درجة حديث: «لو أدركتُ والديَّ...ودعتني أمي: يا محمد، لأجبتُها: لبيكِ»

السؤال
من فضلكم دلوني على درجة الحديث التالي: عن طلق بن علي مرفوعًا: «لو أدركتُ والديَّ أو أحدهما وقد افتتحتُ صلاة العشاء، ودعتني أمي: يا محمد، لأجبتُها: لبيكِ»، وفي لفظ: «لو دعاني والداي أو أحدهما وأنا في الصلاة لأجبتُه»؟
الجواب

حديث طلق هذا مرفوع إلى النبي –عليه الصلاة والسلام-: «لو أدركتُ والديَّ أو أحدَهما وقد افتتحتُ صلاة العشاء، ودعتني أمي: يا محمد، لأجبتُها: لبيكِ» [شعب الإيمان: 7497]، وفي لفظٍ عن علي بن شيبان مرسلًا: «لو دعاني والداي أو أحدُهما وأنا في الصلاة لأجبتُه» الحديث قال في (كشف الخفاء): (ضعيف).

وفي (المقاصد الحسنة) للسخاوي: (حديث «لو كان جريج فقيهًا عالمًا لعلم أن إجابة دعاء أُمِّه أولى من عبادة ربه -عزَّ وجلَّ-» [شعب الإيمان: 7496]، رواه الحسن بن سفيان في مسنده، والترمذي في (النوادر) -الترمذي الحكيم، وليس المراد به الترمذي المشهور صاحب السُّنن أبا عيسى، لا، وإنما الحكيم الترمذي وله كتابٌ اسمه (نوادر الأصول) فيه أحاديث، لكن كل ما تفرَّد به فهو ضعيف، فهو من مظنَّة الضعيف-، وأبو نعيم في (المعرفة)، والبيهقي في (الشُّعب)، كلهم من طريق الليث عن يزيد بن حوشب، عن أبيه، قال: سمعتُ النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول، فذكره، قال ابن منده: إنه غريب تفرَّد به الحكم بن الريَّان عن الليث، ومن شواهده ما عند أبي الشيخ عن طلق بن علي مرفوعًا: «لو أدركتُ والديَّ أو أحدَهما وقد افتتحتُ صلاة العشاء، ودعتني أمي: يا محمد، لأجبتُها: لبيكِ»، وفي لفظٍ عنده عن علي بن شيبان مرسلًا: «لو دعاني والداي أو أحدُهما وأنا في الصلاة لأجبتُه»).

على كل حال الحديث ضعيف، بل شديد الضعف، ولم يُروَ إلا في كُتبٍ هي مظنَّة الضعيف، فعلى هذا لا معوَّل عليه.

وقصة جريج مع أمه صحيحة في الصحيح [البخاري: 1206 / ومسلم: 2550]، دعتْه أمُّه: يا جريج، يا جريج، وهو يقول: أمي وصلاتي، فلم يُجبها واستمر في صلاته، فدعتْ عليه ألَّا يموت حتى ينظر في وجوه المومسات، فابتُلي بمومس -يعني: زانية- واتُّهِم بها، وجاءتْ فراودتْه ورفض، ثم عُرِضتْ على راعٍ وزنا بها –نسأل الله العافية-، فحملتْ منه، ثم قال الناس لها: من أين هذا الولد؟ قالت: من جريج، فأنزلوه من صومعته وهدموها، والقصة معروفة كما في الصحيح، لكن توضأ وصلى ودعا الله –جلَّ وعلا- بأن يصرف عنه هذه التهمة ويُبرِّئه منها، فقال: ائتوني بالصبي، فضرب في بطنه، وقال: يا بابوس من أبوك؟ قال الطفل الصغير: فلان الراعي، فبرأه الله -جلَّ وعلا-.

 فالقصة فيما يَذكر الشراح كونها دعتْ عليه وأُجيبتْ دعوتها تُرجِّح أنه لو أجابها لكان أفضل من استمراره في صلاته، وتبرئتُه من هذا الاتهام دليلٌ على أن ما ارتكبه خيرٌ مما تركه من إجابة أمِّه؛ لأن هذا أظهر له هذه الكرامة، ولو ارتكب أمرًا محرَّمًا لما ظهرتْ له هذه الكرامة.

المقصود أنها محل نظر من أهل العلم، وعلى كل حال لو قيل: إن الإجابة أفضل من عدمها، أو قيل: إن عدم الإجابة أفضل، لكان في هذه القصة ما يدل عليها، لكنها في شرع من قبلنا، والله المستعان.