صلاة المسافر الظهرَ مقصورةً خلف إمام مقيم يصلي العصر

السؤال
مسافر دخل المسجد وقت العصر وقد أُقيمت الصلاة للعصر، وهو لم يصلِّ الظهر والعصر، فدخل مع الإمام بنية الظهر، وجلس في الركعة الثانية للتشهد، ثم سلَّم، ثم لحق بالإمام في الثالثة بنية العصر، وأكمل صلاته أربع ركعات، أي أنه صلى الظهر قصرًا؛ بسبب اختلاف النيات، فهل عمله هذا صحيح؟
الجواب

أولًا: العمل ليس بصحيح؛ لأن مَن صلَّى خلف مقيم لزمه الإتمام، فإذا صلى الإمام أربعًا يصلي خلفه أربعًا، وفيما روى موسى بن سلمة قال: كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، فقال: "تلك سُنَّة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-"، رواه مسلم [688]، والإمام أحمد [1862] وغيرهما بألفاظ متقاربة، وبناءً على ذلك فإنه يلزم المسافر إذا صلى خلف المقيم أن يُتم، وقول الصحابي: "سُنَّة أبي القاسم"، أو "من السُّنَّة" حكمه الرفع؛ لأن الصحابي إذا أطلق السُّنَّة لا يريد إلا سُنَّة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

قَوْلُ الصَّحَابيِّ (مِنَ السُّنَّةِ) أوْ
 

 

 

نَحْوَ (أُمِرْنَا) حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَلَوْ
 

بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ
 

 

عَلى الصَّحِيْحِ، وهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ
 

وهنا قال: (سُنَّة أبي القاسم)، وصرَّح بذكره، ولم يقل: (من السُّنَّة) فقط، فإذا قال: (سُنَّة أبي القاسم) فهو مرفوع قطعًا، كما في نصِّ ابن عباس -رضي الله عنهما-.

واختلاف النية هنا إذا دخل بنية الظهر والإمام يصلي العصر لا يؤثِّر، وبعض العلماء وهو المعروف عند الحنابلة أن الصلاة لا تصح؛ لاختلاف النية؛ لحديث: «إنما جُعل الإمام ليُؤتم به» [البخاري: 378]، ولكن أكثر أهل العلم على جواز وصحة الصلاة مع اختلاف النية، وعندهم أيضًا أنه لا يقتدي المفترض بالمتنفِّل؛ لاختلاف النية، وهذا فيه قصة معاذ بن جبل –رضي الله عنه- حيث يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يصلي بجماعته، هم متفرضون وهو متنفِّل، واختلفت النية ولم يؤثِّر ذلك، ولم يختلف مع حديث: «إنما جُعل الإمام ليُؤتم به»، ويقول ناظم (الاختيارات) في صلاة المفترض خلف المتنفِّل:

وقالَ أَبو العبَّاس: بل ذاكَ جائزٌ
 

 

لفعلِ معاذٍ معْ صحابةِ أحمدِ
 

يصلي بهمْ فرضًا وهم ذو فريضةٍ
 

 

وقدْ كانَ صلى الفرضَ خلفَ محمدِ
 

والله أعلم.