معنى قول الله تعالى: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}

السؤال
ما المعنى المراد في قول الله تعالى في سورة البقرة: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}؟ ومن المقصود بذلك؟
الجواب

في (البخاري) من طريق أبي إسحاق السبيعي قال: سمعتُ البراء –يعني: ابن عازب- قال: «لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كلَّه، وكان رجال يخونون أنفسهم»، فأنزل الله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187] [4508]، بمعنى أنهم في أول الأمر مُنِعوا من إتيان النساء في رمضان.

وفي (تفسير ابن كثير) من حديث البراء -رضي الله عنه- المذكور، لكنه بأبسط من ذلك: (قال: كان أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا كان الرجل صائمًا فنام قبل أن يُفطِر لم يأكل إلى مثلها، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، وكان يومه ذاك يعمل في أرضه -قبل أن يُفطر-، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، فغلبتْه عينه فنام، وجاءت امرأته، فلما رأتْه نائمًا قالت: خيبةً لك! أنمتَ؟ فلما انتصف النهار غُشي عليه، فذكر ذلك للنبي –صلى الله عليه وسلم- فنزلت هذه الآية {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، ففرحوا بها فرحًا شديدًا).

يعني: كانوا إذا نام الإنسان قبل أن يأكل وقد كان صائمًا لا يحل له أن يطأ النساء، ولا يحل له أن يأكل إلى مثلها، وقيس بن صرمة -رضي الله عنه- كان يعمل في نخله -في حائطه-، فلما جاء الفطور سأل زوجته: أعندك طعام؟ قالت: لا، وذهبتْ وانطلقتْ تبحث له عن الطعام، فلما جاءت وجدتْه نائمًا، فهو متعَب من العمل طول النهار وجائع؛ لأنه صائم، فقالت: خيبةً لك، ثم بعد ذلك نزل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، وأُذِن بالأكل والشرب الليل كلَّه، حتى يتبيَّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، قال: "ففرحوا بها فرحًا شديدًا"، والله أعلم.