كتاب البيوع من عمدة الفقه - 02

 

"بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

قال المؤلف- رحمه الله تعالى-:

ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الملامسة، وعن المنابذة، وعن بيع الحصاة، وعن بيع الرجل على بيع أخيه، وعن بيع حاضر لباد وهو: أن يكون له سمسارًا، وعن النجش وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وعن بيعتين في بيعة وهو أن يقول: بعتك هذا بعشرة صحاح أو عشرين مكسرة، أو يقول: بعتك هذا على أن تبيعني هذا أو تشتري مني هذا، وقال: «لا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق» وقال: «من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه»."

يقول المؤلف- رحمه الله تعالى-: "فصل: ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الأصل في الترتيب العرفي عند أهل العلم في التأليف الكتاب ويشتمل على أبواب، والباب يشتمل على فصول، هنا مباشرة قال: كتاب البيع فصل، والمسألة عرفية، والأمر فيها واسع، توجد الأبواب دون الكتب ،قد توجد الكتب دون الأبواب، وتوجد الفصول دون الأبواب، والعكس، الأمر فيه سعة، لكن الأعم والأشمل هو الكتاب يليه الباب، فالكتاب يشتمل على أبواب، والباب يشتمل على فصول، والفصول تشتمل على مسائل، وهناك التتمات وغيرها كما هو معروف في كتب أهل العلم.

 "ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الملامسة وهي أن يقول: أي ثوب لمسته فهو لك بكذا" هذا تفسير الملامسة، يدخله في مكان مظلم في دكان فيه ثياب يقول: ادخل هذا المكان أي ثوب تلمسه فهو لك بكذا، أو يقول له: أغمض عينيك وأي ثوب تقع يدك عليه فهو عليك بكذا، هذا لا يجوز؛ للغرر والجهالة؛ لأنه لا يخلو إما أن تكون هذه الثياب متساوية الأقيام أو مختلفة، إن كانت متساوية الأقيام والصفات فالقول عبث، وجوده مثل عدمه، وإن كانت متفاوتة فالغرر والجهالة والضرر على أحد الطرفين، والقاعدة المقررة شرعًا أنه لا ضرر ولا ضرار، فقد تقع اليد على ثوب تكون قيمته أضعاف ما حدد، وقد تقع اليد على ثوب تكون قيمته ليست بشيء بالنسبة للثمن المحدد، هذا غرر، فلا بد أن يتضرر أحدهما.

 "ونهى عن المنابذة وهي أن يقول: أي ثوب نبذتُه أو نبذتَه إلي فهو علي بكذا" أي ثوب نبذتَه إلي فهو علي بكذا أو أي ثوب نبذتُه إليك فهو عليك بكذا، المقصود أن مثل هذه الأمور الغرر فيها ظاهر، والجهالة فيها ظاهرة، والغبن فيها واضح، خاضعة للحظ، وما كان من هذا النوع فهو ممنوع شرعًا، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذا قال الصحابي: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أمر بكذا، فهو بمثابة قوله -عليه الصلاة والسلام- افعلوا أو لا تفعلوا، ولا يلزم من ذلك أن ينقل الصحابي اللفظ النبوي، بل يكفينا أن يقول الصحابي: أمر أو نهى، فإذا قال الصحابي: أمر علينا أن نمتثل، وإذا قال الصحابي: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا أن نكف ولو لم ينقل اللفظ النبوي، خلافًا لمن قال ذلك، أنه لا بد أن ينقل اللفظ النبوي، طيب لماذا؟

 يقول: لأن الصحابي قد يسمع كلامًا يظنه أمرًا أو نهيًا، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، هذا الكلام باطل؛ لأن الصحابة إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ وهم العرب الأقحاح الذين لم يختلطوا بغيرهم فمن يعرفها بعدهم؟ من يعرف مدلولات الألفاظ الشرعية بعد الصحابة إذا لم يعرفه الصحابي؟! لكن هذا قول لا نصيب له ولا حظ من النظر.

