شرح العقيدة الواسطية (29)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقوله -صلى الله عليه وسلم- في رقية المريض: «ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض. اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوَجِع، فيبرأ» رواه أبو داود، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا تأمنوني وأنا...
ما عندك قوله: حديث حسن؟
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» رواه البخاري وغيره وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «والعرش فوق ذلك والله فوق العرش...
والعرش فوق الماء.
«والعرش فوق الماء، والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه» حديث حسن رواه أبو داود وغيره. وقوله للجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء. قال: «من أنا؟» قالت أنت رسول الله. قال: «أعتقها فإنها مؤمنة» رواه مسلم. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل الإيمان: أن تعلم أن الله معك حيثما كنت» حديث حسن. وقوله: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه....
فلا يبصقن قِبَل وجهه.
«إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قِبَل وجهه ولا عن يمينه فإن الله قِبَل وجهه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه» متفق عليه وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم رب السموات السبع والأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، خالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغثني من الفقر» رواه مسلم. وقوله لما رفع أصحابه أصواتَهم بالذكر: «أيها الناس اِربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» متفق عليه. وقوله: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها، فافعلوا» متفق عليه. إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ربه بما يخبر به. فإن الفرقة الناجية -أهل السنة والجماعة- يؤمنون بذلك كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم الوسط في فِرْقة الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. فهم وسط في: (باب صفات الله -سبحانه وتعالى- بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
ذكر الشيخ -رحمه الله تعالى- من السنة ما يستدل به على إثبات الأسماء والصفات بعد أن ذكر ما يدل على ذلك من كتاب الله -عز وجل- فاستدل بالقرآن على إثبات الصفات، ثم استدل بالسنة كما تقدم، فالسنة مفسرة للقرآن، وأردف الأدلة من القرآن بالأدلة من السنة، وبعض الناس يلحظ على شيخ الإسلام ويستدرك عليه فيقول: لو أن الشيخ جمع الأدلة في مكان واحد فاستدل لكل صفة أو لكل اسم من أسماء الرب -جلَّ وعلا- كل صفة من صفاته بما يدل عليها من الكتاب والسنة، فضم النظير إلى نظيره من الكتاب والسنة، لكان الكلام على الآية والحديث المتحدين في الدلالة على اسم أو صفة من أسماء الله -جلَّ وعلا- أو صفاته واحدًا، لكنه فرق ذلك فذكر الأدلة من الكتاب ثم الأدلة من السنة؛ ولذا إذا تقدم الكلام على هذه الصفات ومأخذها من الأدلة القرآنية، ثم أردف ذلك بالأدلة من الأحاديث النبوية، فإن الكلام سوف يكون مختصرًا مقتضبًا؛ لأنه مضى، ولذلك قال في الأحاديث التي يستدل بها على إثبات الصفات التي يثبتها أهل السنة والجماعة سلف هذه الأمة وأئمتها، قال -رحمه الله- في مَعْرِض ذلك: وقوله في رُقْيَة المريض: ربَّنا اللهَ هذا منادى، وقد حُذف حرف النداء، والأصل يا ربنا اللهَ أو اللهُ؟ إيش مضبوط عندكم؟ ضبط لفظ الجلالة ما ضُبط.
طالب: ...............
غيره من الطبعات الطبعات كثيرة جدًا.
طالب: ...............
نعم، اللهَ مضبوط بالفتح. غيره.
طالب: ...............
وربَّنا بالفتح أو...؟
طالب: ...............
واللهُ بالضم، نعم بعض النسخ مضبوطة بفتح الاسمين، أما ضبط ربنا بالفتح فظاهر، لماذا؟ لأنه منادى مضاف، وأما لفظ الجلالة فمرفوع؛ لأنه منادى مفرد والمنادى المفرد يُرفع يا ربَّنا يا الله الذي في السماء، معروف أن حرف النداء لا يدخل على ما فيه (ال) إلا مع الله ومحكيّ الجمل كما قال ابن مالك فيدخل، فتقول: يا الله، وإن كان الأصل أن ياء النداء لا تدخل على ما فيه (ال) إلا فيما ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- مع الله ومحكي الجمل:
وفي اضطرار شذ جمع (يا) و(ال) |
|
إلا مع الله ومحكي الجمل. |
فحرف النداء وإن كان محذوفًا إلا أنه يعمل في مدخوله؛ لأنه مقدر، الأدعية أكثرها مجردة عن حرف النداء، كثير منها كثيرًا ما يأتي في الأدعية القرآنية والنبوية ربَّنا ربَّنا، والأصل أنه منادى مدعو فيبقى العمل وإن حُذف حرف النداء، فهو في حكم الموجود.
