الحكمة من الابتلاء بشرب الماء في قوله تعالى: {إن الله مبتليكم بنهر}

السؤال
ما الحكمة من الابتلاء بشرب الماء في قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ}، هل كان شرب الماء محرَّمًا أثناء الجهاد؟
الجواب

هذا الابتلاء ابتلاءُ تصفية؛ ليُعلم مَن يصبر على الأوامر والنواهي مِن الذي لا يُطيق الصبر، فالذي لا يصبر عن شرب الماء الذي نُهي عنه من باب أولى ألَّا يصبر على مقاومة العدو؛ لأنه إذا لم يصبر على مقاومة العدو صار ضرره أكبر بكثير من نفعه، فوجوده مما يَفُتُّ في عضد الجيش ويكون سببًا للهزيمة، فمثل هذا إذا لم يصبر عمَّا نُهي عنه مِن شرب الماء فإنه لن يصبر مِن باب أولى على مقاومة العدو، يقول: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249]؛ لأنه عاصٍ لهذا الأمر، فلا يَتبعنا؛ لعدم صبره وثباته، ولمعصيته، {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ} أي: لم يشرب منه {فَإِنَّهُ مِنِّي}، إلا ما استثني من الشيء اليسير {إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}، فحينئذٍ لا جناح عليه في ذلك؛ لأنه قليل، فالمنع بالكليَّة وقد يكون منهم مَن أشرف على الهلاك مِن العطش فيشرب هذه الغرفة، ولعل الله أن يجعل فيها بركةً فتكفيه، ولكن على كل حال هذا الابتلاء إنما هو للتصفية، والله أعلم.