شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (184)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، ونشكر له تفضله بشرح أحاديث هذا الكتاب، فأهلاً بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- توقفنا عند الأطراف.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، حديث أبي سعيد خرَّجه الإمام البخاري في ثلاثة مواضع:

الأول: هنا في كتاب العلم، باب: هل يجعل للنساء يومًا على حدة؟ بعض الروايات: باب هل يجعل يعني الإمام للنساء يومًا على حدة؟ قال -رحمه الله تعالى-: حدثنا آدم وقال: حدثنا شعبة، قال: حدثني ابن الأصبهاني قال: سمعت أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: قالت النساء للنبي -صلى الله عليه وسلم- غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك الحديث،  وسبق ذكر مناسبته.

 والموضع الثاني: في كتاب الجنائز في باب فضل من مات له ولد فاحتسب، في باب فضل من مات له ولد فاحتسب، وقول الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:155]، قال -رحمه الله-: حدثنا مسلم، قال حدثنا شعبة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني عن ذكوان عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه-: أن النساء قلن للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اجعل لنا يومًا.. الحديث، والمناسبة ظاهرة، مناسبة الحديث للترجمة من باب فضل من مات له ولد، أولًا من مات له ولد مناسبته لكتاب الجنائز..

المقدم: الموت.

ظاهرة نعم، وفضل من مات له ولد، حيث جاء قوله -عليه الصلاة والسلام-: «ما من امرأة أو ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابًا من النار»، وجاء في الاثنين، وجاء في الواحد، وفضل من مات له ولد، فالمناسبة ظاهرة. يقول ابن المنير: كما..

المقدم: جاء في واحد في البخاري يا شيخ؟

لا لا، في روايات أخرى، قال ابن المنير فيما نقله ابن حجر: عبَّر المصنف بالفضل؛ ليجمع بين مختلف الأحاديث الثلاثة التي أوردها، يعني في باب فضل من مات له ولد أورد ثلاثة أحاديث: الأول فيه دخول الجنة، والثاني: فيه الحجب عن النار، الثالث: تقييد الولوج بتحلة القسم، فيلج النار إلا تحلة القسم، وفي كل منها مجرد دخول الجنة، والثاني الحجب عن النار، وتقييد الولوج بتحلة القسم في كل منها ثبوت الفضل لمن وقع له ذلك، ويجمع بينها بأن يقال: الدخول لا يستلزم الحجب، ففي ذكر الحجب فائدة زائدة؛ لأنها تستلزم الدخول من أول وهلة؛ لأن مجرد دخول الجنة لا يلزم منه أن يكون من أول وهلة، لكن إذا حجبت عن النار استلزم أنه يدخل الجنة من أول وهلة، وأما الثالث فالمراد بالولوج: الورود، وهو المرور عن النار إلا تحلة القسم هو المرور.

 والموضع الثالث: في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل، كتاب الاعتصام في الكتاب والسنة، باب تعليم النبي- صلى الله عليه وسلم- أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل، يعني تعليم النبي -عليه الصلاة والسلام- أمته من الرجال واضح، غلبنا عليك الرجال، وتعليم النساء كونه -عليه الصلاة والسلام- خصص لهن يومًا، وعين وقتًا، وعين مكانًا، فعلم النساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل، وسيأتي المراد بهذه الترجمة.

قال -رحمه الله-: حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن أبي صالح ذكوان عن أبي سعيد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، في الترجمة مما علمه الله.

المقدم: عن أبي سعيد.

عن أبي سعيد هو حديث أبي سعيد، فقال: «اجتمعن في يوم كذا وكذا، وفي مكان كذا وكذا، فاجتمعن فأتاهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعلمهن مما علمه الله، ثم قال: مما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها» فذكر الحديث، المناسبة ظاهرة وتعليم أمته من الرجال قال: جاءت امرأة قالت: غلبنا أو ذهب الرجال بحديثك، هذا تعليم الرجال، فاجعل لنا من نفسك، ووعدهن يومًا، هذا تعليم النساء، قال المهلب: مراده بالترجمة أن العالم إذا كان يمكنه أن يحدث بالنصوص لا يحدث بنظره ولا قياسه، ولذا قالت الترجمة مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل، يقول: مراده بالترجمة أن العالم إذا كان يمكنه أن يحدث بالنصوص لا يحدث برأيه بنظره ولا قياسه، وهذه ميزة لمن حفظ النصوص، هذا يكفيه الاجتهاد أن يفتي بنص، خير له أن يجتهد، والاجتهاد إذا لم يكن معوله على النص فلا قيمة له، وإذا كان معارضًا للنص فهو فاسد الاعتبار، مردود على صاحبه، فالأصل أن يحدث الإنسان بالنص، ولذا قال بعض السلف: إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بحديث فافعل، فهم يحثون على هذا، ولذا أهل الأقيسة والرأي لماذا لجؤوا إلى الأقيسة والرأي؟ هل هذا زهد بالنصوص؟

المقدم: لم يجدوا نصًّا في بعضها.

