شرح العقيدة الواسطية (18)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد قال المصنف - رحمه الله تعالى-: "وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[(5) سورة طـه] في سبعة مواضع، في سورة الأعراف قوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(54) سورة الأعراف] وقال في سورة يونس-عليه السلام-: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(3) سورة يونس] وقال في سورة الرعد: {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(2) سورة الرعد] وقوله في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[(5) سورة طـه] وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}[(59) سورة الفرقان] وقال في سورة ألم السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(4) سورة السجدة]. وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(4) سورة الحديد].

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في هذه الآيات التي ذكرها المصنف -رحمه الله تعالى - بيان الأدلة من الكتاب -من القرآن الكريم- على صفةٍ أثبتها الله -جل وعلا- لنفسه، وأثبتها له نبيه -عليه الصلاة والسلام- في صحيح السنة، وهي الاستواء على العرش.

فالله -سبحانه وتعالى- مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، والاستواء عند أهل السنة يطلق بإزاء أربعة معانٍ، هي: العلو والارتفاع والاستقرار والصعود؛ لأنها جاءت في لغة العرب هكذا، وفسّرها السلف بهذه المعاني الأربعة، استوى بمعنى علا، استوى بمعنى استقرَّ، استوى بمعنى ارتفع، واستوى بمعنى صعد.

والمبتدعة الذين ينفون هذه الصفة كغيرها من الصفات الفعلية يؤولون الاستواء بالاستيلاء، فيقولون: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [(5) سورة طـه] يعني استولى، وهذا قول الأشاعرة، يؤولون الاستواء بالاستيلاء؛ لأن هذا اللفظ ثبت بدليلٍ قطعي، فتحريفه أو إمكاننا فيه؛ لأنه إذا ثبت بدليلٍ قطعي غير وارد، لا يمكن أن يقول الأشعري أو غيره ممن ينفي الصفات ممن يتدين وينتسب إلى القبلة أن يقول هذه الكلمة لا تثبت، بل ثبتت بالقرآن بالدليل القاطع، يعني إذا نازعوا في الصفات التي ثبتت بأدلة ظنية من آحاد السنة، وزعموا أن الآحاد لا تثبت بها العقائد، فلا يستطيعون بحال أن ينفوا ما ثبت بالأدلة القطعية، كالاستواء هنا.

لفظ الاستواء لا يمكن نفيه، لكن يحرفون معناه، يحرفونه فيقولون: معنى استوى استولى، ويستدلون على تحريفهم للفظ والمعنى ببيتٍ ينسب لبعض الشعراء، وإن كان مجهولاً لا تعرف عينه ولا ذاته فضلاً عن عدالته وثقته، فضلاً عن كونه ممن يحتج بقوله أو لا يحتج، يستدلون بقول الشاعر:

قد استوى بشرٌ على العراقي

 

من غير سيفٍ أو دمٍ مهراقي

يقولون: هنا استوى ما فيه إلا معنى استولى، يعني استولى على العراق، وحينئذٍ يكون معنى استوى في هذه النصوص هو معنى ما جاء في هذا البيت، لكن هذا البيت حكم جمعٌ من أهل التحقيق بأنه مولد مصنوع، ولم يثبت عمن يحتج بقوله من العرب الأقحاح، ولا يوجد في لغة العرب تفسير الاستواء بالاستيلاء، لا يوجد في لغة العرب تفسير الاستواء بغير الألفاظ الأربعة التي ثبتت عن سلف هذه الأمة.

فالاستواء هو العلو والارتفاع، فهو -سبحانه وتعالى- كما أخبر عن نفسه، وأخبر عنه نبيه -عليه الصلاة والسلام- أنه مستوٍ على عرشه بائنٌ من خلقه.

ابن القيم - رحمه الله تعالى- في بيان معاني الاستواء الأربعة يقول في نونيته:

فلهم عبارات عليها أربعٌ
وهي استقر وقد علا وكذلك
وكذاك قد صعد الذي هو رابعٌ
يختار هذا القول في تفسيره
والأشعري يقول تفسير استوى

 

قد حصلت للفارس الطعان
ارتفع الذي ما فيه من نكران
وأبو عبيدة صاحب الشيباني
أدرى من الجهمي بالقرآن
بحقيقة استولى من البهتان

