تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (23)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- "وقد اختلف الناس في المرسل" المرسل بتعاريفه السابقة ما رفعه التابعي أو التابعي الكبير أو ما حصل في إسناده خلل أي سقط، بمعنى أنه لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه اختلف العلماء في الاحتجاج به، فمالك وأبو حنيفة يرون الاحتجاج بالمرسل، وأكثر مالك في موطئه من المراسيل، وكذلك الحنفية يحتجون بالمرسل، والشافعي يحتج به بشروط أربعة، وأحمد يعده من قسم الضعيف وهو الذي استقر عليه العمل عند أهل العلم.

واحتج مالك كذا النعمان

 

 

 

به وتابعوهما ودانوا

 

فالاحتجاج بالمرسل هو من قسم الضعيف عند جمهور أهل العلم وهو الذي استقر عليه العمل لماذا؟ لأن الساقط مجهول والراوي الذي يرفعه للنبي -عليه الصلاة والسلام- تابعي ويحتمل أن يكون هذا التابعي رواه عن تابعي آخر، والتابعي عن تابعي آخر، ومعلوم أن طبقة التابعين فمن دونهم فيهم القوي وفيهم الضعيف، ومادام هذا الاحتمال قائما وموجودا فإنه لا يؤمَن أن يكون في رواة هذا الحديث ممن لم يصرح به راو ضعيف، قد يقول قائل أن التابعين يرون عن الصحابة نعم جل رواية التابعين عن الصحابة لاسيما الكبار، لكن قد يروي التابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي وقد وجد في حديث واحد ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في حديث يتعلق بسورة الإخلاص مخرج عند النسائي وغيره، وفيه جزء للخطيب البغدادي وهو أنزل إسناد في الدنيا كما قال النسائي وغيره، قال "واختلف الناس في المرسل فقيل تقبل مراسيل أئمة الحديث الموثوق بهم المعروف تحريهم" مراسيل أئمة الحديث، هذا على القول بأن المرسل ما سقط من إسناده راو من أي موضع كان، فإذا أرسله إمام من أئمة الحديث يقبل؛ لأنه على حد هذا القول قد ضمن من أبهم، ولا يمكن أن يغش الأمة بالرواية عن الضعيف ثم يسقطه؛ لأنه إمام موثوق به معروف تحريه "وقال الشافعي يقبل المرسل ممن عرف أنه لا يرسل إلا عن ثقة" هذا قال به الشافعي وقال به جمع، وبعضهم يقول إذا قال جميع شيوخه ثقات ولم يسم واحدا منهم فإنه يقبل منه هذا التوثيق على الإبهام، وإذا قال حدثني الثقة قُبِل منه عند بعض أهل العلم ولكن الأكثر لا يقبلون التعديل على الإبهام حتى يصرح باسمه ليعرف هل هو في الحقيقة ثقة أو ليس بثقة، والشافعي نفسه يقول حدثني الثقة ويقصد بذلك إبراهيم بن أبي يحيى وعامة أهل العلم على تضعيفه بل ضعفه شديد عند أهل العلم، فلا بد أن يصرح باسمه ثم يوثقه ليُنظر فيه هل هو ثقة عند غيره أو لا، "لا يرسل إلا عن ثقة كابن المسيب" والشافعي- رحمه الله- يقول: إرسال ابن المسيب عندنا حسن، ثقة بابن المسيب وإمامته وديانته وتحريه، ومنهم من يقول أنه نظر في مراسيل سعيد بن المسيب فوجدها عن صهره أبي هريرة، أو جاء عن تعيين لكل واحد منهما شيخ! لا.. جاء عن..

طالب: .............

ثقتين نعم.

أو جاء عن ثقتين هذا خطأ في الكتاب "أو جاء عن ثقتين لكل واحد منهما شيخ غير شيخه" الشافعي يقول لا بد أن يأتي لهذا المرسل مرسل آخر يعضده يرويه غير رجال المرسل الأول، لا بد أن يكون لهذا المرسل ما يسنده عند الإمام الشافعي، إما حديث مسند موصول، أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، أو يفتي به عوام أهل العلم، هذا ما يعضد المرسل عند الإمام الشافعي، "أو قال بمقتضاه عوام من أهل العلم" ويقصد بذلك من العوم الكثرة لا يقصد بذلك العوام الذين ليس عندهم شيء من العلم، "وذلك كله بشرطين أحدهما أن يكون المرسِل من كبار التابعين رأوا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثانيهما أن يعتبر صحة حديث هذا المرسل بأشياء تفيد ظن صحته منها موافقته للحفاظ في سائر حديثه إذا كان إذا شرك أحدًا من الثقات لم يخالفه" يحصل له مخالفة للثقات هذا المرسِل "ومنها أن يكون إذا سمى من سمى لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن روايته" أن يكون ثقة أو يشترط قبل ذلك أن يكون من كبار التابعين الذين التقوا بكثير من الصحابة بحيث يغلب على الظن أن روايته عن الصحابة "الأمر الثاني أن يكون إذا شرك أحدا من الحفاظ لم يخالفه وأن يكون إذا سمى من روى عنه لا يسم إلا ثقة روى ذلك الخطيب في الكفاية وأبو بكر البيهقي في المذهب بإسناديهما الصحيحين عن الشافعي" لا نحتاج إلى الخطيب في الكفاية ولا البيهقي في المدخل، والكلام موجود في الرسالة للإمام الشافعي، "ذكره زين الدين فيما زاد على ابن الصلاح وفائدة قبول المرسل" ذكرنا الخلاف في المرسل ومن الأقوال الشاذة في الباب قول من قال إن المرسل أرجح من الموصول، هذا قول شاذ، ومنهم من قال إن المرسل مقبول عند جميع التابعين، يعني في الصدر الأول مقبول وأنه لم يعرف إنكاره حتى جاء الإمام الشافعي، وهذا ذكره ابن عبد البر في مقدمة التمهيد عن الطبري- رحمه الله- جميع التابعين، بل أجمع التابعون على قبوله وأنه لم يعرف الخلاف حتى جاء الإمام الشافعي، ومعلوم أنه ثبت عن ابن المسيب أنه لا يقبل المراسيل لا يقبل روايات التابعين، بل صرح بعضهم كالإمام أحمد أنه أفضل التابعين فكيف يقول أجمع التابعون مع مخالفة سعيد؟! نعم الكلام منقول عن الطبري وهو يرى أن قول الأكثر إجماع فلا يستدرك عليه بسعيد، "وفائدة قبول المرسل إذا أسند عن ثقات انكشاف صحته" يعني إذا وجدنا حديثا مرسلا وقلنا إنه يشهد له حديث موصول، قد يقول القائل لماذا نعنى بالمرسل والموصول يكفي؟ ما الفائدة من المرسل مع وجود الموصول؟ نقول يتبين لنا بالموصول أن المرسل صحيح فيكون في المسألة أكثر من دليل، وإذا عارضهما مسند آخر كانا أرجح منه، قال "وذهبت الزيدية والمالكية والحنفية إلى قبول المرسل وخالف في ذلك أكثر المحدثين واحتج أصحابنا في ذلك بوجوه" يعني احتج من احتج من يقول بقبول المراسيل والعمدة في هذا على مالك وأبي حنيفة وأما الزيدية فلا اعتبار بقولهم لا في الوفاق ولا في الخلاف كما نص على ذلك أهل العلم "واحتج أصحابنا في ذلك بوجوه الأول الإجماع وهو إجماع الصحابة وإجماع التابعين أما إجماع الصحابة فلأنه اشتهر فيهم وظهر وشاع ولم يُنكَر من ذلك أن البراء بن عازب قال في حضرة الجماعة ليس كل ما أحدثكم به سمعته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أنا لا نكذب، وروي عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لا ربا إلا في النسيئة» ثم قال أخبرني بذلك أسامة بن زيد ذكر كله المنصور بالله قال في الصفوة والشيخ أحمد في الجوهرة" استدلاله بصنيع هؤلاء الصحابة على من قال برد المراسيل استدلال ساقط لماذا؟ لأن من لا يقبل المراسيل ومن رد المراسيل وهم جمهور العلماء بعد عصر الأئمة، الذين قالوا برد المراسيل يستثنون من ذلك مراسيل الصحابة فهي مقبولة عندهم ونقل بعضهم عليها الإجماع.

