بيان الخطأ عند الإمام النسائي في حديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى»

السؤال
قرأتُ حديثًا في (السنن الصغرى للنسائي) وهو: أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن، قالا: حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، أنه سمع عليًّا الأزدي، أنه سمع ابن عمر يُحدِّث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى». أبو عبد الرحمن: (هذا الحديث عندي خطأ، والله تعالى أعلم). وسؤالي: ما الخطأ عنده في هذا الحديث؟ وكيف يُخرِّجه وهو يرى أنه خطأ؟
الجواب

هذا الحديث المخرَّج في (سنن النسائي) [1666]، وهو أيضًا عند أبي داود بلفظ: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» [1295]، لا شك أنها مخالفة بزيادة «النهار» على ما جاء في الصحيحين، فالحديث رواه الجماعة بلفظ: «صلاة الليل مثنى مثنى» [البخاري: 990 / ومسلم: 749 / وأبو داود: 1326 / والترمذي: 437 / والنسائي: 1668 / وابن ماجه: 1175]، وعدول البخاري ومسلم عن زيادة «النهار» تدل على عدم ثبوتها عندهما، فتكون من نوع الشاذ، والمحفوظُ الاقتصار على «الليل»، فتكون هذه اللفظة شاذة، والشاذ من نوع الضعيف ولو صح سندها؛ لأن الشاذ: ما يرويه الثقة مخالفًا لمن هو أوثق منه، فالذي في الصحيحين هو المحفوظ، وهذه اللفظة تكون حينئذٍ شاذة؛ لأنها مخالفة لما هو أقوى منها وأولى بالاعتبار برواية الشيخين اللذين تلقتهما الأمة بالقبول.

وأبو عبد الرحمن في السؤال هو النسائي، يقول: (ما الخطأ عنده؟)، زيادة اللفظ «والنهار»، (وكيف يُخرِّجه وهو يرى أنه خطأ؟)، العلماء يُخرجون الضعيف، ولم يشترط الصحة إلا القلة منهم، بل بعضهم اشترط الصحة ولم يَفِ بشرطه كابن حبان والحاكم، والبخاريُّ ومسلم اشترطا ووفيا بشرطهما، وبقية الأئمة يُخرجون الضعيف في كتبهم؛ ليعلم المطَّلع على هذا الحديث أنه ضعيف، وقد لا ينصون على ضعفه، وإنما يذكرون الإسناد كاملًا، ويحيلون القارئ على ما أُبرز من رجال الإسناد، وبطبيعة الحال في عصر الرواية القراء يعرفون منازل الرواة، ويعرفون الثقة من الضعيف، ويحكمون على مروياتهم، وبعد أن تقادم العهد وابتعد الناس عن هذا العلم لا بد من الرجوع إلى الكتب التي تُبيِّن درجات الأحاديث، وتحكم على الرواة، والله أعلم.