نسيان نية العبادة لله سبحانه في بعض الأحيان

السؤال
أعلم أن النية شرطٌ لصحة العبادات، وأن النية أيضًا تتبع العلم، فإذا علمتُ أني سأصلي العصر –مثلًا- فقد نويتُ، لكن أنسى أحيانًا أن أنوي العبادة لله، مع أني قَسَمًا لا أُريدها إلا لله، فهل هذه وسوسة من الشيطان؟ وهل الأصل في العبادات أنها لله؟
الجواب

لا شك فيما ذكره السائل أن النية تتبع العلم، فلا تحصل نية من عقلٍ خالٍ من العمل أو قصدِ العمل؛ لأن النية هي القصد، فإذا قصد العمل بعد علمه به فقد نواه، وقوله: إنه قد يقصد العمل، ويتَّجه إلى مكان الوضوء ويتوضأ، ويتَّجه إلى مكان الصلاة فيصلي، قاصدًا بذلك حاضرًا قلبه، فإن هذه هي النية الشرعية، وأما كونه قد تعزب عنه نية الصلاة لله، وأنها لله لا لغيره، فلا شك أنه في الأصل مسلم، وأن صلاته لله.

ويبدو -والله أعلم- أن مثل هذا الكلام الداعي إليه نوعٌ من الوسواس، والحافظ ابن رجب له كلامٌ نفيس فيما يتعلق بالنية، يقول: (والنية في كلام العلماء تقع بمعنين:

أحدهما: تمييز العبادات بعضها من بعض، كتمييز صلاة الظهر من صلاة العصر –مثلًا-، وتمييز صيام رمضان من صيام غيره، وتمييز العبادات من العادات، كتمييز الغسل من الجنابة من غسل التبرُّد والتنظُّف، ونحو ذلك، وهذه النية هي التي توجد كثيرًا في كلام الفقهاء وفي كتبهم.

والمعنى الثاني: بمعنى تمييز المقصود بالعمل، وهل هو الله وحده لا شريك له، أم غيره، أم الله -جل وعلا- وغيره، -يعني: فيه تشريك، إما أن يكون خالصًا لله -جل وعلا-، أو يكون خالصًا لغيره، أو يكون شرَّك فيه مع الله غيرَه-، وهذه النية هي التي يتكلم فيها العارفون في كتبهم في كلامهم على الإخلاص وتوابعه، وهي التي توجد كثيرًا في كلام السلف المتقدمين)، وكلٌّ من النوعين مطلوب، فلا بد أن تتميز العبادة عن غيرها، ولا بد أن تكون خالصة لله -جل وعلا-، لا شركة فيها لأحد سواه، والله أعلم.