أما الذي أرسله الصحابي

 

 

 

فحكمه الوصل على الصواب

 

فالرد بمراسيل الصحابة لا يتجه ولا وجه له "قلت ومن ذلك حديث أبي هريرة في فطر من أصبح جنبا قوله وقوله حدثني به الفضل بن عباس وقد قيل إن أكثر رواية ابن عباس كذلك لصغر سنه وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعم أكثر مرويات ابن عباس مراسيل لصغر سنه، وبعض مرويات أبي هريرة مراسيل لتأخر إسلامه، وقد يروي الصحابي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصة لم يشهدها لأنه غاب في وقتها ومع ذلك هي من مراسيل الصحابة، فأخبار ابن عباس التي رواها بواسطة أحد الصحابة لصغر سنه، وأخبار أبي هريرة التي رواها بواسطة لتأخر إسلامه أو من غاب عن واقعة ولم يشهدها كلها من مراسيل الصحابة التي أجمع العلماء على قبولها، ما خالف في ذلك إلا من شذ، الغزالي يقول أنه لم يثبت سماع ابن عباس من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا في أربعة أحاديث فقط وما عداها كلها بواسطة، ورد عليه ابن حجر بأنه ثبت عنده بأسانيد صحيحة وحسنة أكثر من أربعين حديثا يقول فيها ابن عباس سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول.. وهنا اللفظ لا يحتمل الواسطة "وأما إجماع التابعين فرواه العلامة محمد بن جرير الطبري حكاه عنه ابن عبد البر في مقدمة كتاب التوحيد" يرد على الطبري قول سعيد بن المسيب وهو من جلة التابعين من جلة التابعين والطبري يحكي إجماع التابعين وابن المسيب يخالف لكنه لا يرد على الطبري باعتبار أن الطبري يرى الإجماع قول الأكثر لا قول الجميع؛ ولذا تجدونه في تفسيره يقول قرأ فلان وفلان وفلان كذا وقرأ فلان كذا والصواب في ذلك عندنا قراءة فلان وفلان وفلان لإجماع القرأة عليها، هو ذكر المخالف فكيف يقول لإجماع القرأة؟ لأنه يرى أن الإجماع قول الأكثر "وقال البلقيني في علوم الحديث وذكر محمد بن جرير الطبري أن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المراسيل ولم يأت عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين" يعني حتى جاء الإمام الشافعي فوضع القيود الأربعة لقبول المراسيل، وكانت تقبل المراسيل قبل ذلك بدون شرط ولا قيد، لا حاجة للنقل عن البلقيني؛ لأنه موجود في كتاب ابن عبد البر وهو أعلى، "قال ابن عبد البر كأن جرير يعني أن الشافعي أول من أبى قبول المراسيل انتهى" هو الذي جاء على رأس المائتين "وروى البلقيني قبول المراسيل عن أحمد بن حنبل في رواية" لأنه من أصوله قبول الضعيف إذا لم يكن في الباب غيره؛ لأنه عنده أقوى من آراء الرجال "في رواية وعدها من زوائد فوائده الوجه الثاني أن الأدلة الدالة على التعبد بخبر الواحد لم تفصل بين كونه مرسلا أو مسندا" التعبد بخبر الواحد لا بد أن يكون هذا الخبر مقبولا تتوافر فيه شروط القبول وإذا وُجد الانقطاع في السند اختل الشرط فلا يكون حينئذ مقبولا الوجه "الثالث أن الثقة إذا قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جازما بذلك وهو يعلم أن من رواه له مجروح العدالة كان قد أغرى السامع بالعمل بالحديث والرواية وذلك خيانة للمسلمين لا تصدر عن العدل" خيانة للمسلمين لا تصدر عن العدل، أي أن المسألة مفترضة في عالم ثقة كيف يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو لم يثبت عنده؟! نقول هذا إلزام بغير لازم وإلا لقلنا لماذا يروي الإمام مالك أحاديث ضعيفة في موطئه؟ ولماذا يروي الإمام أحمد أحاديث ضعيفة بل قال بعض أهل العلم بأنها موضوعة في مسنده؟! ألا يكون غش الأمة بهذا؟ هذا إلزام بغير لازم فقد يقوله من باب استيعاب ما في الباب، والعلماء يذكرون ما وقع لهم من الأحاديث مروية بأسانيدهم ولا يشترطون الصحة كما اشترطها البخاري ومسلم "ولهذا قبل المحدثون ما جزم به البخاري من التعاليق على أصح الأقوال" قبل المحدثون ما جزم به البخاري من التعاليق على أصح الأقوال لماذا؟ لأن البخاري اشترط الصحة والأمة تلقت الكتاب بالقبول لا يوجد أحد شكك من أهل العلم حتى قال بعض الأئمة أنه لو حلف شخص بالطلاق أن جميع ما في البخاري صحيح ما حنث، تلقته الأمة بالقبول دون غيره من الكتب، يعني البخاري ومسلم تلقتهما الأمة بالقبول فيُحمل ما روي فيها معلقا على أنه متصل، مع أنه بالفعل بُحث عن هذه الأحاديث المعلقة في صحيح البخاري فوجدت متصلة، ومعلوم أن عدد المعلقات ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين حديثا كلها موصولة في الصحيح، هذه المعلقات التي أسقط البخاري بعض رواتها كلها موصولة في الصحيح ما عدا مائة وستين حديثا من ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين، أو أربعة وأربعين، ليست موصولة، أما الموصول في الصحيح فلا كلام فيه، لا نحتاج أن نتكلم في معلقات الصحيح الموصولة في الصحيح، لكن الكلام في المائة وستين أو مائة وتسعة وخمسين، هذه تتبعت ووصلت من قبل الشراح، وأفرد ابن حجر كتابا وصل فيه هذه الأحاديث المعلقة أسماه تغليق التعليق قال "واعتذر المحدثون عن هذه الحجج أما إجماع الصحابة فلم يسلموا علمهم الجميع وسكوتهم عن رضى" يعني لم يصرح الصحابة كلهم بهذا "ولم يسلموا أنهم علموا أن جميع الصحابة علموا بذلك ولا أنهم رضوا بذلك وإن سلّموا فلا حجة في ذلك لوجهين أحدهما أن قبول مراسيل الصحابة مجمع على جوازه" وهذا الذي أشرنا إليه سابقا "مجمع على جوازه ممن روى الإجماع عليه ابن عبد البر في تمهيده ذكره في حديث ابن عمر في المواقيت وثانيهما أن المرسل في ذلك الزمان لم يكن أن المرسِل في ذلك الزمان لم يكن يرسِل إلا عن عدل ألا ترى أن ابن عباس وأبا هريرة أخبر عمن أرسل كيف إلى أسندا الحديث إلى عدلين وإن جوزنا إسناد الرواية إلى غير عدل في ذلك الزمان فذلك نادر" لا يمكن أن يروي الصحابي حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بواسطة تابعي غير ثقة لا يمكن، "والنادر غير معتبر ولا يجب الاحتراز منه لأنه مرجوح بل قال ابن سيرين إنهم لم يكونوا يبحثون عن الإسناد حتى ظهرت البدع وحافظوا على الإسناد ليعرفوا حديث أهل السنة من حديث أهل البدعة وإذا ثبت إجماع الصحابة على قبول مراسيل أهل ذلك العصر لم تكن حجة عامة على قبول كل مرسل بيانه أنه احتجاج بفعل والفعل لا عموم له وهذا سؤال وارد فلعل الصحابة لو رأوا ما حدث في الناس من التساهل في رواية الحديث لبحثوا أشد البحث فقد روى مسلم عن ابن عباس أنه سمع رجلا يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم ينظر إليه فقيل له في ذلك فقيل إنا كنا إذا سمعنا حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصغينا إليه فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف رواه مسلم في مقدمة صحيحه الثاني وهو أن أدلة قبول الآحاد عامة للمراسيل والمسانيد فغير مسلم بل هي متناولة لقبول الصدر الأول ومن كان على مثل صفتهم أما الإجماع فهو على قبولهم وكذا قبول رسل النبي -صلى الله عليه وسلم- المبعوثين إلى الآفاق وكذا قبوله -صلى الله عليه وسلم- الآحاد وقبول الصحابة لهم وكذا الدليل العقلي مقصور على ما يثمر الظن والمراسيل عند المخالف لا تثمر الظن الراجح على الإطلاق" حينما يصرح أهل العلم ويجمع أهل السنة على قبول أخبار الآحاد فمرادهم بذلك المقبول منها، المقبول من أخبار الآحاد هو الذي يجمع أهل السنة على قبوله، أما المردود لضعف في راويه لضعف في الراوي أو إسقاط في سنده أو خلل في أي شرط من شروط قبوله فلا يدخل فيما ذكره أهل السنة من إجماعهم على قبول أخبار الآحاد "وإن أثمر بعضها فهو مقبول بالاتفاق كما سيأتي وإنما وقع الخلاف فيما يثمر وفيما يرتقي إلى مرتبة أخبار الآحاد التي قبلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأما الوجه الثالث وهو حمل الراوي على السلامة والقول بأن عدم القبول تهمة بقبيح فهذا مبني على أصلين أحدهما قد انكشف خلافه وثانيهما متنازع فيه فأما الأول فهو أن المحدثين قالوا إن الحمل على السلامة يزول متى انكشف خلافه قالوا ونحن جربنا وسألنا الثقات عما أرسلوا فاختلف أحوال الثقات فمنهم من أسند الرواية إلى من لا يرضاه المرسِل ولا غيره ومنهم من أسند الرواية إلى من يقبله وغيره لا يقبله فقد وقع الاختلاف في الجرح والتعديل كثيرا ومنهم من أسند الرواية إلى ثقة مقبول" قال "فلأجل الاختلاف" يعني بعضهم وهو ثقة من أهل العلم أرسل حديثا فقيل له من حدثك به فسمى شخصا ضعيفا عنده وعند غيره، فهل يقال مثل هذا الكلام مع وجود مثل هذا الجواب؟ سئل عمن يروي هذا الحديث فأخبر أو فذكر شخصا هو عنده وفي تقديره وفي ميزانه ثقة لكنه عند غيره غير ثقة فلا يلزم غيره بقبول بتعديله، هو إذا خالف غيره، ومنهم من سمى ثقة ومادام هذه الاحتمالات موجودة فلا مجال لقبول الخبر المرسل لاسيما وأن القول وإحسان الظن بالأئمة أنهم لا يروون عن ضعيف نقول الواقع يشهد بخلافه، رووا عن الضعفاء؛ لأنهم لم يلتزموا الصحة، فالإمام أحمد على جلالته وإمامته وورعه وحفظه وإتقانه وضبطه ومعرفته وبصره بالأحاديث والرجال وقع في مسنده أحاديث كثيرة ضعيفة، وقل مثل هذا في بقية الكتب ما عدا البخاري ومسلم، قالوا "فلأجل اختلاف أحوال الثقات لم نأمن أن يكون المرسَل أو المرسِل ممن يرسِل عن الضعفاء بمرة" يعني ضعفه شديد فاحترزنا وتركنا الجميع من باب الاحتياط للسنة، وهذا هو السبب في رد رواية المجهول احتياطا للسنة، من ذلك مجهول الحال الذي لم يذكر فيه جرح ولا تعديل، ومجهول العين الذي لم يرو عنه إلا راوٍ واحد، ومجهول الذات الذي لم يسم أصلا كل هؤلاء يردون من باب أننا لا نعرف أعيانهم، وقد أمرنا بالتوقف إذا كان الراوي فاسقا والذي لا نعلم عدالته احتمال الفسق وارد فيه، فعلينا أن نتبين وعلينا أن نتثبت، "وأما الأصل الثاني وهو قول أصحابنا إن عدم القبول تهمة للمرسِل بقبيح فهو أيضا يشتمل على نقض لجواب المحدثين المتقدم فلنقدم تحريره ثم نورد عذر المحدثين فيه، أما النقض الوارد عليهم فلأصحابنا أن يقولوا قولكم أن في العدول من بُحث فأسند إلى من لا يُقبل " قيل له من حدثك قال فلان فإذا فلان شخص غير مقبول "غير مسلَّم فإننا ننازع في عدالة من فعل هذا" الذي أرسل عن راوٍ غير ثقة نقول هذا غير ثقة، لكن وما يدرينا أنه أرسل عن ثقة أو غير ثقة حتى نتثبت منه ثم يحصل على ذلك في هذه المسألة الدور، لا نعرف أنه غير ثقة حتى يسمي لنا من روى عنه وهو غير ثقة، والأصل أننا افترضنا فيه الثقة فنقبل روايته عمن أرسل كائنا من كان هذا دَور "وجواب المحدثين على هذا أنهم لا يسلمون إطلاق اسم القبيح على مثل هذا لأن هذه مسألة ظنية مختلف فيها فللمرسِل أن يعتقد أن المرسِل أن المرسَل غير مقبول وأن على من سمعه البحث فإن جاء بلفظ التمريض والبلوغ فظاهر فإنه يصدَّق فيه

طالب: .............