 "وعن بيع الحصاة وهو أن يقول: ارم هذه الحصاة فأي ثوب وقعت عليه فهو عليك بكذا" فهو عليك بكذا أو لك بكذا، لا يجوز هذا وهذا وإن كان بعض النسخ لك وبعضها عليك أمرها سهل، ارم هذه الحصاة، فأي ثوب وقعت عليه هذه الحصاة فهو عليك بكذا قد يقول قائل: إن هذا الشخص الذي طُلب منه رمي الحصاة مجرّب لا يخطئ فلن يحصل عليه غرر، يكفي هذا لحله؟ لا يكفي. لماذا؟ إمكان الخطأ. الأمر الثاني الغرر على الطرف الثاني الغرر على الطرف الثاني والمسألة مفترضة في مكان فيه ثياب متفاوتة في الأوصاف والأقيام، فالغرر على الطرف الثاني.

 قد يقول قائل: إذا كان المشتري مجرب الإصابة والبائع كسبان؛ لأن بعض الباعة يجعل هناك ثيابًا مختلفة الأوصاف مختلفة الأقيام، لكن يجعل أقل سعر للبيع هو أغلى سعر بالنسبة للشراء وهو كسبان على كل وجه نقول أيضًا: هذا لا يسلم من الغرر والجهالة، وإذا وجد مثل هذا التصرف كون البائع يبيع أرخص الأشياء بقيمة أغلى الأشياء فلا شك أنه إذا كان يشتري القطع هذه بعشرة، وذي بعشرين، وذي بثلاثين، وذي بخمسين يدرجهن يقول: أم عشرة هذه بخمسين، والثانية بستين، فهو على هذا ما هو خسران أبدًا، أي شيء تقع عليه الحصاة ما هو خسران، فما هو متضرر، نقول: إذا صنع هذا الصنيع، هذا غش الناس، وإن كان كثير من الباعة يتذرع بأنه لو رخص وباع بربح يسير أن الناس ما يشترون منه، لكن هل هذا مبرر بأن ترفع الأقيام عشرة أضعاف، يكفي هذا؟

 يشتري المتر بعشرة ويقول: بمائة وخمسين؛ لأنه لو قال: بعشرين ما شروه الناس هذا ليس بمبرر، هذا يشتري بأقيام تناسب إذا كان الناس لا يرضون إلا ما كان ثمنه مرتفعًا، تشتري سلعًا نافعة، فعلى كل حال الغرر والجهالة فيما إذا تفاوتت الأثمان والأقيام حاصل على أي تقدير.

 أو بعتك ما تبلغ هذه الحصاة من هذه الأرض إذا رميتها بكذا، يشتري قطعة أرض يقول: خذ هذه الحصاة وارجمها، ارم هذه الحصاة، فالذي تصله هذه الحصاة فهو عليك بكذا، يقول بمائة ألف، احتمال أن تصل هذه الحصاة إلى خمسة أمتار، واحتمال أن تصل إلى خمسين مترًا، هذا غرر وجهالة وغبن فاحش، والناس يتفاوتون في قوة الرمي، وبعد مداة، فإذا رمى هذه الحصاة وهو لا يحسن أو لا يجيد الرمي وصلت إلى خمسة أمتار تضرر، وإذا وصلت إلى خمسين تضرر الطرف الآخر، وبهذا يحصل الغرر والضرر والجهالة، وهذه كلها ثبت النهي عنها في الصحيحين وغيرهما.

