز عن الأخرى، وكذلك الصباغ يصبغ بصبغةٍ على العادة المعتادة فيما بين العُملة".

العَملة.

"فيما بين العَملة، وجميع ذلك فاسدٌ في القياس، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجدهم عليها أول البعثة فلم يغيرها؛ إذ لو طولبوا بغيره لشق عليهم، فصار بمعزلٍ عن موضع القياس".

ما معنى هذا الكلام؟

"قال الخطابي: في صنعة الخياط معنىً ليس في القين والنجار والصانع؛ لأن هؤلاء إنما تكون منهم الصنعة المحضة فيما يستطيعه صاحب الحديد والخشب والذهب والفضة، وهي أمورٌ من الصنعة" فيكون أجيرًا يصنع هذه الأشياء.

"ولا يُخلط بها غيرها" وليس من الصانع إلا الصنعة، العمل، ما يملك قطع غيار ولا شيئًا يدخل في العملية مثل الخياط عنده حبال وخيوط تكون جزءًا من المخيط. 

"والخياط إنما يثقب الثوب في الأغلب بخيوطٍ من عنده، فجمع إلى الصنعة الآلة، وإحداهما معناها التجارة" يعني هذا الخيط كأنه يبيعه بيعًا على صاحب الثوب، والخياطة، صنعة الخياطة إجارة مثل القين والصائغ وغيره، والحبل هذا الخيط الذي خِيط به هذا الثوب بيع، ففيه جمعٌ بين البيع والإجارة، وهذا مُشكل على قواعد العقود.

"وإحداهما معناها التجارة، والأخرى معناها الإجارة، وحصة إحداهما لا تتميز عن الأخرى" ما قال: أجرة يدي كذا والحبل بكذا، ما فيه إشكال إذا تميزت يبيع عليه الخيط، ويقول: أخِيطك هذا الثوب بخيطك الذي اشتريته مني بكذا.

طالب:..........

هو الحبل في الغالب أنه غير ملتفت إليه ولا منظور إليه، المنظور إليه خياطة الثوب الذي هي العمل، لكن هذ وإن قَل الحبل قَلت قيمته وهو الخيط؛ هذا لأنه موجود، افترض أنت أعطيت الخياط ثوبك يخيطه بمبلغ خمسين ريالًا، ثم جئت بعد أسبوع فما خاطه، لماذا ما خِطته؟ قال: ما وجدت الخيوط، هذا الخيط عليك أو على الخياط؟ العادة والعُرف على أنه على الخياط، فمنه هذا الخيط، الخيط يحتاج إلى قيمة، هو اشتراه بفلوسه، لا بُد أن يتميز هذا عن هذا، هذا الأصل.

يقول: "وحصة إحداهما لا تتميز عن الأخرى، وكذلك الصباغ يصبغ بصبغةٍ على العادة المعتادة فيما بين العَملة، وجميع ذلك فاسدٌ في القياس، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجدهم عليها أول البعثة فلم يغيرها؛ إذ لو طولبوا بغيره لشق عليهم، فصار بمعزلٍ عن موضع القياس".

 هناك أمور لا يُلتفت إليها لِقلتها، لكن لو أن سيارة حصل عليها ما حصل، واحتاجت إلى إصلاح، وذهبت بها إلى صاحب ورشة، وطلب عليك خمسة آلاف شاملة لعمل يده وللقطع التي يشتريها من غيره ليست عنده، هل لا بُد أن تتميز قيمة القطع من قيمة الصنعة؟ القياس لا بُد أن يتميز، وهو في هذه الحالة يبيعك شيئًا ليس عنده أو أنت تُنيبه عنك في شراء هذه القطع، وتُفرز قيمتها بالفواتير، ويأخذ أجرة يده، ولا شك أن مثل هذا أوضح.

طالب:.........

لا، تشتري الثوب قَبل، كم المتر؟ كم كذا؟

طالب:.........

جاهز؟

طالب:........

لا، إذا كان ما هو فصله أنت ترى الطول الذي يناسبك، وتقول له: بكم هذا المتر؟ أو بكم الثوب من هذا الطول؟ تميزه أنت.

طالب:.........

ما يخالف؛ لأنك عارف كم تستغرق من القطعة، وتعرف سعر المتر، وتعرف كذا، ويفصله.

طالب:........

نعم، معروف عندهم المواد والعظم كذا، والمصنعي كذا، وتسليم مفتاح بكذا، ويحسب كل ما يُحتاج إليه، ومثل هذه السلع الموجودة الآن في الأحاديث.

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ ذِكْرِ النَّسَّاجِ.

 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا، فَقَالَ: «نَعَمْ» فَجَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ".

قال-رحمه الله-: "بَابُ ذِكْرِ النَّسَّاجِ" النساج الذي ينسج الثياب والأقمشة.

قال: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ" سلمة بن دينار، أبو حازم اسمه سلمة بن دينار، وهو الذي يروي عن سهل بن سعد، وأما أبو حازم الذي يروي عن أبي هريرة فاسمه سلمان، هذا أبو حازم الواعظ المشهور. 

"قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْتَاجًا إِلَيْهَا" محتاجًا إليها –عليه الصلاة والسلام-، ما عنده شيء يلبسه إلا شيئًا يسيرًا إما إزارًا ورداءً، وإما قميصًا إذا احتاج إلى غسله انتظر –عليه الصلاة والسلام- وهو أشرف الخلق وأكرمهم على الله –جلَّ وعلا- والواحد منَّا عنده من الثياب ما يكفيه إلى وفاته ولو كان شابًا، ومع ذلك كل سنة يُفصِّل، وبلغنا أن شخصًا يُفصِّل من الثياب بعدد أيام السُّنَّة يلبس كل يوم ثوبًا ولا يعود إليه، والله المستعان.

"فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْتَاجًا إِلَيْهَا" وعمر -رضي الله عنه- يخطب على المنبر وقميصه فيه كم رقعة وهو أمير المؤمنين.

"مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا" الصحابة قالوا: هذا ما يستحي، ما عنده غيرها محتاجًا إليها، ويطلبها إياه! وهو لا يرد أحدًا- عليه الصلاة والسلام-.

"فَقَالَ: «نَعَمْ» فَجَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ" يعني إلى بيته. 

"فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ" تعرف الرسول –عليه الصلاة والسلام- ما يرد سائلًا وهو محتاج إلى هذه المنسوجة.

"فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ" لكن هل هذا مبرر؟ الرسول –عليه الصلاة والسلام- محتاج إلى هذه، تُريدها كفنك! هي باشرت جسد النبي –عليه الصلاة والسلام- وحصل فيها من البركة ما حصل، ويستفيد منها، لكن يبقى أنها لو كانت قدرًا زائدًا عن حاجته –عليه الصلاة والسلام- ما فيها إشكال؛ ولذلك لامه الصحابة.

هل هذا عذر في أن تكون كفنه؟

طالب:..........

ما وجد شيئًا يُكفَّن فيه؟ لا هو يُريد البركة من المنسوجة.

طالب:..........

على كل حال هذا الصحابة لاموه ويستحق اللوم؛ لأن هذا إحراج تأتي إلى شخص تعرف أنه لا يرد سائلًا وتطلب شيئًا مضطرًّا إليه، قد تطلبه طعامه والذي ليس عنده وعند أولاده غيره، فيُعطيك ويبيت طاويًّا مع أولاده؟ هذا ما هو مناسب.

على كل حال هو لاحظ مصلحته والرسول ما ثرَّب عليه، ولبى طلبه –عليه الصلاة والسلام- وهذا من كريم أخلاقه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

"قوله: "أبو حازم" بالمهملة والزاي سلمة مر".

يعني ابن دينار.

"و"البردة" بضم الموحدة كساءٌ مربع تلبسها الأعراب، و"الشملة" كساءٌ يُشتمل به.

قوله: "منسوجة" خبر مبتدأ وفي بعضها منسوجٌ، قيل: معناه أن لها هدبًا، ويُحتمل أن يكون من باب القلب أي: منسوجةً فيها حاشيتها، وتقدم الحديث بهذه العبارة في باب من استعد الكفن في كتاب الجنائز.

قوله: "محتاجًا" في بعضها محتاجٌ بالرفع فهو خبر لمبتدأ محذوف، ويمكن أنه كُتِب على اللغة الرِّبعية وهم أنهم يكتبون المنصوب بدون الألف".

الرَّبَعية، لغة ربيعة.

"ويمكن أنه كُتِب على اللغة الرَّبَعية وهم أنهم يكتبون المنصوب بدون الألف".

سمعت أنس بن مالك، وإلا الأصل سمعت أنسًا، لكن ربيعة ما ينونون المنصوب.

طالب:...........

هي الشملة، ثم بعد ذلك هذه أصلها بُردة ثم جعلها النبي –عليه الصلاة والسلام- إزار.

طالب:..........

الشملة ما يُشتمل به، قالوا: الشملة كساءٌ يُشتمل به يتلفف فيه، لكن حاجته –عليه الصلاة والسلام- إلى الإزار أشد من حاجته إلى هذه الشملة.

طالب:.........

شملة يشتمل بها يعني يجعلها على أعلى بدنه ويتلفف بها. 

"قوله: "ما أحسنت" ما نافية، وفي الحديث أن كسب النساج كسبٌ حلال، وجواز إعداد الكفن قبل الموت، وكرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإيثاره على نفسه مع الاحتياج إليه- صلى الله عليه وسلم-".

طالب:.........

مسألة الإيثار الذي مُدح به الأنصار لا شك أن الإيثار في أمور الدنيا ما لم يكن نفقة ولده الواجبة، أو نفقة نفسه التي يخشى الهلاك لو بذلها، فالإيثار مطلوب في أمور الدنيا، وأما في أمور الآخرة فالإيثار في القُرب معروفٌ حكمه، الإيثار في الواجبات لا يجوز، وفي المستحبات ترد فيه المفاضلة.

"بَابُ النَّجَّارِ.

 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ المِنْبَرِ، فَقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى فُلاَنَةَ، امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ: «أَنْ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ»، فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ.

