أنواع الإجماع

السؤال
ما الفرق بين قولهم: (أجمع على ذلك عامة أهل العلم)، وبين قولهم: (وهذا إجماع عملي)، وبين قولهم: (إجماع سكوتي)؟
الجواب

كثيرًا ما تطلق (عامة أهل العلم) بإزاء أكثر العلماء، بل جماهير العلماء، وهذا الذي رأيته في تصرّف أهل العلم حين يقولون: قال عامّة أهل العلم، يقصدون بذلك الجماهير، وإن ندَّ عنهم من ندَّ من النَزْر اليسير، فـ(الجمهور) الأكثر، و(عامة أهل العلم) أكثر من الجمهور، فهم السواد الأعظم من أهل العلم وإن خالفهم من خالفهم، ولذا الجمع بين (أجمع) و(عامة أهل العلم) في قولهم: (أجمع على ذلك عامة أهل العلم) فيه شيء من التنافر؛ لأن الإجماع اتفاق الكل، و(عامة أهل العلم) يند فيه البعض عن الكل، وإلا فالأصل أن يقال: أجمع أهل العلم، أو جميع أهل العلم، وهذا المقرر في تعريف الإجماع عند الجماهير أنّه قول جميع المجتهدين، خلافًا لابن جرير الطبري من اختياره أن الإجماع هو قول الأكثر، نُسِبَ إليه هذا القول في كتب الأصول، ويؤيده تصرّفه في تفسيره حينما يذكر الخلاف في معنىً، أو في حكم، أو في قراءة، يذكر قول الأكثر، ثم يذكر قول المخالف، ثم يقول: والصواب في ذلك عندنا كذا؛ لإجماع القَرَأَةِ على ذلك. فالإجماع عنده قول الأكثر، والكلام الوارد في السؤال (أجمع على ذلك عامة أهل العلم) متسق مع قول الطبري، لكن على قول جماهير أهل العلم في تعريف الإجماع لا يتسق؛ لأن فيه شيئًا من التنافر إلا إذا كان قصده بـ(عامة أهل العلم): جميع أهل العلم، فيتفق الكلام ويتسق. ومن ذلك قول الحافظ العراقي في ألفيته: "أجمع جمهور أئمة الأثر" هنا تنافر بين (الإجماع) و(الجمهور)، وهذا توسع في التعبير.

أما الفرق فقولهم: (أجمع عامة أهل العلم)، يحتاج إلى استقراء وحصر لأقوالهم في مسألة من المسائل، وقولهم: (إجماع عملي)، يحتاج إلى استقراء لحصر عملهم بهذا الحكم، وقولهم: (إجماع سكوتي)، يحتاج إلى استقراء لعدم المخالف، فنقوم باستقراء لهذه المسألة، ونتيجة الاستقراء تكون مع عدم مُصَرِّحٍ بالخلاف، ولو سَكت ولا يُدرى ما عنده هل وافق أو خالف بحيث يبلغه الحكم ولم يُعارِض فهذا يكون إجماعًا سكوتيًا.