في رقية المريض الرُّقْيَة: هي القراءة والأدعية على المريض الواردة في الكتاب والسنة مع النفث أو النفخ، ربَّنا اللهَ الذي أو اللهُ ربَّنا، اللهُ الذي في السماء، وتقدم استدلال المؤلف -رحمه الله تعالى- بقوله -جلَّ وعلا- ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ الملك: ١٦ ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ الملك: ١٧ وهناك ذكرنا أقوال أهل العلم في دلالة الآية على العلو، وأن (في) بمعنى (على) كما في قوله -جلَّ وعلا-: {لأصلبنكم في جذوع النخل} وإن كان بعضهم ينازع في مثل هذا، وأن قوله -جلَّ وعلا-: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} (في) على حقيقتها وهي ظرفية، والمراد بذلك المبالغة، كأنه ألمح إلى أنه يجوِّف هذه الجذوع فيدخلهم فيها، هذه مبالغة أشد من الصلب عليها، فإما أن يقال: إن (في) هنا بمعنى (على) أو يقال: إن المراد بالسماء جهة العلو ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ يعني من في جهة العلو.
ربَّنا اللهَ الذي في السماء، يعني في جهة العلو، وتقارض الحروف وارد في الكتاب والسنة، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- لا يميل إليه ويُرجِّح تضمين الأفعال على تقارض الحروف، على كل حال دلالة الحديث -إن صح- كدلالة الآية على أن الله -جلَّ وعلا- عالٍ على خلقه مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، وهذا تقدم الكلام فيه.
تقدس اسمك، التقديس والتقدس التطهر، اسمك، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض يعني أمرك نافذٌ وكائنٌ في السماء والأرض، كما رحمتك يعني: كما أن رحمتك يا ربنا في السماء اجعل رحمتك في الأرض، مفاد الخبر أن الرحمة في السماء فقط، وأنها ليست في الأرض، والنصوص تدل على أنها في السماء وفي الأرض أيضًا، والله -جلَّ وعلا- أرسل جزءًا من مائة جزء من رحمته، وجعلها بين الناس يتراحمون به، فرحمته كما هي في السماء هي أيضًا في الأرض، إلا أن بين يديه مريضًا محتاج إلى الرحمة فيريد أن تنزل الرحمة على هذا المريض فيُشفى من مرضه بهذه الرحمة أو بسبب هذه الرحمة، فيريد نزولاً خاصًا على هذا المريض، وإلا فالرحمة موجودة في الأرض كما هي موجودة في السماء، هل معنى هذا أن هذا المريض مع تلبسه بالمرض لا يتمتع من شيء من رحمة الله -جلَّ وعلا- هو مرحوم على أي حال مرحوم؛ لأنه لولا هذه الرحمة لأصابه من المرض ما هو أشد، بل رحمه الله -جلَّ وعلا- وأصابه بهذا المرض الذي هو دون غيره في الجملة، وما من مرض إلا وهناك مرض أشد منه، وما من بلوى إلا وهناك ما هو أعظم منها، ولو لم يكن من رحمة الله -جلَّ وعلا- لهذا المريض إلا أنه مسلم مأجور على مرضه على مصيبته لكن إنزال هذه الرحمة إلى الأرض إنما هو إنزال خاص على هذا المريض من جهة خاصة وهي شفاء هذا المرض.
طالب: .............
لكنها موجودة في الأرض.
طالب: .............
بالنسبة لهذا المريض؟ ما يلزم، هذا المريض محتاج إلى..، إذا كانت نسبة ما أُنزل من الرحمة بنسبة واحد بالمائة فبها يتراحم الخلق كلهم، فلا شك أن هذا المريض محتاج إلى رحمة الله ومحتاج إلى عافيته وشفائه. اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حُوبنا يا ربنا يا الله اغفر لنا حُوبنا، يعني ذنوبنا الكبيرة وخطايانا الصغيرة، يعني: اغفر واستر وتجاوز عما اقترفناه من معاصٍ كبيرة كانت أو صغيرة، أنت رب الطيبين، وهو أيضًا رب العالمين، رب الجميع، رب الطيبين وغيرهم، رب المؤمنين الموحدين ورب غيرهم، فهو رب العالمين.
أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك، تخصيص الطيبين في هذا السياق كأنه إشارة إلى أن هذا الرجل المريض من الطيبين فهو مستحق لهذه الرحمة، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا المريض الوَجِع، الوَجِع صيغة مبالغة فَعِل، فَيَبْرَأَ أو فَيَبْرَأُ؟
طالب: ..................
فَيَبْرَأَ، لماذا؟
طالب: ..................
بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة في جواب الطلب فيبرأَ.
طالب: ..................
الوَجِع يعني على هذا المريض صيغة مبالغة.
يقول الشيخ -رحمه الله-: حديث حسن، هذا موجود في كل النسخ أو بعضها دون بعض؟
طالب: ..................
