تعلُّم القرآن على يد شيخ مُتقنٍ لكنه على غير عقيدة السلف

السؤال
هل لي أن أحفظ وأتعلَّم تلاوة القرآن على شيخٍ مُجازٍ مُتقنٍ للقرآن، إلا أنه على عقيدةٍ غير سلفية؟ وإذا كان الجواب بالجواز فكيف لي التعامل إذا ما خاض في الحديث معي في مثل هذه المسائل العقدية التي يُخالف فيها الحق، أرشدونا -أرشدكم الله- للحق والثبات عليه؟
الجواب

من المأثور عن أهل العلم من سلف هذه الأمة وأئمتها من قولهم: (إن هذا العلم دِين، فانظر عمَّن تأخذ دينك)، والإمام مالك –رحمه الله- يُشدِّد في الرواية عن أهل البدع ويُحذِّر منها، ويقول: (لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيهٍ يُعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحبِ بدعةٍ يدعو إلى هواه، ومَن يكذب في حديث الناس وإن كنتَ لا تتهمه في الحديث، وصالحٍ عابدٍ فاضلٍ إذا كان لا يحفظ ما يُحدِّث به).

فالرواية عن المبتدع لا شك أنه إذا كان يدعو إلى بدعته فلا تؤخذ عنه الرواية، وإذا كانت بدعته مُكفِّرة فمثل هذا لا يُروى عنه ولا كرامة، وإذا نظرنا إلى كُتب السُّنَّة كالصحيحين وغيرهما وجدنا في بعض الرواة مَن رُمي بنوع بدعة، فإذا احتيج إلى الرواية عن المبتدع، وأُمِن جانب التأثُّر به، ولم يوجد هذا العلم عند غيره، فإنه حينئذٍ لا مانع من الرواية عنه مع الاحتياط والتحفُّظ عند الأخذ عنه من التأثُّرِ ببدعته أو نشرِ شيءٍ من أقواله.

وتلاوة القرآن إذا لم يوجد مَن يُعلِّم القرآن غير هذا المبتدع الذي لا يدعو إلى بدعته، ولا ينشر بدعته، وليست بدعته من البدع المُغلَّظة المُكفِّرة فإنه لا مانع حينئذٍ؛ للحاجة، و-كما قيل- كُتب أهل السُّنَّة طافحة كالصحيحين بالرواية عن المبتدعة بهذه الشروط وهذه القيود:

- ألَّا يدعو إلى بدعته.

- وأن تكون بدعته غير مُكفِّرة.

- وأن يُحتاج إليه بحيث لا توجد هذه الرواية عند غيره.

و-مثل ما قلنا- الرواية في الحديث قد يُحتاج إلى هذا المروي عند هذا الشخص إذا كانت الرواية لا تؤيِّد بدعته، فإنه يؤخذ عنه الحديث.

والقرآن لا شك أنه محفوظ من الزيادة والنقصان، ولكن المَخشِي منه أن يؤثِّر هذا المعلِّم في الطلاب لا سيما الذين يتعلمون القرآن وهم صغار، فيُخشى أن يَبُث فيهم مِن بدعته وهم لا يفرِّقون ولا يُميِّزون بين الصحيح والباطل، فمثل هذا يُستغنى عنه بقدر الإمكان، ولا يُحتاج إليه إلا في حال ضرورةٍ إذا لم يُوجد غيره، والله أعلم.