تغيير اسم الكتاب لدى العمل على تحقيقه

السؤال
ما حكم تغيير اسم الكتاب لدى العمل على تحقيقه؟
الجواب

الأصل في المحقق أن يكون أمينًا فيما يتصدى لتحقيقه، ولا يجوز له أن يتصرف في كتب أهل العلم بحال من الأحوال، ولو قُدِّر أنه وجد من العبارات ما هو أنسب مما ذكره المصنف، ولا مانع من أن يُثبت ما ذكره المصنف بحروفه، ثم يقول: (والأولى أن يكون..)، (ولو قال المصنف: اسم الكتاب كذا، لكان أولى) وما أشبه ذلك، هذا الترجِّي فيه سعة، أما أن يهجم على الكتاب ويغير العنوان فلا شك أن هذا مخالف للأمانة العلمية.

وكذلك ما يحتوي عليه الكتاب من تغيير لبعض الألفاظ أو الجمل أو الأحكام التي قد لا يراها مناسبة، لا يجوز له ذلك بحال، وإن رأى أن غير ذلك أولى وأصوب لا مانع من التنبيه عليه في الحاشية. وأهل العلم في كتابة الحديث وضبطه من كتب مصطلح الحديث يقولون: إذا وقع الخطأ في الكتاب، فإن كان في آية من كتاب الله -جل وعلا-، وهذا المثبَت في الكتاب لا يوجَد عند جميع القراء فإنه يلزم تغييره، ويُشار في الحاشية إلى أنه وجد في الأصل خطأ، ويُثبته في الحاشية، ويُثبت الصواب في الأصل، وإذا كان ما يراه خطأً في صلب الكتاب من غير القرآن فإن بعضهم يقول: يلزمه أن يُثبت الخطأ ولو كان خطأً في تقديره، ويُشير إلى الصواب في الحاشية، ومنهم من يقول: يُصحح في الأصل، ويُشير إلى الخطأ في الحاشية، لكن جمع من أهل العلم رأوا الوقوف على ما كتبه المصنف في الأصل؛ لأنه قد يكون في تقدير هذا المحقق أو هذا المعلِّق أو هذا الراوي لهذا الكتاب -يكون في تقديره- خطأً وهو في الحقيقة صواب، وكم وقفنا مِن آثار المحققين على أمورٍ من التعدي على الكتب والتغيير فيما يراه خطأً في الأصل ويغيِّره، ويكون الصواب هو الذي أثبته في الحاشية، وما مال إليه وجعله في الأصل هو الخطأ! وقد يكون هناك راجح ومرجوح، لكن الأصل أن يبقى الأصل كما هو، ويشار إلى الصواب في الحاشية، نعم إذا وُجد في بعض النسخ ما يدل على ما ترجح عنده يقول: (في الأصل كذا، والصواب عندي كما في نسخة كذا) في الحاشية، وإن أثبت الصواب من النسخة المخالفة فيما يراه صوابًا وأشار إلى ما في الأصل وأنه مرجوح، لكن لا بد أن يُثبت الأمرين؛ لأنه قد يأتي من يلوح له الصواب فيما هو مرجوح عند المحقق، وهذا أمر مشار إليه ومبيَّن في كتب المصطلح، والله المستعان.