ما علينا من التعليق -الله يصلح قلبك- علينا من كلام الشيخ الآن، الشيخ يقول: حديث حسن، وسبق أن قال في حديث: «عَجِب ربنا من قُنُوْط عباده وقُرْب غِيَرِه ينظر إليكم أَزِلِيْن قَنِطِيْن فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب»: حديث حسن، وأشرنا إلى أنه حديث ضعيف، وهذا أيضًا ضعيف، والذي يليه: «أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت» حديث حسن، يقول: وهو حديث ضعيف، يعني كأن هذا شيء مطّرد أنه يعبر عن الضعيف بالحسن؛ لأنه -رحمه الله- يرى أنه ما ثمَّ إلا صحيح أو ضعيف، وأن الضعيف الذي يشير إليه الإمام أحمد -رحمه الله- أنه هو الحسن في اصطلاح الترمذي، الآن نستحضر هذا، هذا مر عليكم في المصطلح أن الإمام أحمد عُرف عنه وثبت عنه أنه يحتج بالضعيف في الفضائل، وشيخ الإسلام لا يرى هذا الرأي، فيوجه كلام الإمام أحمد -رحمه الله- أن المراد بالضعيف هو الحسن في اصطلاح الترمذي ومن جاء بعده، وأنه لا يُعرف في عصر الإمام أحمد تقسيم الحديث إلى ثلاثة أقسام، وأنه ما ثم إلا ثابت أو غير ثابت، صحيح أو ضعيف، إذا كان هذا اصطلاحه يمشي كلامه هنا؟ حديث حسن في ثلاثة مواضع وهو ضعيف؟ لكن أهل العلم على التضعيف، والآفة موجودة، العلة موجودة، كلام الشيخ -رحمة الله عليه- حينما وجه كلام الإمام أحمد بأن مراد الإمام أحمد بالضعيف حينما قال: يُحتج بالضعيف في الفضائل دون الأحكام، مراده بالضعيف: الحسن، فهل نقول: إن مراد الشيخ -رحمه الله- بالحسن الضعيف فنقلب كلام الشيخ ويمشي مضبوط؛ لأن ثلاثة مواضع متتابعة، يقول: حسن وهو ضعيف، هل نقول: إن مثل هذا يخفى، الشيخ -رحمه الله- علل هذه الأحاديث تخفى على الشيخ ما يمكن.
طالب: .................
لا، يحكم بكثرة هذا الأصل عنده، الضعيف ضعيف.
طالب: ................
هو الذي يجعل النفس تجزم بأن مراده بالحسن الحسن في دائرة القبول، يعني الحسن المقبول لا الحسن الذي هو مرادف للضعيف.
الآن شيخ الإسلام حينما يوجه كلام الإمام أحمد يريد أن يجعل الضعيف في دائرة القبول في تعبير الإمام أحمد، لا العكس كما هنا؛ ولذلك الإمام أحمد يذكر هذه الأحاديث أدلة في مسائل عقدية لا يُختلف في اشتراط القبول لها، لا يُختلف بين أهل العلم في اشتراط أن يكون الخبر في دائرة القبول إما صحيح أو حسن، على أقل الأحوال الحسن المقبول لا الحسن المراد به الضعيف، ولا يريد شيخ الإسلام -كما قيل في توجيه كلام الترمذي- أن المراد حُسْن اللفظ؛ لأنه يسوقها محتجًا بها، نعم هي مع غيرها من الأدلة التي تدل على المراد أدلة ثابتة ثبوتًا لا مراء فيها، فهي مع غيرها، وقبول الخبر إذا كان مع غيره محتمل عند أهل العلم، بخلاف ما إذا لم يكن معه غيره مما يدل على المسألة، كلام شيخ الإسلام في توجيه كلام الإمام أحمد أولاً يُفهم منه أن لفظ الحسن لا يعرف التعبير بالحسن قبل الترمذي، نقول: هو معروف حتى في كلام الإمام أحمد حسن أحاديث، وفي كلام من قبل الإمام أحمد في كلام من أقران الإمام أحمد ابن المديني وابن المعين، ومن قبلهم كالشافعي وُجد، لفظ الحسن في لفظ البخاري أيضًا موجود التعبير بالحُسن، نعم أول من حصر القسمة في الثلاثة الخطابي وهو بعد الترمذي، الخطابي متوفى سنة ثلاثمائة وستين تقريبًا أو ثمانين، المقصود أنه في الرابع هو أول من حصر القسمة في الثلاثة، لكن لا يعني أن القسمة غير موجودة، الأقسام الثلاثة غير موجودة في كلام من تقدم، نعم أول من شهر الحديث الحسن الترمذي، لكن هو موجود في كلام شيوخه وشيوخهم، فكلام شيخ الإسلام -رحمه الله- فيه ما فيه، الأمر الثاني أن كلامه وحمله كلام الإمام أحمد في مراده بالضعيف الحسن يجعل الإمام أحمد لا يقبل الحسن في الأحكام؛ لأنك إذا قلت الإمام أحمد يقبل الضعيف في الفضائل دون الأحكام وجعلت الضعيف هو الحسن، شل الضعيف وقل: إن الإمام أحمد يقبل الحسن في الفضائل لا الأحكام، وهذا لا يقول به أحد، لا يقول به أحد نقلاً عن الإمام أحمد، وإلا معروف أن أبا حاتم وأبا زُرْعَة لا يقبلان الحديث الحسن مطلقًا كالضعيف، وأبو بكر بن العرب وجمع من أهل العلم يرون هذا الرأي، لكن عامة أهل العلم على قبوله في الأحكام وفي الفضائل وفي غيرهما من أبواب الدين، المقصود أن الحديث ضعيف الذي تقدم ضعيف كما أشرنا إليه سابقًا، وحديثنا هذا في رقية المريض أيضًا ضعيف رواه أبو داود وأحمد وابن عدي وهو ضعيف بل ضعيف جدًا في إسناده زيادة بن محمد الأنصاري منكر الحديث، يعني في معرض حشد الأدلة، وهذه مسألة منهجية ينبغي أن يُعنى بها طالب العلم، شيخ الإسلام لا يرى الاحتجاج بالضعيف مطلقًا، لكنه في معرض سياق الأدلة يقول: لا مانع من إيراده كإيراد أخبار الأمم السابقة وما جاء عنها؛ لأن الحكم قام بغيرها فأنت تذكر الدليل من القرآن وما صح من السنة وما دونه إلى أن تصل إلى الضعيف، وتصل أيضًا إلى ما ينقل عن الأمم السابقة من أخبار بني إسرائيل مما هو في المسألة لا أنك تحتج به وتعتمد عليه، العمدة في غيره؛ ولذا في كتاب التوحيد للإمام المجدد -رحمه الله- استدرك بعض الناس بعض الأحاديث، لكن هل الشيخ اعتمد على هذه الأحاديث أو صدر الباب بآية ثم أحاديث صحيحة، ثم أورد هذا الحديث على طريقة شيخ الإسلام، فالحكم ثابت بغيره.