 "وعن بيع الرجل على بيع أخيه" وعن بيع الرجل على بيع أخيه، ومثله شراء الرجل على شراء أخيه، وسومه على سوم أخيه، بيع الرجل على بيع أخيه تأتي إلى شخص اشترى سلعة بعشرة تقول: يا أخي عندي لك سلعة بنفس المواصفات بثمانية، بعضهم يشترط أن يكون يقع هذا في مدة الخيار، والحديث مطلق، لماذا يشترطون أن يكون هذا الكلام في مدة الخيار؟ لأنه إذا لزم البيع لا أثر للبيع الثاني إذا أراد أن يعيد السلعة قال له البائع: تفرقنا يا أخي لزم البيع وليس لك أن تعيد السلعة، الحديث مطلق، ألا يحصل الضرر والإحراج بعد لزوم البيع؟ يمكن إذا قيل للمشتري: والله عندي لك نفس المواصفات بثمانية، وأنت اشتريت بعشرة، يأتي هذا المشتري إلى البائع ويقول له: يا أخي أنحن وجدنا أنزل وأنت غششتنا وأنت.. ثم يحرجه ويكثر عليه الكلام حتى يقبل، وهو بذلك قد أضر الطرفين، مجرد الإخبار بأنه يوجد سلعة بأقل من هذا، مع أن البيع لزم وثبت، البائع متضرر، الأول نعم نصيحة البائع الأول هي المطلوبة.

 يعني تذهب إلى البائع الأول وتقول له: أنت بعته على فلان بعشرة، وهي موجودة عند فلان بثمانية، هذا نصح، أما أن تذهب إلى المشتري وتقول له: افسخ البيع؛ لأنه يوجد عند فلان بثمانية، وهذا غشك، لا يا أخي جاء النهي عنه، ولو كان بعد لزوم البيع، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، البيع على بيع أخيه إن كان قبل لزوم البيع يعني في مدة الخيار ترتب على ذلك أن يفسخ المشتري مع البائع، ويشتري من الثاني، لا شك في ظهور المفسدة، المفسدة ظاهرة، وهذه لا يختلف في دخولها في النص.

 أما إذا كان البيع على بيع أخيه بعد لزوم البيع والتفرق فبإمكان البائع الأول أن يقول: اصنع ما شئت تفرقنا وليس لك عندي شيء، نعم إن كانت الزيادة فاحشة بالثلث فأكثر فللمشتري الخيار خيار الغبن على ما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.

 الشراء على الشراء اشترى السلعة بعشرة يأتي إلى البائع بعد لزوم البيع أو قبله والنص يتناول الأمرين فيقول: أنت بعت على فلان بعشرة، أنا أشتري منك بثمانية باثني عشر، أنا أشتري منك السلعة باثني عشر، فيضطر أن يفسخ في مدة الخيار، أو يحرج المشتري ويكثر الكلام عليه ويؤذيه حتى يرغب في الخلاص أو يزيد في الثمن، وكل هذا مما يورث البغضاء، ويولد الشحناء بين المسلمين، والشرع جاء لقطع دابر أمثال هذه التصرفات التي توجِد العداوة والبغضاء بين المسلمين.

 السوم على السوم يأتي إلى شخص سام سلعة بقيمة وركن إليه البائع ما بعد تم العقد وليست المسألة مفترضة في مَن يزيد، يعني ما هي المسألة في حراج، مَن يزيد، النبي -عليه الصلاة والسلام- باع في من يزيد على خلاف في ثبوت الخبر، إذا جئت إلى الحراج، فإذا سيارة يفتح بابها بعشرة آلاف، أحد عشر ألفًا، اثني عشر، ثلاثة عشر ألفًا، تزيد لا بأس، لكن إذا قيل: عشرة آلاف، أحد عشر ألفًا، اثني عشر ألفًا، ثم ركن صاحب السيارة إلى شخص يبيع عليه وقطع الحراج ومال إلى هذا الشخص، ثم تأتي فتسوم على سومه، هنا يقع المحظور، وأشرنا في الدرس الماضي إلى أن الإجارة حكمها حكم البيع، الإجارة حكمها حكم البيع، فتأتي إلى شخص قد أجر شقة بعشرة آلاف فتقول: يا أخي أنا أدفع لك اثني عشر أو العكس، تأتي إلى المستأجر فتقول: عندي شقة بثمانية آلاف، الإجارة على الإجارة في حكم البيع على البيع والشراء على الشراء.