صاحب الشيباني صاحب من؟ أبو عبيدة أو أبو عبيد؟ لأنه يقول: وأبو عبيدة صاحب الشيباني يختار هذا القول، هل المقصود به أبو عبيدة أو أبو عبيد؟ أبو عبيد القاسم بن سلام معروف، إمام من أئمة المسلمين، في هذا الباب وفي غيره من أبواب الدين، وأما أبو عبيدة معمر بن المثنى فهو من أئمة اللغة مشهودٌ له بذلك، وله فيها باع، لكنه يثبت المجاز، وألف في مجاز القرآن، فهل المقصود أبو عبيد أو أبو عبيدة؟ الذي بين يدي مما في حاشية الشيخ ابن مانع يقول: وأبو عبيدة صاحب الشيباني، إذا كان المراد صاحب الشيباني الإمام أحمد فصاحبه أبو عبيد كما هو معروف، وإن كان أبو عمرو الشيباني اللغوي المعروف صاحبه أبو عبيدة، فأيهما؟

يعني مسألة لبس أبي عبيد بأبي عبيدة سهل يعني، لكن المقام بأبي عبيدٍ أليق؛ لأنهم ما عندهم مخالفات في هذا الباب، وعلى كل حال يراجع الأصل، تراجع النونية، ويراجع شروحها وينظر في المسألة. وأيضاً النقول في هذه المسألة وفي مسألة العلو تجدونها في اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم، وفي كتاب العلو للحافظ الذهبي -رحمه الله-.

والأشعري يقول تفسير استوى

 

بحقيقة استولى من البهتان

هل يستقيم استوى بمعنى علا وارتفع وصعد واستقر، هل يستقيم تأويلها بـ "استولى"؟ استولى، ضع مكان استوى استولى في الآيات، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} الاستيلاء لا يكون إلا بعد عدم، يعني إيجاد لهذا الاستيلاء وهذه الغلبة بعد أن لم تكن، فهل كان العرش قبل استيلائه -جل وعلا- عليه على سبيل التنزل معهم خالياً منه -جل وعلا-؟! معناه أنه كان العرش خاليًا ثم استولى عليه الله -جل وعلا-، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، وهذا من شؤم تحريف النصوص.

هذه المخالفات يجرُّ بعضها بعضاً، يبدأ الإنسان بالمخالفة اليسيرة، ثم يعاقب بما هو أعظم منها، وكلما بعد عن فهم السلف لنصوص الكتاب والسنة زادت المخالفات عندهم، وعظمت حتى تكون طوامًّا، يعني الأشعرية قالوا: استولى، وغيرهم ممن هو أشد منهم في الابتداع قالوا: ما استوى، إلى أن قال قائلهم من غلاة الجهمية قال: لينفي صفة العلو التي ثبتت بالأدلة الكثيرة من نصوص الكتاب والسنة، ماذا قال في سجوده: سبحان ربي الأسفل، -نسأل الله السلامة والعافية-، فلينتبه الإنسان لنفسه، يجعل لنفسه احتياطات، لا يتمادى في شيء لا يدركه عقله، يعني القائد الكتاب والسنة فقط، والعقل يجب أن يكون تابعاً للكتاب والسنة، مخطوم بزمام الكتاب والسنة، والذي ينير له فهم الكتاب والسنة، ويعينه على فهم الكتاب والسنة هو إدامة النظر في أقوال سلف هذه الأمة، فلا يبتدع، قد كفي.

في حاشية الشيخ ابن مانع -رحمه الله تعالى- يقول: "تنبيه: قد وقع في بعض الكتب التي زعم مؤلفوها أنها على مذهب السلف عبارة باطلة، وهي كما في رسالة نجاة الخلف في اعتقاد السلف، قال: فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو على ما عليه كان قبل خلق المكان.

يقول: رسالة هذه معي الآن- نجاة الخلف في اعتقاد السلف، هذا الكلام صحيح، العنوان صحيح، نجاة الخلف تكون باعتقاد السلف، قال: فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو على ما عليه كان قبل خلق المكان، وهذا -يقول الشيخ ابن مانع- وهذا إنما يقوله من لم يؤمن باستواء الرب على عرشه من المعطلة، ومؤلف الكتاب رد عليه أئمة الدعوة وكلامهم في مجموعة التوحيد النجدية واضح، لكن هذا باختصار.

يقول الشيخ ابن مانع: وهذا إنما يقوله من لم يؤمن باستواء الرب على عرشه من المعطلة.. كيف؟ وهذا إنما يقوله من لم يؤمن باستواء الرب على عرشه من المعطلة، والحق أن يقال: إن الله تعالى كان وليس معه غيره، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وكان عرشه على الماء، يعني قبل خلق السماوات والأرض، ثم استوى على العرش، وثم هنا للترتيب لا لمجرد العطف.

