شرح العقيدة الطحاوية (17)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

هذا يقول لماذا قال ورقة والنجاشي موسى ولم يقولا عيسى حينما قال هذا الناموس الذي أنزل على موسى؟

يقول الشراح؛ لأن شريعة عيسى متممة لشريعة موسى ومكملة فهو تابع له في شريعته وإن كان رسول من أولي العزم كما هو معلوم، لكن الشريعة متممة مع أنه جاء في بعض الروايات كما ذكر ابن حجر وغيره هذا الناموس الذي أنزل على عيسى.

يقول ذكرتم في شرح اللؤلؤ المكنون أن خبر الواحد يفيد اليقيني بالقرائن يقول ذكرتم في التعليق على الموافقات أن خبر الواحد يفيد العلم لو لم يستند إلى قاعدة مقطوع بها.

ما أدري عن كلام صاحب الموافقات وما أدري ما ظرفه لكن المحقق أن خبر الواحد في أصله لا يفيد إلا الظن فإذا احتفت به قرينة ارتفع إلى إفادة القطع، فالواحد وإن كان ثقة عدلا ضابطا متقنا فإنه لا يعرى من الخطأ والنسيان وليس بمعصوم، هذا وإن كان الاحتمال ضعيفًا إلا أنه موجود، قد وهم ابن عباس وجمع من الصحابة، وهم أيضًا مالك نجم السنن فمن دونه من باب أولى، وهذا الاحتمال يجعل الخبر لا يُقطع به بحيث يكون نتيجته مائة بالمائة، لو قال لك أوثق الناس عندك زيد حضر تحلف أن زيدا حضر؟ هذا خبر من صادق من ثقة صحيح ملزِم بالعمل، لكن مع ذلك لا يُقطع به، شيخ الإسلام يقرر أن خبر الواحد إذا احتفت به القرينة يفيد القطع؛ لأن هذه القرينة صارت في مقابل هذا الاحتمال المرجوح فارتفع هذا الاحتمال ومثله ابن القيم في الصواعق وابن حجر في النخبة وغيرها من مصنفاته وكذلك الطحاوي وهو يعتمد على كلام شيخ الإسلام وابن القيم كما هو معرو،ف وليس في ذلك وسيلة ولا ذريعة ولا مستمسك للمبتدعة الذي يقولون أن خبر الواحد مادام لا يفيد القطع وإنما يفيد الظن والظن لا يغني من الحق شيئًا، كيف نثبت العقائد بخبر لا يفيد إلا الظن هذا الكلام ليس بصحيح، كما تثبت الصلاة والزكاة بخبر الواحد وهذا متفق عليه حتى عندهم أنه إذا صح الخبر وجب العمل به فكذلك العقائد، فالشرع كما يقول أهل العلم متساوي الأقدام والظن وإن جاء عنه أنه لا يغني من الحق شيئًا وجاء عنه أنه أكذب الحديث، لكن جاء إطلاقه فيما يوازي المقطوع به المجزوم به {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ}[البقرة:46] وإطلاقه في الاصطلاح على الاحتمال الراجح، وأهل العلم يقررون أن جل الأحكام مبنية على غلبة الظن وإذا ثبت الخبر لا كلام لأحد وإن لم يصل إلى درجة التواتر.

هذا يسأل عن حديث مرَّ في أضواء البيان فيترك في وقته.. سم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين قال ابن أبي العز رحمه الله تعالى:

وأيضًا فإن الله سبحانه أبقى في العالم..

اقرأ الجملة التي قبلها وكذلك العلم..

وكذلك العلم بخبر من الأخبار فإن خبر الواحد يحصِّل للقلب نوع ظن ثم الآخر يقويه إلى أن ينتهي إلى العلم حتى يتزايد ويقوى وكذلك الأدلة على الصدق والكذب ونحو ذلك وأيضًا..

هذا يوضح ما ذكرناه قبل من القرائن التي ذكرها أهل العلم أن يكون الخبر مشهورًا جاء من طرق متباينة سالمة من القوادح والعلل ولو لم يصل إلى درجة التواتر ومنها أن يتداوله الأئمة فلايزال يرويه إمام عن إمام لأن تداول الأئمة يكون فيه نوع تمحيص للأخبار ورواتها إلى غير ذلك من القرائن التي ذكروها.

