أداء النساء ركعتي تحية المسجد

السؤال
ما حكم سنة المسجد للنساء، هل يلزمهنَّ عند دخول أي مسجد أن يفعلنَ ذلك؟
الجواب

المرأة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بيتها خيرٌ لها» [يُنظر: أبو داود: 567]، لكن إذا جاءت للصلاة في المسجد لمصلحة مثل أن تحضر درسًا، أو لأن الصلاة في المسجد أحفظ لصلاتها وأقرب إلى الخشوع من صلاتها وحدها، فهذه لا إشكال فيها -إن شاء الله تعالى-، ولكن إذا دخلت المسجد فيشملها قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إذا دخل أحدكم المسجد»؛ لأن هذا يدخل فيه الرجال والنساء «فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» [البخاري: 444]، فالمرأة كالرجل لا تجلس حتى تصلي تحية المسجد؛ لعموم حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- الذي أشرنا إليه آنفًا.

وأما إذا دخل الإنسان المسجد قبيل المغرب -مثلًا- فقد جاء النهي عن الصلاة في خمسة أوقات: من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، ومن صلاة العصر إلى أن تتضيَّف الشمس للغروب، هذان الوقتان موسعان، وهناك ثلاثة أوقات مضيَّقة، وهي التي جاءت في حديث: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهنَّ، أو أن نقبر فيهنَّ موتانا: «حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب»" [مسلم: 831]، والوقتان الموسعان الأمر فيهما أوسع من الأوقات الثلاثة المضيَّقة، فمَن دخل بعد صلاة الصبح، وأراد أن يصلي تحية المسجد فله ذلك؛ لأن عموم النهي مخصوص بقضاء راتبة الصبح، فراتبة صلاة الفجر تقضى بعد الصلاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلًا يصلي ركعتين بعد الفريضة فقال: «صلاةَ الصبح ركعتين؟!»، فقال: إنه لم يصلِّ الركعتين، فأقرَّه على ذلك [أبو داود: 1267]، وأيضًا حثَّ على التصدُّق على مَن دخل بعد فراغ الصلاة وهو في هذا متنفِّل. فعموم النهي عن الصلاة بعد الصبح دخله الخصوص فهو غير محفوظ، وكذلك عموم النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر في الوقت الموسَّع والشمس بيضاء نقيَّة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر، فدخله التخصيص، فعمومه غير محفوظ.

وأما الأوقات الثلاثة المضيَّقة المشدَّدة فإن المتَّجه ألَّا يصلي فيها مَن دخل المسجد في هذه الأوقات؛ لأن عمومها غير مخصوص، فهو محفوظ لم يدخله تخصيص، حتى قال بعض أهل العلم: إن النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تتضيَّف الشمس للغروب إنما هو من نهي الأسباب؛ لئلا يسترسل المصلي فيصلي إذا تضيَّفت الشمس للغروب، أو طلعت الشمس بازغة، وكأن الحافظ ابن رجب يشير إلى هذا، فمنع الصلاة في الوقتين الموسعين من باب سدِّ الذريعة، وفي الأوقات المضيَّقة لذاتها، والله أعلم.