الآن أي المخلوقات أول؟ أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: ما أكتب؟... إلخ، ((أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب)) هل هذه تعني أولية مطلقة؟ أو أن القول قيل: أول ما خُلق القلم، وعلى هذا فلا يلزم أن يكون القلم أول؟ مع أن الخلاف موجود بين أهل العلم في هذا.

والناس مختلفون في القلم الذي
 هل كان قبل العرش أو هو بعده
والحق أن العرش قبل لأنه
وكتابة القلم الشريف تعقبت

 

كُتب القضاء به من الديان
قولان عند أبي العلا الهمذاني
وقت الكتابة كان ذا أركان
إيجاده من غير فصل زمان

لأنه أو ما خُلق القلم قيل له: اكتب، تعقبت إيجاده من غير فصل، وهذا معنى الأولية المذكورة في الحديث. ننظر في كلام صاحب (نجاة الخلف).

أولاً: (نجاة الخلف في اعتقاد السلف) تأليف: الشيخ عثمان بن أحمد بن عثمان النجدي الحنبلي، يسمونه عثمان بن قائد النجدي، وهو معروف في فقه الحنابلة معروف، له حواشي على كتب المتأخرين على المنتهى وعلى الإقناع، له حواشي، ويده في الفقه لا بأس بها، أما في هذا الباب فعنده شيء من المخالفات، وهنا يقول:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، الحمد لله العلي العظيم، واجد الوجود، الحي القيوم الدائم الباقي الملك المعبود، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد الرسول المطاع الأمين، المبلغ عن الله دينه القويم بقواطع الآيات والبراهين، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام وتابعيهم وتابع تابعيهم من الأئمة الأعلام، وبعد:

فهذه تعليقة لطيفة تشتمل على مسائل من أصول الدين، ينتفع بها -إن شاء الله- كثيرٌ من المبتدئين والمتوسطين على مذهب الإمام المبجل والحبَر المفضل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني -رضي الله عنه وأرضاه- وجعل الجنة منقلبه ومثواه، رتبتها على مقدمة وثلاثة أصول وخاتمة، أسأل الله حسنها والقبول، وبه أستعين.

لكن لا شك أن فيه من المسائل ما هو مأخوذ عن المتكلمين، يقول في المقدمة في معرفة الله تعالى مما هو بعيد كل البعد عن معتقد الإمام أحمد -رحمه الله- الملتزم بالأثر، وبعض من ينتسب إلى الإمام أحمد عندهم شيء من التسامح والتساهل، فمثل هذا يقول: هذه على مذهب الإمام أحمد وعلى طريقته وعلى منهجه، وفيها مخالفات، أيضاً السفاريني في عقيدته فيها شيء من المخالفات، وهو يزعم أنها من معين مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وذكر فيها الجوهر والعرض وغير ذلك من اصطلاحات المتكلمين، وتوسع في إدخال الأشعرية والماتريدية في مذهب أهل السنة والجماعة، وقال: إن مذهب أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية: وإمامهم الإمام أحمد بن حنبل، والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري، والماتريدية: وإمامهم أبو منصور، على كل حال هذا توسع لكنه غير مرضي, غير مرضي.

المقدمة في معرفة الله تعالى:

فتجب معرفة الله تعالى شرعاً بالنظر في الوجود والموجود، على كل مكلف قادر، وهو أول واجب له تعالى، وأول نعم الله الدينية وأعظمها أنْ أقدره على معرفته، وأول نعم الله الدنيوية الحياة العارية عن ضرر، وشكر المنعم واجبٌ شرعاً، وهو اعترافه بنعمته على جهة الخضوع والإذعان، وصرف كل نعمة في طاعته، ويجب الجزم بأنه تعالى واحدٌ فردٌ صمد عالمٌ بعلم, قادر بقدرة، مريد بإرادة، حيٌ بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، وبأنه تعالى ليس بجوهرٍ ولا جسم، ولا عرض، ولا تحله الحوادث....

يعني النفي والإثبات في الجوهر والعرض هل هو مأثور عن سلف هذه الأمة؟ العلماء ردوا على السفاريني حينما قال: وليس ربنا بجوهرٍ ولا عرض، ردوا عليه، قالوا: إدخال هذه الاصطلاحات من كلام المتكلمين أو وما ابتدعوه وما ابتكروه في العقيدة التي تنسب إلى السلف الصالح، وإلى الإمام أحمد على وجه الخصوص لا شك أن هذا منكر.

