أهل العلم يقولون: (مَن نوى الإفطار أفطر)، فإذا جزم بأن يُفطر، وأن يقطع صيامه فإنه حينئذٍ يُفطِر، وبعض طلاب العلم يقول: (ما الفرق بين: "مَن نوى الإفطار أفطر"، وبين: "مَن نوى نقض الوضوء لم ينتقض وضوؤه حتى يخرج منه شيء")؟
الفرق بينهما: أن مَن نوى الإفطار في أثناء الصيام، وهذا نوى نقض الوضوء بعد تمام الوضوء، فإنه لا يؤثِّر، كما لو نوى الإفطار بعد غروب الشمس، أو في المغرب قال: (صيامي هذا أنا لستُ بمرتاحٍ له، وأرى أنه صيام ناقص، وفيه خلل، أُريد أن أصوم يومًا مكانه)، فإنه لا يؤثِّر على صيامه، فبعد الفراغ من العبادة النية لا تؤثِّر، وفي أثناء العبادة النية مؤثِّرة، ويقولون في الوضوء –مثلًا-: (ويجب استصحاب حكمها، ولا يجب استصحاب ذكرها) أي: النية، يعني: أنها مستمرة من أن يشرع في الوضوء إلى أن ينتهي، فيكفيه أنه جاء؛ ليتوضأ، بهذه النية، ثم استصحاب الحكم بألَّا ينوي قطعها –أي: الطهارة- قبل تمامها، فيجب استصحاب حكم الطهارة بألَّا ينوي قطعها قبل تمامها، فإذا نوى قطعها قبل تمامها انقطعتْ بالنية، فلا بد أن يستأنف، كمن نوى الإفطار في أثناء الصيام سواء.
لكن هذا بالنسبة لمن عزم على قطع الصيام، أما مَن تردَّد وأحس بشيء من الحاجة إلى الإفطار، وقال: (إن وجدتُ شيئًا آكله أفطرتُ وإلا فلا)، فالأصل بقاء الصيام، فمَن علَّق الفطر على وجود الشيء يأكله ولم يجد فيبقى على نيته الأولى؛ لأن النية الجازمة ودخوله في الصيام جازمًا به لا يؤثِّر فيه التردُّد، والله أعلم.