"وعن بيع حاضر لباد" وعن بيع حاضر لبادٍ فُسِّر بالحديث في كلام ابن عباس، وألا يكون له سمسارًا يعني دلالًا يأتي البادي وهو الأعرابي البدوي يأتي من البادية ومعه سلعة مما يحتاجه الناس السمن أو الأقط أو غير ذلك مما يحتاجه الناس، فيأتي إليه الحاضر الحضري ويقول: يا أخي بدلاً من أن يضحك عليك الحضر، خلني أبيعه لك يكون له سمسارًا بحيث لا يترك فرصة لأهل البلد أن يستفيدوا من مثل هذا أولاً، لا بد أن نعرف أن الشرع يلاحظ مصالح الجميع، يلاحظ مصلحة الجماعة، ولا يهدر مصلحة الفرد، يلاحظ مصلحة البادي؛ لئلا يغبن، فنهى عن تلقيه، ويلاحظ مصلحة الحاضرة، فلا يكون للبادي سمسار يترك هذا البادي حتى يدخل السوق ويبيع على بينة إن استرسل وباع برخص، فالتبعة عليه، ولا أحد ألزمه بذلك، واستفاد الحاضرة منه وهو ما خسر شيئًا، هو صنع محلي، وإن استقصى وتتبع هو أيضًا جهده والناس لن يأخذوا شيئًا من غير إرادتهم.

 أما أن يؤتى إلى البادي يأتيه الحاضر ويقول: دعني أبيع لك هذه السلعة على التدريج إن بعناها جملة واحدة ما جاءت بشيء، جاء في الحديث: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»، بعضهم يخص النهي في مثل هذه الصورة أن يقصد الحاضرُ الباديَ فيقول له: أنا أريد أن أبيع لك على التدريج؛ لئلا تغبن وكذا، فيوافق على ذلك. أما إذا كان البادي هو الذي قصد الحاضر وقال: يا أخي خذ هذه السلعة وبعها لي، أنا لا أعرف أن أبيع، ولا أعرف أن أحرِّج فلا يدخل؛ لأنه إذا جاء البادي بالسلعة وجاء إلى زيد من الناس وقال: بع لي هذه السلعة، هل يقول: لا أبيع لك هذه السلعة؛ لأنه جاء النهي عن بيع الحاضر للبادي، أو المقصود أن الحاضر لا يقصد البادي فيضيق على الناس؟ النص يتناول الأمرين، فمن نظر إلى المعنى أجاز الصورة الثانية، ومن نظر إلى الحرفية حرفية النص منع الصورتين.

 لكن السمسار هل يختلف وضعه فيما إذا كان يبيع بأجرة أو يبيع بدون أجر؟ يختلف؟ هل هناك فرق بين أن يكون السمسار يأخذ أجرة أو لا يأخذ؟ هل هو مؤثر؟ البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم في كتابه في صحيحه باب بيع الحاضر للبادي بغير أجر، وأورد فيه حديث جرير بن عبد الله البجلي وفيه: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم، كأن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- جعل البيع والسمسرة بغير أجرة من باب النصيحة، جعل هذه السمسرة بغير أجرة من باب النصيحة، فلا تدخل في النهي، والنص مطلق يتناول ما كان بأجرة وما كان بغير أجرة، اللهم إلا أن يكون في تعريف السمسار أنه من يبيع للناس بأجرة كما قال بعضهم، فإذا كان في تعريف السمسار أنه هو الذي يبيع للناس بأجرة قلنا: من يبيع للناس بغير أجر من باب النصيحة.

 على كل حال ينبغي ألا يتعرَّض الحاضر للبادي، فلا يبيع له لا بأجر ولا بغير أجر اللهم إلا إذا كان مضطرًا لذلك لا يعرف كيف يبيع بمعنى أنه لا يحسن البيع، فيباع عنه بالوكالة، أو يكون ممن يشق عليه مخاطبة الناس، بعض الناس يشق عليه مخاطبة الناس فيوكل في بيع حاجاته.