التمريض؟ يعني يقال يُروى أو يُذكر أو يُقال أو رُوي هذه صيغ التمريض، أو قال بلغني كذا "فظاهر فإنه يُصدَّق فيه" يُصدَّق فيه لكن يُصدَّق فيه على جهة القبول أو على جهة الرد؟ إذا قال يُروى فالأصل فيه أنه عن ضعيف؛ لأنه صيغة تمريض وحينئذ يرد "وإن كان الراوي له مجروحا والعنعنة قريب من ذلك في الاحتمال على أني لم أجد لأحد من أهل المذهب نصا أن هذا يسمى مرسلا" لأن ما جاء بصيغة التمريض أو بصيغة البلاغ ينازع ابن الصلاح في كونه معلقا، والكلام في المعلق هو الكلام في المرسَل عند المؤلف فيما اختاره أن المرسَل ما لم يتصل إسناده والمعلق نوع منه،

               وإن يكن أول الإسناد حُذِف      مع صيغة الجزم فتعليقا عُرِف

 مفهومه أنه إذا كان بصيغة التمريض أنه لا يسمى تعليقا؛ ولذا يقول "وإن كان الراوي له مجروحا قال والعنعنة قريب من ذلك في الاحتمال على أني لم أجد لأحد من أهل المذهب نصًّا أن هذا يسمى مرسلا" يعني لا يدخل في المرسل الذي هو في في الأصل يشمل المعلَّق وهو بصيغة التمريض، لكن الذي استقر عليه الاصطلاح أن المعلَّق ما حذف من مبادئ إسناده راوٍ أو أكثر سواء كان بصيغة التمريض أو بصيغة الجزم "وإن جاء بلفظ الجزم فقال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو الذي نص عليه أصحاب الأصول على تسميته مرسلا.

وإن يكن أول الإسناد حذف

 

 

 

مع صيغة الجزم فتعليقا عرف

 

