مدى طهارة الحيوانات غير مأكولة اللحم، وكذلك سؤرها

السؤال
أود أن أسأل عن الحيوانات غير مأكولة اللحم هل هي طاهرةٌ أم نجسة العين؟ وكذلك سؤرها أطاهرٌ هو أم نجس؟
الجواب

الحيوانات غير مأكولة اللحم منها ما هو مجمعٌ على نجاستها كالكلب والخنزير وما تولَّد منهما أو من أحدهما، فهذا نجسٌ عينه، وسؤره، وجميع ما خرج منه.

والثاني: ما اختُلف فيه من غير مأكول اللحم -وهو محل السؤال-، وهو سائر سباع البهائم، إلا السنور -الهر- وما دونها في الخِلقة، وكذلك جوارح الطير، والحمار الأهلي، والبغل، فعن الإمام أحمد أن سؤرها نجس، إذا لم يجد غيره تيمَّم وتركه.

وصحَّح جمعٌ من أهل العلم طهارة البغل والحمار؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يركبها وتُركَب في زمنه وفي عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، ويخرج منها العرق واللعاب وما أشبه ذلك مما يُبتلى به الراكب، فلو كان نجسًا لبيَّن النبي –صلى الله عليه وسلم- ذلك، فلا يُمكن التحرُّز منهما، أعني: البغل والحمار اللَّذيْن يحتاجهما الناس في ركوبهم، فأشبها السنور، وسؤر السنور –الهرة- وما دونها في الخِلقة طاهر، لماذا؟ لأنه جاء التعليل بأنها «من الطوافين عليكم والطوافات» [أبو داود: 75]، وجاء في الحديث أن النبي –عليه الصلاة والسلام- أصغى لها الإناء حتى شربتْ، وتوضأ بعدها [شرح معاني الآثار: 50 / وسنن الدارقطني: 218]، فهي طاهرة بلا إشكال، قالوا: وما دونها في الخِلقة؛ لأن ما دونها في الخلقة يصعب التحرُّز منه وإغلاق الأبواب، أما ما فوقها في الخلقة فلا يدخل في ذلك، وهذا الكلام يُفهَم منه أن سؤر البغل والحمار ليس بطاهر؛ لأنهما فوق الهرة في الخِلقة.

لكن الدليل الذي أبداه من يقول بطهارته وهو أن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان يركبها وتُركَب في زمنه، وفي عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، فلو كانت نجسةً لبيَّن النبي –صلى الله عليه وسلم- ذلك؛ لأن هذا مما تعم به البلوى، ولا بُد من إصابة شيءٍ من لعابها وريقها وشيءٍ من عرقها لراكبها، فلما لم يُبيِّن –عليه الصلاة والسلام- دلَّ ذلك على طهارتها.

بقي من القسم الثاني -الذي هو غير المأكول-: ما هو طاهرٌ في نفسه، وسؤره وعرقه كذلك طاهر، ذكروا من ذلك الآدمي، وهو طاهر، وسؤره طاهر، سواء كان مسلمًا أم كافرًا عند جمهور أهل العلم، على أن من أهل العلم كالظاهرية مَن يرى نجاسة الكافر نجاسة عينية {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، وجمهور أهل العلم على أنه طاهر، وليست نجاسته عينية حقيقية، وإنما هي معنوية، فنجاسة الشرك الذي مُنِع من أجله الصلاة في المقبرة -مثلًا- نجاسة معنوية ليست حقيقية، فالمنع من الصلاة في المقبرة لا لنجاستها؛ وإنما لنجاسة الشرك وما يؤدِّي إليه، وهي نجاسة معنوية ليست حقيقية، ومنها نجاسة الكافر {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، فهي نجاسةٌ معنوية وليست حقيقية عند جمهور أهل العلم.

ولا يدخل في السؤال مأكول اللحم وإن كان مما يقتضيه التقسيم، فمأكول اللحم مجمعٌ على أن سؤره يجوز شُربه والوضوء به.

والمقصود بالسؤر: ما يبقى في الإناء، فالسؤر: البقية، والأصل أنه شرب منه وترك الباقي في الإناء، فيُتوضأ منه كما هو سؤر الهرة، ومأكول اللحم من باب أولى، والله أعلم.