 "وعن النجش" النجش: الزيادة في قيمة السلعة ممن لا يريد شراءها، الزيادة في قيمة السلعة ممن لا يريد شراءها، من نجشت الصيد أنجشه إذا أثرته، فأنت إذا أثرت الصيد طار، يعني ارتفع، إذا أثرت الصيد نجشت الصيد وأثرته ارتفع، طار، والناجش يأتي إلى هذه السلعة يريد رفع قيمتها.

 "وعن النجش، وهو أن يزيد في السلعة ممن لا يريد شراءها" فيغرر بمن يريد شراءها، يستمر في الزيادة وهو لا يريد الشراء، واتفق مع صاحبها مع صاحب السلعة يقول: إذا ما بقي إلا أنا فما هنا شيء يعيد الحراج مرة ثانية، ويحرص صاحب السيارة على ألا يقف السوم عليه ألا يقف السوم عليه، هل يختلف الحكم؟ هل يختلف الحكم فيما إذا حصل الاتفاق بين صاحب السلعة والناجش أو لا يختلف؟ بمعنى: لو اتفق صاحب السلعة والناجش قال: أنا أزيد أو قال صاحب السلعة: زد في قيمتها ونبيعها على غيرك إن شاء الله أنت ما عليك نقص، وأنا أستفيد هذه لا يختلف في دخولها في النص، لكن إذا جاء من ينجش، يزيد من غير علم صاحب السلعة، هذه منهم من لا يدخلها، هي داخلة في النص، نعم الآثم هو الناجش دون صاحب السلعة، وفي الصورة الأولى يأثم الجميع صاحب السلعة والناجش.

 هذه العقود إذا حصلت باع على بيع أخيه، اشترى على شراء أخيه، سام على سوم أخيه، أجر على أجرة أخيه، استأجر على تأجير أخيه، نجش، باع الحاضر للبادي، هل هذه العقود إذا حصلت على هذه الطريقة صحيحة أو باطلة؟ خطب على خطبة أخيه، جاء زيد إلى آل فلان فتقدم إلى خطبة ابنتهم وعلم به عمرو فقال: كل له نصيب راح وخطب قال: تخير أنا أو فلان؟ يحرم على الثاني أن يخطب على خطبة الأول، لكن لما تقدم إليهم عمرو لا شك أنه أفضل من زيد، فرحوا به وزوجوه، أو البيع على البيع والشراء على الشراء كلها حكمها واحد هذه العقود صحيحة أم باطلة؟

هي جاء النهي عنها، جاء النهي عن هذه التصرفات، والنهي يفيد التحريم عند أهل العلم، فعلى أي حال من حصلت منه هذه التصرفات آثم؛ لأنه ارتكب محرَّمًا منهيًا عنه صراحة، لكن هذه العقود صحيحة أم باطلة؟ كيف نقول: صحيحة والنهي صريح؟ وما الضابط في ذلك؟

طالب: ..........

نعم، الشروط السبعة التي ذكرت في السابق كلها موجودة، لكن هذا النهي الصريح.

طالب: ..........

الآن باع على بيع أخيه وانتهى، باع على بيع أخيه وأبطل العقد مع الأول، وأبرم مع الثاني نقول: يلزمك أن ترد السلعة وتشتري من الأول، ترد هذه الزوجة إلى أهلها ويتزوجها الأول، أو نقول: العقد صحيح مع الإثم؟ ما الضابط في ذلك؟ متى نقول: صحيح مع التحريم والإثم؟ ومتى نقول: العقد باطل؟

طالب: ..........

إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه بطل مع التحريم، وإذا عاد إلى أمر خارج لا إلى ذات المنهي عنه ولا إلى شرطه فإن العقد يكون صحيحًا مع الإثم، يعني من صلى وعليه سترة حرير، سترة، هو منهي عن لبس الحرير؛ لأنه رجل ذكر وستر عورته، وستر العورة شرط بما نهي عنه الصلاة صحيحة أم باطلة؟ باطلة؛ لأن النهي عاد إلى الشرط بخلاف ما لو إذا صلى وعليه عمامة حرير، أو في يده خاتم ذهب، أو في جيبه قلم ذهب أو في يده ساعة ذهب، الصلاة صحيحة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج، والجهة منفكة، فعل الواجب وارتكب المحرم، قل مثل هذا في الدار المغصوبة، الصلاة في الدار المغصوبة، والوضوء بالماء المغصوب، والوضوء بإناء الذهب والفضة، الآن يختلف الأمر فيما لو غصب ماءً وتوضأ به أو اشترى ماءً ووضعه في إناء ذهب وتوضأ منه، يختلف أم ما يختلف؟ ما وجه الاختلاف؟

