مسائل في بعض الرواة وبعض سلاسل الإسناد

السؤال
- عكرمة البربري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.- عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.- بَهْز بن حكيم، عن أبيه، عن جده.- شَهْر بن حَوْشَبْ. ما مدى صحة حديثهم؟ وما هي مرتبتهم جرحًا وتعديلًا؟
الجواب

هؤلا الذين ذكرهم السائل:

- عكرمة البربري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، هذا اتُّهم برأي الخوارج، ودافع عنه أهل العلم كالحافظ الذهبي، والحافظ ابن حجر ونفوا عنه هذه التهمة، وخَرَّجَ له الإمام البخاري -رحمه الله-، ولذا قال الحافظ العراقي:

فَفي (البُخَارِيِّ) احتِجَاجًا (عِكْرِمَهْ) مَعَ (ابْنِ مَرْزُوْقٍ)، وَغَيْرُ تَرْجُمَهْ

المقصود أن البخاري احتج به، فهو قد جاز القنطرة.

- وأما عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فالعلماء يختلفون فيه اختلافًا كبيرًا، والسبب: عود الضمير في (جده)، هل هو يعود إلى أقرب مذكور، فيكون المراد جد الأب -جد شعيب-، وجدُّ شعيب هو عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما-، أو يعود إلى (عَمْرو)، فيكون جده هو محمد، فإذا كان الضمير يعود في (جده) إلى (عَمْرو) لتتحد الضمائر، فمحمد تابعي وليس بصحابي، فما رُوي بهذه السلسلة يكون من قبيل المرسل، والمرسل من قبيل الضعيف، وإذا قلنا: إنَّ الضمير في (جده) يعود إلى أقرب مذكور وهو الأب (شعيب)، يكون جده عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما-، ويكون الحديث حينئذٍ متصلًا، وهذا هو المرجح؛ لأنه جاء بيان ذلك في بعض الطرق وفي بعض الأحاديث عند النسائي وغيره: (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص)، وعلى هذا الأساس يكون السند متصلًا إلا ما قيل من عدم سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، لكن المرجَّح أنه سمع منه وتربى في حجره، فقد سمع منه، وعلى هذا يكون خلاصة ما قيل في هذه السلسلة أنها وإن لم تصل إلى درجة الصحيح فإنها لا تَنزل عن درجة الحسن.

- وأما بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده فأبوه حكيم، وجده معاوية بن حَيْدة، ولا خلاف في رجوع الضمير في (أبيه) إلى حكيم –الأب-، والجدُّ معاوية بن حَيْدة –رضي الله عنه- وهو صحابي، فالسند متصل، لكن يخْتلف العلماء في الاحتجاج بهذه السلسلة نظرًا للكلام في بهز؛ لأن بعضهم ليَّنه، وبعضهم يجعلها كالسلسله السابقة من قبيل الحسن، ويختلفون في الراجح من السلسلتين أيهما أرجح، وقد سُئل البخاري عن حديث روي بسلسلة (عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده)، حيث خرجَّه الترمذي فسأله عنه فقال: (صحيح)، أو قال: (أصح حديث في هذا الباب)، والإمام البخاري خرَّج حديثًا تعليقًا عن (بهز بن حكيم عن أبيه عن جده)، فهل تخريجه للحديث -وإن كان معلقًا- أفضل مِن حكمه على حديث خارج الصحيح أو العكس؟ ولذا يختلفون في أيهما المرجح، لكن الأكثر على ترجيح (عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده).

- وأما شهر بن حوشب فالكلام فيه لأهل العلم كثيرٌ أيضًا، والأكثر على تضعيفه، ومنهم من وثَّقه، المقصود أنه ضعيف، وضَعْفُه ليس بشديد، قابل للانجبار.