أولًا: عورة المرأة عند محارمها فيما لا يظهر غالبًا، وهي عورتها عند النساء، فالذي لا يظهر غالبًا هو ما عدا الوجه والشعر وأطراف اليدين والقدمين، فهذا لا يظهر غالبًا، فلا يجوز أن تبديه لمحارمها ولا للنساء؛ لأن عورتها عند النساء كعورتها عند محارمها، والنساء عُطفنَ ونُسقنَ في العورة في آيتي النور والأحزاب على المحارم، وبهذا نعلم أن قول مَن يقول: (إن عورة المرأة عند المرأة كعورة الرجل عند الرجل) ليس بصحيح، وجرَّ إلى أمور يُدركها مَن يذهب إلى الأفراح ومناسبات الزواج من النساء، حتى بدت العورات، ووصل الأمر إلى العورات المغلظة، وهذا سببه التشبُّث بمثل هذه الفتوى، والناس في تسامحهم وتساهلهم لا حدَّ لهم، والشيطان يؤزُّهم أزًّا. وإبداء العورات من وظائف إبليس الأولى {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 20]، وهذه الوسوسة أين حصلت؟ في الجنة قبل النزول إلى الأرض، فهي وظيفة من وظائفه الأولى، وهي وظيفة أتباعه إلى يوم القيامة من المنافقين والمغرضين، ولذا يقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٥٩]، ثم قال: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [الأحزاب: ٦٠] مباشرةً، فتعقيب الآية الأولى بهذه الآية دليل على أن السعي في إخراج المرأة المسلمة من عفتها وحشمتها ونزع لباسها وظيفة المنافقين الذين هم ورثة إبليس في هذا الباب وفي غيره.
نعود إلى سؤال الأخت، لا شك أن مثل هذه البناطيل وهذه البجامات التي تُلبس في البيوت لا شك أنها تُبدي الأحجام، فإذا بدا الحجم مما يُثير غرائز الرجال ومكامنهم فإن لبسها لا يجوز بحال.
والبنطال أيضًا ليس من لباس المسلمين، وإنما هو لباس الكفار، ففيه التشبُّه. والمرأة عند زوجها يجوز له أن يراها عارية، فما دون ذلك كله مقبول إن سلم من التشبُّه، شريطة أن لا يراها أحد لا كبير ولا صغير، وبعض النساء تتبسَّط مع الأولاد وتتبسَّط مع الخدم وما أشبه ذلك، وكل هذا أثَّر أثرًا بالغًا في البيوت مما لا تُحمد عقباه، فعلى المرأة المسلمة الصيِّنة الديِّنة العفيفة التي ترجو ثواب الله وتخشى عقابه أن تحسم المادة، وفي قول الله -جل وعلا-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: ٣٣] نقل القرطبي في تفسيره أن مِن تبرُّج الجاهلية الأولى شق القميص من الجانبين، وما أشبه الليلة بالبارحة، بحيث يصل في بعض الأحوال إلى الركبة، وإذا أرادت المرأة أن تركب السيارة ظهر ما فوق ذلك، وهذا شيء يُشاهَد في أسواق المسلمين، نسأل الله السلامة والعافية.