 الماء مغصوب، لكن هل المشترط لصحة الصلا؛ة لأن المسألة فيها شيء من الدقة، يعني يختلفون في الدار المغصوبة، هل الشرط لصحة الصلاة البقعة نفسها أو طهارة البقعة؟ إذًا البقعة شرط أم ما هي شرط أو من لازم الشرط؟ المسألة تبعد وتقرب، يعني الماء لا شك أنه أقرب إلى العبادة من الإناء، لو افترضنا أن الماء مباح، اشتراه ووضعه في إناء مباح، وسخَّنه بحطب مغصوب، كل ما تبعد يخف الأمر، لكن لما تقرب للشرط والذات يضيق الأمر، لو توضأ من ماء البرادة الذي أوقف للشرب، يصح الوضوء أو ما يصح؟ المعروف في المذهب أنهم يبطلون الصلاة في مثل هذا، الصلاة في الدار المغصوبة عندهم باطلة، وأيضًا الماء إذا أوقف لأمر واستعمل في غير نص الواقف له حكمه، هذه المسألة فروعها لا يمكن الإحاطة بها، الكرسي هذا حق المصاحف أوقف لأي شيء؟ للمصحف، لكن لو جاء واحد وقال: أنا أمسك المصحف بيدي، وأسند ظهري على هذا الكرسي، أجعل الكرسي وراء ظهري وأستند، استعمل هذا الكرسي في غير ما وقف له، ما الحكم؟

طالب: ..........

ما هو قصد الواقف؟ أن تستعين به على قراءة القرآن، ما هو مثل الماء متلف تستعين به على قراءة القرآن، كونك تسند ظهرك وتجلس أطول وقت ممكن وتقرأ القرآن ومستعد تحمل المصحف لا أثر له في المسألة، اللهم إلا إذا احتاجه أحد يستعمله فيما وضع له، وهو أحق به وإلا فما يتأثر، ما هو مستهلك، هذا يختلف عن استعمال الماء ماء البرادة.

 على كل حال هذه العقود صحيحة على القول المرجَّح، صحيحة لماذا؟ لأنه أُثبت له الخيار، فإذا جاء للسوق فهو بخير النظرين، إن شاء أمضى البيع، وإن شاء رده، فإثبات الخيار يدل على أن العقد صحيح.

 "وعن بيعتين في بيعة" وعن بيعتين في بيعة "وهو أن يقول: بعتك هذا بعشرة صحاح" بعشرة دراهم "صحاح أو عشرين مكسرة" كيف تجي مكسرة؟ الدراهم والدنانير كانت من الذهب والفضة، وكانت يطرأ عليها ما يطرأ من خلل لا يؤثر في نفاقها في الأسواق، نعم هو مؤثر، لكنه ما يمنعها من التداول، الآن هل هناك فرق بين ريـال جديد من المؤسسة وبين ريـال تداوله الناس وتهرَّى؟

نعم لأنه ما هو المقصود الآن هذه الريالات الورق، لا، المقصود القيمة الشرائية لهذا الريـال كانت العملات بالذهب والفضة، المقصود نفس الذهب والفضة، فيطرأ لهذه القطع من الذهب وهو الدينار أو لهذه القطع من الفضة ما يطرأ من خلل، إما تنكسر، تنثلم، تُغش، يمكن تصير مغشوشة، فإذا جئت فقلت له: بكم هذه السيارة؟ قال: بخمسين ألف سليمة، أو بستين مكسرة. بخمسين ألفًا سليمة أو ستين ألفًا مكسرة، الحين يمكن أن يقول لك صاحب سيارة: بخمسين ألفًا من المؤسسة جدد أو بستين مستعملات؟ ممكن؟

 ما يمكن، القيمة واحدة، لكن بالإمكان أن يقول له: بخمسين ألفًا سليمة فضة سليمة أو بستين مكسرة الآن إذا قال لك هذا وانصرفت على هذا الأساس ما الحكم؟ وهل يدخل في مثل هذا أن يقول لك: بخمسين ألفًا نقدًا أو بستين نسيئة؟

طالب: ..........

