شك المرأة في حرمة مال زوجها، وتخوفها من إثم الأكل منه

السؤال
شككتُ أن مال زوجي حرام، وقد يكون من الربا، وأعتقد أنه بأكلي منه ستحصل لي الآفات والأمراض، فما الواجب فعله في هذه الحالة، وهل آثم أنا وأولادي لأكلنا من كسبه؟
الجواب

هي في سؤالها لم تجزم بأن المال حرام، فهو مجرد شك، ولا شك أن هذه الشُّبهة تُتَّقى، وليست مثل المحرَّم المجزوم به الذي لا يجوز الأكل منه، فلو كانت تجزم بأنه حرام ومن الربا فلا يجوز لها أن تأكل منه، ومادامت المسألة في حيِّز الشك فلا يُجزم بتحريم الأكل منه، لكن الورع تركه.

وهي تقول: (شككتُ .. وأعتقد)، هذا تناقض، تشكُّ وتعتقد! الشك: الاحتمال المساوي للنقيض، والاعتقاد: هو الجزم الذي لا يحتمل النقيض، فهذا تناقض في العُرف العلمي والاصطلاح، لكن العامة وعموم الناس لا يستعملون كلمة (أعتقد) في معناها الأصلي، فأحيانًا يستعملونها في معنى الظن، أو الشك.

على كل حال هي تقول: إنها تشك في مال زوجها، وحينئذٍ عليها أن تتحرَّى وتتثبَّت، فإذا وجدتْه بالفعل من المال الحرام فلا يجوز لها أن تأكل منه؛ لأن كل جسدٍ نبت على سُحتٍ فالنار أولى به.

وتقول: إنها تعتقد أنها بأكلها منه ستحصل لها الآفات والأمراض، هذا التصوُّر لا يليق بالمسلم أن يربط أعماله فعلًا وتركًا بالأمور الدنيوية، بل عليه أن يُراقب الله –جلَّ وعلا- فيما يفعل وفيما يذر، فعليها حينئذٍ أن تُطيب المطعم بالتأكد مما تأكل؛ لتكن مستجابة الدعوة، وينبت لحمها من حلال.

وعلى كل حال الواجب فعله في هذه الحالة أنها تتأكد وتسأل زوجها، فإن كان من حرام فلا يجوز لها الأكل منه، وإن كان من الحلال فإنها حينئذٍ تأكل منه.

وسأل المروذي الإمام أحمد عن الذي يُعامل بالربا يُؤكل عنده؟ قال: (لا، قد لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– آكل الربا وموكله)، فالآكل وإن لم يكن عاقدًا للربا داخلٌ في عموم لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– آكل الربا. وأما مجرد الشبهة بالشك أو ما دونه فإن هذا يدخل في حديث النعمان بن بشير –رضي الله عنهما- «مَن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه» [مسلم: 1599].

فإذا كانت هذه المرأة تعلم وتجزم أن الكسب حرام فلا يجوز لها أن تأكل منه، وعليها أن تُطالبه بنفقتها ونفقة ولدها من الكسب الحلال، والله أعلم.