طالب: ................
إذا كانت الآية أو كان النص الصحيح محتملاً لأمرين على حد سواء، انتبه، جاز الترجيح بالضعيف؛ لأننا ما اعتمدنا على الضعيف، اعتمدنا على الاحتمال المقبول في النص الصحيح من آية أو حديث وجعلنا الضعيف مرجِّح وأشار إلى هذا ابن القيم -رحمه الله- في (تحفة المودود في أحكام المولود).
يقول: حديث حسن رواه أبو داود وغيره، ورواه أيضًا أحمد وابن عَدِيّ، وعرفنا أنه ضعيف جدًا.
طالب: .............
هذا الذي ذكرناه وقلنا: هل مراد شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- بالحُسْن الاصطلاحي الذي هو في دائرة القَبُول الذي يقبل في الأحكام وغيرها حتى في العقائد عند أهل التحقيق؟ أو أنه يريد به الضعيف الذي ضعفه ليس بشديد وهو مجبور بما قبله وما بعده؟ على كل حال الذي يظهر أنه إنما ساقه مساق الاستدلال، وعنده ما يغني عنه، لكن لا يلام الشيخ -رحمه الله-؛ لأن معوله وعمدته على ما صح.
وقوله: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» هذا الحديث متفق عليه في الصحيحين، ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، وذلك حينما قيل له -عليه الصلاة والسلام-: اعدل، فقال: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء»؛ لأنه جاءه من الزكاة ما بُعث إليه من اليمن ففرقها بين أربعة من أهل نجد وترك غيرهم، فقيل له: اعدل، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» والأصل ألا تأمنونني؛ لأن النون الأولى نون الفعل الذي هو من الأفعال الخمسة والنون الثانية نون الوقاية، فهل المحذوف هنا نون الفعل أو نون الوقاية؟
طالب: .................
لا، ما هو منصوب متجرد.
طالب: .................
لا بدل الفعل مرفوع، والأصل أن يقال: ألا تأمنونني.
طالب: .................
المحذوف نون الفعل لماذا؟
طالب: .................
يعني ألا يستقيم أن يقال: ألا تأمنونني؟ يعني لو مر غريب بنفر قال لهم وعرض عليهم وحضهم ونبههم: ألا تكرمونني؟ هذا هو الأصل، الأصل أن الفعل فيه نونان، لكن أجازوا حذف النون في مثل هذا جواز عندهم؛ لأن فيه نونين وإحداهما تكفي عن الأخرى.
«ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء»، والشاهد في قوله: «من في السماء»، وهذا من أدلة العلو؛ لأن السماء هي جهة العلو، والله -جلَّ وعلا- في هذه الجهة. حديث صحيح وهو متفق عليه، وقوله: والعرش فوق الماء لما ذكر السموات وما بين كل سماء والتي تليها، قال: والعرش فوق الماء والله فوق العرش، والله -جلَّ وعلا- فوق العرش، وهو الظاهر -كما سيأتي- وليس فوقه شيء، فهذه من أدلة العلو، وأدلة العلو النقلية والعقلية لا تكاد تحصر، ذكر منها ابن القيم -رحمه الله- في الصواعق أكثر من ثلاثين وجهًا، وذكر في النونية قريبًا من ذلك، وذكر في إعلام الموقعين أيضًا، المقصود أن هذه الصفة العلو ثابتة لله -جلَّ وعلا- بجميع أنواعه علو الذات وعلو القدر وعلو القهر، وللحافظ الذهبي -رحمه الله- كتاب بهذا الاسم كتاب العلو حشد فيه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال سلف هذه الأمة ما يفوت الحصر وفاته أيضًا شيء كثير، والله فوق العرش وهو يعلم ما أنت عليه، ثم قال بعد ذلك: حديث حسن، يعني لئلا يظن ظان أنه لما كان في جهة العلو وبين السموات هذه المسافات وبين السموات والعرش ما ذكر، والله فوق العرش، قد يتوهم إنسان أنه مع هذا البعد أنه يخفى عليه خافية، فالله -جلَّ وعلا- يعلم السر وأخفى، يعني ما هو أخفى من السر يعلمه، ثم قال: وهو حديث حسن، عندكم حديث حسن.