واحد؟ ما هو؟

طالب: ..........

الآن المنع لو يخيرك بالوقت الحاضر، وتجزم في الوقت الحاضر قبل إبرام العقد ما فيه إشكال، لا في هذا ولا ذاك، لكن الإشكال فيما إذا قال: أبرمنا العقد وكتبناه ووقعناه عند الوفاء تأتي بمكسرة أو سليمة؟ عند الوفاء إما أن تدفع لي غدًا أو بعد غد المبلغ نفسه بعد إبرام العقد، أو تدفعه بعد سنة بالزيادة، هذا الإشكال، هذا بيعتان، أما أن يبيع لك الآن ويقول: تخير هذا الكتاب بعشرة نقدًا أو بخمسة عشر دينًا؟ قال: أعطيك عشرة وتأخذه الآن ما فيه إشكال، فما يكون بيعتين حتى يتم العقد.

 "أو يقول: بعتك هذا على أن تبيعني هذا أو تشتري مني هذا" والله أبيعك البيت على أن تبيع علي السيارة، أبيع البيت بخمسمائة على أن تبيع علي السيارة، شرط أن تبيع علي السيارة بمائة ألف، هذي بيعتان.

طالب: ..........

البيت بجميع محتوياته نعم إذا اشترط عليه أن يبيعه الأثاث، لكن إذا باع البيت بجميع ما يحتويه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً.

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

نفس الشيء الصورة التي ذكرها هذه الصورة التي ذكرها.

وقال -رحمه الله- "وقال: «لا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق»" جاء في الحديث النهي عن تلقي الركبان، وأن تتلقى السلع حتى يهبط بها الأسواق، مثل ما ذكرنا سابقًا أن الشارع يلاحظ مصالح الجميع، فلا يبيع حاضر لبادٍ؛ ليستفيد الجميع، يستفيد الحاضر؛ لأنه إذا باع الحاضر للبادي استقصى في الثمن ولم يترك فرصة للحاضر، وهنا أيضًا النهي عن تلقي الركبان؛ لئلا يغروا ويُلبس عليهم، يمكن أن يتلقاهم ويقول: سلعتك لا تستحق أكثر من كذا، أو يقول: السلع في السوق كثيرة، هذا النوع موجود بكثرة، يمكن.

 فمثل ما أشرنا الشارع يلاحظ مصالح الجميع، فنهى أن يكون الحاضر سمسارًا للبادي لينتفع الحاضر من أهل البلد، ونهى أيضًا عن تلقي هذا الراكب، تلقي الركبان جمع راكب، وهم أيضًا ركْب صاحب وصحب، وهذا وصف أغلبي، وإلا فالماشي في حكمه الماشي في حكمه لو جاء شخص يمشي على رجليه ومعه سلعة نقول: يجوز تلقيه؛ لأنه ليس براكب؟ والله إن تلقيته لتحمل عنه متاعه؛ مساعدة له وإشفاقًا عليه من طول الطريق، جزاك الله خيرًا، هذا إحسان، أما أن تتلقاه أن تقول: والله هذا ما يدخل في النص؛ لأنه ليس براكب نقول: لا، النص خرج مخرج الغالب؛ لأن غالب من يقدم إلى البلد يكون راكبًا لاسيما من معهم سلع. الذين معهم سلع في الغالب ركبان.