لم يجدوا لماذا؟ أعياهم حفظ النصوص، وصعب عليهم كلمة لا أدري، فاجتهدوا وقاسوا وأفتوا بآرائهم ، فوقع منهم ما وقع، وسُموا بذلك أهل الرأي وإلا ففي الأصل هم عندهم النصوص، وهم أهل العلم، لكن غلب عليهم الرأي؛ لأنه أعوزهم وجود النصوص في بعض المسائل؛ لعدم اهتمامهم بحفظها في أول الأمر، ولهذا تجد من أهمل في أول أمره حفظ النصوص تجد مؤوله في النهاية على الاستنباط والاجتهاد والرأي من.. ويصعب عليه في الأخير في النهاية حفظ النصوص، وفي هذا ميزة، يعني لمن عني بالنصوص من أول الأمر.

المقدم: لكن الآن المواضع الثلاثة التي تفضلتم بها ليس فيها حديث أبي هريرة.

أيُّه؟

المقدم: الرواية الذي زاد فيها لم يبلغ الحنث.

هذا خاص بحديث أبي هريرة.

المقدم: الآن نحن نتحدث عن أطراف..

حديث أبي سعيد.

المقدم: حديث أبي سعيد، لماذا المحقق عندنا لم يورد إلا طرفًا واحدًا؟ هل هذا خطأ في الطباعة وحسب أو منه؟

لا هو ذهب وأهله إلى..، هو ينقل الأطراف من فتح الباري.

المقدم: طيب.

وحديث أنس هو الأصل في الباب..، حديث أبي سعيد هو الأصل في المسألة، وجاء بطرف من حديث أبي هريرة من غير إسناد إذ اقتصر على بعض إسناده.

المقدم: هذا مسلم.

ليستفيد منه القيد لم يبلغ الحنث، فهو ليس له بأصل في الباب، ولذلك ما له رقم، حديث أبي هريرة عندنا في البخاري ما له رقم، الرقم لحديث أبي سعيد.

المقدم: طيب لكن محقق التجريد.

المحقق نظر إلى آخر الكلام فنظر إلى حديث ألف.. مائة واثنين، مائة واثنين حديث أبي سعيد، مائة وواحد، مائة واثنين، حديث أبي سعيد مائة وواحد، يقول البخاري: حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثني بن الأصبهاني، ثم قال في مائة واثنين: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، فاستفدنا منه تسمية ابن الأصفهاني، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا هذا حديث الباب، حديث أبي هريرة إنما ذكره قال: وعن عبد الرحمن بن الأصبهاني ترك مفاوز في السند، ترك اثنين، وفي الرواية الثانية ترك ثلاثة محمد بن بشار وغندر وشعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: سمعت أبا حزم عن أبي هريرة قال: «ثلاثة لم يبلغوا الحنث»، فإنما أورد هذه القطعة ولم يصرح برفعها، ولم يذكر إسنادها كاملًا لمجرد وجود القيد، ثم بعد ذلك نزع المحقق إلى طرف حديث أبي هريرة معرضًا عن أطراف حديث أبي سعيد، وحديث أبي سعيد هو الأصل، هو الذي يبحث.

المقدم: وهو أعطانا طرف حديث أبي هريرة ألفًا ومائتين وخمسين.

نعم هي.

المقدم: وأعرض عن ألف ومائتين وتسع وأربعين؟

حديث أبي سعيد.

المقدم: والآخر الذي في الاعتصام بالكتاب والسنة.

تركه. نعم.

المقدم: ولعلنا أيضًا هذا التنبيه مهم للإخوة الذين يتابعون معنا أن هناك خطأً وخللًا.

هذا ليس فيه شك، حديث أبي هريرة حديث غير حديث أبي سعيد؛ لأن أهل العلم في عد الأحاديث ينظرون إلى الصحابي، فإن كان واحدًا فهو حديث واحد، ولو اختلف اللفظ، وإن كان الصحابي أكثر من واحد.

المقدم: كل واحد حديث.

