ترك الدروس الشرعية والتقصير في مراجعة القرآن؛ للانشغال بالوظيفة ودراسة الهندسة

السؤال
هل من توجيه يا فضيلة الشيخ حيث إنني موظف، وأطلب العلم الشرعي، وأحضر الدروس العلمية عند العلماء، ولكنني في الآونة الأخيرة انضممتُ إلى إحدى الكليات الهندسية، فأصبح يومي مليئًا ما بين الأعمال الوظيفية وما بين طلب العلم الدنيوي، فتركتُ الدروس العلمية الشرعية، وقصَّرتُ في مراجعة القرآن؟ وجِّهونا مشكورين.
الجواب

الأصل أن الإنسان مخلوقٌ لعبادة ربه، وهذا هو الهدف من خلق الإنس والجن، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، هذا هو الهدف الشرعي من وجودك على هذه الأرض، وتحقيق الهدف يحتاج إلى شيءٍ من أمور الدنيا التي تعينك على تحقيقه، والله -جل وعلا- يقول: {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، يعني: بقدر ما يحقِّق لك الهدف.

والعلم الشرعي من أفضل العبادات، ومن أفضل ما يقرِّب إلى الله -جل وعلا-، وفيه تحقيق للعبودية، وفيه أيضًا تصحيحٌ للعبودية المطلوبة، فلا تفرِّط فيه من أجل الانغماس في الدنيا وتنتقل من علمٍ شرعي إلى علم من علوم الدنيا الذي تستفيد منه في دنياك، لكن إذا كان على حساب العلم الشرعي فلا ينبغي أن تفرِّط بالعلم الشرعي؛ لأنه من خير ما يُحقَّق به العبودية، ففي نفسه هو علم وعبادة، وهو مصحِّح ومقوِّم للعبادات الأخرى التي قد تكون تعملها على جهلٍ فتفسد وأنت لا تشعر. ولا يمنع أن يطلب من علوم الدنيا ما تقوم به حاجته مع ألَّا يُخلَّ بعبادة ربه ومنها العلم الشرعي، فيحرص أن يوفِّق بين هذا وهذا، ولا يترك العلم الشرعي ويترك تعاهد القرآن الذي حفظه حتى ينساه؛ من أجل انغماسه في أمور الدنيا، هذه هي نصيحتنا له، والله أعلم.