اعتبار (التحفة المكية) لابن القيم من كتب الرحلات في الحج

السؤال
يا فضيلة الشيخ قرأتُ في بعض كتب ابن القيم -رحمه الله- كـ(الوابل الصيب) أنه جاور بمكة، ودوَّن كتابًا سماه -فيما أظن- (التحفة المكية)، فهل يعتبر ذلك تدوينًا لرحلته إلى الحج؟
الجواب

لا شك أن مثل هذا يسمى رحلة، وكثير من الرحلات سموها (الرحلة المكية)، أو (التحفة المكية)، أو (الفوائد المكية)، بهذا الاسم.

وابن القيم -رحمه الله- ذكر في مجاورته عنه وعن شيخه -شيخ الإسلام- الشيء الكثير، وتحرَّر لابن القيم من المسائل هناك في مكة ما لم يتحرَّر له في غيرها، لا سيما بعد أن يُكثر من الذكر، وشيخ الإسلام يذكر شيئًا من هذا في هذا المكان الطاهر الذي هو أقدس البقاع. ومع الأسف أن طالب العلم إذا ذهب إلى هناك قد لا يستشعر عظمة هذا البيت، ويوجد من الصوارف الكثيرة ما يُشوش عليه بلا شك، مما يجعله لا يستشعر هذه العظمة، ولا يستشعر العبودية التي من أجلها خُلق، فهذا قد يكون عذرًا، لكن في الحقيقة على الإنسان أن يتَّجه إلى الله -جل وعلا- في كل زمان وفي كل مكان، لا سيما في هذه الأماكن المقدسة. وتجد بعض الناس يشْغل ويؤذي عباد الله من المتعبدين وغيرهم بالأنغام المحرمة، فتجده أثناء الطواف وأثناء التهجد -أحيانًا-، ولا يستحي من أحد، وهذا مما يُؤسَف له، فعلى طالب العلم أن يلجأ إلى الله -جل وعلا- في كل زمان وفي كل مكان، لا سيما في هذه الأماكن التي تُضاعف فيها الأجور، وتعظم فيها الأوزار، ومجرد الهم بالمعصية فيها يُكتب عليه، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحـج: 25]، فعلى الإنسان أن يستشعر مثل هذا، ويلجأ إلى الله -جل وعلا- ويصدق اللجأ إليه، ويسأله أن يهديه لما اختُلف فيه من الحق بإذنه، وحينئذٍ يوفَّق -إن شاء الله تعالى-.