الخوف من العمل لأجل الناس

السؤال
عادة أقوم بعمل صالح لكن يأتي في نفسي أنني أفعله من أجل أن يتحدث الناس عنه في حياتي أو بعد مماتي، وفي بعض الأحيان أترك العمل مخافة ذلك، دلوني ووجهوني.
الجواب

لا شك أن فعل الخير من أجل الناس، وفعل الخير من أجل الغير -كما يقول أهل العلم- هذا هو الرياء، ولا شك إذا كان الناهز والباعث له على العمل مراءاة الناس فعمله باطل، وهذا من الشرك الأصغر، وقد حذّر منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا بعثه على العمل ما عند الله -جل وعلا-، وقصد بذلك وجه الله، ثم بعد ذلك إذا عمله أحب أن يتحدث به الناس وأن يمدحه الناس بسببه فالأكثر على أن ذلك أيضًا لا يجوز ويرون أنه مخل بالعمل، ومن أهل العلم من قال: إنه لا يضر؛ لأن الله -جل وعلا- إنما ذم من أحب أن يُمدح بما لم يفعل، وأما إذا أحب أن يُمدح بما فعل فإن ذلك لا يضر؛ لمفهوم قوله: {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ} [آل عمران: ١٨٨] مفهومه أن الذي يحب أن يُمدح ويُحمد بما فعل أنه لا يدخل في مثل هذا الذم، وعلى هذا فلا شيء عليه، لكن لا شك أن تمام الإخلاص أن يقطع النظر عن الخلق، وأن يتعلق ويعلق نظره ورجاءه بالله -جل وعلا-؛ لأن الخلق لن يقدموا له شيئًا لم يرده الله -جل وعلا-، واعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك، وابن القيم -رحمه الله -في (الفوائد) قال في فائدة نفيسة جدًا: (إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك أنه لا أحد ينفع مدحه ولا يضر ذمه إلا الله -جل وعلا-)، كما جاء في الخبر أن أعرابيًّا جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: إن مدحي زينٌ وذمي شين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ذاك الله عز وجل» [الترمذي: 3267]، فكون الخلق لا يؤثرون على المسلم في عباداته وفي نظره إلى العواقب إذا علق قلبه بالله -جل وعلا- فهذا هو تمام الإخلاص وكماله، فعلى الإنسان أن يهتم لهذا الأمر، وأن يراقب قلبه فالنية والقصد -كما يقول أهل العلم- شرود، فعليه أن يراقب ذلك ويهتم له؛ لأنه قد يغفل عن شيء من هذا ثم يجد نفسه وقد فرّط في عمله، بل كان عمله وبالاً عليه، والله أعلم.