تصديق مَن يُقسم أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يخبره بصحبة رجل

السؤال
هل يجوز أن أُصدِّق رجلًا يُقسم بالله أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، وأنه أخبره أن فلانًا من الناس كان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو رجل مختلَف فيه بين المؤرخين هل ثبتتْ صحبته أم لا؟ 
الجواب

لا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا رُئي في المنام فقد رُئي حقيقةً؛ لأن الشيطان لا يتمثل به كما قال -عليه الصلاة والسلام- [البخاري: 110]، لكن لا يُرتَّب على هذه الرؤى أحكام لا للشكِّ فيه -عليه الصلاة والسلام- ولكن لضعف إدراك الرائي؛ لأنه في حال نوم، والنائم لا يكون إدراكه كإدراك اليقظان، ولذا لا يثبت بذلك أحكام، ولا تُصحَّح به أحاديث ولو رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحكمُ رؤيته حكم الحقيقة؛ لأن الشيطان لا يتمثل به، لكن الخلل في الرائي، بدليل أنه وإن كان من أضبط الناس وأتقنهم أنه لا يمكن أن يسوق الرؤيا كما حصلتْ، وقد ينسى بعضها ولا يجزم بأن هذا كلُّ ما رآه، فعلى كل حال الرؤيا لا يثبت بها حكم ولا يُصحَّح بها خبر ولا يُضعَّف بها آخر، ومثلُ هذا لا يُعتمد عليه في الرؤى، هذا ما قرره أهل العلم، وذلكم لضعف الرائي في هذه الحال، وإن كان مِن أوثق الناس؛ لأن النائم عرضة لأن ينسى وعرضة لأن تختلط عليه بعض الأمور، ومن شرط قبول الرواية: التثبتُ وجزمُ الراوي بما روى دون تردُّد ودون لَبس، والنائم قد يحصل له شيء من ذلك، ولذا قرر أهل العلم أنه لا يَثبت بالرؤى شيء، ولا تُغيِّر مِن الواقع شيئًا، وكونه أخبره (أن فلانًا كان من أصحابه -صلى الله عليه وسلم-، وهو رجل مختلَف فيه بين المؤرخين هل ثبتتْ صحبته أو لا)، على كل حال لا تَثبت الصحبة بمثل هذه الرؤيا، وإن كان في هذا الخلاف على قولين على حدٍّ سواء -يعني ليس أحدهما بأرجح من الآخر- فالترجيح يكون بالخبر الضعيف كما قرر ذلك ابن القيم في (تحفة المودود)، وعلى كل حال نُعيد ما قدمناه: أن الرؤيا لا يَثبت بها شيء، لكن إن مالت النفس إلى أحد القولين الذي دعمته هذه الرؤيا فيُرجى أن يدخل في قول ابن القيم: إن الترجيح يكون بالخبر الضعيف.