"فالمحدثون اعتذروا عنه بأمرين أحدهما" يقول "ما ذكره قاضي القضاة" والمعلِّق ذكر أن المراد به عبد الجبار المعروف من رؤوس المعتزلة، وذكرنا فيما سبق النظر في مسألة التسمي بقاضي القضاة وأنه لا يجوز عند أهل التحقيق "أحدهما ما ذكره قاضي القضاة وهو أنه لا نسلم أن هذه الصيغة الجازمة تدل على ثقة المرسِل بصحة ما أرسله فإنه يجوز لمن ظن صحة الحديث أن يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني إذا جزم بنسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يلزم من ذلك أنه يثق بمن أرسله، لاسيما إذا كان متأخرا عن صور الرواية لأنه قد يخفى عليه الإسناد ويكون من محفوظه وفيه ما فيه، فيجزم بنسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال "ذكره عنه أبو الحسين في المعتمد" عند الكلام على الترجيح "ذكره عنه أبو الحسين في المعتمَد" أبو الحسين البصري وهو من رؤوس المعتزلة أيضا، وهذا يرجح أن المراد بقاضي القضاة عنده القاضي عبد الجبار؛ لأن أبا الحسين البصري وهو من أئمة المعتزلة ينقل عن القاضي عبد الجبار؛ لأنا شككنا فيما تقدم أن المراد بقاضي القضاة هو القاضي عبد الجبار لأنه قال من أصحابنا، والقاضي عبد الجبار ليس من أصحابهم بل هو من المعتزلة وإن كان الزيدية يشتركون مع المعتزلة في بعض وجوه البدعة "ذكره عنه أبو الحسين في المعتمد عند الكلام على الترجيح وعلى هذا لو ظن ذلك لو ظُن ذلك من خبر مجروح العدالة جاز له أن يقول ذلك، وإن لم يجز العمل" يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجزم بذلك وإن ظن أن في رواته من هو مجروح، لكن هذا تغرير ولام أهل الحديث كثيرا من الفقهاء الذين لا يميزون في الأسانيد ولا في الرجال ويحذفون الأسانيد ويجزمون بالنسبة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا موجود عند الفقهاء بكثرة، يجزمون قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحديث ضعيف، وقد يقولون يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيغة التمريض والحديث في الصحيحين وما ذلك إلا لجهلهم بمراتب الأحاديث "كما قد يجوز العمل حيث لا تجوز الرواية عند بعض العلماء كما سيأتي في باب الوجادة وهي العمل بالخط وذلك أن للعمل شرطا وللرواية شرطا فشرط العمل الظن الصادر عن أمارة لم يرد الشرع بالمنع من العمل بها ولا عارضها ما هو أرجح منها ولا مثلها على خلاف في المماثلة لها، وشرط الرواية عدم تعمد الكذب لا سوى وإليه الإشارة بحديث «من كذب علي متعمدا» هل جاز العمل أو لم يجز فقد يروي الثقة المنسوخ والمرجوح وعن الثقة والضعيف والمجروح بل قد صح حديث «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» فالتحديث يجوز عنهم لكن هل يجوز العمل بما يروى عنهم؟ العمل بما يروى عن بني إسرائيل إذا وُجد في شريعتنا ما يوافقه نعمل به لأنه مقَر من شرعنا وإذا وجد في شرعنا ما يخالفه فإنه حينئذ لا يجوز العمل به بحال، وإذا كان مسكوتا عنه من غير موافقة ولا مخالفة فمثل هذا يُذكر ولا يُعمل به إلا عند من يقول إن شرع من قبلنا شرع لنا والمسألة خلافية بين أهل العلم، "وقد يروي عن المجروح متقويا به ويعتمد على على عموم أو قياس أو الأصل وهو الإباحة والحظر على حسب رأيه في ذلك ولو لم يكن معه إلا الحديث الذي رواه لم يستجز العمل به أقصى ما في الباب أن تجوز هذا الضعيف عند الناظر فيه لكنا قد رأينا العلماء والثقات يذهبون إلى مذاهب ضعيفة ولأجل تجويز ذلك عليهم امتنع جواز تقليد المجتهد لهم بعد اجتهاده وامتنع الاحتجاج بأقوالهم" نعم الفقهاء لعدم علم كثير منهم بالسنة قد يحتجون بأحاديث ضعيفة، مع أنهم يتفقون على عدم العمل بالحديث الضعيف في الأحكام، لكن إذا بحثت ونظرت في أدلتهم وجدت منها الكثير من الأحاديث الضعيفة؛ ولذا يقرر جمع من أهل العلم أنه لا يجوز تقليدهم؛ لأنهم يعتمدون على أحاديث ضعيفة، لكن العامي على كل حال فرضه تقليد من تبرأ الذمة بتقليده، قال: "ولذلك كان المختار الذي صححه المنصور بالله وأبو طالب والجمهور أن الصحابي إذا قال قولا في أمر الشريعة لم يكن حكمه حكم المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومتى كان يحتمل وجها في الاجتهاد صحيحا أو فاسدا فجعلوا احتمال الوجه الفاسد مانعا من الجزم بنسبة القول إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم إذا قال الصحابي قولا للرأي فيه مجال فمثل هذا ليس بحجة، لكن إذا لم يكن للرأي فيه مجال فهو حجة عند أهل العلم وله حكم الرفع قال: "فمتى قدرنا أن قول الثقة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أنه مما يستجيزه الثقة إذا سمعه من مجروح يظن صدقه فيستحل بروايته الرواية دون العمل امتنع الجزم بصحته سواء كان هذا الاحتمال صحيحا في نظرنا نحن أو ضعيفا قالوا وكيف لا يجوز هذا وقد جربناه في حق كثير من الثقات والتجويز بعد التجربة ضروري لا يمكن الانفكاك عنه وإذا جاز هذا عليهم على جهة التأويل لم يكن جرحا فيهم؛ لأن المسألة إذا كانت ظنية فلا إثم عليهم" لأن المسألة اجتهادية لا يلزم فيها القطع ويكفي فيها غلبة الظن، "وهي كذلك ولو كان خطأ قطعيا فلا دليل على أنه فسق وذنب المتأول إذا لم يبلغ الفسق لم يدح به إجماعا هكذا ذكره أصحابنا وذلك مثل خطأ المعتزلة عندنا فثبت أنه يجوز على الثقة أن يستجيز إرسال الحديث عن المجروح وإنا لو عرفنا أنه فعله مستحلا لم نقدح في عدالته" هذه المسألة التي ذكرها مسألة من كبار المسائل وأن المجتهد يعمل بغلبة ظنه، وكأنه يشير إلى أن الاجتهاد يدخل في مسائل الاعتقاد كما يدخل في مسائل العمل؛ ولذلك قال "وذلك مثل خطأ المعتزلة عندنا" هل يُحتمل خطأ المعتزلة ولو كان قائله مجتهدا؟ يعني من قال أداه اجتهاده إلى القول بخلق القرآن مثلا هل نقول إنه معذور؟ مسائل الاعتقاد التي اتفق عليها سلف الأمة وأئمتها هذه لا يسوغ فيها الاجتهاد بحال، والمخالف فيها ملوم مذموم على كل حال، ولا يوافَق المؤلف على هذا، وأما المسائل العملية من الأحكام في أبواب العبادات والمعاملات والمناكحات والجنايات وغيرها من فروع الدين فإن الخلاف وقع فيها بين الصحابة بكثرة؛ ولذلك في حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ما جعل أهل العلم من خالف في مسألة فرعية من الثلاث من الثنتين والسبعين فرقة لماذا؟ لأن الخلاف موجود بين الصحابة في الأحكام لكن في الاعتقاد بين الصحابة خلاف؟ ليس بينهم خلاف وحينئذ لا يسوغ النظر في مسائل الاعتقاد بعد الصحابة، لا يسوغ النظر فيما أجمع عليه الصحابة من مسائل الاعتقاد، أما الخلاف في مسائل الفروع فقد حصل الخلاف بينهم، وإذا كان الناظر في المسألة من أهل الاجتهاد فإنه مأجور على كل حال فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد، "فثبت أنه يجوز على الثقة أن يستجيز إرسال الحديث على المجروح وإنا لو عرفنا أنه فعله مستحلا لم نقدح في عدالته" على كل حال هناك ما يسوغ فيه الاجتهاد والنظر وهناك ما لا يسوغ فيه الاجتهاد ولا النظر "الأمر الثاني سلمنا أن الثقة لا يصح على كل تقدير أن يستجيز الرواية إلا حيث يجوز العمل" يعني ألا يجوز رواية الخبر المنسوخ حديث «الماء من الماء» هذا في الصحاح وهو منسوخ ألا تجوز روايته؟ تجوز روايته وإن كان العمل به لا يجوز "سلمنا أن الثقة لا يصح على كل تقدير أن يستجيز الرواية إلا حيث يجوز العمل وإن ذلك لو فرض صدوره عنه كان قدحا في عدالته لكن ما المانع من أن يثق بمن لا نستجيز الرواية عنه لو صرح به مثل تجويزنا أن يروي عن مجهول وحديثه عنده مقبول" يعني إذا كان ممن يرى قبول خبر المجهول وروى عنه واستجاز الرواية عنه؛ لأنه تصح الرواية عنه، هل يلزمنا أو هل يُلزم بما عندنا من رد رواية المجهول؟ لو كان الراجح عنده، كما صنع الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند والترمذي في توثيق رواة ممن جمهور أهل العلم على تضعيفهم، لو قال الشيخ أحمد شاكر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي الإسناد عبد الرحمن بن أنعم الأفريقي أو ابن لهيعة أو ابن جدعان أو غيرهم ممن يرى الشيخ أحمد شاكر أنهم ثقات ونحن نرى أنهم ضعاف وجزم بذلك، جزمه لا يُلزِمنا بقبول الخبر، لكننا لا نلومه لأن اجتهاده أداه إلى توثيق هؤلاء، لا نلومه على الجزم؛ لأننا نخالفه في اجتهاده لكن لا نقبل منه حتى نطلع على الإسناد؛ لأن الشيخ أحمد شاكر متساهل في التوثيق في التصحيح في التضعيف قال "مثل تجويزنا أن يروي عن مجهول وحديثه عنده مقبول أو سيئ الحفظ مختلف فيه أو عن مجروح جهل هو جرحه" هو مجروح عند أهل العلم لكنه ما عرف أنه مجروح نقول مثل هذا لا يجوز له أن يجزم ولا يجوز له أن يقدم حتى يعرف حال هذا الراوي الذي لم يذكره، "وقد عرفنا نحن جرحه أنه عن مغفل قد استوى حفظه وسهوه ومذهبه قبوله مطلقا أو قبوله مع الترجيح أو نحو ذلك مما اختلف فيه فيؤدي إلى تقليد المجتهد لغيره في مسائل الاجتهاد وبناؤه لاجتهاده على تقدير على تقليد وهذا العذر الثاني أقرب من الأول والجواب عنه أصعب" الجواب عنه ليس بصعب يعني إذا كنا نختلف معه في القواعد التي احتكم إليها في تعديل الرواة فلنختلف معه في النتيجة التي توصل إليها، "وتلخيصه أن تصحيح الحديث أمر ظني نظري اجتهادي ولا يجوز للمجتهد أن يقلد غيره في نحو ذلك ويرد على المحدثين هنا سؤالان أحدهما أن يقول من عرف بالإرسال عن المجاريح كانت هذه علة مانعة من قبول حديثه وإن لم يكن قدحا مؤثرا في دينه كالصدوق المغفل بمرة، لكن الظاهر من الثقات أنهم لا يقولون قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غير طريق صحيحة ولهم أن يقولوا هنا ما تريدون بأن الظاهر أنهم لا يقولون ذلك من غير طريق صحيحة هل صحيحة عندهم فمسلَّم ولا يضر تسليمه أو صحيحة مجمع على صحتها فغير مسلم وجوابه متجه، ولهم أن يقولوا ما تريدون بالظاهر أنهم لا يقولون ذلك من غير طريق صحيحة" هل معناه أنها صحيحة عندهم أو عند الجميع إذا قالوا صحيحة عندنا قلنا لكم أن تجزموا بالنسبة وتحذفوا من أردتم حذفه، لكنكم لا تلزمون بقبول النتيجة، أما إذا قالوا أن هذا صحيح مجمع على صحته فنقول هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن فيه الراوي الذي ضعفه فلان وفلان وفلان وإن رجحتم توثيقه، "أو صحيحة مجمع على صحتها فغير مسلم وهو جواب متجه" "السؤال الثاني أن يقال إنكم قد جوزتم العمل بالحديث متى قال الثقة الحافظ أنه حديث صحيح وعلى هذا عمل المتأخرين" يعني هذا متى؟ إذا قال الحافظ أنه حديث صحيح وقد عرف باعتداله لا بتساهله فإنه يقبل، هذا على القول الذي رجحه ابن الصلاح والذي مفاده انقطاع التصحيح والتضعيف عند المتأخرين، لكن من يرى أن التصحيح والتضعيف باقي كغيره من مسائل الاجتهاد الذي لأهل النظر والأهلية أن ينظروا فيها ويحكموا على كل إسناد بما يليق به فإنه حينئذ لا يلزم العمل بتصحيح الغير ولو نص على تصحيحه لا يلزم قبوله ولا رده حتى يحكم عليه بما يليق به "وعلى هذا عمل المتأخرين وقد تقدم نصهم على جوازه مع أنه يحتمل أن يصحح الثقة الضابط حديث المجهول والصدوق المغفل إذا لم يتحقق أن خطأه أكثر من صوابه أو نحو ذلك مما اختلف فيه أهل العلم" أن خطؤه أكثر من صوابه، يعرف حفظ الراوي وضبط الراوي إذا عرضت أحاديثه على أحاديث الثقات فوجد موافقا لهؤلاء الثقات فيكون حينئذ يحكم له بالضبط، وإن وجد مخالفا لهم يحكم عليه بالخطأ وأنه سيئ الحفظ ولا يحكم له بأنه ضابط وحافظ لا، لكن ما الخطأ المغتفر والخطأ الذي لا يمكن قبوله؟ المؤلف جرى على طريقة الفقهاء والأصوليين وهو أن العبرة بالغالب، إذا كان الغالب الموافقة قلنا حافظ، إذا كان الغالب المخالفة قلنا ليس بحافظ، قال: "والمغفل إذا لم يتحقق أن خطأه أكثر من صوابه" فهو يوازن بين الخطأ والصواب، الذي ترجح كفته له الحكم إن كان الخطأ أكثر هذا حديثه يرد، إن كان الصواب أكثر حديثه يقبل، لكن هل أهل الحديث يعملون بمثل هذا؟ يعني لو أن شخصا يروي ألف حديث أخطأ في ثلاثمائة حديث على كلام المؤلف وهو الذي جرى عليه أهل الأصول أن الحكم للغالب حديثه مقبول، إذا أخطأ في ثلاثمائة حديث من ألف حديث حديثه مقبول، لكن عند أهل الحديث يقبل أو لا؟ لا يقبل بحال، هذا فاحش الخطأ يغتفرون الشيء اليسير أما الكثرة بالمئات هذه تغطي على ما ضبطه من أحاديث "ويكون حينئذ خطؤه فاحشا وإن لم يكن أكثر من صوابه فأهل الحديث ينظرون إلى الخطأ بغض النظر عن الصواب والفقهاء والأصوليون ينظرون إلى الخطأ مقارنا بالصواب" يقول "وجاز على الثقة الحافظ أن يذهب إليه فإذا جاز العمل به مع هذه الاحتمالات جاز العمل بحديث المرسل أو بحديث المرسِل مع تلك الاحتمالات ولهم أن يجيبوا فيقولوا أما قدماء الحفاظ فلم يُعرف عنهم بالنص أنهم كانوا يجيزون ذلك والصحيح أنه لا يكون العالم مجتهدا مع تقليده في تصحيح الأحاديث وإنما يكون مرجحا لا سوى" طيب مسألة الاجتهاد الجزئي والكلي والمطلق هذه مسألة لا شك أنها محل عناية لأهل العلم، فما معنى الاجتهاد الجزئي؟ وما معنى الاجتهاد المقيد؟ وما معنى الاجتهاد المطلق؟ الاجتهاد الجزئي أن يجتهد في مسألة بحيث يبحثها من جميع وجوهها ويتوصل فيها إلى القول الصحيح عنده بنفسه من غير تقليد أحد، والمقلد هو الذي يعمل بقول غيره من غير نظر في الدليل، الاجتهاد المقيد في إطار مذهب من المذاهب فيوجد عند الحنابلة مجتدون لكنه اجتهاد مقيد في المذهب، يختارون من روايات المذهب الراجح منها، ينظرون في الروايات ويرجحون وهكذا في بقية المذاهب، أما الاجتهاد المطلق، فالإطلاق بمعناه المطلق دونه خرط القتاد ما معنى هذا؟ يعني هذا أنك إذا بحثت مسألة فقهية تنظر في المسألة، تتصور المسألة، تبحث عن جميع أدلتها في الشرع من الكتاب والسنة والآثار وغير ذلك بنفسك بحيث لا يبقى عليك إلا ما تعجز عنه لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ثم تنظر في دلالات هذه النصوص على هذه المسألة ما تقلد أحدا في أن هذه الآية دلت على كذا لا، أو أن هذا الحديث يدل على كذا، لا تقلد في الأدلة ولا في وجه الاستدلال، ولا في ثبوت الأدلة، يعني ما تقول والله هذا الحديث صححه أحمد وابن معين إذًا أنت مقلد لأحمد وابن معين لا بد أن يكون الحديث صحيحا عندك، ثم وراء ذلك إذا كان الحديث صحيحا عندك بناء على ماذا؟ بناء على ثقة الرواة كلهم في نقدك أنت، ما تقول ابن معين وثق هذا الراوي وإلا تكون قلدت ابن معين في هذه المسألة فلم تخرج من ربقة التقليد بحال، لكن إذا بحثت عن الأدلة بنفسك ونظرت في وجوه الاستدلال بنفسك ما قلدت فلانا وفلانا أن هذه الآية تدل على كذا وهذا الحديث يدل على كذا، نظرت في صحة الأحاديث بنفسك ما قلدت أحدا قال إن الحديث صحيح وبنيت تصحيحك على النظر في الرواة كل راوٍ بعينه باجتهادك أنت، ما تقول لأن أحمد قال فلان ثقة أو لأن ابن معين قال فلان ثقة أو ما أشبه ذلك، الاجتهاد بهذا المعنى سهل أو صعب؟ لا تنظر إلى مسألة واحدة أو باب واحد من أبواب الدين انظر إلى العلم كله سهل أو صعب؟