كل واحد حديث واحد، ولو اتحد اللفظ، ولذا مر أن.. نبهنا مرارًا، كم عدد أحاديث التجريد عندك؟

المقدم: في الكتاب؟

نعم في الكتاب.

المقدم: آخر حديث في الكتاب حديث أبي هريرة ألفان ومائة وخمسة وتسعون.

نبهنا عليها مرارًا ألفان ومائة وخمسة وتسعون.

المقدم: والبخاري سبعة آلاف وخمس مائة وزيادة.

لكن عدة أحاديث البخاري على التحرير كما يقول ابن حجر ألفان وخمس مائة وحديثان، أو ثلاثة عشر حديثًا على خلاف في كيفية العد، الفرق كم؟ أكثر من ثلاث مائة حديث، أين ذهبت الثلاثة مائة؟ وهذا.. يقول: عدته من غير تكرار، أين راحت الثلاث مائة حديث؟ المختصر يهتم باللفظ، فإذا وجد حديث أبي هريرة موافقًا لحديث أبي سعيد اكتفى بحديث أبي سعيد، وترك حديث أبي هريرة في اللفظ، لكن ابن حجر وهو جارٍ على طريقة المحدثين في عد الأحاديث، يعد حديث أبي هريرة حديثًا غير حديث أبي سعيد، ولو اتحد اللفظ فوجد الفرق من هذه الحيثية.

المقدم: طيب الزوائد ما حلت هذا الموضوع، أو أيضًا قصر فيها الداغستاني زوائد الزبيدي.

لا، قصر.

المقدم: قصر.

الأصل هؤلاء لهم طريقة في الاختصار يهمهم المتون؛ ليوفروا على الطالب أكبر قدر مما يترك حفظه، فيسهل عليهم حفظ الباقي، وابن حجر على طريقته على العد على المسانيد، وقال ابن حجر المراد بالتمثيل القياس، التمثيل في الترجمة، «ليس برأي ولا تمثيل» مراده بالتمثيل القياس، وهو إثبات حكم معلوم في آخر؛ لاشتراكهما بعلة الحكم والرأي أعم، وقال الكرماني: موضع الترجمة من الحديث قوله: كن حجابًا من النار، قوله: كنا حجابًا من النار، فإنه أمر توقيفي لا يُعلم إلا من قبل الله تعالى لا دخل للقياس والرأي فيه، كيف نزع.. يعني كلام المهلب مثلًا المراد بالترجمة أن العالم إذا كان يمكنه أن يحدث بالنصوص لا يحدث بنظره ولا قياسه، لكن هل في حديث أبي سعيد ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استدل بآية مثلًا؟

المقدم: ما فيه ما يدل على هذا.

نعم، يعني هل فيه ما يدل على أنه إذا كان العالم يمكنه، إذا كان يمكنه أن يحدث بالنصوص لا يحدث بالقياس المنزع بعيد، وإن كان الكلام صحيحًا في الجملة، لكن ليس في الحديث ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أجاب بكلامه هو، وكلامه متلقى من الوحي، هذا الأصل في كلام كله، إذًا كل النصوص، كل الشريعة تدل على هذه الترجمة، كل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يدل على هذه الترجمة، لكن بالإمكان لو أورد حديثًا عن صحابي مثلًا، قصة عن صحابي سُئل عن كذا فأجاب بنص.

المقدم: لصح الاستدلال.

صح الاستنباط، لكن شف كلام الكرماني من أين جاء بالاستنباط البعيد المطابق.

المقدم: أجتهد أنا يا شيخ؟

الكرماني ماذا يقول؟ قوله كان حجابًا من النار، هل هذا يدرك بالرأي؟

المقدم: لا أنا كنت أبعد أبعد هكذا.

كان حجابًا من النار، فإنه أمر توقيفي، لا يعلم إلا من قبل الأفعال، لا دخل للقياس والرأي فيه.

المقدم: أنا كأني فهمت أيضًا أنه ممكن أن يفهم أن النساء إنما أردن أن يتعلمن من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما تعلم الرجال من أجل ألا يقعوا أثناء الحديث إلا بدليل، لا يتحدثون في مسائل العلم إلا بدليل، لكن هذا يبعد؛ لأن النص مراد به المعلم.

المعلم نعم المعلم المراد به المعلم المفتي لا يفتي إلا بدليل.

 وأخرجه مسلم، فالحديث متفق عليه.

 الحديث الذي يليه.

المقدم: عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حوسب عذب»، قالت عائشة: فقلت: أوليس يقول الله -عز وجل-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق:8]، فقال: «إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك».

راوي الحديث أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- تقدم ذكرها مرارًا.

 والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: بابٌ أو باب من سمع شيئًا فراجع فيه حتى يعرفه، يعني دلالة الحديث على هذه الترجمة، قالت عائشة: فقلت: أوليس يقول الله، نعم لما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من حوسب عذب»، قالت عائشة..

المقدم: هذه سمعت هذا الشيء الآن.

نعم.

المقدم: سمعت هذا الشيء: من حوسب عذب هذا جزء.

وعندها أيضًا في القرآن {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق:8]، كيف يعذب وحسابه يسير؟ فقلت، قالت عائشة: فقلت: أوليس يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق:8]؟ قالت: فقال: «إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب عذب» يأتي تفصيله.

 وجه المطابقة في قولها في مراجعتها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ووجه المطابقة الظاهر والأوضح حذفه المختصر، حذفه المختصر وإلا ففي أول الحديث قال: حدثني ابن أبي مليكه «أن عائشة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه» بالنص، ما هو بالاستنباط، وجه المطابقة في قول ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وهذا مما حذفه المختصر.

المقدم: وهذا الباب -أحسن الله إليك- ترتيب الصحيح بعد الباب الذي يليه في الأصل.

نعم، هذا الباب الذي قبله.

المقدم: إذًا المختصر وقع في خطأ آخر عندنا، ويقول المحقق: أعطاه رقم خمسة وثلاثين، والباب الذي قبله ستة وثلاثين، كأنه أشار إلى أن المحقق قدم بابًا على باب، وهذا عندنا في الأصل كما تفضلتم به.

هو يتبع فتح الباري الطبعة السلفية وقع في هذا الخطأ، وقع فيها خطأ، ولذلك أربع ثلاثون، ستة وثلاثون، خمسة وثلاثون، بينما التبويب في الأصل في البخاري هكذا في الطبعة السلطانية، باب هل يجعل للنساء يجعل للنساء يوم، هذا الباب خمسة وثلاثون، وباب من سمع شيئًا فراجعه حتى يعرفه، باب ستة وثلاثين.

المقدم: يعني نشير إلى أن خمسة وثلاثين في السلطانية هو الصحيح؟

نعم. ويتبع فتح الباري، ومثل هذه الأمور الظاهرة قد لا تخفى على مثل هذا المحقق، لكن أحيانًا الإنسان ينقل من غير تأمل أو يكل بعض هذه الأمور إلى أحد، وإلا فهذه أمور ترتيب ما يمكن أن يقدم ستة وثلاثين قبل خمسة وثلاثين، إلا لو تصرف في الترتيب وأراد الرجوع إلى الأصل وهو ما تصرف.

المقدم: لكن المحقق -رحمه الله-، أقصد المختصر -رحمه الله- لم يرقم.

ماشٍ على الترتيب، ما رقم، لا لا، ولا ترجم، ما ذكر تراجم.

المقدم: مما يعني أن الخطأ من المحقق.

نعم. أقول: وجه المطابقة في قول ابن أبي مليكه أن عائشة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وهذا مما حذفه المختصر؛ لأنه يعنى باللفظ النبوي، وهذا ليس منه، ولعله اقتصر على المراجعة العملية الواقعة في الحديث بينها وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث سمعت الخبر منه -عليه الصلاة والسلام-، فأشكل عليها معارضة ظاهر الآية، أو معارضة ظاهره للآية، أشكل عليها معارضة ظاهره للآية، فراجعت في ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- ففسر لها النبي-عليه الصلاة والسلام- المراد بالحساب اليسير، وأنه العرض.

 قال العيني: وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب السابق باب هل يجعل للنساء يوم على حدة، في العلم في وعظ النساء وتعليمهن وفي فهمهن قصور، وربما احتجن إلى مراجعة العالم، وهذا الباب في مراجعة العالم لعدم الفهم فيما سمع منه من هذا الحيثية تناسبا، الباب السابق في تخصيص يوم للنساء، وهذا الباب فيه مراجعة عائشة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي فرد من أفراد النساء، فتناسب من هذه الحيثية، لكن وفي فهمهن قصور، قال هذا الكلام، لكن القصور يعتري الرجال كما يعتري النساء، وكم من النساء من تفوق كثيرًا من الرجال في الفهم والعكس أكثر.

 «من حوسب» ، من موصول مبتدأ، وحوسب صلته، وحوسب من الحساب الذي هو الإحصاء، تقول: حسبت المال حسبًا من باب قتل: أحصيته عددًا، وفي آخر حديث بين نوقش بالقاف المعجمة من المناقشة وأصلها الاستخراج، ومنه نقش الشوكة إذا استخرجها، نقش الشوكة إذا استخرجها، طيب النقش على الورق، النقش على الحجر.