طالب: ....................
موجودة في كثير من النسخ الخطية، وهو حديث صح موقوفًا على ابن مسعود، ومثل هذا لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع، رواه أبو داود وغيره.
وقوله للجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال للجارية لما جيء بها، أو جاء بها من يريد عتقها، اختبرها النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة» رواه مسلم، تكفي هذه الأسئلة لمعرفة إسلام من كان على غير الإسلام، تكفي لو جيء بشخص ليُعتق وكان على ديانة أخرى يكفي أن يقال له: أين الله ومن محمد مثلاً؟ لأنه قال لها: «أين الله» قالت: في السماء، قال: «من أنا» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة»، يعني هل مجرد الاعتراف بأن الله في السماء مع الاعتراف برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- يكفي في إدخال المرء للإسلام أو أن كل إنسان بحسبه، كل إنسان بحسبه، يعني لو جاء نصراني مثلاً ودخل في الإسلام يكفي أن يختبر بمثل هذا، أو نقول: ما قولك في المسيح؟ ما قولك في مريم؟ ما قولك في العقائد التي اشتهرت عندهم؟ فإن تبرأ منها حُكم بإسلامه مع نطقه بالشهادتين، وقل مثل هذا في اليهودي، وقل مثل هذا في البوذي، وقل مثل هذا في أي ديانة أخرى، وكذا إذا كفر المرتد بإنكار شيء معلوم من الدين بالضرورة، أو بإثبات شيء معروف، نفيه من الدين بالضرورة لا يكفي أن ينطق بالشهادتين، بل لا بد أن يُثبت ما نفى، وأن ينفي ما أثبت؛ ولذلك قال: «أين الله» قالت: في السماء، وهذا هو الشاهد وحكم بإيمانها؛ لأنها قالت: في السماء، قال: «من أنا» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة»، فدل على أن العتق إنما هو للرقبة المؤمنة دون الكافرة، العتق في الكفارات إنما هو للرقبة المؤمنة، فلا بد أن تكون الرقبة المعتقة مؤمنة، فلا يُجزئ عتق الكافر عند جماهير أهل العلم، نعم جاءت الرقبة مطلقة في كفارة الظهار وكفارة الجِماع في نهار رمضان وفي كفارة اليمين، ثم جاءت مقيدة في كفارة القتل، وعامة أهل العلم حملوا المطلق على المقيد؛ للاتحاد في الحكم ووجوب الإعتاق وإن اختلف السبب، والحنفية لا يرون التقييد في مثل هذه الصورة. رواه مسلم. ثم بعد ذلك قال: أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت، وهذه منزلة المراقبة، وأطال ابن القيم -رحمه الله- في الكلام في مدارج السالكين وهي أيضًا مرتبة الإحسان في حديث جبريل لما سأله عن الإحسان، قال: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» لا بد من المراقبة لتؤدى العبادات؛ لأن الذي يراقب الله -جلَّ وعلا- كأنه يراه لا بد من أن يحسن العبادة؛ لأنه فرق بين عبادة الغيب وعبادة الشهادة، يعني وأنت تنفذ أوامر الأب وأنت بين يديه يختلف وضعك عن تنفيذ أوامره في حال الغيب، وأنت تؤدي الوظيفة والمدير أو المسؤول مطَّلع عليك يختلف عن تأديتها في حال غيبتك عنه، وإن كانت هذه الأمور وهذه الأوامر يجب أن تكون الرقابة مع الله -جلَّ وعلا- لا للمدير ولا لغيره؛ لأن هذه مما يتعبد بها هذه إذا كانت في غير معصية وهي طاعة للأب أو لولي الأمر هذه مما يتعبد بها أفضل، الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت، قال الشيخ أيضًا: حديث حسن، وتفرد به عثمان بن كثير قالوا: لم يُذكر بجرح ولا تعديل، وهذه المسألة مسألة اهتم بها أهل العلم، كثيرًا ما يذكر البخاري الراوي في تاريخه الكبير ولا يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وابن أبي حاتم يذكر الراوي ولا يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، هذا كثير عندهما، منهم من يرى أنه إذا سكت عنه البخاري أو ابن أبي حاتم فهو ثقة، وهذا منهج الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- كثيرًا ما يكون ذكره البخاري وابن أبي حاتم فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً فهو ثقة، وقد يقول: فهذه أمارة توثيقه، والصواب في هذه المسألة أنهما لم يطلعا فيه على جرح ولا تعديل فهو مجهول، وفي مقدمة الجرح والتعديل ذكر ابن أبي حاتم أنه ذكر بعض الرواة ولم يقف فيهم على جرح ولا تعديل وبيض للحكم، فعلى هذا قول من يرى التوثيق قول مرجوح، فلا ينسب لساكت قول إنما مثل هذا في حيز الجهالة، والشيخ يقول: حديث حسن، فهل الشيخ ممن يرى أن لم يذكر فيه جرح ولا تعديل، يعني لا يوجد فيه رد ما يقتضي حديثه من التجريح ولا ما يقتضي القبول من التعديل، فحينئذٍ يتوسط فيه، يتوسط في أمره فلا يقال: ضعيف؛ لأنه لم يجرح، ولا يقال: صحيح؛ لأنه لم يوثق فيتوسط في أمره، وإن كان ابن حبان مثل هذا إذا روى حديثًا ليس فيه ما ينكر عليه أنه يدخله في ثقاته ويخرج عنه في صحيحه، لكن هذا من تساهله -رحمه الله-.
