التوجه إلى قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- حال الدعاء

السؤال
نصحتُ أحد الإخوة الذين يتوجهون إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ويشرع في الدعاء ويطيل ويبكي، فنصحتُه أن يتَّجه إلى القبلة وأن يدعو ربه -سبحانه وتعالى-، فقال: (أنا أدعو الله لكن أرجو أن يَستجيب لي في هذا المكان الشريف)، فهل فعله هذا صحيح؟
الجواب

هذا الذي يتوجَّه إلى قبره -عليه الصلاة والسلام- يعني يستقبل القبر، وقد تكون القبلة خلفه كما هو الواقع في الوقت الحاضر عند من أراد أن يزور النبي -عليه الصلاة والسلام- ويُسلِّم عليه، فإنه إن استقبل القبر جعل القبلة خلف ظهره، واستقبال القبر أثناء الدعاء هذا أمر مبتدع لا يجوز، بل عليه أن يستقبل القبلة ويدعو الله -جل وعلا-، هذا إذا كان يدعو الله -جل وعلا- كما جاء في السؤال.

أما إذا كان يدعو النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا هو الشرك الذي لا يُغفر -الشرك الأكبر-، فعليه أن يتقي الله -جل وعلا-، ويُسلِّم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويصلي عليه، ثم يستقبل القبلة ويدعو بما شاء، يدعو الله -جل وعلا- غير مشرك به غيره.

وإن أتى ببعض الألفاظ مثل: (يا محمد اشفع لي)، (يا نبي الله اشفع لي) فهو في هذه الحالة يدعو النبي -عليه الصلاة والسلام- ويَطلب منه ما لا يقدر عليه، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يشفع إذا أُذِن له بالشفاعة يوم القيامة، أما في الوقت الحاضر فهو لا يستطيع -عليه الصلاة والسلام- مع أنه أشرف الخلق وأكرم الخلق على الله، فكيف بمن دونه؟! مع أنهم يقولون: يا فلان، يا فلان، يا عبد القادر، يا علي، يا حسين، يا محمد، يقولون هذا بكثرة، لكنه لا شك أنه لا يجوز، فهذا شرك في الدعاء -نسأل الله العافية-.

وينبغي التنبيه على شيء يرد في الكتب المستعملة من الأقطار من مصر والشام والمغرب وتركيا وغيرها من البلدان، فيها كلمات تتكرر كثيرًا وترد بكثرة: (يا كَيْبَكَج احفظ الورق)! هذه تأتي بكثرة، و(كَيْبَكَج) هذا ما يُدرَى ما هو، فهو لفظ أعجمي ما يُعرف معناه، وإن قال بعضهم: إنه يحتمل أنه من أسماء الله -جل وعلا- ترجمةً لبعض الأسماء الحسنى، لكن لا يجوز استعمال إلا ما كان معروفَ المعنى، فحينئذٍ يدخل في الشرك؛ لأنه يُخاطب هذا الذي لا يُدرى هل هو شيطان أو جني أو مخلوق آخر، وبعضهم يقول: إنه نوع من ورق الشجر وأنه إذا وُضِع في الكتب لا تتأثر هذه الكتب بأرضةٍ ولا سوسٍ ولا غيرها، مع ذلك هذا لا يجوز؛ لأنه استغاثة واستعانة بمخلوق، فهو دعاء لمخلوق فيما لا يقدر عليه، فهذا هو الشرك، وبعضهم –كما ذكرنا- يقول: إنه قد يكون ترجمةً لبعض الأسماء الحسنى، لكن لا بد أن يُتَثَبَّت من ذلك ويُعرف، ولا يجوز أن يقوله مَن يَعرف العربية ويَعرف الأسماء الحسنى بلغة العرب. على كل حال هذا أمر كثير ومُلفِتٌ للنظر، ويأتي بكثرة من الكتب التي تَرد سواء كانت من مصر أو من الشام أو من المغرب أو من تركيا، حتى من المشرق يأتي بعضها مكتوب عليه هذا، فهذا التوارد يحتاج إلى مزيد من النظر والعناية والتنبيه، فيُنبَّه عليه لا سيما وأنه في كتب العلم، فقد يأتي في مصحف، أو في (صحيح البخاري)، أو في غيره من كتب السنة فضلًا عن الكتب الأخرى، فلا بد أن يُنبَّه عليه في الدروس، أو تُكتب فتوى تُنشر بين الناس؛ لأنه كثير جدًّا.