تخصيص الرجل بناته الصغار بشيء من أملاكه

السؤال
رجلٌ له أولاد في مختلف الأعمار، ومنهم أربع بنات غير متزوجات وصغار في السن، ويُريد أن يُخصِّص لهنَّ من أملاكه شيئًا معيَّنًا، فهل يجوز فعله؟
الجواب

جاء في الحديث الصحيح في (البخاري) وغيره من حديث النعمان بن بشير –رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطيَّةً، فقالت عَمْرَة بنت رواحة -أم النعمان، زوجة بشير-: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني أعطيتُ ابني من عَمْرَة بنت رواحة عطيَّة، فأمرتْني أن أُشهدك يا رسول الله، قال: «أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا؟»، قال: لا، قال: «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، قال: فرجع فرد عطيَّته [البخاري: 2587]، والولد كما هو معلوم في اللغة والشرع يشمل الذكر والأنثى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11]، فتخصيص البنات وحرمان الأبناء، أو تخصيص الأبناء وحرمان البنات، هذا كله فيه جور، بل لا بُد من التعديل بينهم، فالتسوية بين الأولاد واجبة، سواء كانوا بنين أو بنات، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض، وهذا الحديث نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في المراد، فعلى الأب أن يُسوِّي بينهم.

ويبقى النظر في مسألة التسوية ما معناها: هل معناها أن الانثى تُعطى مثل الذكر في العطية، أو على قسمة الله في المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ مسألةٌ خلافية بين أهل العلم، وقسمة الله –جلَّ وعلا- مُرضيَة في العطية.

وأما بالنسبة للنفقة، فالمسألة مربوطةٌ بالحاجة، فقد تكون حاجة البنت في النفقة أكثر من حاجة الابن، وهذا ظاهر فيما إذا كانت البنت تحتاج إلى أمور مما يحتاجه النساء من الثياب -مثلًا- فثياب البنات أغلى من ثياب الأبناء، أو هذه تحتاج إلى شيءٍ من الذهب فيما جرى به العُرف، والابن لا يحتاج إلى ذلك، أو الابن يحتاج إلى نفقةٍ أكثر؛ لأنه طالب في مرحلةٍ متقدِّمة، ويحتاج إلى مصاريف أكثر مما تطلبه أخته أو أخوه الصغير، هذه مردُّها إلى الحاجة، كما أنه لو قُدِّم الطعام فأكل أحدهم لِكبر سِنِّه ضِعْف ما يأكله أخوه أو أخته، فلا ضير في ذلك، فهذه أمور مردُّها إلى الحاجة.

 

وإذا كان هناك مَن يُخشى عليه أن يحتاج بعد والده فهناك مندوحة بأن يَقف وقفًا على المحتاج من ذريَّته بالوصف لا بالشخص، ما يُقال: على فلان وفلان، لا، إنما يُقال بالوصف: (على المحتاج من ذريتي)، وبهذا ينحلُّ الإشكال، ويزول المحظور، والله المستعان.