طالب: هل نقول: إن الأصل في الراوي الاتهام أم ...
إذا جاءنا الرواي الذي لا نعرف عنه شيئا، أولا: لا بد أن يكون عدلاً ليكون مقبول الرواية والشهادة {أشهدوا ذوي عدل منكم} لا بد من أن تثبت العدالة، وإذا لم تثبت العدالة فهو في حيز الجهالة لم يتحقق الشرط شرط العدالة.
طالب: ..............
ما نقول اتهام ولا غيره؛ لأن الأصل في المسلم يعني الأصل في الإنسان أنه ظلوم جهول، هذا الأصل في الإنسان، ومع ذلك إذا أسلم فالأصل أن المسلم بناؤه على الستر، لكن القبول قدر زائد على مجرد التعامل، يعني تتعامل معه على أنه مسلم بريء من جميع ما يتهم به حتى تثبت التهمة، هذا الأصل، لكن إذا أردت أن تتعامل معه على أساس أنه يشهد بحق لمسلم على غيره، هذه حقوق العباد إذا أدى حديثًا وأنت لا تعرف، وأنه لا بد من شرط العدالة؛ لأن العدالة ما ثبتت إلى الآن يعني مجرد الإسلام يعني من أهل العلم من لم يشترط في قبول الراوي قدرًا زائدًا على الإسلام، لكن لا شك أن هذا قول في غاية التساهل، بل لا بد أن يعرف بالعدالة؛ ولذلك يطبقون على أن الجهالة منهم من يجعلها جرحًا مباشرة، يضعف الحديث بالراوي المجهول، ومنهم من يجعل الجهالة عدم علم بحال الراوي، ومع ذلك لا يقبل حديثه بل يتوقف فيه، يعني من أهل العلم من يرى أن الجهالة قادح في الراوي فيُرد حديثه بسببه، فيقال: الحديث ضعيف؛ لأن فيه فلان وهو مجهول، ويؤيد ذلك جعلهم الجهالة في مراتب الجرح، ومنهم من يقول: إن الجهالة عدم علم بحال الراوي، ويومئ إلى ذلك صنيع أبي حاتم في كثير من الرواة الذين قال فيهم: مجهول، أي لا أعرفه، فليست بقادح لهذا كون أبي حاتم لا يعرفه قد يعرفه غيره وحينئذٍ يتوقف في الحكم على الحديث حتى يعرف هذا الراوي، يعني ما يحكم عليه مباشرة، والحافظ ابن حجر في النخبة يقول: ومن المهم معرفة أحوال الرواة جرحًا أو تعديلاً أو جهالة، فجعل الجهالة قسيم لا قسم من الجرح، فعلى هذا لا بد أن يكون الراوي معروفا بالعدالة.
وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قِبَل وجهه ولا عن يمينه، فإن الله قِبَل وجهه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه» متفق عليه، شيخ الإسلام في العقيدة الحموية يقول -رحمه الله تعالى-: كذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قِبَل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه» الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قِبَل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوق، فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس أو القمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه، كانت أيضًا قبل وجهه، يعني وهي في السماء؛ لأنه حينما يناجيها يرفع رأسه إليه، لكن هل المصلي حينما يصلي يرفع رأسه إلى جهة العلو؟ هل كلام الشيخ مطابق لما نحن فيه؟ يعني كلامه في الحموية يقول الشيخ -رحمه الله تعالى-: وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قِبَل وجهه فلا يبصقن قِبَل وجهه» الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوق فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه كانت أيضًا قبل وجهه، متى تكون قِبَل وجهه؟
طالب: .............
