صيام مَن يدعو صاحب القبر ويستغيث به عند حصول الأخطار

السؤال
مَن يصوم وهو يدعو صاحب قبرٍ عندنا في البلدة، ويستغيث به عند حصول الأخطار ولو كان بعيدًا عنه، هل يكون مُحقِّقًا لحكمة الصيام؟ وهل يتقبل الله صيامه، علمًا بأنه من أهل العبادة، وأننا قد نصحناه، ولكنه يرى أن صاحب القبر مجرد وسيلةٍ عند الله فقط؟
الجواب

هذا الذي يدعو صاحب القبر ويستغيث به، ويلجأ إليه في الشدائد، هذا فعله شركٌ أكبر، والله –جلَّ وعلا- يقول: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ} يعني: يا محمد، {وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} من الأنبياء، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، فالمشرك عمله حابط.

ويقول الله –جلَّ وعلا-: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا} [التوبة: 54]، فالمشرك كافر، وعمله حابط ولا يُقبَل منه شيء.

ويقول الله –جلَّ وعلا-: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 2-3]؛ لأن صاحب السؤال يقول: إن الذي يسأل عنه يرى أن صاحب القبر مجرد وسيلة عند الله فقط، والآية نص أن المشركين يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 3].

وعلى كل حال مَن يدعو ويستغيث بالأموات من الأنبياء وغيرهم من الأولياء والصالحين لا شك أنه مشرك الشرك الأكبر الذي يُخرِج من الملة كما قال –جلَّ وعلا-: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، فسمَّاه كافرًا، فيدخل في قوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، وحينئذٍ فصيامه غير صحيح، وإن كان يشهد أن لا إله إلا الله ويصوم ويصلي؛ لأنه أبطل هذه الأعمال بالشرك {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، وهذا قيل للنبي –عليه الصلاة والسلام- مع أنه إمام الموحدين، وإمام المُحقِّقين –عليه الصلاة والسلام-، فكيف بغيره؟!