وبأنه تعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض، ولا تحله الحوادث، ولا يحل في حادث، ولا ينحصر فيه، فمن اعتقد أو قال: إن الله تعالى بذاته في كل مكان أو في مكان فكافر، في مكان يعني لو قلنا في جهة العلو؟ بل يجب الجزم بأنه تعالى بائنٌ من خلقه، نعم بائنٌ من خلقه، لكنه مستوٍ على عرشه، ولا يعني كون الرب -جل وعلا- أنه مستوٍ على عرشه أنه محتاجٌ إليه، أنه يقله -تعالى الله-.

فبائنٌ من خلقه، فالله تعالى -هذا الكلام المراد- فالله تعالى كان ولا مكان كما نقل الشيخ، كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو على ما عليه كان قبل خلق المكان، وكل شيء سوى الله -إلى آخره- صفات حادثة، والله -سبحانه وتعالى- خلقه وأوجده وابتدأه من العدم إلى آخره.

المقصود الذي يهمنا هو ما نقله الشيخ عنه، يقول: فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو ما عليه كان قبل خلق المكان، هذا ما نقله عن الشيخ -رحمه الله تعالى- يقول: فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو ما عليه كان قبل خلق المكان، وهذا إنما يقوله من لم يؤمن باستواء الرب على عرشه من المعطلة، والحق أن يقال: إن الله تعالى كان وليس معه غيره، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام، أربعة منها للأرض بما فيها، ويومان منها للسماء، في ستة أيام، وكان عرشه على الماء، ثم استوى على العرش، كان عرشه على الماء، يعني كان العرش موجودًا، قبل خلق السماوات والأرض، ولكنه كان على الماء، ثم استوى على العرش، وثم هنا للترتيب لا لمجرد العطف.

قال ابن القيم في النونية:

والله كان وليس شيء غيره

 

وبرى البرية وهي ذو حدثان

يعني أن البرية –المخلوقات- كلها حادثة، الله -جل وعلا- أثبت لنفسه هذه الصفة، وهي من صفات الفعل؛ لأنها متعلقة بالإرادة والمشيئة، فهي صفة فعل، وأما صفة العلو ذاتية وإلا فعلية؟ يأتي الكلام فيها وهي ذاتية، قد يقول قائل -وسيأتي الكلام في حديث النزول-: إن الله -جل وعلا- ينزل -كما في الحديث المتفق على صحته- آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا، آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا، ثم يقول -جل وعلا- ما يقول كما ثبت في الصحيح، وقت نزوله إلى السماء الدنيا، ماذا عن الاستواء؟

لأن هذه المسألة لا يثبت إيمان المسلم إلا على قنطرة التسليم فيها؛ لأن شيخ الإسلام يقرر أن العرش لا يخلو، أن الاستواء مع نزوله لا يخلو منه العرش، لماذا؟ لأنه ورد على حديث النزول أن الثلث الأخير من الليل، من شرق الأرض إلى غربها مستمر، إذا انتهى الثلث الأخير من هؤلاء، انتقل إلى هؤلاء انتقل إلى هؤلاء إلى المغرب، إذاً هل يمكن الاستواء مع النزول؟ يعني هذه الشبهة ومثل هذه الشبه لا يجوز أن تلقى على عامة الناس؛ لأنهم لا يدركونها، ومع الأسف أنها بدأت الشبه تغزو بيوت المسلمين وعوام المسلمين، لكن نؤمن بجميع ما جاء عن الله -جل وعلا- أنه مستوٍ على عرشه، بائنٌ على خلقه، ومع ذلك ينزل في كل آخر الليل.

إذا كان هذا متصور في المخلوق، فكيف بالخالق أنه ينزل كل ليلة ولا يخلو منه العرش، كيف بالمخلوق؟ جاء في الحديث الصحيح: ((أن الشمس تسجد تحت العرش آخر كل ليلة)) وتستأذن هل تخرج من مغربها أو مشرقها، هذا في الحديث الصحيح، لكن هل الشمس تغيب عن مدارها طول اليوم؟ فنؤمن بهذا، ونؤمن بهذا، وإذا تصور هذا في المخلوق -وقدرة الله -جل وعلا- فوق كل ما يتصوره المخلوق- إذن ما يتعلق بالله -جل وعلا- الذي لا تدركه الأوهام، ولا تبلغه الأفهام من باب أولى أن يسلم به، وإذا جاء النص عن الله وعن رسوله ما لأحدٍ كلام، ليس لأحدٍ كلام؛ لأن بسط مثل هذه المسائل أمام طلاب علم، وهم بصدد أن يتأهلوا لرد مثل هذه الشبهات، وسنزيدها -إن شاء الله تعالى- إيضاحاً عند الكلام على حديث النزول.

