درجة حديث: «كان إذا ركع لا يرفع حتى لا يسمع وَقْع قدم»

السؤال
سمعتُ بعضهم يذكر حديثًا هو «كان النبي –صلى الله عليه وسلم– إذا ركع لا يرفع حتى لا يسمع وَقْع قدم»، أرجو من فضيلتكم تبيين صحة ثبوت هذا الحديث؟
الجواب

في (سُنن أبي داود): عن رجلٍ، عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما- «أن النبي –صلى الله عليه وسلم– كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وَقْع قدم» [802]، ولكن الحديث -كما ذكرنا- فيه: (عن رجلٍ، عن عبد الله بن أبي أوفى)، والرجل مجهول أو مُبهم، ولا بُد من تعيينه، فالحديث ضعيف؛ لجهالة هذا الرجل الذي لم يُسمَّ.

وفقه المسألة كما قال ابن قدامة في (المغني): (فصل: إذا أحس بداخلٍ وهو في الركوع يُريد الصلاة معه، وكانت الجماعة كثيرةً كُرِه انتظاره؛ لأنه يبعد أن يكون فيهم مَن لا يشق عليه، وإن كانت الجماعة يسيرةً، وكان انتظاره يشق عليهم كُره أيضًا؛ لأن الذين معه أعظم حرمةً من الداخل، فلا يشق عليهم لنفعه، وإن لم يشق لكونه يسيرًا، فقد قال أحمد: ينتظره ما لم يشق على مَن خلفه، وهذا مذهب أبي مجلز، والشعبي، والنخعي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وإسحاق، وأبي ثور.

وقال الأوزاعي، والشافعي، وأبو حنيفة: لا ينتظره؛ لأن انتظاره تشريكٌ في العبادة، فلا يُشرع كالرياء.

ولنا –يعني: المذهب عند الحنابلة- أنه انتظارٌ ينفع ولا يشق، فشُرِع كتطويل الركعة وتخفيف الصلاة، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطيل الركعة الأولى حتى لا يسمَع وقع قدم)، وهو الحديث الذي معنا، وهذا في كلام (المغني)، والحديث كما ذكرنا ضعيف.

على كل حال المسألة فيها نفع، وفيها ضرر، نفعٌ للداخل ليُدرك الركعة، وضررٌ على بعض المأمومين الذين يشق عليهم، ولا شك أن ملاحظة مَن دخل الصلاة من أولها ومراعاته أولى من مراعاة هذا المتخلِّف الذي يتحمَّل تبعة تخلفه.

وفي (تفسير القرطبي) في تفسير سورة النساء قال: إن انتظار الداخل -نقلًا عن المالكية- تشريك في العبادة فلا يُشرع، والقائل بجوازه بل باستحبابه إذا لم يشق على المأمومين قال: إن الإطالة من أجل الداخل كالتخفيف من أجل ما يَسمع من بكاء الصبي –عليه الصلاة والسلام-، فإذا شُرِع التخفيف من أجل بكاء الصبي، فلا مانع من أن يُشرع التطويل من أجل هذا الداخل بما لا يشق على المأمومين.

والرياء صحيح أنه يَدخل في الزيادة وقد لا يَدخل في النقص، وعلى كل حال المسألة محل نظر واختلافٍ بين أهل العلم، ولكن المتوجِّه أن النفع إذا لم يترتَّب عليه ضرر أنه مشروع في الجملة، والله أعلم.