وأيضًا فإن الله سبحانه أبقى في العالم الآثار الدالة على ما فعله بأنبيائه والمؤمنين من الكرامة وما فعلوا بمكذبيهم من العقوبة كتواتر الطوفان وإغراق فرعون وجنوده ولما ذكر سبحانه قصص الأنبياء نبيًا بعد نبي في سورة الشعراء كقصة موسى وإبراهيم ونوح ومن بعده يقول في آخر كل.. في آخر كل قصة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم}[الشعراء:8]..

القصص المشهورة المتواترة المستفيضة التي أشار المؤلف إلى بعضها هذه لا يختلف فيها اثنان لا من المسلمين ولا من غيرهم كل يقربها ويعترف بها، فالقصص التي تشتهر في الآفاق ويتداولها الناس ويتناقلونها لا شك أنها ملزمة بتصديقها، الله- جل وعلا- يعبر عن الأخبار المقطوع بها وهي أخبار بالرؤية لأنها بمنزلة الرؤية البصرية في الثبوت كما قال- جل وعلا-{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل}[الفيل:1] هو ما رأى الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو ما رأى وإنما بلغه بطريق ملزِم بلغ به حد التواتر فهو مقطوع به كالمرئي {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد}[الفجر:6] كذلك؛ ولذا ينزَّل الخبر المقطوع به المجزوم به منزلة المرئي بالعين وإن كان في الأصل أن ليس الخبر كالمعاينة، لكن الخبر إذا وصل إلى حد ملزِم بحيث لا تستطيع النفس التردد فيه ولا إنكاره فهو مثل الخبر المرئي، وفي قوله -عليه الصلاة والسلام- لمن سألته عن المرأة إذا احتلمت قال «نعم، إذا هي رأت الماء » هل يلزم من ذلك أن تكون رأته بعينها، يعني ما تغتسل ولا يغتسل المحتلم من الذكور والإناث حتى يروا بأعينهم، يعني الأعمى ما عليه غسل إذًا، فالخبر المقطوع به لا شك أنه مثل المرئي في القطعية «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده» يعني لو جاءك ثقات وقالوا حصل كذا وكذا في المكان الفلاني تقول والله ما أقدر لا أستطيع أن أنكر حتى أراه بنفسي بعيني ليس بصحيح وإن روّج بعضهم في الأيام الأخيرة الذين يقللون من شأن الأمر بالمعروف ويريدون القضاء عليه، يقول لا يجوز لك أن تنكر حتى ترى بعينك، الرسول يقول «من رأى» والله المستعان.

وبالجملة فالعلم بأنه كان في الأرض من يقول إنه رسول الله وأن أقوامًا اتبعوهم وأن أقوامًا خالفوهم وأن الله نصر الرسل والمؤمنين وجعل العاقبة لهم وعاقب أعداءهم هو من أظهر العلوم المتواترة وأجلاها ونقل أخبار هذه الأمور أظهر وأوضح من نقل أخبار من مضى من الأمم من ملوك الفرس وعلماء الطب كبُقراط وجالينوس وبطليموس وسقراط وأفلاطون وأرسطوا وأتباعه..

مع أن نقل أخبار هؤلاء وصلت إلى حد بحيث من أنكرهم عد إنكاره ضرب من الجنون؛ لأنهم ثبتت أخبارهم وجاءت أخبارهم من جميع الأقطار وفي كل الأقطار وتداولها الناس من المتقدمين والمتأخرين ونُقلت أقوالهم فاستقرت في النفوس، هذا إذا كان هؤلاء الذين لا شأن لهم يذكر في مقابل شأن الأنبياء والمصلحين، فلا مجال لإنكار إرسال الرسل ولا إنكار فرد من أفراد الرسل إن اشتهرت أخبارهم الذين يجب الإيمان بهم على التعيين لا ينكرهم أحد حتى من غير المسلمين، يعرف أن الله- جل وعلا- أرسل رسلا ودعوا الناس اشتهرت أخبارهم.

ونحن اليوم إذا علمنا بالتواتر من أحوال الأنبياء وأوليائهم وأعدائهم علمنا يقينًا أنهم كانوا صادقين على الحق من وجوه متعددة منها أنهم أخبروا الأمم بما سيكون من انتصارهم وخذلان أولئك وبقاء العاقبة لهم ومنها ما أحدثه الله لهم من نصرهم.