طالب:..............؟

أي نعم,

طالب: .............؟

لا هذا منتقد، منتقد, يعني إذا كان يقصد في المكان الجهة, فالله -جل وعلا- في جهة العلو.

طالب:.............؟

مسألة الحصر لا يحيط به شيء.

نأتي إلى آيات الاستواء التي ذكرها المؤلف، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [(5) سورة طـه] علا وارتفع وصعد، والعلو والارتفاع والصعود هذه صفات فيها من العظمة والعز والكبرياء ما يحتمله اللفظ بل أعظم من ذلك بالنسبة لله -جل وعلا-؛ ولذا جاء قوله: {الرَّحْمَنُ} مع أنه مع اتصافه بهذه الصفة التي تقتضي العلو والارتفاع والعظمة والكبرياء متصفٌ بصفة الرحمة، متصفٌ بصفة الرحمة.

يقول في سبعة مواضع، وفي بعض النسخ في ستة مواضع، أيهما أصح؟ ستة وإلا سبعة؟ الاستواء في سبعة، لكن اللفظ, لماذا جاء في بعض النسخ ستة مواضع؟

طالب: ...............

{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(54) سورة الأعراف] {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(3) سورة يونس] {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(2) سورة الرعد] {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[(5) سورة طـه] في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}[(59) سورة الفرقان] في سورة السجدة: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في سورة الحديد: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} على كل حال المواضع سبعة في القرآن، مواضع الاستواء سبعة في القرآن، لكن هل تطابق الآيات مما يجعل العدد يقل؟ لأن بعض الآيات يمكن أن يستغنى بها عن بعض، يعني إذا جاءت الآيات بلفظٍ واحد نعدها موضع واحد وإلا أكثر، يعني ولو تطابقت، هل العدد للألفاظ أو للفظ الاستواء الذي هو المقصود؟ يعني ما وجه كونها ستة في بعض النسخ؟

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يعني بهذا اللفظ ستة؟ يعني ما عد هذه الآية، يعني كأنه قال: وقوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وفي ستة مواضع غير هذا الموضع.

 مناقشة الطلاب مع الشيخ:............

إيه، لكن ذكر آية طه بعد ذكره الستة المواضع

مناقشة الطلاب:........

يعني ما ذكر طه مرة ثانية، لا, عندنا مذكورة، وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}.

على كل حال إذا أردنا لفظ استوى فهو في سبعة مواضع، وإذا أردنا ثم استوى على العرش فهي ستة، وعلى كل حال المسألة.. ماذا نستفيد من قولنا: ستة مواضع، سبعة مواضع؟ يعني أهل العلم يحرصون على هذا، وجاء في نصوص ((اجتنبوا السبع الموبقات)) ((الإيمان بضع وستون)) لماذا تأتي بعض الخصال محصورة بعدد معين؟ ويذكر الحصر؟

إجابة طالب: ..........

نعم تنفع في حال الاستذكار، يعني لما يقال لك: اذكر لي آيات الاستواء في القرآن، قد تذكر ثلاثة، قد تذكر أربعة، قد تذكر خمسة، لكن إذا ذكرت أنها سبعة لا بد أن تبحث عن السادس والسابع؛ ولذا تعب أهل العلم في حصر الأسماء الحسنى، وفي حصر شعب الإيمان، وفي حصر الفرق المنتسبة إلى القبلة ((ستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين)) تعبوا في جمعها، لكن هذا الحصر يفيد أن الإنسان يحصر ذهنه، بعض الناس إذا أراد أن يستذكر من غير حصر، لو عشرين موضعًا يذكر ثلاثة أربعة وينتهي، ينقطع، لكن إذا كان العدد عنده مضبوط عشرة عشرين يبحث عن البقية، يسعى للبحث عن البقية، فيحيط بجميع ما جاء في الباب.

في سبعة مواضع الأول في سورة الأعراف، في قول الله -جل وعلا--: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(54) سورة الأعراف] {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} خلق السماوات، ولا نعرف المادة التي منها خلقت السماوات، ولا نعرف المادة التي خلق منها العرش.

السماوات إعرابها؟

إجابة طالب: ...........