المقدم: هل هو من هذا الباب؟

هل هو من الاستخراج، أو استخراج ما في النفس على هذه الورقة أو على هذه اللوحة يمكن هذا؟

المقدم: ممكن.

يعني استخراج، يعني شخص عنده علوم فيدونها في الكتب، هو يستخرج ينقشها على الورق، وهو في الوقت نفسه يستخرج ما في نفسه إلى عالم الظهور، قال ابن حجر: والمراد هنا المبالغة في الاستيفاء، من نوقش مناقشة مبالغة في الاستيفاء، والمعنى أن تحرير الحساب يفضي إلى استحقاق العذاب؛ لأن حسنات العبد موقوفة على القبول، وإن لم تقع الرحمة المقتضية للقبول لا يحصل النجاء، المناقشة من نوقش الحساب لو إنسان طول عمره البالغ مائة سنة أمضاه في العبادة مثلًا، يعني لو وضعت هذه العبادة في كفة ونعمة من نعم الله عليه كنعمة السمع والبصر أو العقل أو أي نعمة من النعم، كيف؟

المقدم: في كفة أخرى.

في كفة أخرى مالت بهذه النعمة، ثم بقية النعم، ولذا جاء في الحديث من نوقش الحساب يهلك، ولذا جاء عنه- عليه الصلاة والسلام-: «أنه لن ينجو أحد، أو لا يدخل الجنة أحد بعمله، قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته»، فعلى الإنسان ألا يغتر بالعمل ولو كثر، وإن لم تقع الرحمة المقتضية للقبول لا يحصل النجاء، وفي عمدة القاري: قال ابن دريد: أصل النقش استقصاؤك الكشف عن الشيء ومنه نقش الشوكة إذا استخرجها، وقال الهروي: انتقشت منه حتى استقصيته منه، «عذب» خبر (من) لأنه مبتدأ، من نوقش أو من ماذا؟

المقدم: لا عندنا يهلك.

لا في الجملة الأولى، من حوسب عذب، قال من قبل من هذه؟ موصول مبتدأ وحوسب صلته، وعذب خبر من، خبر من؛ لأنه قاله العيني، وقال النووي عذب له معنيان: أحدهما أن نفس المناقشة والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ، والثاني يعني مجرد المناقشة تعذيب ولو لم يكون بعدها عذاب على كلامه هذا أن مجرد النفس المناقشة والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ، ولذا جاء في الحديث الصحيح «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها لحد ولا يثرب»؛ لأن التثريب عليه عذاب آخر قدر زائد عن الحد، فيكون تعذب مرتين، وهنا أن نفس المناقشة والتوقيف عليها والتعذيب لما فيه من التوبيخ، والثاني أنه مفضٍ إلى العذاب بالنار، ويؤيده الرواية الأخرى يهلك، فكأنه عذب ومعناه أن التقصير غالب على العباد، فمن استقصي عليه ولم يسامح هلك وأدخل النار، ولكن الله -عز وجل- يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء، وفي آخر الحديث «يهلك»، وهو جواب الشرط من نوقش، الحساب يهلك وهو جاوب بالشرط، ويجوز فيه الرفع والجزم، لماذا؟ لأن من شرطية الأصل أنها تجزم الفعل والجواب، لكن هنا الفعل مضارع مجزوم أو ماضٍ؟

المقدم: ماضٍ.

ماضٍ، فإذا كان جوابه مضارعًا يجوز فيه الوجهان، بخلاف ما لو كان فعل الشرط مضارعًا مجزومًا فيجزم بعده حتمًا.

المقدم: يعني يصح من نوقش الحساب يهلكْ ويهلكُ.

نعم، ويجوز فيه الرفع والجزم، قال العيني: وذلك لأن الشرط إذا كان ماضيًا يجوز الوجهان في الجواب، وهو من هلك يهلك لازم، وتميم تقول: هلكه يهلكه هلكًا بمعنى أهلكه، الثلاثي بمعنى الرباعي، والمعنى ها هنا على اللزوم، وإن احتمل التعدي أيضًا، ومثله في الكرماني.

المقدم: أحسن الله إليكم، ونفع بعلمكم، نعد الإخوة بإذن الله أن نستكمل ما تبقى في هذا الحديث في الحلقة القادمة، باسمكم أيها الإخوة نشكر الشيخ صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير على ما تفضل به، ونستكمل بإذن الله في الحلقة القادمة، وأنتم على خير.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.