يعني أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار وهو محصور قبل أن ينتشر أمره وقبل أن تشتهر دعوته وقبل أن يستجيب قومه له، وحصل ما أخبر به -عليه الصلاة والسلام- هذا دليل على ماذا؟ الأمر الثاني أن سيرته وسنته وهديه وسمته على طريقة واحدة ما لف يمينا ولا يسارا ولا في قضية واحدة، هل يستطيع إنسان بذكائه وحرصه وحيطته أن ألا يزل ولا مرة؟! لا يمكن إلا أنه مؤيد من عند الله- جل وعلا-.

ومنها ما أحدثه الله لهم من نصرهم وإهلاك عدوهم إذا عرف الوجه الذي حصل عليه كغرق فرعون وغرق قوم نوح وبقية أحوالهم عرف صدق الرسل، ومنها أن من عرف ما جاء به الرسول من الشرائع وتفاصيل أحوالها تبين له أنهم أعلم الخلق وأنه لا يحصل مثل ذلك من كذاب جاهل وأن فيما جاؤوا به من الرحمة والمصلحة والهدى والخير ودلالة الخلق على ما ينفعهم ومنع ما يضرهم ما يبيِّن أنه لا يصدر إلا عن راحم برٍّ يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق.

الرسول -عليه الصلاة والسلام- في جميع شريعته لا تجد هناك بابا من أبواب الخير إلا دل الأمة عليه ولا بابا واحدا من أبواب الشر إلا حذرها منه بطريقة متسقة لا تفاوت فيها، لا تجده يشدد في باب من الأبواب وهو لا يستحق التشديد، ولا تجده يتساهل في باب من الأبواب وهو مستحق للعناية والتأكيد.

ولذكر دلائل نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- من المعجزات وبسطها موضع آخر وقد أفردها الناس بمصنفات كالبيهقي وغيره.

نعم وأبي نعيم والماوردي له دلائل النبوة وأعلام النبوة ألفوا في هذا الشيء الكثير وفي ثنايا كتب السيرة أشياء، وهناك المعجزات قد ألف فيها كتب والشمائل وهي بحد ذاتها كتب دعوة من خلال أخلاقه وشمائله -عليه الصلاة والسلام- لا يجد الإنسان مفرا من أن يجد المحبة التامة لهذا الشخص محمد -عليه الصلاة والسلام- إذا قرأ في سيرته وشمائله -عليه الصلاة والسلام- والكتب موجودة منها المختصر المناسب للمستعجل ومنها المتوسط ومنها المبسوط إلى غير ذلك.

بل إنكار رسالته -صلى الله عليه وسلم- طعن في الرب تبارك وتعالى.

نعم، لأنه زعم أنه مرسل من الله- جل وعلا- واستمر على ذلك ثلاثا وعشرين سنة والله- جل وعلا- يؤيده وينصره في مواقفه كلها ومع ذلك يكون كاذبا عليه، هذا طعن في الله- جل وعلا- أن يؤيد وينصر من يكذب عليه، -عليه الصلاة والسلام-.

ونسبته إلى الظلم والسفه- تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- بل جحد للرب بالكلية وإنكار وبيان ذلك أنه إذا كان محمد عندهم ليس بنبي صادق بل ملك ظالم فقد تهيأ له أن يفتري على الله ويتقوَّل عليه ويستمر حتى يحلل ويحرم ويفرض الفرائض ويشرع الشرائع وينسخ الملل ويضرب الرقاب ويقتل أتباع الرسل وهم أهل الحق ويسبي..

هم أهل الحق لو لم تنسخ شرائعهم، ولو لم يحرفوا هذه الشرائع هم في الأصل أهل الحق، لكن مادام نسخت شرائعهم بشريعته -عليه الصلاة والسلام- انتهى أمرهم، فيُدعون إلى الإسلام وإلى اتباعه -عليه الصلاة والسلام- والإيمان به إن أجابوا وإلا ضربت رقابهم.

