الفرق بين ما كان ضعفه محتمَلًا وبين ما كان ضعفه شديدًا

السؤال
ما الفرق بين ما يقول فيه المُحدِّثون: (هذا حديث ضعفه محتمَل) و(هذا حديث ضعفه شديد)؟
الجواب

الضعف المحتمَل: هو الذي ينجبر بوروده من طرق أخرى، وهو الذي ينشأ عن شيء في حفظ راويه؛ بأن يوصف بشدَّة الغفلة -مثلًا-، ومعلوم أنَّ مثل هذا النوع لا يعني أنه لا يَضبط شيئًا بالكليَّة، إنما يكون غالب أحاديثه يُخالِف فيها الناس، ويوصَف بأن ضبطه لا يؤهِّله لقبول حديثه، فمثل هذا ينجبر بوروده من طرق أخرى.

والضعف الشديد: هو الذي لا ينجبر بوروده من طرق أخرى، وهو ما ينشأ عن انتفاء العدالة أو الضبط بالكليَّة، فحديث المُتَّهم بالكذب وما أشبهه؛ لا ينجبر، ولو ورد من طرقٍ كثيرة، فوجوده مثل عدمه.

أما ما ينشأ عن شيء في حفظ راويه؛ فإن هذا الضعف محتمَل؛ لأنه إذا ورد من طرق أخرى؛ دلَّ وروده منها على أن هذا الراوي الموصوف بشيء من خِفَّة الضبط قد ضبطه وأتقنه؛ لأن الطرق الأخرى تقويه.

ثم ما كان ضعفه محتمَلًا، وورد من طرق أخرى، وقلنا بأنه انجبر؛ فإنه إذا كان شاهده مثله -محتملًا-؛ فإنه يرتقي إلى الحسن لغيره عند أهل العلم، وإذا كان شاهده أو طريقه الأخرى التي هي مقوِّية له في الصحيحين، أو في أحدهما؛ فمن أهل العلم مَن يرى أنه يقتصر على درجة الحسن لغيره، ومنهم مَن يقول: إنه يرتقي أكثر من ذلك إلى درجة الصحيح، وكأن الحافظ ابن كثير -رحمه الله- يميل إلى هذا.

وأما ما كان ضعفه شديدًا؛ فإنه لا يقبل الانجبار، ووجوده مثل عدمه عند أهل العلم، ومن أهل العلم مَن يرى أن ما كان ضعفه شديدًا؛ فإنه إذا كثرتْ طرقه -ولو كانت كلُّها ضعفها شديد-؛ فإنها بكثرة الطرق تكون أفضل من الطرق المفردة التي لم ترد إلا من جهة راوٍ واحد، ويرتقي بذلك إلى الحسن لغيره، وعلى هذا عمل السيوطي -رحمه الله-، لكن غيره يرون أن وجود مثل هذا كعدمه؛ لا ينجبر ولا يُلتفت إليه، ولو كثرتْ طرقه.