هذا بالنسبة للشمس والقمر، كذلك يعني إذا كانت قريبة من الأرض في الرؤية، قريبة من الأرض، فهي في السماء في جهة العلو، ومع ذلك قِبَل وجهه، وإذا كان هذا في المخلوق -مع أنه مدرك، المخلوق مدرك وما يتعلق به مدرك- فكيف بالخالق الذي لا يدرك ما يتعلق به إلا من قبله؟ ولذلك هناك أمور تحار فيها العقول، يعني حينما يقال: الله -جلَّ وعلا- في السماء مستوٍ فوق عرشه، والمصلي ينظر في مسجده موضع سجوده، يعني مثل هذا لا شك أنه محير، يعني إذا تُصوِّر هذا في الشمس إذا كانت في جهة المغرب أو القمر أو السماء في طرفها، فما على المسلم في مثل هذه الحال إلا التسليم، وأهل العلم يقولون: قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، ومثل هذا في النزول الإلهي -كما تقدم- مع كونه على عرشه فشيخ الإسلام يقرر أنه ينزل حقيقة في الثلث الأخير من كل ليلة، ومع ذلك لا يخلو العرش منه، مثل هذا يتعلق بالخالق الذي لا تدركه الأوهام ولا تبلغه الأفهام.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقوله: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قِبَل وجهه إذا قام إلى الصلاة» هل هذا مثل قوله -جلَّ وعلا-: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} يعني هذا قبل الدخول في الصلاة أو بعد الدخول فيها بدليل «فإن الله قِبَل وجهه» وهذا في أثناء الصلاة، طيب إذا قام الإنسان إلى الصلاة قبل الدخول فيها له أن يبصق قِبَل وجهه أو ليس له ذلك قبل الدخول فيها؟ يعني لا يبصق مطلقًا إلى جهة القبلة، يعني تنزه جهة القبلة عن البصاق. «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قِبل وجهه ولا عن يمينه، فإن الله قِبَل وجهه» إذا كان معه منديل أو أراد أن يبصق في ثوبه أو في شماغه؛ لأنه في مسجد لا يجوز أن يبصق على الأرض وهو في المسجد، البصاق في المسجد خطيئة فأراد أن يبصق في المنديل وهو في الصلاة ينحرف عن القبلة أو إلى جهة القبلة، وهو في المنديل أو ثوبه ينحرف عن القبلة إلى جهة اليسار؟ نعم ينظر إلى الأسفل كأنه يبصق بين تحت قدمه، ومن هذا يمكن أن يؤخذ من هذا الحديث في الصلاة وخارج الصلاة أن المناديل النظيفة تكون في جهة اليمين، والمستعملة تكون في جهة الشمال وإيش معنى هذا؟ أنه يجعل المناديل النظيفة قبل الاستعمال في جيبه الأيمن فإذا استعملها وضعها في جيبه الأيسر، يعني أخذًا من هذا الحديث «فلا يبصقن قِبَل وجهه ولا عن يمينه»؛ لأن جهة اليمين في الجملة محترمة، وجاء في بعض الروايات «أن يمينه ملكًا»، وهذا وإن كان في الصلاة إلا أن جهة اليمين عمومات النصوص تدل على أنها محترمة أكثر من الشمال.
«إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قبل وجهه» هذا البصاق الفضلة التي تخرج بواسطة الفم، وقل في حكمها المخاط الذي يخرج من الأنف حكم واحد، فماذا عن الماء إذا شرب منه الإنسان فوجده باردًا لو ابتلعه لأضر به فمجه، هل يأخذ حكم البصاق؟ أو نقول: هذا ماء نظيف ما فيه إشكال؟ وبصقه في المسجد وهو ماء نظيف، هل يأخذ حكم البصاق فيكون خطيئة؟ أو نقول: إن الماء أمره سهل، والماء طهور ما فيه إشكال؟ يعني لو أنت تشرب انكب منك ماء على الأرض في المسجد، يقال: اغسله، أو أرق عليه ذَنُوْبًا من ماء أو شيء؟ لا أبدا، طَهور أنت أعطيت ماء لتشرب، طلبت ماء فأعطيت ماء فوجدت البرودة زائدة على ما تستطيعه في العادة؛ لأن البارد يؤثر على كثير من الناس، فخشية من أن تتأثر به وتصاب بمرض بصقته، هل لك أن تبصقه في المسجد ويختلف حكمه عن حكم البصاق؟ ماء طَهور ما فيه إشكال بخلاف البصاق أو المخاط، أو نقول: إن المسجد ينظف عن مثل هذا وينزه عن مثل هذا، وهو ماء ما تغير يعني طيب، افترض أنك تتوضأ في المسجد وضوء والماء الذي ينزل منك طاهر ما فيه إشكال، وجاءت المضمضة فمجيت الماء في المسجد كله عمد، الذي بصقه الذي مجه بعد أن تمضمض به مثل الذي مجه بعد أن اكتشف أنه لا يناسبه صحيًا.
طالب: ..............
