صيام خمسة أيام من شوال

السؤال
ما حكم من صام خمسة أيام فقط من الستة البيض -هكذا كتبها السائل: الستة البيض-، ولم يصم اليوم السادس؟ وهل عليه شيء؟
الجواب

في السؤال يقول: (ما حكم من صام خمسة أيام فقط من الستة البيض؟)، أولاً: البيض ثلاثة أيام من كل شهر: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، ولعله يريد بالستة البيض هذه: ستة أيام من شوال التي جاء الترغيب فيها في قوله –صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر» [مسلم: 1164]، من صام خمسة أيام من الست لا شك أنه يحصل له من أجر هذه الأيام الست بقدر ما صام، ولو قال: إنه يكمل السادس من ذي القَعدة فيكون صام ستة أيام مع رمضان، ورمضان بشهر، والستة كل يوم بعشرة ستين يومًا فكأنما صام الدهر، يقال له: لا، الحكم يختلف؛ لأن صيام الست من شوال ملحقة بصيام رمضان، «ثم أتبعه ستًا من شوال»، ويكون فضل هذه الست كفضل أيام رمضان، يعني صام الدهر بفضل رمضان وإلا لما كان تحديد ستة الأيام بشهر شوال، ولجاء الأمر مطلقًا في أي شهر من الشهور إذا أريد المعنى الأعم، لكنه يراد بذلك معنى خاص، وهنا هذه الستة أُتبعت رمضانَ فأخذت حكمه فيكون صام الدهر كله في حكم شهر رمضان؛ لأن شهر رمضان بعشرة أشهر، والست من شوال بشهرين، فكأنما صام السنة كاملة، وإذا صام خمسة حصل له من الأجر بقدرها، وفاته أجر اليوم السادس، وإذا صامه من شهر آخر يكون له أجره أيضًا، و«من صام يومًا في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» [البخاري: 2840]، على خلاف بين أهل العلم في المراد بسبيل الله، منهم من يقول: المراد بـ«سبيل الله»: الجهاد، وعليه بوّب البخاري -رحمه الله-، ومن أهل العلم من يرى «من صام يومًا في سبيل الله»: يبتغي بذلك وجه الله، فيحصل له الموعود والثواب ولو لم يكن في الجهاد، وفضل الله واسع.

أما من كان عليه قضاء أيام من رمضان وضاق عليه وقت شوال بحيث لا يبقى إلا ما يكفي الست وهو لم يقض ما عليه فهذا إذا صام الست قبل القضاء فلا يتحقق له ما جاء في الخبر حتى يُتبع هذه الست شهرَ رمضان، فيُكمل رمضان ثم يُتبعه ستَّ شوال، وإذا بقي عليه شيء من رمضان فما صح في حقه أنه صام رمضان وأتبعه، وإنما يكون صامه في أثنائه ولم يتبعه، فالمرجح أنه لا يحصل له ذلك إلا إذا أكمل شهر رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال، فيبدأ بالقضاء أولاً ثم يتبعه هذه الست.

وبعض الناس يؤخر القضاء ثم تأتيه الأيام الفاضلة المرغب فيها كيوم عرفة وعاشوراء ثم يقدّم هذا الصوم النفل على القضاء، ومعلوم أنه لا تقبل نافلة ما لم تؤدَّ فريضة، هذا ما اختاره أكثر أهل العلم، ومنهم من يرى أنه لا مانع من أن يقدَّم النافلة ووقت القضاء موسع كمن يتنفل قبل الفريضة في الوقت المتسع، ويستدلون على ذلك بأن عائشة -رضي الله عنها- يكون عليها القضاء من رمضان فلا تتمكن من صيامه إلا في شعبان؛ لحقه -عليه الصلاة والسلام-، لكن أيضًا هذا يلاحظ عليه أنها لا يمكن أن تنشغل بصوم نفل عن حقه -عليه الصلاة والسلام- وتعتذر بتأخير قضاء الواجب لحقه -عليه الصلاة والسلام-! فالمرجّح في هذا أنه يُفرغ من الفرض، ثم بعد ذلك يُؤدَّى النفل، لكن لو كان عليه صيام واجب كنذر مثلاً، هل نقول: إنه لا يصوم ستة أيام من شوال حتى يقضي هذا النذر؟ نقول: يتم له ما جاء الوعد به «من صام رمضان» ويصح في حقه أنه صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال ولو كان في ذمته صوم واجب من نذر ونحوه، فإذا صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال صح في حقه أنه صام رمضان وأتبعه ستًا فيترتب عليه الوعد.