عموم تحريم الإسبال لصاحب الخيلاء وغيره

السؤال
تساهل الناس كثيرًا في الإسبال، فهل تحريم الإسبال على العموم، أم أنه للمتكبِّر وصاحب الخيلاء؟
الجواب

الإسبال وهو أن ينزل الإزار عن الكعبين جاء فيه «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار» [البخاري: 5787]، ولم يُشترط فيه الخيلاء كما اشتُرط في الحديث الآخر، والحديث الآخر جاء فيه الوعيد الشديد لمن جرَّ إزاره خيلاء -بهذا القيد-، وعقوبته أشد، وذنبه أعظم، بأن لا ينظر الله إليه ولا يزكيه، وهكذا إلى آخره [النسائي الكبرى: 2355]، فالأمر فيه أعظم، ومادام اختلف الحكم في الموضعين بين المطلق والمقيَّد، فإنه حينئذٍ لا يُحمَل المطلق على المقيد؛ لأنه إذا اختلف الحكم فلا حمْل للمطلق على المقيد كما قرَّره أهل العلم، بخلاف ما إذا اتفقا في الحكم -أعني المطلق والمقيَّد- فإنه حينئذٍ يُحمل المطلق على المقيد ولو اختلف السبب، أما إذا اختلف الحكم فإنه لا يُحمل المطلق على المقيد ولو اتفق السبب.

 والمسألة عند أهل العلم في حمل المطلق على المقيد لها أربع صور:

- الأولى: أن يتفق المطلق مع المقيد في الحكم والسبب، وحينئذٍ يُحمل المطلق على المقيد باتفاق.

- والثانية: أن يختلفا في الحكم والسبب، فلا يُحمل المطلق على المقيد بالاتفاق أيضًا -أو شبه اتفاق-.

- والثالثة: أن يتفقا في الحكم ويختلفا في السبب، فإنه حينئذٍ يُحمل المطلق على المقيد.

- والرابعة العكس: أن يختلفا في الحكم ويتفقا في السبب، فلا حمل للمطلق على المقيد.

والأمثلة لهذه الصور على ما يلي:

- فمسألة الاتفاق في الحكم والسبب: جاء الدم مطلقًا {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [المائدة: 3]، وجاء مقيدًا في قوله -جل وعلا-: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [الأنعام: 145] فهو مقيَّد بـ(مسفوح)، وهما متفقان في الحكم وهو التحريم، والسبب أيضًا وهو النجاسة أي: نجاسة الدم، وحينئذٍ يُحمل المطلق على المقيَّد بالاتفاق، وحينئذ لا يَحرم إلا المقيَّد الذي هو المسفوح، وأما ما عداه فيبقى على الإباحة.

- والصورة الثانية وهي فيما إذا اختلفا في الحكم والسبب: فاليد في آية الوضوء مقيَّدة بكونها إلى المرافق، وفي آية السرقة مطلقة، فالحكم مختلف، فهذا غَسْل، وهذا قَطْع، والسبب مختلف كما هو معلوم، وحينئذ لا يُحمل المطلق على المقيد.

- وإذا اتفقا في الحكم وإن اختلفا في السبب: فيُحمل المطلق على المقيد، كالرقبة المعتَقة في كفارة الظهار مطلقة، وفي كفارة القتل مقيَّدة بكونها مؤمنة، فالجمهور على أنه يُحمل المطلق على المقيَّد.

- وعكسها إذا اتفقا في السبب واختلفا في الحكم: كاليد في آية الوضوء وفي آية التيمم، السبب واحد وهو الحدث، ولكن الحكم مختلف، هذا غَسْل، وهذا مَسْح بالتراب، فلا يُحمل المطلق على المقيد، والله أعلم.