كيفية الاستغفار والتسبيح والدعاء للميت

السؤال
كيف أستغفر لأخي المتوفى، وأسبِّح له، وأدعو له؟
الجواب

السائل يسأل كيف يستغفر لأخيه المتوفى؟ الاستغفار طلب المغفرة من الله -جل وعلا-، فالسين والتاء للطلب، وكونه يطلب المغفرة لأخيه بأن يقول: (اللهم اغفر لأخي، وارحمه) إلى آخره.

يقول: (وأسبِّح له)، التسبيح لله -سبحانه وتعالى-، فلا يسبِّح لأخيه، وإن كان قصده أن يُهدي ثواب التسبيح لأخيه بأن يسبِّح لله -جل وعلا- ثم يُهدي ثواب هذا التسبيح أو غيره من الأذكار لأخيه فلا مانع من ذلك، فإهداء الثواب عند الجمهور -لا سيما في مثل هذا النوع- يصل، فإذا قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أو غيرها من الأذكار الواردة، ثم أهدى ثواب هذه الأذكار المترتِّب عليها لأخيه فإنه عند عامة أهل العلم يصل هذا الثواب إلى أخيه.

يقول: (وأدعو له)، يدعو له بما شاء: (اللهم اغفر له، وارحمه، وأكرم نزله، وافسح له في قبره)، ويدعو له بالدعوات التي تصله -إن شاء الله تعالى-، ما لم يمنع منها مانع، فالدعاء له آداب، وله أركان وشروط، وله موانع، فعلى الإنسان أن يأتي بالأسباب المعينة على الإجابة، وأن يبتعد عن الأسباب التي تكون سببًا في ردِّ الدعاء، سواء كان الدعاء له أو لغيره كأخيه المسؤول عنه في السؤال.

ومن الآداب التي ينبغي للمرء أن يأخذ بها عند دعائه أن يتحرَّى الأدعية الواردة، وألَّا يدعو بإثم ولا بقطيعة رحم، وأن يتحرَّى الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، وألَّا يشتمل دعاؤه على اعتداء في الدعاء، وأن يبتعد عن الموانع ومنها: أكل الحرام، واستعمال الحرام، ولذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- «ذَكَر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وَغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟» [مسلم: 1015]، استبعاد أن يُستجاب له وقد نَبَتَ جسمه على الحرام, وفي الخبر: «كل جسدٍ نَبَتَ من سُحتٍ فالنار أولى به» [الترمذي: 614 / والحلية: 1/31].

فهذه من موانع الإجابة أن يكون كسبه من أكله وشربه وغذائه حرامًا، فأنَّى يستجاب له؟! والنبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر هذا الداعي الذي يأكل الحرام، ويشرب الحرام، ويتغذَّى بالحرام، ويلبس الحرام، ومعه شيءٌ من أسباب القبول، كالسفر، فالمسافر له دعوة مستجابة.

«أشعث أغبر»: لا ينظر إلى هيئته وحاله بشيء من الكِبر والإعجاب؛ لأنه أشعث أغبر، وهذا من أسباب الإجابة.

«يمد يديه إلى السماء»: ورفع اليدين إلى السماء في حال الدعاء من أسباب الإجابة، والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد يدي الداعي إذا رفعهما صفرًا، فهذه أسباب القبول، وتلك الموانع، فهذا الداعي المسافر الأشعث الأغبر الذي يمد يديه إلى السماء ويُكرِّر: «يا رب، يا رب»، وقد ذكر العلماء أن تكرار الدعاء بـ(يا رب) كما جاء في آخر سورة آل عمران خمس مرات، فمن كرَّرها خمس مرات جاء الجواب بالإجابة؛ لأنه قال بعد ذلك: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [آل عمران: 195]، لمَّا كُرِّر الدعاء بـ(يا رب) خمس مرات.

وعلى كل حال قد توجد الأسباب وتنتفي الموانع فيغلب على الظن الإجابة، والإجابة لا يلزم أن تكون بنفس المطلوب، فإما أن يُجاب إلى ما طلب، وإما أن يُدَّخر له في الدار الآخرة من الجزاء أعظم مما طلب، وإما أن يُدفَع عنه من الشر ما هو أعظم مما طلب.

المقصود أن الدعاء سلاح، ومأمور به، والله -جل وعلا- يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، ولكن ترتُّب الجزاء على الطلب إنما يكون بتحقُّق الأسباب وانتفاء الموانع، وأن يكون الداعي حاضر القلب، وفي الأثر «إن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافل» [الترمذي: 3479]، إلى غير ذلك مما هو مُسطَّر ومدوَّن في كتب أهل العلم، والله أعلم.