ويسبي نساءهم ويغنم أموالهم وديارهم ويتم له ذلك حتى يفتح الأرض وينسب ذلك كله إلى أمر الله له به ومحبته له والرب تعالى يشاهده وهو يفعل بأهل الحق وهو مستمر في الافتراء عليه ثلاثًا وعشرين سنة وهو مع ذلك كله يؤيده وينصره ويعلي أمره ويمكن له من أسباب النصر الخارجة عن عادة البشر وأبلغ من ذلك أنه يجيب دعواته ويهلك أعداءه ويرفع له ذكره هذا وهو عندهم في غاية الكذب والافتراء والظلم فإنه لا أظلم ممن كذب على الله وأبطل شرائع أنبيائه وبدلها وقتل أولياءه واستمرت نصرته عليهم دائمًا والله تعالى يقره على ذلك ولا يأخذ منه باليمين ولا يقطع منه الوتين فيلزمهم أن يقولوا لا صانع للعالم ولا مدبر ولو كان له مدبر قدير حكيم لأخذ على يديه ولقابله أعظم مقابلة وجعله نكالاً للصالحين إذ لا يليق بالملوك غير ذلك فكيف بملك الملوك وأحكم الحاكمين.

يعني لو قُدِّر هذا في الملوك من أهل الدنيا من اتخذ وزيرًا يعينه على الملك، هذا في الأصل وينصح له، ثم صارت سيرة هذا الوزير بالعكس تمامًا يكذب عليه وينصب ويؤذي الناس باسمه ويتسلط عليهم باسمه ويلبس عليهم ويثير الناس عليه وهو ساكت سنين ماذا يقال في هذا الملك؟ هذا ليس بملك هذا لا شك أنه إما مختل العقل وإما أنه دعي ليس بملك إنما موضوع صورة أمام الناس وليس بملك في الحقيقة، وقد وجد من نصب كالتمثال أمام الناس هذا موجود في القديم والحديث، يوجد من يتخذ ذريعة وتفعل الأفاعيل باسمه وهو مجرد رسم لا يحرك ساكنا والتصرف بيد غيره هذا لا يستحق أن يسمى ملكا.

طالب: .................

من هو؟

طالب: .................

إيه لكن التغلب والتسلط كله بأمر الملك ما يتغلبون على خلاف مراده، والتسلط من قبل بعض الجهات على بعض إن كانوا كفارا فبسبب ما كسبت أيديهم كما هو معلوم، وإن سلطت أمة مسلمة على كافرة فهذا هو الأصل وهذه السنة الإلهية لتدخلها في دين الله، وإن كان العكس فبسبب إعراض الأمة المسلمة عما أُمرت به وتخليها عن دينه فهذه قوارع يحتاج إليها المسلمون في كل فترة من الفترات إذا أعرضوا عن دينهم ليردوا إلى جادة الصواب.

ولا ريب أن الله تعالى قد رفع له ذكره وأظهر دعوته والشهادة له بالنبوة على رؤوس الأشهاد في سائر البلاد ونحن لا ننكر أن كثيرًا من الكذابين قام في الوجود وظهرت له شوكة ولكن لم يتم أمره.

ظهر كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يوجد ثلاثون دجالون كذابون كلهم يزعم أنه نبي ومنهم من طالت مدته وكثر أتباعه لكن في النهاية اكتشف أمره واضمحل وزال وزالت دعواه وبان للناس كذبه، ومنهم من قضي عليه في وقته حتى أن بعض النساء ادعت النبوة.

ولكن لم يتم أمره ولم تطل مدته بل سلط الله عليه رسله وأتباهم فقطعوا دابره واستأصلوه هذه سنة الله التي قد خلت من قبل حتى إن الكفار يعلمون ذلك.

يعني من المقعَّد والمستقر في عند أهل العلم أنه لا يستطيع إنسان أن يكذب على الناس طول الوقت، لا يستطيع أن يكذب على جميع الناس ولو في وقت يسير لا بد أن يُكذّب، ويستطيع أن يكذب على جمع من الناس يعني يتبعه أناس يصدقونه إلى أن يموت ويرثه جيل آخر كما هو في رؤوس المبتدعة البدعة المكفرة، استطاع بعضهم أن يكذب ويلبس على بعض الناس لا على جميع الناس وطالت المدة، أما من يستطيع أن يكذب على جميع الناس ويروج عليهم الإشاعات فهذا لن تطول مدته قطعًا، فلا يجتمع الجمع مع طول المدة، قد يحصل على نفر يسير وتطول المدة وهذا موجود في رؤوس المبتدعة المرتزقة كما هو شأن رؤوس الجهمية ورؤوس الرافضة وغيرهم، كذبوا على الناس وروجوا عليهم ودجلوا وسبب ذلك أنهم مسرتزقون، لكن ليس على جميع الناس، لا بد أن يكون في جمهور العالمين من يكذبهم ويكشف دجلهم لكن يلبسون على الغوغاء أما من استطاع أن يروج شائعة فلن تطول مدته قطعًا.

قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِين}[الطور:30-31].

هم يتربصون ينتظرون ريب المنون التي تكشف واقعه وتقضي عليه وتقطع دابره -عليه الصلاة والسلام- على زعمهم.

أفلا تراه يخبر أن كماله وحكمته وقدرته تأبى أن يقر من تقول عليه بعض الأقوايل بل لا بد أن يجعله عبرة لعباده كما جرت بذلك سنته في المتقوِّلين عليه وقال تعالى:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}[الشورى:24] وهنا انتهى جواب الشرط ثم أخبر خبرًا جازمًا غير معلق أنه يمحو الباطل ويحق الحق وقال تعالى {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ}[الأنعام:91] فأخبر سبحانه أنه من نفى عنه الإرسال والكلام لم يقدره حق قدره وقد ذكروا فروقًا بين النبي والرسول وأحسنها أن من نبأه الله بخبر السماء إن..

إن أمَره.

إن أمَره أن يبلغ غيره فهو نبي رسول وإن لم يأمره أن يبلغ غيره فهو نبي وليس برسول فالرسول أخص من النبي فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها فالنبوة جزء من الرسالة إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف الرسل فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرِهم بل الأمر..

وغيرَهم وغيرَهم.

أحسن الله إليك.

فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرَهم بل الأمر بالعكس فالرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها وإرسال..

يقول المؤلف ذكروا فروقًا بين النبي والرسول فذكر الفرق المشهور بين أهل العلم، وهو أن النبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، وأورد عليه بأن الأنبياء يدعون الناس فليسوا بأقل شأنًا من الدعاة الأتباع الذين يبلغون رسالات الله، وإلا فآدم عليه السلام الذي لم يقل أحد إنه رسول وفي حديث الشفاعة لما جاؤوا إلى نوح أنت أول الرسل ومع ذلك دعا أولاده ما تركهم من غير دعوة وغير ذلك، فلوحظ على هذا التفريق، ومنهم من يقول أن الرسول من يأتي بشرع جديد، والنبي يأتي شرعه مكملا لشرع من سبقه، لكن أورد عليه مثل عيسى عليه السلام الذي كمّل شريعة موسى، ومنهم من يقول الرسول من بعث إلى قوم مكذبين بشرع جديد والنبي يبعث إلى قوم موافقين يجدد لهم دينهم إلى غير ذلك من الأقوال شيخ الإسلام له كلام في النبوات ذكر في التعليق عندك هو والا..؟

إيه نعم.

اقرأه.

ويرى شيخ الإسلام في كتاب النبوات أن النبي هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول وأما إذا كان يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول..

يعني يخرج بذلك عيسى عليه السلام أنه أرسل برسالة مكمِّلة لشريعة موسى ليست بمستقلة لكنها متممة ومع ذلك أرسل إليهم وأمر بتبليغ هذه الرسالة إلى قومه الذين هم بعد موسى عليه السلام، فهو رسول ولا يرد عليه ما جاء في الإيرادات على التعريف الذي قبله.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}[الحج:52] وقوله {مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ}[الحج:52] فذكر إرسالاً يعم النوعين وهو قد خص أحدهما بأنه رسول فإن هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بُعث إلى أهل الأرض وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس عليهما السلام وقبلهما آدم كان نبيًا مكلمًا، قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين به كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه.. ما يبلِّغه العلماء عن الرسول وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالِم الذي يفهم.. الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهّم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود فالأنبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره ونهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله به من الخبر والأمر والنهي فقوله {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ}[الحج:52] دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولاً عند الإطلاق لأنه لم يرسَل إلى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق كالعالِم ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «العلماء ورثة الأنبياء» وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فإن يوسف كان رسولاً وكان على ملة إبراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون {وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً}[غافر:34] وقال تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:163]

