المفاضلة في زمن الفتن بين الالتفاف حول العلماء وبين الدعوة

السؤال
ما الأولى في زمن الفتن: الالتفاف حول العلماء والتحصُّن بالعلم، أم الدعوة إلى الله -عز وجل-؟ وأنا أحب القرآن وسماعه، ولكن كيف أتدبره، أفدنا -أحسن الله إليك-؟
الجواب

لا شك أن الالتفاف بأهل العلم والعمل، وأهل الخبرة والدراية الذين يدركون من الأمور ما لا يدركه غيرهم؛ نظرًا لطول أعمارهم بمعاناة هذه الأمور واكتسابهم الخبرات، لا شك أن هذا مهم، فلا يَصدر إلا عن توجيههم، مع ملازمتهم بالعلم، ومدارسة العلم مع زملائه وأقرانه، مع مزاولته للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أبواب الخير الأخرى، فيستطيع أن يقرأ القرآن، ويستطيع أن يصلي، ويستطيع أن يخصِّص وقتًا يصلي فيه في المسجد الذي يُصلى فيه على الجنائز، ويتبع الجنائز، ويزور المرضى، وهذا كله بالمقدور، ولكن المسألة توفيق من الله -جل وعلا-، فالله -جل وعلا- إذا رأى من الإنسان خيرًا أعانه على الخير.

وأما بالنسبة لقراءة القرآن، فكثيرٌ من الناس تعلَّم القراءة هذًّا -بسرعة-، فهذا يصعب عليه أن يتدبَّر، لكن عليه أن يأطر نفسه على التدبر. والتدبر يكون بقراءة القرآن على الوجه المأمور به، يعني: يرتل القرآن ولا يُسرع، ومع ذلك يكون بيده قلم يُدوِّن الألفاظ التي تُشكِل عليه، ويراجع فيها كتب الغريب، فإذا انتهى من القرآن على هذه الطريقة فإنه الآن لا يُشكِل عليه اللفظ، لكن قد يُشكل عليه معنى من المعاني، فيراجِع فيه كتب التفاسير الموثوقة؛ حتى تنحل لديه هذه الإشكالات، ثم بعد ذلك يقرأ القرآن بدون إشكالات، ويتدبر، وفي كل مرة يَعرض فيها القرآن يتكشَّف له من العلوم ما لم يكن عنده من قبل، والهدى كله في تدبر القرآن.