طالب: ...............

نعم في غاية الصعوبة، ونحن نرى إطلاق كلمة المجتهد أو الحافظ أو المحدث أو الفقيه على طلاب علم قد تكون أحكامهم كلها مبنية على أحكام عالم واحد، يحتج بأحاديث يقول صححها فلان أو علان من غير نظر في أقوال الآخرين ومن غير موازنة بين أقوال هؤلاء العلماء ومن غير نظر إلى أقوالهم في رواة هذه الأحاديث، وليس معنى هذا أن باب الاجتهاد مسدود لا، الاجتهاد المطلق بمعنى الإطلاق هذا لا يتصور مثل ما شرحنا، يوجد في الأمة نوابغ يمكن أن يحيطوا بكثير من العلم الذي لا يستطيع أن يحيط به جمع من الناس هذا يوجد في الأمة، لكن لا يتاح مثل هذا لأكثر طلاب العلم، ومع ذلك على الإنسان أن يتقي الله ما استطاع في علمه وفي عمله، في علمه يحرص أن يكون معوله على الدليل إن استطعت ألا تحك رأس إلا بنص فافعل، لا تقلد في دينك الرجال لكن على حسب ما رُكِّب فيك من فهم وصبر وجلد وسعة حفظ ودقة في النظر، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها يعني لا يمكن أن يُكَلَّف زيد بما كُلِّف به عمرو والمؤهلات مختلفة، لكن على الإنسان في الجملة أن يكون قائده الدليل قال "والصحيح أنه لا يكون العالم مجتهدا مع تقليده في تصحيح الحديث" إذًا هل يمكن أن يوجد فقيه غير محدِّث؟ فقيه مجتهد غير محدِّث يمكن أو ما يمكن؟ على كلامه اسمعوا كلامه، "والصحيح أنه لا يكون العالم مجتهدا مع تقليده في تصحيح الحديث" لا يمكن أن يكون فقيها غير محدث؛ لأن مبنى الفقه على الحديث، وإذا قلد في الحديث فهو مقلد شاء أم أبى "وإنما يكون مرجحا لا سوى" يعني لا غير، "وأما المتأخرون فلهم أن يقولوا إنا لم نجوِّز العمل بتصحيح الثقة الحافظ إلا حيث عرفنا مذهبه في شرائط قبول الأخبار" عرفنا أن هذا الثقة يطبق الشروط الخمسة التي اشترطها أهل العلم لقبول الأخبار، فقلدناه لأنه يقلِّد العلماء فيما أجمعوا عليه، لكن هل يلزم من تطبيقه للأحاديث تطبيقه للشروط شروط القبول الخمسة أن يكون مصيبا في هذا التطبيق؟ لأن وجهات النظر في كيفية التطبيق متباينة بين أهل العلم وإن اشترطوا في ثقة الرواة والاتصال وكذا والسلامة، بعضهم يثبت أن فيه علة وبعضهم يثبت أنه ليس فيه علة، وبعضهم ينازع في ثقة هذا الراوي وبعضهم ينازع في ضعفه، نعم هو يشترط أن يكون الراوي ثقة لكن هل تطبيقه لقواعد الجرح والتعديل على هذا الراوي الذي اشترط ثقته هل هو موافق لجميع من يجب أن يقبل قوله في هذا الباب أو لا؟ وهل يكون ترجيحه هو الصواب في هذه المسألة أو لا؟ المسائل كلها متباينة ومتناثرة، ولا شك أن طالب العلم عليه أن يسعى في تكميل نفسه وألا يعتمد على غيره، لكن مع ذلك ليس له أن يجتهد ويحاول أن يصل إلى المعلومات بنفسه مع أن الأهلية لم تتوفر لا بد من توفر الأهلية، قال "وأما المتأخرون فلهم أن يقولوا إنا لم نجوز العمل بتصحيح الثقة الحافظ إلا حيث عرفنا مذهبه في شرائط قبول الأخبار فعرفنا أنه لا يقبل المجهول ولا يقبل الصدوق السيئ الحفظ ولا غير ذلك من المواضع المختلف في قبولها ولهذا فلأنهم لا يكتفون بتصحيح الحاكم فلأنهم لا يكتفون بتصحيح الحاكم أبي عبد الله في المستدرك إلا من يذهب مذهبه في تصحيح الحسان بل في تصحيح بعض الأحاديث الضعيفة التي يجوز بل يجب قبولها على قواعد كثير من الفقهاء والأصوليين وهذا جواب صحيح لكنه يتضمن الإقرار بقبول المراسيل فإن الثقة الحافظ على كلامهم متى قال هذا حديث إسناده صحيح ولا علة له وجب قبوله وإن لم يرو لنا ذلك الإسناد الذي حكم بصحته" هذا يلزمنا إذا كنا مقلدين، أما إذا أردنا أن نجتهد في الأحاديث في قبولها وفي ردها فليس قوله بملزم لنا إلا ما كان من صحيح البخاري وصحيح مسلم، "وأي فائدة لنا في مجرد سماع أسماء الرواة إذا كان يجوز لنا العمل بالحديث والرواية له من غير بحث عن رجاله، فثبت بهذا أن المتأخرين من المحدثين قد وافقوا على قبول بعض المراسيل وهو ما نص على صحته ثقة عارف بهذا الشأن لارتفاع العلل الموهنة للمراسيل عن هذا النوع منها كما وافقوا على قبول مراسيل الصحابة لمثل ذلك وبهذا تعرف أن القصد حصول الثقة بصحة الحديث لا مجرد الإسناد وأن المرسل حيث يكون كذلك مقبول مثل ما ذهب إليه الشافعي في المراسيل مثل ما تقدم أو مثل ما اتفق عليه جماهير العلماء والمحدثين فيما علقه البخاري تعليقا مجزوما به ومثل ما ذكرنا من الاكتفاء بتصحيح أئمة الحديث فهذا إذًا محل اجتهاد وكل أحد يعمل بظنه ولا حرج ولله الحمد والمنة" ومازالت المسألة حتى مع تقريره هذا إنما هي على رأي ابن الصلاح الذي يقول بانقطاع التصحيح والتضعيف، أما من يقول بأن الاجتهاد والنظر في الأسانيد وتصحيح الأحاديث وتضعيفها باقٍ كالاجتهاد في الأحكام سواء فإننا لا نلزَم بتصحيح أحد من أهل العلم، لا يلزم المتأهل بتصحيح أحد من أهل العلم دون أن ينظر فيه ويحكم عليه بما يليق به فقد يصحح الترمذي ثم يتبين أنه ضعيف، وقد يحسن الترمذي ويتبين أنه صحيح وهكذا، وقد يصحح الحاكم والحديث موضوع، وقد يصحح والحديث ضعيف جدا، فكيف نلزَم بتصحيحهم وواقع كتبهم يشهد بأن فيها من الأحاديث الضعيفة الشيء الكثير. قال: "وقد استحب المحدثون المحافظة على الإسناد في هذه الأعصار وإن أمكن الاستغناء عنها" يقول في هذه الأعصار مادام انقطع التصحيح والتضعيف وكفينا مهمة التصحيح والتضعيف ما الفائدة لذكر الأسانيد؟ المحدثون يستحبون الإبقاء على سلسلة الإسناد لأنها خصيصة هذه الأمة وقد يعمدون إلى اتصالها إلى زماننا هذا، ويحرص بعض طلاب العلم على الإجازات في الكتب لإبقاء خصيصة هذه الأمة لكن أثرها في الواقع ضعيف؛ لأن روايتنا لصحيح البخاري بأسانيدنا هل تزيد صحيح البخاري قوة أو ضعفا؟ لا أثر لها في صحيح البخاري، صحيح البخاري مدون بأسانيده هو ومضبوط وتلقته الأمة بالقبول، والسند من البخاري إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- صحيح، هل يتأثر صحيح البخاري حينما نرويه بإسنادنا وفي طريقنا إلى البخاري راوٍ ضعيف؟ لا يتأثر إذًا فائدة الحرص على بقاء الإسناد إلى زماننا لا شك أنها من إبقاء خصيصة هذه الأمة، والإسناد من الدين لكن مسألة التصحيح والتضعيف يقتصر فيها على ما في أسانيد الكتب الثابتة عن مؤلفيها، إذا صح الكتاب إلى مؤلفه فإننا نبحث الإسناد من المؤلف إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- وما دونه من المؤلف إلينا هذا لا يحتاج إلى بحث "وقد استحب المحدثون المحافظة على الإسناد في هذه الأعصار وإن أمكن الاستغناء عنه لوجوه أحدها تمكين من لم يستجز الاكتفاء بتصحيح الثقة من النظر في الإسناد على رأي من ذهب إلى أن هذا ممكن كما تقدم" يعني من يرى أن التصحيح والتضعيف باق إلى قيام الساعة فإنه يتمكن به الناظر من الوصول إلى الصحة أو الحسن من خلال الأسانيد التي في الكتب المدونة، وهذا يختلف عما تكلمنا عليه سابقا من أسانيدنا إلى أصحاب الكتب "الثاني تمكين من استجاز ذلك من مرتبة النظر في الأسانيد المقوية للظن وإن لم تكن واجبة فهي مرتبة فهي مرتبة شريفة مستحبة بغير شك الثالث بقاء سلسلة الإسناد المخصوص بهذه الأمة المكرمة ويُلحق بهذا فائدتان إحداهما أن الإنسان إذا كان فيه عن رجل أو شيخ فهو منقطع لا مرسل في عرف المحدثين وإن أطلق عليه الخطيب لفظ الإرسال إذا كان فيه راوٍ مبهم مجهول فإنه حينئذ يكون متصلا في إسناده مبهم ولا يكون مرسلا في عرف المحدثين قال الحاكم وابن القطان في بيان الوهم والإيهام وأما الجويني فقال وقول الراوي أخبرني رجل أو عدل موثوق به من المرسل أيضا قال وكذلك كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- التي لم يسمَّ حاملها ذكره في البرهان قال زين الدين في كلام غير واحد من أهل العلم أنه متصل في إسناده مجهول" هذا هو الصحيح أنه متصل لكن في إسناده من لم يعرف "وحكى الرشيد العطار في الغرر المجموعة عن الأكثر" يعني عما في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة "الغرر المجموعة عن الأكثر واختاره شيخنا الحافظ أبو سعيد في كتاب جامع التحصيل قلت وهو الصحيح لأن من قال عن شيخ أو عن رجل فقال فقد أحال السامع إلى رواية مجهول فلا يحل العمل بالحديث بخلاف المرسِل الذي جزم برفع الحديث، الفائدة الثانية مراسيل الصحابة مقبولة عندنا وعند المحدثين والأكثرين من طوائف العلماء، وقد تقدم دعوى ابن عبد البر الإجماع على ذلك قال زين الدين وقد ادعى بعض الحنفية الإجماع عليه وهو غير جيد فقد خالف في ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني قال وتعليل ابن صلاح لذلك بأن روايتهم عن الصحابة غير جيد والصواب أن يقال إن غالب روايتهم عن الصحابة إذ قد سمع جماعة من الصحابة عن بعض التابعين وسيأتي في كلام ابن الصلاح في رواية الأكابر عن الأصاغر" لكن رواية الصحابة عن التابعي نادرة والنادر لا حكم له "وسيأتي في كلام ابن الصلاح في رواية الأكابر عن الأصاغر أن ابن عباس وبقية العبادلة رووا عن كعب الأحبار وهو من التابعين وروى أيضا كعب عن التابعين وقد ذكر ابن حجر أن بعض الصحابة روى حديثا بينه بينه فيه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ستة رواة وأن ذلك أكثر ما وجد من هذا القبيل ويلتحق به فوائد" بعض الصحابة روى حديثا بينه وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- ستة رواة! المعروف أن الذي رواه تابعي وفيه ستة من التابعين، نعم فيه ستة من التابعين عن صحابي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فالحديث الذي يرويه ستة من التابعين هو الحديث الذي جاء في فضل سورة الإخلاص، وفيه رسالة مستقلة للحافظ الخطيب البغدادي قال "ويلحق بهذا فوائد الأولى أن هذا الكلام كله فيما لم تتعارض وعند التعارض يجب البحث عن الأسانيد لوجوب الترجيح حينئذ بالإجماع وتوقف الترجيح على النظر في الأسانيد الثاني من اختصر بعض المسندات فحذف أسانيدها لم يكن له حكم المراسيل لأن العهدة على المختصر على الراوي وقد أسند ومن أسند ولم يصحح لم يتحمل العهدة" يعني هل نقول أن الحافظ ابن حجر أرسل أحاديث بلوغ المرام؟ لأنه لم يذكر أسانيدها أو علق أحاديث بلوغ المرام وأصولها موجودة بالأسانيد على كلامه لا، من اختصر بعض المسندات فحذف أسانيدها لم يكن له حكم المراسيل؛ لأن هذه الفروع هذه الكتب الفرعية إنما يعتمد على أصولها، وهي كالدليل على الأصول، يعني أنت عندك أحاديث أحكام الحديث الأول خرّجه الحافظ ابن حجر عن أبي هريرة وعزاه لكتب معيّنة فهل المعوّل على كلام ابن حجر أو المعوّل على الأصول التي فيها الأسانيد التي من خلالها يُعرف هل الخبر ثابت أو غير ثابت؟ على كلامه أن هذا لا يدخل فيما نحن فيه" الثالثة من اعتقد أن العلماء لا يروون إلا عن عدول كان مرسله أضعف المراسيل أو كان غير مقبول وأمثالهم من يشترط تصريح العالم بأنه لا يروي إلا عن ثقة من غير أن يعرف مذهبه في التوثيق ثم يشترط أن تكون عادته الرواية عن العدول من غير تصريح ثم من لا يشترط العادة ومن طالع تراجم العلماء علم ما في هذه المذاهب من المفسدة، فقد روى مالك عن أبي المخارق" من هو أبو المخارق؟ أبو أمية عبد الكريم بن أبي المخارق، ما الذي عندك؟