يقول المؤلف رحمه الله بعد ذلك فالرسول أخص من النبي فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها؛ لأنها لا تختص بالمرسل كما تختص النبوة بالمنبأ بل تتعداه إلى غيره، فهي أعم من حيث المتعلَّق ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها فالنبوة جزء من الرسالة لأن الوظيفة تنقسم إلى قسمين وحي فيه شرع وأيضًا هذا الوحي أرسل به إلى غيره، فالنبي له منها القسم الأول والرسول له قسمان، فالنبوة جزء من الرسالة إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف الرسل فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم بل الأمر بالعكس، فالرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها؛ لأنا إذا اعتبرنا كما جاء في حديث أبي ذر أن الأنبياء جمع غفير مائة وأربعة عشر ألف أو أكثر أو أقل، والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر كلهم داخلون في العدد الكبير لأنهم كلهم أنبياء وزيادة، بينما الأنبياء الجم الغفير لم يرسل إلى قومهم منهم إلا النزر اليسير الذين هم الرسل.

وإرسال الرسل من أعظم نعم الله على خلقه وخصوصًا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين}[آل عمران:164].

وأي منة أعظم من الله- جل وعلا- على الخلق ببعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا أعداء متناحرين يقتل بعضهم بعضًا ولا يأمن بعضهم على نفسه من بعض، ثم جاء الله بهذا الرسول النبي الأمين الذي وحد كلمتهم وجمع صفهم وجعلهم إخوة هذه أعظم المنن وأعظم النعم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107] وإذا كان وجود العالم رحمة بين الناس والآجري في أخلاق العلماء مثّل لوجود العالم بين الناس بقوم ساروا في طريق مهلكة فيها أودية وسباع وحيّات وعقارب في ليلة مظلمة، يسيرون تائهين إن سلم من السبع ما سلم من الشجرة، ما سلم من الحية، ما سلم من كذا، والناس سائرون في هذا الخندق وفي هذا الوادي وفي هذا الشعيب، ثم يأتي شخص لهم معه بسراج مصباح وينور عليهم ويمشي بهم إلى أن يخرجوا من هذا الوادي هذا ما له عليهم معروف ما له عليهم فضل أليس نعمة أرسله الله عليهم؟! يقول هذا العالم بينهم فكيف بالرسول اللهم صل على محمد..

وقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107] قوله وأنه خاتم الأنبياء قال تعالى {وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب:40].

نعم هو الشيء الذي يشد على ما يحتاج إلى شد بحيث لا يزاد عليه ولا ينقص منه، مثل الختم الختم على الكتاب من أجل ماذا؟ أن يؤمن من أن يزاد عليه ويزور فيه، الله جل وعلا ختم الرسالات بمحمد -عليه الصلاة والسلام- فلا نبي بعده.

وقال -صلى الله عليه وسلم- «مَثلي ومثل الأنبياءَ كمثل قصر».

الأنبياءِ مثل الأنبياءِ.

«مَثلي ومثلُ الأنبياءِ كمثل قصر أحسن بنيانه وترك منه موضع لبنة فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنائه إلا موضع تلك اللبنة لا يعيبون سواها فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة ختم بي البنيان وختم بي الرسل» خرجاه في الصحيحين.

يعني خرجاه بمعناه وإلا هذا ليس لا البخاري ولا مسلم.

وقال -صلى الله عليه وسلم- «إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميّ وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي».

يعني الذي يأتي عقب الناس يعني بعدهم والمراد بهذا الأنبياء والرسل.

وفي صحيح مسلم عن ثوبان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..

في الحديث الصحيح في البخاري ومسلم وغيرهما في صحيفة همّام نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، نحن الآخرون يعني بالنسبة للأمم، ونبينا آخر الأنبياء -عليه الصلاة والسلام- لكننا يوم القيامة نحن السابقون.

وفي صحيح مسلم عن ثوبان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «وإنه سيكون من أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم الأنبياء وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي» الحديث ولمسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجد وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون».