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}, يعني مفعول لأجله؟؟

السماوات إعرابها نعم؟

هي من حيث الاشتقاق اللغوي لمادة خلقَ، هي مخلوقة، فمن حيث بناء الصيغة: اسم مفعول، فالله -جل وعلا- خالق، والسماوات والأرض مخلوقة، فهي مفعولة من هذه الحيثية، وعلى هذا أكثر من يعرب القرآن، لكن منهم من لحظ المعنى، معنى المفعول عندهم -عند النحاة- المفعول الذي يقع عليه فعل الفاعل، فالخلق وقع على السماوات والأرض أو وقع بها، يعني هل كانت موجودة، ثم فعل بها الخلق؟ ولذا يقول بعضهم إن السماوات مفعول مطلق، إن ربكم الله الذي خلق خلقاً هو السماوات والأرض، فهي مفعول مطلق، وهو متجه من حيث المعنى, كيف؟

إن ربكم الله الذي خلق خلقاً مفعول مطلقاً، هذا الخلق مترجم بالسماوات والأرض من حيث المعنى إيه، وإلا لو عرفت المفعول عند النحاة هو الذي وقع عليه فعل الفاعل، نعم, لما تقول: ضرب زيدٌ عمرواً، ضرب المادة التي هي الضرب حصلت من الضارب وهو زيد على المضروب وهو عمرو، فوقع على عمرو الذي هو المفعول فعل الفاعل الذي هو زيد، لكن هل وقع على السماوات والأرض فعل الخلق؟ هل كانت موجودة ثم فعل بها هذه المادة التي هي الخلق؟

طالب: .............

أين؟

الطالب:............

لا، إذا قلت: مفعول مطلق من حيث المعنى متصور، إن ربكم الله الذي خلق خلقاً، ما هذا الخلق؟ هو السماوات والأرض، فتكون السماوات والأرض بدل من المفعول المطلق قائماً مقامه.

الطالب:...........

المقصود أنه يقع عليها فعل فاعل بأي وصف كان، ما يلزم أن يكون خلق

الطالب:..........

 كيف؟

الطالب:.........

بلى، صح، هذا معنى السياق، لكن الإعراب

الطالب:...........

لكن وقع عليها أو وقع الفعل بها، التي صارت هي الخلق.

الطالب:..........

شوف مقتضى كون الكلمة مفعولاً أن تكون موجودة، التي يقع عليها فعل الفاعل، لا ليقع بها.

الطالب:..........

شوف يا أخي أنا أقول: جمهور من يفسر القرآن يقول: مفعول به، لماذا؟ لأنها مخلوقة، ووزان مخلوقة يعني مفعول، والله -جل وعلا- خالق فهو الفاعل، لكن هل تعريف المفعول عند النحاة ينطبق على السماوات، الذي وقع عليه فعل الفاعل؟

أنت تصور ضربَ زيدٌ عمرواً.

الطالب: ............

طيب.

الطالب:............

يلزم منه الوجود, يلزم منه الوجود؛ ليقع عليه فعل الفاعل، طيب.

الطالب: ............

من حيث المعنى ما يختلفون في أنها كانت معدومة ثم وجدت، لا، الآن ما هو محل الخلاف هذا، محل الخلاف: هل السماوات مفعول به وإلا مفعول مطلق؟ وإلا كونها معدومة ثم وجدت هذا محل إجماع، وهذا معنى الخلق، لكن الكلام لو تأملناه هل السماوات وقع عليها فعل الفاعل الذي هو تعريف المفعول، أو أنه فعل الفاعل بها؟ الخلق هو السماوات والأرض، خلق خلقاً هو السماوات والأرض.

طالب:...........

حتى أنشأ يا أخي، أنت استصحب تعريف المفعول عندهم، المفعول أيش هو؟ الفاعل الذي وقع منه الفعل، المفعول الذي وقع عليه الفعل، ومقتضى هذا أن يكون موجوداً، وإذا لم يكن موجوداً ما صار مفعول به.

الطالب:.........

لو راجعت كلام ابن هشام في مغني اللبيب عرفت إيش هو.

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(54) سورة الأعراف] وقال في سورة يونس: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(3) سورة يونس] وقال في سورة الرعد: {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(2) سورة الرعد] {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ترونها وصف لأيش؟ وصف للعمد، لكن هل هو وصف حقيقي أو وصف كاشف؟ يعني هل هي صفة مرادة أو صفة كاشفة؟ ما دام بغير عمدٍ من لازم كونها بغير عمد أنها لا ترى؛ لأن المعدوم لا يرى، أو نقول: إن الله -جل وعلا- رفع السماوات بعمد، لكنها لا ترى، فيكون النفي متجهًا إلى الرؤية {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} يعني أحياناً يهجم على القلب معنى ثم يصعب تغييره، كثير من المسلمين يقرأ هذا من العلماء وطلاب العلم وغيرهم أن السماوات بغير عمدٍ، وهذا قول الأكثر، لكن ألا يحتمل أنها رفعت بعمدٍ لا ترى، ممكن وإلا غير ممكن؟

الآن لو سألتكم، وقلت لكم: الله -جل وعلا- لما طلب منه عيسى -عليه السلام- أن ينزل مائدة، هل حصل تنزيل المائدة وإلا ما حصل؟

طالب:............