 لا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق؛ لكي يبيع صاحب السلعة وهو مطمئن مرتاح، ولئلا يغر ويغش ويلبَّس عليه وتؤخذ منه سلعته بأقل مما تستحق، تلقي الركبان قبل أن تصل إلى السوق، ولو دخل البلد لا يكفي حتى يصل إلى السوق، لا بد أن يصل إلى السوق حتى يهبط بها الأسواق، وهنا إذا وصلت الأسواق اشترى منها، كونه يقصر، ولا يسأل، ويسترسل، ويبيع بأقل سوم هذا تقصير منه، هو المسؤول عنه، لكن قبل وصوله إلى السوق لا شك أنه مظنة لأن يغش ويغر ويلبس عليه.

 "وقال: «من اشترى طعامًا فلا يبيعه حتى يستوفيه»".

طالب: ..........

هو الذي يبدأ لا مانع إذا بدأ؛ لأن النهي متجه إلى المتلقِّي لا المتلقَّى، إلى المتلقِّي نفسِه، أما إذا بحث عن شخص أو مر زيد أو عبيد، وطرق بيته وقال: يا عبد الله أبيع هذا من يمنعه؟ «ومن اشترى طعامًا» طعامًا من تمر أو أرز أو بر أو ما أشبه ذلك من الأطعمة «فلا يبيعه حتى يستوفيه» حتى يقبضه القبض المعتبَر، فالموزون بوزنه، والمكيل بكيله، والمعدود بعدِّه إلى آخره، والطعام لا بد من حيازته مع الاستيفاء، لا بد من حيازته، النهي عن الطعام حتى يُنقل معروف يقول ابن عباس: وما أظن السلع إلا كذلك. يعني غير الطعام، لكن الطعام فيه النص نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، وقبض كل شيء بحسبه «مَن اشترى طعامًا فلا يبيعه» كذا عندك؟ أو «فلا يبعه»؟

طالب: .........

بدون ياء؟

طالب: .........

فلا يبيعه أو فلا يبعه؟

طالب: .........

لا هذه ناهية أم نافية؟

طالب: .........

إذًا فلا يقال: فلا يبعه، فلا يبعه في بعض الروايات أثبتت الياء وهي صحيحة، فإما أن يكون من باب الإشباع.

ألم يأتيك والأنباء تنمي

 

.......................

{إنه من يتقي ويصبر} قراءة، أو تكون لا نافية ويراد بها النهي، وإذا جاء النهي بصيغة النفي كان أبلغ «ومن اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه» يقبضه القبض المناسب، وقبض كل شيء بحسبه، قبض كل شيء بحسبه، الطعام ينقل، هل يجوز أن يشتري التمر في سيارته ويحرج عليه وهو في السيارة ما قبضه ولا استوفاه أو نقول: اقبضه، ولا بد أن تحوزه وتخرجه عن المكان الذي بيع فيه ثم تبيعه كما تحب، لكن قد يشق على كثير من الناس، يشترون بالجملة سيارات ويبيعون، أما القبض فلا بد منه، القبض والاستيفاء فلا بد منه، إن بيع بالكيل لا بد أن يستوفى كيلاً، إن بيع جزافًا لا بد أن يستوفى جزافًا، يعني لو جاء بسطول تمر أو زبلان تمر يقول: التمر مكيل، لا بد أن تستوفيه بالكيل، لا بد أن يكال أو نقول: بيع جزاف، فاقبض جزافًا، نعم يستوفى بالطريقة المناسبة المتفق عليها.

طالب: .........

نُزِّلت من السيارة واستوفى.

طالب: .........

الإشكال في الطعام أمره أضيق من سائر السلع، الطعام على وجه الخصوص لا بد أن يحاز، لا بد أن ينقل عن مكانه، والناس يتساهلون في هذا «حتى يحوزها التجار إلى رحالهم». على كل حال لو قدمها أو أخرها عن نفس المكان أحوط.

طالب: .........

نعم أبدًا ما يحتاج إلى يوم ولا نصف يوم في مكانه يبيعه، يبيعه في مكانه.

الله المستعان.

باب الربا مهم نقف عليه.

والله أعلم.

 وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.