الخصائص التي خص بها النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن بعده أمته لشرفه وكرمه على الله جل وعلا كثيرة وأُلفت فيها الكتب ومن أوسعها الخصائص النبوية للسيوطي مطبوع في ثلاثة مجلدات، ومنها ما ذكر في الحديث الصحيح «فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم» يعني الكلام المختصر المفيد المشتمل على معاني كثيرة «ونصرت بالرعب» جاء أن مسافة الرعب الذي نصر به -عليه الصلاة والسلام- شهر وجاء بلفظ شهرين وبعضهم قال للجمع بينهما شهر مسافة الذهاب وشهر مسافة الإياب فلا اختلاف، ولورثته من العلماء الربانيين والعلماء العاملين نصيب من هذا الرعب، كم من كبير وكم من وجيه وكم من أمير وكم من وزير وكم من خطير وكم من ملك من ملوك الدنيا إذا أقبل عليه العالم ارتعدت فرائصه، وقد يكون من الظلمة العتاة أصحاب الجيوش الجرارة إذا أقبل عليه العالم ارتعدت فرائصه وضاعت مراجله وأصيب بالرحضاء في عز الشتاء، انظر إلى وضع هارون الرشيد من أعظم ملوك الدنيا ومن أقربهم إلى الحق والعمل انظر موقفه مع سفيان الثوري، وانظر موقف فلان وفلان مع عطاء لما جاؤوا إلى الحج والتقوا بعطاء، عطاء فيه جميع العاهات يُحمل وذكروا في أوصافه أشياء لو تراه فزعت بالليل، ومع ذلك إذا رآه الملوك ارتعدت فرائصهم وجلسوا بين يديه كالأطفال؛ لأنه استحق هذا النصيب من نصرت بالرعب بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في العلم والعمل فورث منه هذه الصفة، بينما العالم إذا ضيَّع أمر الله ضاع بين الناس وصار لا قيمة له.

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم

 

ولو عظموه في النفوس لعُظما

«وأحلت علي الغنائم» كانت الغنائم في الأمم السابقة تنزل عليها النار فتأكلها إذا كانت مقبولة، أما عندنا فتوزع على الغانمين «وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة صلى حيثما كان» يتيمم إذا لم يجد الماء طهور، ويصلي في مكانه بينما كانت الأمم السابقة إذا صلوا لا يصلون إلا في أماكن عباداتهم، خص من ذلك المقبرة والحمام وما جاء الاستثناء به وإن كان رأي ابن عبد البر ويؤيده ابن حجر أن الخصائص لا تقبل التخصيص، يصلي في أي مكان شريطة أن يكون طاهرًا لأن الخصائص لا تقبل التخصيص؛ لأن التخصيص تقليل لهذا الشرف الذي خُص به النبي -عليه الصلاة والسلام- والمرجح عند عامة أهل العلم أن ما جاء الدليل بإخراجه من هذا النص فلا مانع من إخراجه فلا صلاة بمقبرة «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها».

طالب: .............

حق الله أعظم بلا شك لأنه إذا راعينا حق الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما في كلام ابن عبد البر وابن حجر فإننا حينئذٍ قد أهملنا ما يتعلق بحق الله جل وعلا من حماية جناب التوحيد، إذا قلنا الصلاة في المقبرة ما فيها شيء لأن النهي إنما هو لأنه وسيلة للشرك «وأرسلت إلى الخلق كافة» كان النبي يبعث إلى قومه والنبي -عليه الصلاة والسلام- بعث إلى الأحمر والأسود إلى الجن والإنس وغيرهم «وخُتم بي النبيون» فلا نبي بعده -عليه الصلاة والسلام-.

قوله وإمام الأتقياء الإمام الذي يؤتم به أي يقتدون به والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما بعث للاقتداء به لقوله تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}[آل عمران:31] وكل من اتبعه واقتدى به فهو من الأتقياء.

هو من الأتقياء وأهل لأن يقتدى به لاقتدائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فالعالم القدوة هو الذي يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ومن حاد عن الطريق لا يستحق أن يقتدى به وإن كان المفترض في العالم ألا يكون معصومًا بعد إذا خرج في مسألة أو مسائل لا يقتدى به فيها وبقية المسائل التي اقتدى بها وحقق فيها ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- فإنه يقتدى به والله أعلم.

 

اللهم صل على محمد...

"