في الأخير قال: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ}[(115) سورة المائدة] نزلت المائدة وإلا ما نزلت؟ {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} يعني بهذا الشرط، تدرون من أهل العلم من يقول: لا نريدها بهذا الشرط؟ أنهم قالوا لا نريدها فلم تنزل المائدة؛ لأن الشرط قوي؛ لأنه لو نزلت وكفروا بها لكان عذابهم شديداً، نسأل الله العافية، كما قال الله -جل وعلا-.

فأقول: أحياناً تكون أمورٌ مسلمة عند عموم الناس، لكن لو تؤملت في السياق الذي وردت فيه لكان المعنى يحتمل غير ذلك، ففي قوله: {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}[(2) سورة الرعد] أيش فائدة هذا الوصف؟

طالب:..............

يعني لا مفهوم لها، باعتبار أو صفة لاغية باعتبار أننا لو نفينا العمد ما نحتاج إلى أن نقول ترونها، يعني بغير عمدٍ ترونها، بغير عمدٍ موصوفة بهذه الصفة، ولا ينفي أن يكون هناك عمدٍ غير موصوف بهذه الصفة، إن الله -جل وعلا- رفع السماوات بعمد لكنها لا ترى، وقيل بهذا.. نعم.

طالب: ...............

يعني تصريح بما هو مجرد توضيح، يعني هل هذا وصف كاشف يعني تصريح بما هو مجرد توضيح، وعلى هذا الله -جل وعلا- رفع السماوات بغير عمد، لا مرئية ولا غير مرئية، فيكون من باب التصريح بما هو مجرد توضيح، أو يكون الله -جل وعلا- رفع السماوات بعمد، لكن هذه العمد لا ترى، وإذا قلنا بغير عمد أيهما أقوى أو أدل على القدرة الإلهية، كونها بغير عمد، أو بعمدٍ لا ترى؟

كلها من وجه هذا أقوى، ومن وجه هذا أقوى، فالقدرة الإلهية تامة على أي حال

طالب:.............

لا هي وصف لعمد

طالب:.............

يعني يكون لا مفهوم له.

طالب:.............

على كل حال الخلاف بين أهل العلم موجود، والقدرة الإلهية على الاحتمالين واردة، سواءٌ قلنا: بغير عمد هذه الأجسام التي لا يحاط بها، بالقبة على هذه الأرض الفسيحة الواسعة، التي هي أكبر منها بأضعاف بغير عمد، ولا شيء يمسكها إلا الله -جل وعلا- {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا}[(41) سورة فاطر].

طالب:...........

هذه قاعدة شرعية عامة.

الطالب:..........

هذا لو كان عندنا الحكم مستقر على أحد الاحتمالين ثم جاء ما ينقضه أو يوافقه، احتمال ينقض واحتمال يوافق، وجه ينقض ووجه يوافق، فحمله على الناقض تأسيس، وحمله على الموافق تأكيد.

في الحديث: ((الصعيد الطيب الطاهر طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته)) إذا قلت: فليتق الله وليمسه بشرته عن الأحداث المستقبلة أو الأحداث الماضية، عن الأحداث الماضية أو عن الأحداث المستقبلة؟

نفترض أن شخصاً أصابته جنابة ثم تيمم مدة لعدم الماء ثم وجد الماء، هل نقول: اغتسل عن الجنابة الماضية ((فليتق الله وليمسه بشرته)) عما مضى، أو ((فليتق الله وليمسه بشرته)) عما المستقبل؟

إذا قلنا: عما مضى، قلنا: تأسيس حكم، وهو أن التيمم يرفع رفعاً مؤقتاً، لا رفعاً مطلقاً، وإذا قلنا: ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) لما يستقبل من الأحداث الحديث ما جاب جديد، كل نصوص الطهارة تدل على هذا، فيكون مؤكد.

سؤال:...............

لا الأبلغ التأسيس.

{اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(2) سورة الرعد] وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[(5) سورة طـه] وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [(59) سورة الفرقان]. وقال في سورة ألم السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.

