استيفاء صاحب الدين من المال الذي وُكِّل بإيصاله إلى المدين

السؤال
لي دَيْن على أحد الأصدقاء مكتوب وموَثَّق، وكلما طالبتُه به يَعِدُني ثم لا أرى شيئًا منه، وهذا لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، وعندما كنتُ في إحدى المدن طلب مني أحد الأشخاص أن أوصل لهذا المدين مبلغًا من المال يَقِلُّ عن المبلغ الذي سلفتُه إياه بأربعة آلاف، فهل يجوز لي أن آخذه مكان مالي الذي أخذه مني، وأن أخصمه منه؟
الجواب

أولًا: هذا المدِين الذي يَعِد بأن يسدد ولا يفي لا يخلو:

- إما أن يكون واجدًا قادرًا على الوفاء، فهذا يدخل تحت قوله -عليه الصلاة والسلام-: «مَطْلُ الغني ظلم» [البخاري: 2400]، وقوله: «ليُّ الواجد يُحلُّ عرضَه عقوبتَه» [أبو داود: 3628]، فيحرم عليه ذلك.

- وإذا كان غير واجد فأنت مخاطَب بقوله -جل وعلا-: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، عليك أن تُنظِره حتى يجد، فهو مخاطَب من جهة، وأنت مخاطَب من جهة.

وعلى كل حال مضت السنوات الثلاث ولم يُسدد لك فأُعطِيْتَ مبلغًا من المال لتوصله إليه، فإن كان هذا المبلغ حقًّا له عند هذا الشخص الذي أعطاك إياه فلا بد من إيصاله إليه، أو إخباره بأنك أُعطيتَ كذا، وأخذتَه في مقابل دَيْنك، ومن أهل العلم من يرى أنه لا مانع مادام أنه حقٌّ له ولك دَين في ذمته من باب ما يُسمى بمسألة الظفر، لكن يُخشى أن يُطالِب الشخصَ الذي دفع المال لك بأن يدفع إليه حقه فيقول: أعطيتُه فلانًا. فأنت عليك أن تخبره بأن فلانًا أعطاك له كذا من المال، وتقول له: أنا أستوفيه عن حقي، فإذا سمح لك فلا مانع من ذلك، وإذا أعطيتَه المال وطالبتَه بواسطة الحاكم فإنه لا بد أن ينصفك منه.

وإن كان المال الذي أُعطيت إياه لإيصاله إليه من الزكاة فلا بد أن تسلمه إياه؛ لأن الزكاة تمليك {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60]، ثم بعد ذلك تستوفيه منه، ولا يكفي أن تأخذه من هذا الرجل وتسدد به دينك من غير أن يعرف ومن غير أن يتملك هذا المال.

فعلى الحالين –سواء كان هذا المال زكاةً، أو كان حقًّا له على ذلك الشخص – توصل إليه هذا المال وتقول: هذا أعطاني إياه فلانًا، ثم بعد ذلك تستوفيه منه.