بم يُبدأ الذكر بعد الأذان، وكيفية المتابعة إذا تأخَّر في السماع أو تعدد المؤذنون

السؤال
بعد انتهاء الأذان هل الأفضل أن نُصلي على النبي –صلى الله عليه وسلم- أولًا، أم الأفضل أن نبدأ بقول الدعاء المأثور: «اللهم رب هذه الدعوة التامة...» إلى آخره، بأيهما نبدأ؟
وكذلك لو أن سامعًا للأذان لم يسمعه إلا بعد أن بدأ وشرع في الأذان، ثم وصل إلى الحيعلة "حي على الصلاة" و"حي على الفلاح"، فهل يتابع المؤذن؟
ومَن يسمع أكثر من مؤذن في وقت واحد في الحي: مؤذن هنا، ومؤذن آخر هناك، كيف يتابع؟
الجواب

جاء في (صحيح مسلم) عن النبي –صلى الله عليه وسلم- من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا علي، فإنه مَن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا -عطف بــ(ثم)-، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلَّتْ له الشفاعة» [384].

فالعطف بــ(ثم)، «إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول» هذا أول شيء، تقول مثل ما يقول المؤذن، ثم تصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- «ثم صلُّوا علي»، إلى أن قال: «ثم سلوا الله لي الوسيلة»، فالأفضل أن نُصلي على النبي –عليه الصلاة والسلام- بعد أن نقول مثل ما يقول المؤذن، ثم بعد ذلك نسأل الله له الوسيلة: «اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته»، وحينئذٍ يحصل الثواب المرتَّب على ذلك في قوله: «حلَّتْ له شفاعتي يوم القيامة» [البخاري: 614].

وأما مَن لم يسمع المؤذن إلا في الحيعلة، فلا ينبغي للمسلم أن يتشاغل عن ذلك، بل يُتابع المؤذن من بدايته، لكن إن فاته شيءٌ وأتى به، فنرجو أن يحصل له الثواب المرتَّب وإن كان أقل ممن فرَّغ نفسه لذلك وتابع المؤذن وقال مثل ما يقول؛ لأن المثلية «مثل ما يقول» عند أهل العلم من شراح الحديث قد لا تتأتَّى وتتأدَّى لمن تأخَّر عن المؤذن، لكن يحرص الإنسان أن يُتابع من أول الأذان إلى آخره، وأن يحرص على مماثلة كلام المؤذن، ويأتي به على وجهه، ويحرص على ذلك، فيحصل له الأجر -إن شاء الله تعالى-، ولو فاته شيءٌ يسير أو حصل الخلل في هذه المثلية من جهةٍ أخرى نرجو -إن شاء الله تعالى-.

وأما بالنسبة لمن سمع أكثر من مؤذن في وقت واحد فيُتابع واحدًا منهم، وليكن الأقرب إليه، والله أعلم.