هذه آيات الاستواء السبع سردها الشيخ -رحمه الله تعالى- جعل آية طه كالعنوان للجميع، ثم سردها سرداً مرتباً على حسب ورودها في المصحف، جعل آية طه وهي قوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} في سبعة مواضع، جعل هذه الآية عنوان، ثم سرد المواضع السبعة، بما في ذلك الآية التي عنون بها، ولذا عندنا سبعة مواضع، في سورة الأعراف، ثم في سورة يونس، ثم في سورة الرعد، ثم في سورة طه، ثم في سورة الفرقان، ثم في سورة ألم السجدة، ثم في سورة الحديد، سبعة مواضع، على حسب ترتيبها في المصحف.

في منظومة الشيخ عبد الله بن عدوان للواسطية، ومر ذكرها مراراً تكلمنا عنها في بداية الدرس، بداية شرح الكتاب، هي منظومة دالية جيدة قوية متينة، وينقل عنها الشيخ ابن مانع، وهو شخص –الشيخ- متأخر جداً، يعني ما مات إلا من يمكن أربعين سنة.

المقصود أنه متأخر مما يدل على وجودها، أنها موجودة، يقول: في سبعة مواضع، قوله في سبعة مواضع وقد بينها ابن عدوان في نظمه لهذه العقيدة فقال:

وذكر استواء الله في كلماته على
 ففي سورة الأعراف ثمت يونس
وفي سورة الفرقان ثمت سجدةٌ

 

العرش في سبعٍ مواضع فاعدد
وفي الرعد مع طه فللعد أكد
كذا في الحديد فافهمه فهم مؤيد

فلو بحث عن هذه المنظومة، منظومة متينة وقوية، ويستفاد من حفظها، فلو بحث عنها, وما أظن الرياض وما حول الرياض يخلو منها.

طالب يسأل عن ابن عدوان:..........

ابن عدوان هو مترجم في علماء نجد، للشيخ البسام ما أدري والله عاد، وأنا ما اعتنيت بهذا، وإلا أمرها يمكن يسير يعني, لو سئل عنها أهل المعرفة والخبرة يعرفون.

عندنا سياق الآيات: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}،{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يعني تقديم المعمول على العامل يدل على الحصر، وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} يعني قدم العامل والمتعلق به المعمول على الفاعل، الذي هو الرحمن، للاهتمام بالمعمول لإفادة الحصر، كما في قوله -جل وعلا-: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[(5) سورة الفاتحة] {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[(4) سورة السجدة] معروف السماواتِ مضبوطة بالكسر؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والأرض منصوب، معطوف عليه منصوب بالفتحة، ثم بعد ذلك قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(4) سورة الحديد] ثم بعد ذلك نصوص العلو، ونقف عليها ونشوف بعض الأسئلة.

يقول: ألا نقول أن "ترونها" تعود على السماء؟

لكن السماء مرئية وإلا غير مرئية! مرئية، فترونها يعود...، خلق السماوات ترونها بغير عمد، هذا ركيك.

يقول: هل ترون أنه من المناسب دراسة علم المنطق من حيث أنه علم آلة لا مقصد فيدرس مثل متن إيساغوجي للأبهري، أو متن السلم للأخضري؛ لأن غالب كتب الأصول وبعض كتب العقيدة تكون فيها مقدمات منطقية، وبعض الألفاظ المنطقية غير مفهومة؟

على كل حال المنطق وعلم الكلام عموماً علم دخيل على هذه الأمة، ولا ينبغي أن يصرف فيه جهد يعوق عن تحصيل الكتاب والسنة، فيقتصر على نصوص الكتاب والسنة، وما يخدم الكتاب والسنة، ومسألة النظر في كتب المنطق مسألة خلافية بين أهل العلم.
على كل حال على ما قال شيخ الإسلام: "لا يحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه الغبي".
فابن الصلاح والنووي حرما
وقال قومٌ ينبغي أن يعلما
على كل حال من احتاج إليه ورأى أنه بحاجة إلى كتب لا يمكن معرفة هذه الكتب إلا بواسطتها مع غلبة ظنه السلامة من تبعاته فله سلف على كل حال، وكتب شيخ الإسلام لا سيما درء تعارض العقل والنقل، ومواضع كثيرة من منهاج السنة لا يمكن أن تفهم ابتداءً إلا بمعرفة ما ييسرها من هذا العلم، لكن هذا العلم علمٌ غث، كما قالت المرأة في حديث أم زرع: ((زوجها كلحم جمل على رأس جبل، لا سهل فيرتقى ولا...)) أيش, المقصود أن فيه كلالة وفيه صعوبة، ويعوق عن تحصيل العلم، وقد يؤثر في القلب، كما ذكر ذلك النووي وغيره.