مسُّ الحائض ختمةَ التفسير

السؤال
هل يصح للمرأة أن تمسك ختمة التفسير وهي حائض؟
الجواب

هذا يسأل عن ختمة التفسير وحكم إمساكها للمرأة الحائض.

أولًا: المراد بختمة التفسير: بعض الناس يُطلق الختمة على المصحف كاملًا؛ لأن الختم الذي هو قراءة القرآن ما يُسأل عنه بهذه الكيفية، وإنما المسؤول عنه عينٌ محسوسة يمكن أن تُمسَك، فالمراد بالختمة المصحف، كما هو جارٍ على لسان بعض الناس.

وختمة التفسير الذي يظهر أن المراد بها القرآن الكامل الذي طُبِع على حاشيته تفسير كامل من أول القرآن إلى آخره، كما هو الحاصل في (تفسير الجلالين)، و(تفسير البيضاوي)، و(تفسير السعدي)، وغيرها من التفاسير التي وُجِدَتْ وطُبعتْ أخيرًا على هامش القرآن.

وبالنسبة للحائض لا يجوز لها مسُّ المصحف عند جمهور العلماء، لقوله -جل وعلا-: {لا يمَسُّه إلا المطهَّرون} [الواقعة: 79]، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب عمرو بن حزم: «وألَّا يمس القرآن إلا طاهر» [الموطأ: 1/199]، فلا يجوز للحائض أن تمسَّ المصحف قبل أن تغتسل، وكذلك النفساء والجنب.

فإذا وُجِد التفسير على هامش المصحف، وفي جوفه معزولٌ منه ببروازٍ مربَّعٍ صفحاتُ القرآن، واحتيج إلى القراءة من غير مسٍّ فالحائض وفي حكمها النفساء رخَّص لها بعض أهل العلم، وكذا أن تقرأ من حفظها، لكن عند جمهور العلماء والمعروف عند الحنابلة وغيرهم أن الحائض كالجنب لا تقرأ القرآن، لكنْ مسُّ التفسير لا بأس به، وبإمكانها أن تراجع بعض الآيات إذا أرادتها من غير مسٍّ للقرآن من خلال مسِّ التفسير، فلا مانع من ذلك، على ألَّا تقرأ عند مَن يقول بمنع القراءة بالنسبة للحائض.

وقراءة المُحدِث حدثًا أصغر من التفسير المسؤول عنه الذي طُبع على هامش القرآن إذا كان القرآن متميِّزًا وكان المسُّ للقرآن فلا يجوز، وإذا كان المسُّ للتفسير فلا مانع منه إذا كان متميِّزًا مفصولًا عن القرآن.

وقد أشكل على بعض طلاب العلم من أهل اليمن القراءة في (تفسير الجلالين)، فقيل له: الحكم للغالب، فإن كان الغالب التفسير فلا مانع من مسِّه، وإن كان الغالب القرآن فلا يجوز مسه إلَّا من طاهر، فأخذ يعدُّ حروف القرآن وحروف التفسير، هذه على حِدة، وهذه على حِدة، وذكر في نتيجة عدِّه أن الأحرف متساوية إلى سورة المزمل، ومن المدثر زادتْ أحرف التفسير على أحرف القرآن، فانحلتْ المشكلة عنده؛ لأنه يرى أن الحكم للأكثر.

وعلى كل حال أظن التفسير في وقته لم يُطبع متميِّزًا وإنما ممزوجًا، كما هو في كثير من الطبعات، تكون الآيات ممزوجة بالتفسير، وعلى هذا مثل هذا لا يُقال له: قرآن، فلا يأخذ حكم القرآن، فيقرأ فيه المُحدِث حدثًا أصغر من غير طهارة، ولا يحتاج إلى هذا العَنَت والتكلُّف الذي لم يُؤمر به؛ لأنه لم يمسَّ القرآن، وإنما مسَّ التفسير المشتمل على القرآن؛ لأنه ممزوج ليس بمتميِّز ولا منفصل عن التفسير، والله أعلم.