طالب: ...............

عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية "عن أبي المخارق وهو متكلم فيه والشافعي" مع أن الإمام مالك عرف أنه ممن لا يروي إلا عن ثقة "وروى عن ابن أبي المخارق وهو ضعيف والشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى" يعني ما أكثر الأغلاط في هذه الطبعات "عن ابن أبي يحيى والزنجي وقد تُكُلِّم عليهما، وأحمد بن حنبل عن عامر بن صالح وغيره وأبو حنيفة عن غير واحد من الضعفاء والمجاهيل يقول والإمامان الهادي والقاسم عن حسين بن عبد الله بن غميرة وأبي هارون عمارة بن خوين العبدي وقد تُكُلِّم عليهما والرواية عنهما في الأحكام وهي عن ابن ضميرة كثيرة بل لا يسندان عن غيرهما غالبا" نعم روى ابن ماجه عن ضعاف بكثرة، روى الترمذي عن المصلوب وهو وضّاع كذّاب، وهناك روايات للأئمة عن الضعفاء وهي موجودة بكثرة عند من لم يشترط الصحة، "وكذا روى الهادي في المنتخب عن كادح بن جعفر وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وعمرو بن شعيب وفي كل منهم كلام وروى السيد أبو طالب عن محمد بن محمد الأشعث المتأخر وداود بن سليمان الغازي وروى السيد المؤيد بالله عن نعيم ورويا وأحمد بن عيسى وغير واحد من أئمتنا عن حسين بن علوان الكلبي وأبي خالد الواسطي وروى السيد أبو عبد الله عن الأشج أبي الدنيا وكل هؤلاء متكلم عليه منسوب إلى الوضع يعني روى عن وضاعين منسوب إلى ماذا؟ إلى تعمد الكذب "مجمع على ذلك في أكثرهم من أئمة الحديث من الشيعة والسنة بل لم تسلَم رواة البخاري ومسلم مع شدة العناية بتنقيتهم" يعني وجد من رواة الصحيح سواء البخاري أو مسلم من تُكُلِّم فيه، لكن الغالب أن الراجح هو قول البخاري وقول مسلم في توثيقهم هذا هو الراجح، ومن تُكُلِّم فيه من رواة الصحيحين رواياتهم إنما هي في الشواهد لا في الأصول، ولم يعتمد عليها البخاري ولا مسلم وإنما اعتمدوا على أصول وعلى متابعات لهذه الروايات ترتقي بها إلى شرطهم من الصحة.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.