اقتصار الشيخ المتقن للفقه على تدريس الفقه وتركه لتدريس العقيدة

السؤال
رجل يجيد علم الفقه، ويحفظ أقوال العلماء فيما يخص هذا الفن، ويُعتَبَر من العلماء في هذا الفن، عقيدته سليمة، ومنهجه سليم، إلا أنه لا يُدرِّس التوحيد والعقيدة؛ بحجة أنه يوجَد علماء يَسدُّون هذا الباب، وهو يكتفي بتعليم الناس الفقه؛ لأنه يجيد هذا الفن أكثر من غيره، هل هذا العمل صحيح؟ وهل يُحذَّر منه؛ لأنه لا يدرِّس العقيدة؟
الجواب

تعليم العلم الشرعي حكمه عند أهل العلم فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد في أي فرعٍ من فروع العلم الشرعي، حتى علوم الدنيا يقولون: ما لا تقوم حاجة الناس إلا به فهو واجب، يعني إن لم يوجد في النجارة، في التجارة، في الزراعة، في الطب، في غيرها مِن العلوم، فلا بد أن يقوم بها أحدٌ من المسلمين، والعلم الشرعي كذلك، فما يُتصوَّر أن الناس يحتاجون في علم التفسير في بلدٍ ما إلى عشرة، فينبري له أعداد كبيرة بالعشرات وتُترك العلوم الأخرى أو العكس! فإذا قام به من يكفي انصرف الباقون إلى علوم أخرى يرون فيها التقصير مِن بعض مَن يحتاج إليه.

على كل حال هذا الأصل، لكن يبقى أنه إذا درَّس الفقه وهو يجيده ويتقنه، وعلم التوحيد والعقيدة لها مَن يتخصص فيها ويجيدها ويتقنها ويقوم به الواجب، ولا يُحتاج معهم إلى غيرهم، على أن يُنبِّه مثل هذا -أستاذ الفقه- على أهمية العقيدة، ودراسة العقيدة، ويُرشدهم إلى مَن يذهبون إليه ممن يُحسن هذا الفن أكثر منه، فلا يُلام حينئذٍ، ومع ذلك لو أنه مع تدريسه للفقه أو الحديث أو التفسير شارك في العلوم الأخرى؛ لينتفع هو أولًا قبل غيره، وينفع غيره، فلا يعني أن الإنسان إذا تخصَّص في الفقه ألَّا يُشارك في تدريس حديثٍ، أو في تدريس تفسيرٍ، أو في تدريس لغةٍ عربية، أو عقيدةٍ، أو ما أشبه ذلك، لكن إذا فُهم من تصرفاته ونَفَسه أنه يَزْهَد ويُزَهِّد في العقيدة فحينئذٍ يُحذَّر منه، أما مجرَّد أنه يدرِّس الفقه ولا يدرِّس العقيدة مع ما يُعرف عنه من سلامة المعتقد ومدح أهل السنة والجماعة وعلماء السنة والجماعة، فإنه حينئذٍ لا يُلام، إلَّا إذا ظهر من تصرفاته أنه يُقلِّل من أهمية علم العقيدة، أو علم التوحيد، والله أعلم.