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاَمًا نَجَّارًا قَالَ: «إِنْ شِئْتِ»، قَالَ: فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا، حَتَّى كَادَتْ تَنْشَقُّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَخَذَهَا، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ: «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ»".    

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ النَّجَّارِ" النجارة مهنة معروفة وهي بالنون بخلاف التجار وإن كانت على وزنها، لكن هذا خاص بالنجارة؛ لأن المرأة الأنصارية كان لها غلام نجار وصنع المنبر، منبر النبي -عليه الصلاة والسلام-.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ" الدراوردي؟

طالب:.........

ماذا؟

طالب:.........

"عَنْ أَبِي حَازِمٍ" وهو سلمة بن دينار الذي تقدم ذكره.

طالب:.......

عبد العزيز؟

طالب:........

يعني عن أبيه.

"قَالَ: أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ المِنْبَرِ، فَقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى فُلاَنَةَ، امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ" سماها سهل بن سعد؛ لأنه يعرفها لقرب العهد، أما من بعده فقد لا يعرفونها إلا إذا ثبت ذكرها ببعض الروايات، وهناك كُتب في بيان المُبهمات في الأسانيد والمتون، فالخطيب البغدادي له (الأسماء المُبهمة في الأنباء المُحكمة) والنووي له كتاب (المُبهمات) والحافظ أبو زُرعة ابن الحافظ العراقي لها كتابٌ (المستفاد من مُبهمات المتن والإسناد) يوجد فيه مثل هذا –رحمه الله- وهو أوسع كتب المبهمات، طُبِع مُحقق في ثلاثة أجزاء.

"قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ: «أَنْ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ»" في الرواية الثانية قالت لرسول الله: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاَمًا نَجَّارًا" قد يكون في أول الأمر طلبت منه فما قبِل، تردد، ثم بعد ذلك انشرح صدره إلى ذلك، فقال للمرأة: "«مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ» فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ" طرفاء شجر، والغابة مكان معروف، أين تقع الغابة؟

طالب:........

هذا الموضع في الحجاز معروف أنه في الحجاز.

طالب:........

من أي جهة؟

طالب:........

هذه طريقتهم في التحديد: موضع قرب المدينة أو بين مكة والمدينة، وهكذا هذه طريقتهم.

طالب:........

من جهة الشمال، وقد يقولون: موضعٌ بين مكة والبصرة في كُتب البلدان.

طالب:........

على طريق الشام، المقصود أن تحديدهم ليس بدقيق إلا أن الطرق معروفة إذا سلكت هذا الطريق فلا بُد أن تمر بهذا البلد الذي ذكروه، مثلًا قالوا: موضعٌ بين مكة والبصرة ما فيه حاج من البصرة إلا يمر بهذا المكان؛ لأنه في طريقه إلى مكة، وإلا أين؟ كم؟ مفازة آلاف الأميال.

طالب:.......

في جهتها.

"ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ" (جاء بها، أرسل بها، فأمر بها) يعني: الأعواد، الأعواد التي صُنع منها المنبر.

"فَجَلَسَ عَلَيْهِ.

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاَمًا نَجَّارًا قَالَ: «إِنْ شِئْتِ»، قَالَ: فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المِنْبَرِ" وترك الجذع الذي كان يستند إليه.

"عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا، حَتَّى كَادَتْ تَنْشَقُّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَخَذَهَا، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ: «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ»" وهو جذع، فماذا يصنع بنا الذكر الذي نسمعه، ونقرأه، ونتداوله؟ خشبة جذع بكى وحن إلى ما كان يسمع {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] والواحد منَّا يسمع القرآن أو يقرأ القرآن لا يُحرك فيه ساكنًا، قلوب أشد قسوة من الحجارة تحتاج إلى إعادة تأهيل، تحتاج إلى إعادة نظر، وكنا إذا صلينا نسمع من يبكي والآن ما نسمع أحد، ران الكسب على القلوب، والله المستعان.

اقرأ.  

"قوله: "طرفاء" بفتح المهملة وبالمد شجر، و"الغابة" بتخفيف الموحدة الأجمة واسم موضعٍ بالحجاز.

قوله: "خلاد" بفتح المعجمة وشدة اللام، و"أيمن" بلفظ الأفعل ضد الأيسر مر مع الحديث بمسائل متفننة في أبواب المساجد ملفقًا بين هذا وهو أن امرأةً التمست منه، وبين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التمس منها، حيث قال: «مُرِي غُلاَمَكِ»، فتأملها ثمت".  

يعني مثل ما قلنا: إنها عرضت عليه، فلم ينشرح صدره أول الأمر، ثم لما انشرح صدره طلب منها ذلك -عليه الصلاة والسلام-.

"قوله: "النخلة" أي: الجذع و"يسكت" بلفظ مجهولٍ مضارع التسكيت، و"على ما كانت" أي: على فراق ما كانت، ولا بُد من هذا التقدير ليصح المعنى.

 وفيه فضل سماع الذكر، ومعجزةٌ ظاهرةٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

اللهم صلَّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك.