مَن ترك صيام رمضان لمدة عامين من غير عذر، ثم تاب

السؤال
شهر رمضان الماضي لم أصمه، وكذلك الذي قبله، وذلك من غير عذرٍ شرعي، وقد تُبتُ إلى الله –عزَّ وجلَّ-، فما الكفارة، وهل يجب عليَّ أن أصوم ستين يومًا، أم أن هنالك كفارة لها؟
الجواب

هذا ترك صيام شهر رمضان والذي قبله من غير عذرٍ شرعي، وجاء الوعيد الشديد في (البخاري) وغيره -وإن كان معلَّقًا-، قال: ويُذكَر عن أبي هريرة رَفَعَهُ: «مَن أفطر يومًا من رمضان مِن غير عذرٍ ولا مرضٍ لم يَقضِه صيامُ الدهر، وإن صامه» وبه قال ابن مسعود -يعني: أنه لا يُقضى-. وقال سعيد بن المسيب، والشعبي، وابن جبير، وإبراهيم، وقتادة، وحمَّاد: "يقضي يومًا مكانه" [البخاري: 3/32]، وهذا هو المعتمد عند عامة أهل العلم أنه يلزمه القضاء وإن أفطر من غير عذر.

وفي (الاستذكار) لابن عبد البر: (وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم رمضان عامدًا وهو مؤمن بفرضه، وإنما تركه أشرًا وبطرًا، تعمَّد ذلك ثم تاب عنه: أن عليه قضاءه)، هذا بالنسبة لمن تركه وهو مؤمنٌ به، يعني: معترفٌ به، وأما مَن تركه جحودًا، فحينئذٍ لا يلزمه قضاؤه؛ لأنه كافر.

والحديث الذي ذكره البخاري بصيغة التمريض ضعَّفه كثيرٌ من أهل العلم، وحكموا عليه بالاضطراب، واعتمده بعضهم بناءً على ما أعملوه من قواعد أن مَن ترك شيئًا متعمِّدًا فإنه لا ينفعه فعله، ويدخل في ذلك الصلاة والصيام وغير ذلك، فإنها لا تصح منه؛ ولأنه تركها متعمِّدًا حتى خرج وقتها، وفِعلُها بعد وقتها كفِعلها قبل وقتها، هذا المقرَّر عند بعض العلماء؛ ولذلك يبنون على ذلك أن مَن ترك الشيء متعمِّدًا أنه لا يقضيه. وعامة أهل العلم كما في كلام ابن عبد البر يقول: (وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم رمضان عامدًا وهو مؤمن بفرضه، وإنما تركه أشرًا وبطرًا، تعمَّد ذلك ثم تاب عنه: أن عليه قضاءه)، وهذا هو المعمول به، وهو المترجِّح، والله أعلم.