الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله -جل وعلا-، ويصح الاعتكاف ليلًا عند مَن لا يشترط الصيام، ومَن اشترط الصيام اشترط أن يكون ليلة بيومها، أو يومًا بليلته، وعلى كل حال يجوز ما سُئل عنه، على أن يكون اعتكاف كل ليلة بيومها اعتكافًا مستقلًّا، وإذا خرج في اليوم الذي يليه انقطع اعتكافه، فإذا عاد إلى الاعتكاف في الليلة الثالثة والعشرين -على حسب السؤال، فالليلة الأولى: إحدى وعشرون، والثانية: ثلاث وعشرون-، عاد إلى المعتكَف ولا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى-.
أما مَن ينوي الاعتكاف لمدة ساعة -مثلًا-، فمن أهل العلم مَن يرى أنه لا حدَّ لأقله، وأن أدنى مُكث في المسجد يُسمى اعتكافًا، ويستحبون لمن دخل المسجد في أي وقت كان أن ينوي الاعتكاف، وكُتِب في بعض السواري في مداخل بعض المساجد: (نويتُ سنة الاعتكاف)؛ لتذكير الداخل بأن ينوي هذه السُّنة، ومثل هذه الكتابة بدعة؛ لأن هذه النية لا يُنطَق بها؛ لأن محلها القلب، والصواب أن الاعتكاف لا يحصل بمثل هذا.
والخلاف في أنه هل يصح الاعتكاف من غير صوم؟ ومعلوم أن الاعتكاف: المُكث الطويل عرفًا، بحيث يصدق عليه أنه اعتكافٌ لغةً وعرفًا، وأما مجرد دخول المسجد واللبث فيه المدة اليسيرة فإن هذا لا يُسمى اعتكافًا لا لغةً ولا عرفًا، ولا شرعًا أيضًا، فإنه لم يحصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتكف هذه المدة اليسيرة، وإنما اعتكف في العشر الأواخر، واعتكف معه أزواجه، واعتكف أزواجه من بعده، فهذه سنَّة الاعتكاف الشرعية.
ومَن نوى اعتكاف ليلة واحدة فالليلة تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وإذا اشتُرط الصيام قلنا: لا بد في الاعتكاف من أن يدخل المعتكِف من غروب الشمس إلى غروبها من الغد، يوم كامل؛ ليتخلله الصيام؛ لأن منهم مَن يشترط الصيام، والله أعلم.