أنا أريد الفرق بين مثل هذا الماء الطيب الطاهر الذي أدخل الفم ثم أرجع منه ولم يتغير، وما أصيب بأي أذى أو قذر، هل يختلف هذا عن صب الماء من الإناء النظيف؟ لا شك أن فيه شبه من البصاق؛ لأنه من نفس المخرج، يخرج وفيه شبه من الماء النظيف، باعتبار أنه لم يتغير ولم يتلوث بشيء، وحينئذٍ يستعمل فيه قياس الشبه، طيب أنت ماذا تصنع بالماء إذا كنت تتضرر بشربه، يعني تمسكه حتى تخرج من المسجد فتمجه، لا شك أن هذا أكمل، نعم لكن إذا كان بينك وبين خارج المسجد مفاوز، أنت بقرب الكعبة مثلاً فشربت من الماء ووجدته باردًا بردًا شديدًا، ولا بد أن تخرج إلى خارج المسجد لكي تمجه.
طالب: .............
يعني هذا المج لا أثر له كأنه من الإناء، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مَجَّ في وجه محمود بن الربيع من الدلو، وقد عقل هذه المجة وعمره خمس سنين، قد يقول قائل: إن كل إنسان يتمنى مثل هذه المجة، لكنه لا يتمناها من فلان أو علان فوُجد الفرق، وعلى كل حال أنا شاهدت بعيني من كبار العلماء الملتزمين المتمسكين بالسنة شرب من الماء فمجه في المسجد، نعم عمله ليس بحجة، لكن في مثل هذه الأحوال التي يتردد فيها الأمر بين هذا وهذا قد يرجح بفعله.
طالب: ..............
ما فيه شيء، المسألة مضمونة ما فيه شيء، لكن لو كان فيه صار الحكم له.
طالب: ..............
السؤر طاهر، لكن من يقول: إن المراد بالسؤر المُخرج من الفم، السؤر الذي يبقى في الإناء هذا السؤر.
طالب: ..............
هو إذا قلت أنه طاهر ويجوز في المسجد ما فيه إشكال، حتى لو أخذت من هذا الإناء وكببته في جهة القبلة ما أحد يلومك؛ لأنه ماء طهور.
طالب: ..............
إذا كان مما يُستقذر في العادة لا شك أنه في مجتمعنا مُستقذر، ورأيناه في مجتمعات كثيرة ليس بمستقذر، رأيناهم في بعض المجتمعات لا يستقذر، بل حكمه حكم الماء العادي، ورأينا من يوقظ ولده أو أخاه بالمج، بمج الماء في وجهه، على كل حال إن تيسرت صيانة المسجد عن مثل هذه الأمور فهو الأصل، وهذا من تعظيم شعائر الله، وإن لم يتيسر واحتيج إلى ذلك فالأمر -إن شاء الله تعالى- فيه سعة.
طالب: ..............
إذا كان داخل سور المسجد فهو مسجد.
«فلا يبصقن قِبَل وجهه» يعني إلى جهة وجهه ولا عن يمينه فإن الله قِبَل وجهه {فأينما تولوا فثم وجه الله}، ولكن عن يساره الله -جلَّ وعلا- قِبَل وجهه لكن ماذا عن يمينه؟ قِبَل وجهه عرفنا العلة؛ لأن الله قبل وجهه ولا عن يمينه؛ لأن جهة اليمين محترمة شرعًا، وجاء في بعض الروايات «فإن عن يمينه ملكًا»، وأما اليسار فهو لهذه الأمور، جهة الشمال لهذه الأمور، وكذلك تحت القدم.
طيب إذا كان في المسجد هل يسوغ له أن يبصق عن يساره أو تحت قدمه؟ إذا كان خارج المسجد لا مانع يبصق عن يساره أو تحت قدمه، لكن إذا كان في المسجد، هل نقول: إن صيانة ثيابه أولى من صيانة المسجد، وفرش المسجد؟ أو نقول: إنه يبصق في ثوبه ويفركه حتى يزول عين البصاق ولو في المرأى، يعني فيما يُرى ويبدو للناس.
طالب: ................
كفارتها دفنها يقول: أنا أبصق، ثم أدفن، يمكن أن نقول هذا؟
طالب: ................
لكن ماذا عن الفرش، يستطيع أن يدفن في الفرش، إذا كان ترابًا أمر سهل، لكن إذا كان المسجد مفروشًا فلا.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لعله يقصد مختصر الخِرَقِي هذا قيل فيه أنه تصدى له أكثر من ثلاثمائة عالم، وشُرح المختصر أقدم متون الحنابلة صحيح.
لا بأس بها، يعني عليها بعض الملاحظات التي عُدلت وصححت في وقتها، وأما الطبعة الأولى هي المعوَّل عليها، والمعتمد عليها الطبعة الأولى، طبعة الشيخ ابن مانع وهي مصورة في مكتبة كِنْدَة، والله أعلم.
على كل حال، الشيخ رُمي، وأوّل من رماه بهذا ابن بطوطة في رحلته، وقال: إنه نزل من المنبر، وقال: إن الله ينزل كنزوله هذا، ولا شك أن هذه فِرْيَة على شيخ الإسلام، أما الكلام هذا الذي ذكره إن كان أنا لا أذكر هذا الكلام بمجموع الفتاوى، إن كان المراد بهذا فهو تشبيه للنزول بالنزول لا تشبيه النازل بالنازل كتشبيه الرؤية بالرؤية دون تشبيه المرئي بالمرئي.